بسم الله الرحمن الرحيم
طبيعة عِصْمة الكتاب المُقدَّس
الأب ثيودور ستيليانوبولوس: العهد الجديد (نظرة أرثوذكسية)، صـ22. [الكتب اليهودية والمسيحية المقدسة: يؤلِّف الكتاب المُقدَّس مكتبة كاملة من الأسفار المُقدَّسة المكتوبة في فترة تمتدّ حوالي ألف سنة، من القرن العاشر قبل الميلاد إلى الأول بعده. وُضِعَت الكتابات المُختلفة بالعبرانية واليونانية، وبعض الأجزاء بالآرامية، وفي الأغلب ألَّفها کُتَّاب مجهولون عاشوا في ظُرُوف تاريخية مُعيَّنة وعالجوا أُمُوراً مُهِمَّة بالنِّسبة إلى جماعاتهم الدِّينية.]
الأب ثيودور ستيليانوبولوس: العهد الجديد (نظرة أرثوذكسية)، صـ23. [في كُلِّ حال، أغلب أسفار الكتاب لم تدَّعِ سُلطة كونها كُتُباً مُقدَّسة. فهي لم تمتلك أيّ سُلطة في أيَّام وضعها، بل الجماعات الدِّينية اليهودية والمسيحية منحتها هذه السُّلطة عبر الأجيال والقُرُون.]
الأب ثيودور ستيليانوبولوس: العهد الجديد (نظرة أرثوذكسية)، صـ44. [من غير المُمكن فَصْل العناصر الإلهية عن البشرية بشكل مُحكَم. على القارئ أن يُشارك في الشَّهادة الكتابية بمُجملها، ويُميِّز بين الادِّعاءات الأساسية المُتعلِّقة بالخلاص، والأُمُور الفرعية، كالتَّاريخ والتَّسلسل الزَّمني واللُّغة والثَّقافة.]
الأب ثيودور ستيليانوبولوس: العهد الجديد (نظرة أرثوذكسية)، صـ46، 47. [الذين يُركِّزون على سُلطة الكِتاب الأدبية، غالباً مِن البروتستانت المُحافظين والأُصُولِيِّين، يُناقشون مفهوم العصمة inerrancy. إنَّهم يُؤيِّدون بشكلٍ أساسٍ إنجيلاً مِن دُون خطأ، وهُم تالياً مُلزمون بایجاد تبريرات مُتكلِّفة للدِّفاع عنه. يظهر كثيرون كأنَّهم يتخطُّون التَّعقيدات التَّاريخية، ويُلصقون بالكتاب صِفة مُطلقة هي بالحقيقة لله وحده، وتالياً هُم ظاهرياً ينزلقون في نوعٍ مِن عبادة الكتاب bibliolatery. قد تُعبِّر كلمة العِصْمة infallability عن نظرة الكاثوليك للإلهام، وبحسب المعنى الإتيمولوجي للكلمة (عِلْم أصول الكلمات)، فإنَّ: "الكتاب لا يُخطئ" بالأهداف الخلاصِيَّة الأساسِيَّة التي لسببها أُعطِي من الله. في التَّقليد الأرثوذكسي، قد تكون العبارة الأرثوذكسية الأكثر مُلاءمة هي كفاية الكتاب (sufficiency - autarkeia) وهي عبارة استعملها القدِّيس أثناسيوس ليُؤكِّد ملء الحقيقة الخلاصية التي يُقدمِّها الكتاب المُقدَّس.]
حبيب سعيد: المدخل إلى الكتاب المُقدَّس، دار التأليف والنشر للكنيسة الأسقفية بالقاهرة، صـ18. [لا يُمكن الفَصْل بين العُنصرين البشري والإلهي. فلن نقدر أن نقول: هذا بشرى وهذا إلهي. فالله لم يُضف أقواله إلى أقوال الأنبياء، ولكن تكلَّم بواسطة الأنبياء. والرُّوح القُدُس لم يُعطِ كُتَّاب الأسفار رسالة ثمَّ تخلَّى عنهم ليُضِيفوا إليها ما يروق لهم. بل قد اختارهم ليكونوا رُسُل أداء، وأسبغ عليهم روحه القُدُس وهُم يئدُّون هذه الرِّسالة.]
حبيب سعيد: المدخل إلى الكتاب المُقدَّس، دار التأليف والنشر للكنيسة الأسقفية بالقاهرة، صـ18. [الوحي اللَّفظي: ليس في الكتاب المُقدَّس ذِكْر للوحي اللفظي، ولا يَنظُر المسيحي إلى كتابه كأنه منقوش على لوح، أُنْزِلَت ألفاظه كما هي على كُتَّاب الأسفار المُقدَّسة. ولا يُجادل المسيحي في نقل كتابه إلى كلّ لُغات الأرض، لأنَّ قيمة الألفاظ ليست في صياغتها الحرْفِيَّة، بل في رُوحها ومعناها، وفي الرِّسالة الحيَّة التي تنقلها للنَّاس: «الكلام الذي أكلمكم به هو روح وحياة». هكذا قال المسيح.]
حبيب سعيد: المدخل إلى الكتاب المُقدَّس، دار التأليف والنشر للكنيسة الأسقفية بالقاهرة، صـ19. [نحن نقبل كتابنا المُقدَّس على أنَّه كلمة الله الموحى بها، ولكنَّ فائدته لن تكمل إلَّا متى قبلناه بالإيمان، مَسُوقِين بعمل الرُّوح «وكمولودين ثانية .. بكلمة الله الحيَّة الباقية إلى الأبد». إنَّه صوت الله يتكلَّم إلى نُفُوسنا بسُلطان. وقد قُلنا مِن قَبْل أنَّ الكتاب المُقدَّس ليس كتاباً في عِلْم الفَلَك أو الطَّبيعة أو الأنسال البشرية، ولكنَّه مِقْیاس فاصل جازم في مسائل الإيمان والحياة. وهو المرجع الأخير للإنسان في كُلِّ شأنٍ مِن شئون حياته الرُّوحية.]
حبيب سعيد: المدخل إلى الكتاب المُقدَّس، دار التأليف والنشر للكنيسة الأسقفية بالقاهرة، صـ19. [يؤمن بعض المسيحيين أنَّ الكتاب المُقدَّس «معصوم». ويَرَى آخرون غير ذلك. وقد ثار الجَدَل حول هذه الكلمة بين الفريقين. ومهما يكُن مِن أمرٍ فإنَّ الرَّأي الحديث لا يقصد بذلك العصمة اللَّفظية. إنَّما يقصد أنَّه يَعْصِم الإنسان من الوُقُوع في الزَّلل، أو الحيدة عن الصِّراط المستقيم.]
حبيب سعيد: المدخل إلى الكتاب المُقدَّس، دار التأليف والنشر للكنيسة الأسقفية بالقاهرة، صـ19، 20. [ونُقصان الإيمان والحكمة قد يعيقان إدراكنا لمعاني الكتاب المُقدَّس الصَّحيحة. وقد نعجز عن التَّمييز بين ما هو حقيقة تاريخية، وما هو صُورة تمثيلية في روايات الكتاب. ولقد اختلف حتى فطاحل العُلماء في تحديد العلاقة بين الواقعة التَّاريخية وبين القِصَّة التَّمثيلية في الكتاب المُقدَّس. كما أنَّه من خطل الرَّأي أن ننتظر من كُتَّاب الأسفار المُقدَّسة الذين نسخوا الأنسال و الأنساب ونتف العلم والتاريخ من مُدوَّنات قديمة أن يُراعوا بالضَّرورة الأساليب العِلْمية التي نتبعها اليوم في القرن العشرين. على أنَّ هذا كلّه لا يمَسّ الحقّ المعصوم. وقد ذهب فريق من العُلماء والمُفكِّرين إلى أنَّ الكتاب المُقدَّس لا يُمكن أن يكون «معصوم» لفظاً، لأنَّه من صُنع الأيدي البشرية غير المعصومة، وبسبب ما فيه من خِلافات لفظِيَّة في النُّصُوص التي بأيدينا. ومهما يكُن مِن أمرٍ، فإنَّنا نؤمن بالعصمة الرُّوحية من حيث إرشاد النَّاس إلى الحقّ الإلهي الذي لا يعتوره نقص أو تحریف، مهما اختلفت النُّصُوص والألفاظ التي وضعتها أيدي البشر. و نحن نتقبَّل بإيمان الوحي المعنوي، ونقرأ الكتاب بقُوَّة من الله و بفهم روحي. و الله في نهاية الأمر هو الشاهد على نفسه. ومهما بذلنا من قُوَّة العقل في نقد النُّصُوص، فإنَّ الصِّعاب ستبقى أمامنا، كما هو الحال في العِلْم وفي كلّ ميدان من ميادين الفِكْر الأنساني. على أنَّنا سنجد دائماً غذاءً روحياً في كلّ ما ندرکه، أمَّا الذي لا نفهمه، فإنَّه يسوقنا إلى مزيد من البحث والاستقصاء بإرشاد رُوح الله الذي يُخبرنا بكلّ الحقّ.]
مجموعة من المؤلِّفين: المُرشد إلى الكتاب المُقدَّس، جمعية الكتاب المُقدَّس في لبنان، صـ35، 36. [مِن جِهةٍ أُخرى، أن يكون الكتاب المُقدَّس کتاباً بشريًّا لا يجعله، ذاتِيًّا، يحتوي على أخطاء. فالله، سَيِّد الخليقة كلّها، هو الذي شكَّل شخصِيَّات المسؤولين عن تدوين إعلانه وظُرُوفهم، مؤهِّلاً إيَّاهم لانجاز قصده. فلا نُنكر على الله القُدرة، في قصده الخلاصي وحكمته غير محدودة، على ضمان الحقّ في سِجَّلات الوحي وصِدْقِيَّتها. وحقيقة كون الكتاب المُقدَّس کتاباً "مُلْهَماً" لا تعفينا من بذل الجُهْد الضَّرُوري رُوحِيًّا وعَقْلِيًّا لفهمه وتفسيره بِصِحَّة واستقامة. ولا تعني ضِمْناً أنَّ جميع أجزاء الكتاب المُقدَّس تُعلن الله بالمقدار نفسه. فالقول إنَّ الفِصْل الثالث من سفر اللاويين، والثالث من بشارة يوحنا کلاهما موحى به، لا يُراد به أكثر مِن أنَّ الله أشرف على نصّ كليهما بحيث أنَّ الكلمات المُستعملة هي أفضل ما يُمكن استخدامه لايصال الحقّ الخلاصي الذي يُريده. (مع عرض الاعتراضات المذكورة)]
الأنبا غريغوريوس: مقالات في الكتاب المقدس (الجزء الثاني) ، لجنة النشر للثقافة القبطية والأرثوذكسية، صـ11. [إنَّ الرُّوح القُدُس يَعْصِم النَّبيّ أو الرَّسول في كُلِّ ما يقوله عن الماضي أو الحاضر، وفي كل ما يُنبئ به عن المستقبل، مِن كُلِّ خطأ تاريخیّ أو عقائديّ، ولذلك تجيء أقواله وكتاباته صحيحة سليمة، تُطابق العِلْم الصَّحيح والحقيقى عبر الزَّمان والمكان.]
شنودة ماهر إسحاق: الكتاب المقدس (أسلوب تفسيره السليم وفقاً لفكر الآباء القويم)، صـ43. [العصمة Infallibility أو التنزه عن الخطا Inerrancy: لا يكفي فقط أن نُقرَّر بأنَّ الكتاب مُوحى به وله سُلطان، وإنَّما لابُدَّ أن نعترف أيضاً بأنَّه مُنزَّه عن الخطأ ومعصوم. ونعني بذلك أنَّه بدون أخطاء في مخطوطاته الأصلية. فهو مُنزَّه عن الخطأ في كل ما يُؤكِّده، سواء كانت هذه أموراً تاريخية أو علمية أو أخلاقية أو عقائدية. والتَّنزُّه عن الخطأ يمتدّ إلى الكتاب كلّه، ولا يقتصر على تعاليم مُعيَّنة في الكتاب.]
الدكتور دنس موك: طرق دراسة الكتاب المقدس ومبادئ تفسيره، الكتاب الأول، صـ21. [العصمة من الخطأ: "Inerrancy" هذا معناه أنَّ الكتاب المقدس معصوم من الخطأ، أيّ ليس به أيّ أخطاء. أي كلمة الله كما أُعطِيَت ليست بها أخطاء، بل هي معصومة تماماً من الخطأ، لأنَّها مُوحاة من الله نفسه، إذا كان أحد يؤمن أنَّ الكتاب المقدس به خطأ، فهو في نفس الوقت يؤمن بشئ من الاثنين: أ- إمَّا أنَّ الكتاب المُقدَّس ليس كلمة الله. ب- أو أنَّ الله لم يخبرنا بالحق. هُناك البعض الذين يؤمنون أنَّ الكتاب المُقدَّس يتكلَّم الحقّ بالنِّسبة لأمر الإيمان والخلاص، ولكن هُناك بعض الأخطاء الخاصَّة بالإنسان وتاريخ الإنسان والعلم والجغرافية، ويستخدمون كلمة أخرى بالإنجليزية تعني العصمة المحدودة، وهي كلمة (Infalliblle). إنَّ عصمة الكتاب المُقدَّس هي عصمة غير محدودة لأنَّها كلمة الله. وأمَّا أنَّها كلَّها صادقة وحقّ، أو أنَّ كلّها غير صادقة، فلا يجب أن تجزء فيها حسب أهوائنا.]
الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات