القائمة إغلاق

فيما يخُصّ الحياة على كواكب أخرى!

بسم الله الرحمن الرحيم

فيما يخُصّ الحياة على كواكب أخرى! (PDF) (DOC)

kepler 452b

مقياس قابلية الحياة على كواكب أخرى ترجع للمُميِّزات التي جعلت الحياة قادرة على الاستقرار على كوكب الأرض! بمعنى أنَّ العُلماء يعتقدون بثبات القوانين الفيزيائية في الكون ككُلّ، ونحن نعلم أنَّ هُناك حياة على الأرض، وهكذا يتمّ دراسة كلّ الظُّرُوف الخاصَّة بكوكب الأرض، وبمجموعتها الشَّمسية، وبمجرَّتها، للخُرُوج بكُلّ العناصر التي أدَّت لصلاحية نشأة الحياة على كوكب الأرض!

وهكذا يبحث العُلماء عن كواكب شبيهة بكوكب الأرض، في مجموعة شمسية شبيهة بمجموعتنا، في مجرَّة شبيهة بمجرَّتنا، من أجل الوُصُول لحياة على كوكب آخر!

في النِّهاية، كوكب الأرض والظُّرُوف المُحيطة بها هو المعيار للبحث عن الحياة!

أول شيء يبحث عنه العُلماء هو ما يُسمُّونه بالإنجليزية: The Goldilocks Zone

وكلمة Goldilocks جاءت من الرِّواية الإنجليزية الشِّهيرة الخاصَّة بالفتاة التي دخلت إلى بيت يسكنه ثلاثة دببة، الدُّبّ الكبير يحبّ الأكل بارداً جداً، والدُّبَّة الأُمّ تُحبّ الأكل ساخناً جداً، أما الدُّبّ الصَّغير، فإنَّه يُحبّ الأكل مُعتدلاً، لا هو بالبارد، ولا هو بالسَّاخن، ومن هُنا جاءت التَّسمية!

goldilocks

المنطقة المُعتدلة (The Goldilocks Zone) هي المنطقة التي تحمل درجة حرارة مناسبة لتكوين مياه سائلة على الكوكب الذي يدور في هذا المدار حول نجمه في مجموعته الشَّمسية!

أي أنَّ هذه المنطقة عبارة عن البُعد المناسب لمدار الكوكب عن نجمه الذي يدور حوله، بما يجعل درجات الحرارة مُناسبة لتكوين مياه سائلة!

هذه المنطقة في مجموعتنا الشَّمسية، ما بين مداريّ الزُّهرة والمرِّيخ!

goldilocks-zone

هل مُجرَّد وُجُود كوكب يدور حول نجمه في هذه المنطقة المُعتدلة ضمان لنشأة الحياة عليه؟ بالطَّبع لا!

اختزال موضوع نشأة الحياة على كوكبٍ لمُجرَّد وُجُود مياه سائلة اختزال شديد الإخلال بالحقيقة!

أولاً: العُلماء يفترضون أنَّ الحياة ما هي إلَّا مُجرَّد عملية كيميائية، ولكنَّها في غاية التَّعقيد!

هذه الفرضية لم تثبت أبداً علمياً، نحن نعلم أنَّ الكائن الحيّ في أبسط أشكاله – كائن أحادي الخلية – مُكوَّن في الأساس من ذرّات، مثل ذرّات الكاربون والهيدروجين والنّيتروجين … إلخ، من خلال هذه الذّرات يتمّ تشكيل المُركَّبات الكيميائية التي كوَّنت الخلية الحية!

يعني في النهاية: عندما نضع الخلية الحيَّة تحت أقوى ميكروسكوب إلكتروني، نستطيع أن نرى أنَّ هذه الخلية الحيَّة مُكوَّنة من ذرّات!

chemistry-of-life

المسألة هُنا هي: هل القضية كيميائية بحتة، مع الاعتراف بمدى تعقيدها، بحيث قد يستحيل على الإنسان أن يقوم بتركيبها في المعمل بنفسه! أم أنَّ هُناك عنصر “سحري” لا نعرفه، أدت إلى وُجُود الحياة؟!

بكلام أبسط: هل الحياة عبارة عن عملية كيميائية مُعقدَّة نستطيع الوُصُول لها في المعمل، أم أنَّ هُناك عنصر سحري خفي لا نعلمه، هو المسئول عن سريان الحياة في المُركَّبات الكيميائية؟!

العُلماء لا يعرفون! ولكنَّهم لا يملكون إلَّا افتراض أنَّ الحياة مُجرَّد عملية كيميائية مُعقدَّة، وإذا كانت مُجرَّد عملية كيميائية مُعقدَّة؛ فإنَّها قد تنشأ في أماكن أخرى في كوننا الفسيح؛ الذي لابُدَّ وأنَّه يحتوي على أماكن أخرى لها نفس الظُّرُوف الخاصَّة بكوكب الأرض التي نعيش عليها الآن!

وهكذا في النِّهاية، يبحث العُلماء عن الظُّرُوف التي قد تسمح بحُدُوث العمليات الكيميائية التي أدت لنشأة الحياة!

ثانياً: هُناك فرق كبير بين الحياة البِدائية (كائنات أحادية الخلية)، والحياة المُعقَّدة (الإنسان والحيوان)، وعلى هذا الأساس، فإنَّ مُجرَّد وُجُود مياه سائلة على كوكبٍ ما قد يسمح بنشأة حياة أوَّلِيَّة بِدائية بسيطة، ولكنَّها لن تسمح أبداً بنشأة حياة مُعقَّدة مُتعدِّدة الخلايا، مثل الإنسان والحيوان!

هُناك ظُرُوف أخرى كثيرة جداً لابُدَّ من توافرها لنشأة حياة مُعقدَّة، أو كما يُحبّ أصحاب الخيال العلمي أن يتصوروا: الظُّرُوف المُناسبة التي قد تجعلنا قادرين للانتقال لهذا الكوكب والعيش عليه، بدلاً من كوكب الأرض!

قد تجد بعض الاختلافات حول عدد الظُّرُوف التي ينبغي توافرها من أجل نشأة حياة مُعقَّدة على كوكب ما، ولكن عُلماء الفَلَك لا يدخلون في تفاصيل كثيرة من البداية، ولكنَّهم يبحثون بالتَّدريج أثناء اكتشاف كوكب مُشابه للأرض، عن الظُّروف التي تؤدِّي لنشأة حياة عليها!

أول شيء يبحث عنه العُلماء – كما قُلنا هو المنطقة المُعتدلة! هذه المنطقة المُعتدلة مُعتمدة على حجم أو نوع النَّجم الموجود في هذه المجموعة الشَّمسية: كُلَّما كان النَّجم كبيراً، كُلَّما أنتج حرارة وإشعاع بشكل أكبر، كُلَّما كانت المنطقة المُعتدلة أبعد عن النَّجم!

ولكن ماذا عن حجم الكوكب نفسه؟ هل نستطيع أن نعيش على أيّ كوكب، بأيّ حجم؟!

أوَّلاً يجب أن يكون الكوكب صخرياً وليس غازياً، بمعنى أن يكون الكوكب مُكوَّناً من صُخُور صَلْبَة بحيث نستطيع أن نقف عليها!

الكواكب الصخرية بطبيعة الحال تنشأ في مدارات قريبة من شمسها، ذلك لأنَّ الصخور والمواد والثقيلة تكون قريبة من النجم بفعل الجاذبية، أمَّا الغازات والعناصر الخفيفة، فإنَّها تستطيع أن تهريب بعيداً، وهكذا نجد أنَّ الكواكب الأربعة القريبة من الشَّمس عبارة عن كواكب صخرية، أمَّا الكواكب الأخرى البعيدة، فإنَّها كواكب غازية!

إذن، لكي نعيش على كوكب صخري، لابُدَّ أن نكون قريبين نسبياً من الشَّمس!

هذا الكوكب الصخري لابد أن يكون بحجم مُعيَّن! لماذا؟! لأنَّه على حسب حجم الكوكب الصخري، تكون جاذبية الكوكب!

إذا كان الكوكب صغيراً، كانت جاذبيته قليلة! قارن مثلاً بين كوكب الأرض والقمر، القمر حجمه حوالي رُبع حجم كوكب الأرض، لذا فالجاذبية على القمر أقل من كوكب الأرض!

ما المهم في الجاذبية؟!

أسرع ما قد يتبادر إلى ذهنك هو طبيعة الحياة على هذا الكوكب! تخيَّل أنَّ الجاذبية على الأرض مثل الجاذبية على القمر؟ كيف كُنَّا سنعيش؟! وتخيَّل أنَّ الجاذبية على الأرض كانت أقوى من الجاذبية الحالية؟ أيضاً ستكون مُشكلة!

قُوَّة جاذبية الأرض تسمح بسُهُولة في الحياة على سطحها!

أيضاً لابُدَّ من وُجُود هذه الجاذبية المُناسبة للحفاظ على خلاف جوِّيّ مُناسب!

الكُرة الأرضية من الكواكب القليلة الصَّخرية التي لها غُلاف جوِّيّ أصلاً! إذا كان حجم الكوكب صغيراً، فإنَّ الجاذبية تكون ضعيفة بحيث تكون غير قادرة على الحفاظ على غُلافٍ جوِّيّ!

ما المقصود بالحِفاظ على غلافٍ جوِّيّ؟!

الغُلاف الجوِّيّ عبارة عن مجموعة مُختلفة من الغازات، هذه الغازات في النِّهاية عبارة عن ذرّات أو مُركَّبات كيميائية مثل ثاني أكسيد الكاربون، هذه الغازات لها وزن، فهُناك غازات خفيفة، مثل الهيدروجين والهيليوم، وهُناك غازات ثقيلة مثل الأكسجين والنيتروجين!

إذا كانت جاذبية الكوكب مُناسبة، فإنَّها تكون قادرة على جَذْب الغازات الأثقل، والحفاظ عليها قريبة من سطح الكوكب، ممَّا سيؤدِّي لتشكيل غلاف جوِّيّ! وصالحية هذا الغلاف الجوِّيّ للتَّنفُّس، أو للحِفاظ على الحياة، سيختلف على أساس مُكوِّنات الغلاف الجوِّيّ نفسه، وهذه قضية كبيرة جداً!

والآن، إذا كُنَّا محكومين بحجم مُعيَّن للكوكب، ونوع مُعيَّن للكوكب، للحُصُول على جاذبية مُعيَّنة، فهل هُناك شُرُوط للنَّجم الذي سيدور حوله هذا الكوكب الصَّخري مُتوسط الحجم؟!

size-of-earth

بما أنَّ الكوكب لابُدَّ أن يكون صخرياً، فهذا يعني أنَّ مداره سيكون قريباً نسبياً من النَّجم الذي سيدور حوله، هذا يعني أنَّ النَّجم لابُدَّ ألَّا يكون كبيراً، وإلَّا أصدر كميات كبيرة من الحرارة والإشعاع، ستُؤدِّي حتماً لاستحالة وُجُود حياة على هذا الكوكب!

قد يقول بعض الناس أنَّ حجم النَّجم ليس مُهمًّا، فإذا كان كبيراً فإنَّ المنطقة المُعتدلة ستكون أبعد قليلاً أو كثيراً عن النَّجم، وهذا لن يؤثِّر ما دامت المسافة تجعل درجات الحرارة مُناسبة لوُجُود مياه سائلة، وهذا غير صحيح، لأنَّنا قُلنا أنَّ الكوكب يجب أن يكون صخرياً، والكواكب الصَّخرية لا تنشأ إلَّا بالقُرب نسبياً من نجمها!

بالإضافة إلى أنَّ حجم النَّجم يُؤثِّر على عمره، وعلى طبيعة الضَّوء والحرارة والإشعاع الصَّادر من النَّجم، وكلّ هذه العوامل مُؤثِّرة جداً على نشأة الحياة على الكوكب الصَّخري الذي سيدور حوله!

sun-size

في النهاية، وجد العُلماء أنَّه من بين أنواع كثيرة جداً من النُّجوم، فإنَّنا نحتاج إلى نجم شبيه بشمسنا، مُتوسطة الحجم، لا هي بالصَّغيرة جداً، ولا هي بالعملاقة، وكأنَّ الحياة لا تنشأ إلَّا في بيئة وسطية مُعتدلة!

إذن، حتى الآن نحتاج إلى التالي:

·      نجم شبيه بشمسنا، مُتوسِّط الحجم.

·      كوكب صخري بنفس حجم كوكبنا، بنفس الجاذبية للحفاظ على غلافٍ جوِّي.

·      أن يكون مدار هذا الكوكب الصَّخري في المنطقة المُعتدلة للسَّماح بتكوين مياه سائلة.

هذه هي العناصر الثَّلاثة الرَّئيسية التي يبحث عنها العُلماء في كوكب يسمح بنشأة الحياة عليه، ومع وُجُود هذه العناصر الثَّلاثة، فإنَّ نشأة الحياة الأوَّلِيَّة البسيطة فقط هي التي قد تحدث، أمَّا الحياة المُعقدَّة مُتعدِّدة الخلايا، فإنَّها تحتاج إلى ظُرُوف وعناصر أخرى كثيرة جداً، لعلِّي أتحدَّث عنها في وقتٍ لاحقٍ!

الحمد لله الذي بنعمته تتمّ الصَّالحات

اترك رد

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

اكتشاف المزيد من مدونة التاعب

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading