القائمة إغلاق

نشأة الحياة صُدفة أم مُعجزة؟!

بسم الله الرحمن الرحيم

نشأة الحياة​​ صُدفة أم مُعجزة؟!

المُلحد البريطاني الشَّهير (ريتشارد دوكينز) يُقدِّم اعترافاً في غاية الأهمّيَّة: «كُلَّما بعدت احتمالية حُدُوث شيء ما وفقًا للإحصائيات؛ قلَّت إمكانية تصديقنا بأنَّه حدث بمُجرَّد الصُّدفة العمياء. ومن الظَّاهر أنَّ​​ البديل الواضح للصُّدفة هو مُصمِّم ذكيّ».(1)

ولكن هل استطاع (داروين) بالفعل إظهار هذا؟!

بالرَّغم مِن أنَّه لم يُبرِّر نشأة الحياة عن طريق الصُّدفة، وأنَّ نظريته تعمل من بعد وُجُود أوّل خلية حيَّة قادرة على الاستنساخ الذَّاتيّ، إلَّا أنَّ الدَّاروينية بالتَّأكيد فشلت.

عالِم الرِّياضيات (ويليام دامبسكي) قام بحساب​​ أقصى عدد من الأحداث التي كان من المُمكن أن تحدث فعليًّا خلال تاريخ الكون المرصود. وقد فعل ذلك لتأسيس حدٍّ أقصى للموارد الاحتمالية التي قد تُتيح إنتاج أيّ​​ حَدَث بالصُّدفة.(2)

كانت حسبة​​ (دامبسكي)​​ بسيطة على نحوٍ أنيق،​​ مع أنَّها وصلت إلى استنتاج قوي. فقد لاحظ أنَّه كان يوجد نحو 1080​​ جسيمًّا أوليًّا في الكون المرصود،​​ وقد لاحظ​​ أيضاً​​ أنَّه قد مرَّ نحو 1016​​ ثانية مُنذ الانفجار الكبير.

بمعرفة​​ ما سبق؛ استطاع​​ (دامبسكي)​​ أن يحسب أكبر عدد من الفُرص​​ المُمكنة​​ لأيّ​​ حَدَث مادِّي​​ مُمكن​​ أن يقع في الكون المرصود مُنذ الانفجار الكبير. من منظور فيزيائي، يُعتبر الحَدَث قد وقع حين يفعل جسيم أوَّلي شيئًا ما،​​ أو يتفاعل مع جُسيمات أوَّلية أخرى. ولكن طالما أنَّ​​ الجسيمات الأوَّلِيَّة لا يُمكنها أن تتفاعل مع بعضها سوى بعدد محدود من المرَّات في الثَّانية​​ =​​ 1043​​ مرَّة على الأكثر، وطالما أنَّه يوجد عدد محدود​​ من الجُسيمات الأوَّلِيَّة​​ = 1080، وطالما أنَّه قد مرَّ قدر محدود من الزَّمن مُنذ الانفجار الكبير​​ = 1016، فإنَّ هذا يعني وُجُود​​ عدد محدود من الفُرَص لوُقُوع أيّ​​ حَدَث في تاريخ الكون كلّه.

استطاع​​ (دامبسكي)​​ أن يحسب هذا العدد ببساطة عن طريق ضرب العوامل الثَّلاثة المُرتبطة: عدد الجسيمات الأولية (1080) في عدد الثَّواني التي مرَّت مُنذ الانفجار الكبير (1016)،​​ في عدد التَّفاعلات المُمكنة في الثَّانية (1043). وقد حدَّد استنتاجه بأنَّ​​ العدد الكُلِّيّ​​ للأحداث التي كان من المُمكن لها أن تحدث في الكون المرصود مُنذ نشأة الكون هو 10139.4​​ (والذي يتمّ تقريبه إلى 10150). وقد قدَّم هذا مقياس الموارد الاحتمالية للكون المرصود بأسره.

ممَّا يعني أنَّ حَدَث له نسبة احتمالية مُساوية أو أكبر من فُرصة واحدة من 10150، فإنَّ هذا يعني استحالة تحقيقه واقعياً.

عالِم الفَلَك (فريد هويل) يقول: « إنَّ السِّيناريو الحالي لنشأة الحياة بنفس نسبة احتمالية تكوين طائرة بوينج 747 بفعل إعصار عصف بمقلب قِمامة».(3)

وفي موضعٍ آخر يُقدِّم المزيد من الشَّرح والبيان قائلاً: « لا يُمكن أن يكون للحياة بداية عشوائية. فلا يُمكن لحُشُود القردة التي تضرب بعشوائية على الآلات الكاتبة أن تُنتج أعمال شكسبير، للسَّبب العَمَلي وهو أنَّ الكون الملحوظ بأكمله ليس كبيرًا بما يكفي لاحتواء جحافل القُرُود الضَّرورية، والآلات الكاتبة الضَّرورية، ولا حتى سلال نفاية الأوراق اللَّازمة لفصل المُحاولات الخاطئة. وينطبق الأمر نفسه على المادَّة الحيَّة.​​ فإنَّ احتمالية تشكُّل الحياة تلقائيًّا من مادَّة غير حيَّة هو واحد إلى عدد يليه 40.000 صفرًا عن يمينه​​ ...​​ وهو كبيرٌ بما يكفي لدفن داروين ونظرية التَّطوُّر بأكملها.​​ لم يكن ثمَّ حساءٌ أوَّليّ،​​ لا على هذا الكوكب ولا على غيره،​​ وإذا لم تكن بدايات الحيَّاة عشوائية،​​ فلابُدَّ وأنَّها كانت نِتاج ذكاء هادف».(4)

وهكذا،​​ لاحظ الفائز بجائزة نوبل مرَّتين،​​ (إيليا بريجوجين)​​ شيئًا لم يُثبَت خطؤه قَطّ: « إنَّ​​ الاحتمالية الإحصائية لكون البناءات العُضوِيَّة -والتَّفاعلات المُنسجمة على نحو بالغ الدِّقَّة التي تُجسِّد الكائنات الحية- نتاج الصُّدفة هي صفر».(5)

العالِم الكبير (فرانسيس كريك)، الحاصل على جائزة نوبل، يقول: « ليس بوسع إنسانٍ أمينٍ -مُسلَّح بكُلّ المعرفة المُتاحة لنا الآن- سوى القول إنَّه -بمعنى ما- تبدو نشأة الحياة في الوقت الحالي على الأغلب مُعجزة، فكثيرة جدًّا هي الظُّرُوف التي كان ينبغي عليها أن تكون مضبوطة، من أجل السَّماح بنشأة الحياة».(6)

العالِم الأسترالي الشَّهير (بول ديفيس) يقول: « إنَّ​​ صُنع بروتين ببساطة عن طريق إدخال طاقة هو أشبه بتفجير عصا ديناميت تحت كومة من الطُّوب مُتوقِّعًا أن تُشكِّل بيتًا. قد تُحرِّر طاقة كافية لرفع قوالب الطُّوب، إلَّا أنَّه​​ بدون اقتران الطَّاقة​​ التي تُوجِّه القوالب​​ بمصدر للتَّرتيب والنِّظام،​​ فالأمل قليل في إنتاج أيّ​​ شيء سوى رُكام فوضوي».(7)

وفي موضعٍ آخر نجد أنَّ (فريد هويل) يقول: « إنَّ من دواعي السُّخرية القول بأنَّ​​ الحقائق العِلْمِيَّة​​ تُطيح بنظرية داروين،​​ ولكن​​ تترك​​ وليام باليه، أحد رُمُوز السُّخرية بالنِّسبة للعالَم العِلْمي​​ لأكثر من قرنٍ​​ من الزَّمان،​​ لا​​ يزال في البُطُولة،​​ ولديه​​ فُرصة ليكون الفائز النِّهائي ... في​​ الواقع،​​ فإنَّ​​ مثل هذه النظرية​​ (التَّصميم)​​ واضحة​​ جداً لدرجة أنَّ​​ المرء يتساءل​​ لماذا لم تُلاق قبولًا​​ على نطاقٍ​​ واسعٍ​​ باعتبارها​​ بديهيًّة؛​​ وما أراه أنَّ​​ الأسباب نفسية وليست عِلْمِيَّة».(8)

وعن الأسباب النَّفسية، يُعلِّق العالِم (جورج والد)، الحاصل على جائزة نوبل في الطِّبّ قائلاً: « نختار الإيمان بالمُستحيل: وهو أنَّ الحياة نشأت بطريقة تلقائية عن طريق الصُّدفة».(9)

عالِم البيولوجيا الأمريكي (دين كنيون)، ألَّف كتاباً حاول فيها إثبات أنَّ الحياة ناشئة عن حتمية كيميائية وفيزيائية،(10)​​ ومع المزيد من الفحص والبحث والدِّراسة، اكتشف (كنيون) أنَّ الحياة لا يُمكن أن تكون نِتاج حتمية، وفي كتابٍ آخرٍ له يقول: « لو أنَّ العِلْم قائمٌ على أساس التَّجربة؛​​ فإنَّه يُخبرنا بأنَّ الرِّسالة المُشفَّرة في الشَّريط الوراثي لابُدَّ وأن تكون قد نشأت من سبب ذكيّ. أيّ نوع من الفاعلين الأذكياء كان هو؟​​ لا يستطيع العِلْم أن يُجيب على هذا السُّؤال من تلقاء نفسه: بل لابُدَّ من أن يدعها للدِّين والفلسفة. بيد أنَّه ينبغي ألَّا يمنع ذلك العِلْمَ من الإقرار بالأدِلَّة على وُجُود سبب ذكيّ حيثما تُوجد».(11)

العالِم الأسترالي الشَّهير (بول ديفيس) يقول: « تُشير التَّقديرات​​ إلى​​ أنَّ الحياة لو تم تركها لتنشأ بشكل طبيعي، فإنَّ محلول​​ مُركَّز​​ من​​ الأحماض​​ الأمينية،​​ سيحتاج إلى​​ حجم​​ سائل​​ بحجم​​ الكون​​ المرصود،​​ لكي​​ يمشي​​ في​​ عكس​​ اتِّجاه قوانين الدِّيناميكا​​ الحرارية، من أجل تكوين​​ ببتيدات صغيرة بشكل تلقائي. بشكلٍ​​ واضحٍ، إنَّ​​ الخلط الجزيئي العشوائي ليس ذا فائدة تُذكر عندما يشير سهم​​ الاتِّجاه​​ للطَّريق الخاطئ».(12)

الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات

1

​​ Dawkins (Richard),"The Necessity of Darwinism," New Scientist: 94, 4/15/82, p130. Cited in: Donald E. Johnson:​​ Programming of Life Prerequisites (Physical Constants and Properties Requirements), Big Mac Publishers 2011, p27.

2

​​ Dembski,​​ The Design Inference, chap. 6. Cited in: Stephen C. Meyer:​​ Signature in the Cell (DNA Evidence for Intelligent Design), (Kindle Locations 3411-3414). HarperCollins. Kindle Edition.

3

​​ Fred Hoyle,​​ The Intelligent Universe​​ (London: Michael Joseph, 1983), in Walter L. Bradley and Charles B. Thaxton, “Information and the Origin of Life,” in​​ The Creation Hypothesis, ed. Moreland, 190–91. Cited in: Ken Boa; Robert M. Bowman,​​ 20 Compelling Evidences That God Exists: Discover Why Believing in God Makes So Much Sense​​ (Kindle Locations 949-952). David C Cook. Kindle Edition.

4

​​ Fred Hoyle:​​ Evolution from Space, Simon and Schuster, New York, 1984, p. 176. See also the last chapter of their book, Cosmic Life Force, Dent, London, 1988. Cited in: John C. Lennox:​​ God’s Undertaker: Has Science buried God?, Lion Hudson plc 2009, Page 164, 165.

5

​​ Prigogine, N. Gregair, A. Babbyabtz,​​ Physics Today: 25, 1972, p23-28. Cited in: Donald E. Johnson:​​ Probability's Nature and Nature's Probability (A Call to Scientific Integrity), Booksurge Publishing 2009, p41

6

​​ Francis Crick,​​ Life Itself​​ (New York: Simon and Schuster, 1981), 88. Cited in: Lee Strobel,​​ The Case for a Creator​​ (Kindle Locations 720-723). Zondervan. Kindle Edition.

7

​​ The Fifth Miracle, London, Allen Lane, Penguin Press, 1998, p61. Cited in: John C. Lennox:​​ God’s Undertaker: Has Science buried God?, Lion Hudson plc 2009, Page 128.

8

​​ Hoyle (F.) & C. Wickramasinghe,​​ Evolution from Space, 1981 E. p130. Cited in: Donald E. Johnson:​​ Programming of Life Prerequisites (Physical Constants and Properties Requirements), Big Mac Publishers 2011, p23, 24.

9

​​ George Wald, “Life and Mind in the Universe,” in​​ Cosmos, Bios, Theos, ed. Henry Margenau and Roy Abraham Varghese (La Salle, IL: Open Court, 1992), 218. Cited in: Antony Flew with Roy Abraham Varghese:​​ There is a God (How the World’s Most Notorious Atheist Changed His Mind), HarperCollins e-books, p131.

10

​​ Dean H. Kenyon, Gary Steinman:​​ Biochemical predestination, McGraw-Hill 1969.

11

​​ Dean Kenyon:​​ Of Pandas and People: The Central Question of Biological Origins, P. Davis and D.H Kenyon, Dallas, Texas, Haughton Publishing Co., 1989, p7. Cited in: John C. Lennox:​​ God’s Undertaker: Has Science buried God?, Lion Hudson plc 2009, Page 187.

12

​​ The Fifth Miracle, London, Allen Lane, Penguin Press, 1998, p60. Cited in: John C. Lennox:​​ God’s Undertaker: Has Science buried God?, Lion Hudson plc 2009, Page 127, 128.

اترك رد

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

%d مدونون معجبون بهذه: