القائمة إغلاق

ما لا يسع المُسلم أن يجهله عن القرآن الكريم – الجزء الأول

بسم الله الرحمن الرحيم

سلسلة مُحاضرات الرد على الأنبا بيشوي (المُحاضرات فيديو)

العبد الفقير إلى الله أبو المنتصر شاهين الملقب بـ التاعب

ما لا يسع المُسلم أن يجهله عن القرآن الكريم (الجزء الأول)

للتحميل:(PDF) (المُحاضرة الصوتية) (المُحاضرة مُصوَّرة من غرفة البالتوك)

[ثم قلت لهم أنه لابد أن يكون الحديث في صراحة دون هجوم, لأن هناك نصوص أخرى لست أدري إن كانت قيلت وقتما قال نبي الإسلام القرآن أم أنها أضيفت فيما بعد في زمن متأخر, أنا لا أدري, لكم أنتم أن تبحثوا هذا الأمر, وهذه مسئوليتكم, لكن أن يقال: “لقد كفر الذين قالوا أن المسيح هو اللههنا لن يكون هناك اتفاق, فهل قيلت هذه العبارة أثناء بعثة نبي الإسلام, أم أضيفت أثناء تجميع عثمان بن عفان للقرآن الشفوي وجعله تحريري, لمجرد وضع شيء ضد النصارى, لا أعرف, وهناك نصوص أخرى تشبه هذا النص لكن هذا النص ذُكِر مرتين.][[1]]

ما يعرفه المُسلم عن القرآن الكريم:

·الشخص الذي جاء بالقرآن الكريم: محمد صلى الله عليه وسلم.

·الذي جاء بالقرآن لنبينا محمد صلى الله عليه وسلم: جبريل عليه السلام.

·الذي أخذ منه جبريل عليه السلام القرآن الكريم: الله عز وجل.

·ماهية القرآن الكريم: كلام الله.

ما يجهله المسيحي عن كتابه المُقدس:

·كتبة الأسفار الـمُقدسة.

·ماهية الكتاب وطبيعته.

·نص الكتاب بالتحديد.

·مصادر المعلومات المذكورة في النصوص.

·التفسير الصحيح للنصوص.

أسباب نزول الآيات:

·قد يجهل الأنبا بيشوي أن المسلمين يعرفون جيداً كل صغيرة وكبيرة عن كتابهم المقدس بحق

·فنحن نعلم جيداً وقت نزول آيات القرآن الكريم, ومناسبة نزول كل آية !

·وهكذا نجد عن عبد الله بن مسعود t في صحيح البخاري: [وَاللَّهِ الَّذِي لاَ إِلَهَ غَيْرُهُ, مَا أُنْزِلَتْ سُورَةٌ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ, إِلاَّ أَنَا أَعْلَمُ أَيْنَ أُنْزِلَتْ, وَلاَ أُنْزِلَتْ آيَةٌ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ, إِلاَّ أَنَا أَعْلَمُ فِيمَ أُنْزِلَتْ، وَلَوْ أَعْلَمُ أَحَدًا أَعْلَمَ مِنِّى بِكِتَابِ اللَّهِ تُبَلِّغُهُ الإِبِلُ لَرَكِبْتُ إِلَيْهِ.][[2]]

سبب نزول الآية {لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُواْ إِنَّ اللّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ}:

·العديد من علماء المسلمين الذين قاموا بذكر سبب نزول الآية منهم:

·الإمام الطبري رحمه الله[[3]], والإمام الحافظ ابن حجر العسقلاني رحمه الله[[4]], والإمام السيوطي رحمه الله[[5]]

·والرواية هي: [بلغنا أنّ نصارى أهل نجران قدم وفدُهم على النبي r، فيهم السيد والعاقبُ، وهما يومئذ سيدا أهل نجران، فقالوا: “يا محمد، فيما تشتمُ صاحبنا ؟قال: “من صاحبكما !”, قالا: “عيسى ابن مريم، تزعم أنه عبد !”, قال رسول الله r: “أجل، إنه عبدُ الله وكلمته ألقاها إلى مريم وروحٌ منه“. فغضبوا وقالوا: “إن كنت صادقًا فأرنا عبدًا يحيي الموتى، ويبرئ الأكمه، ويخلق من الطين كهيئة الطير فينفخ فيه الآية لكنه الله“. فسكتَ حتى أتاه جبريلُ فقال: “يا محمد: {لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ} [سورة المائدة: 17 و 72] الآية، فقال رسول الله r: “يا جبريل، إنهم سألوني أن أخبرَهم بمثَل عيسى“. قال جبريل: “مثلُ عيسى كمثل آدم خلقه من تراب ثم قال له: كُن فيكون“. فلما أصبحوا عادُوا، فقرأ عليهم الآيات.]

·وذَكَرَ لنا أيضاً الإمام الجوزي رحمه الله قول عبد الله ابن عباس t بخصوص من نزلت فيهم الآية فقال: [قال ابن عباس: هؤلاء نصارى أهل نجران وذلك أنهم اتخذوه إلهاً.][[6]]

·وأيضاً ذَكَرَ مُقاتِلt سبب نزول الآية: [نزلت في نصارى نجران الماريعقوبيين، منهم السيد والعاقب وغيرهما، قالوا: إن الله هو المسيح ابن مريم.][[7]]

مصادر القرآن الكريم:

·مكتوب:

oالمصاحف التي نسخها عُثمان رضى الله عنه.

oالمصاحف القديمة المنتشرة في كل العالم.

·مسموع: القرآن الشفهي الـمُتواتَر عن نبينا محمد صلى الله عليه وسلم.

مصادر الكتاب المُقدس والعهد الجديد بشكل خاص:

·مصادر مكتوبة فقط:

oالمخطوطات اليونانية.

§البرديات.

§مخطوطات الأحرف الكبيرة.

§مخطوطات الأحرف الصغيرة.

oالترجمات القديمة.

§اللاتينية.

§القبطية.

§السريانية.

§الأثيوبية.

§الأرمينية.

§الجورجية.

§العربية.

oالكتابات الآبائية.

§كتابات الآباء باليونانية.

§كتابات الآباء باللاتينية.

§كتابات الآباء بالسريانية.

§كتابات الصلوات الكنسية.

كيف أعرف مدى موثوقية الكتاب ؟

1.هل تعرف من الذي جاء بالكتاب ؟

2.هل تعرف مصدر (أو مصادر) الكتاب الذي أخذ عنه صاحبُ الكتابِ كتَابَهُ.

3.هل تعرف مُنْذ متى وكيف حُفِظ الكتاب ؟

4.هل تعرف من الذي حَفَظَ الكتاب وكيف نُقِل عَبْر التاريخ ؟

إجابة هذه الأسئلة بالنسب لـ القرآن الكريم:

1.الذي جاء بالكتاب:

·مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ المُطَّلِبِ بْنِ هَاشِمِ بْنِ عَبْدِ مَنَافِ بْنِ قُصَيِّ بْنِ كِلاَبِ بْنِ مُرَّةَ بْنِ كَعبِ بْنِ لؤَيِّ بْنِ غالِبِ بْنِ فِهْرِ بْنِ مَالِكِ بْنِ النَّضْرِ بْنِ كِنَانَةَ بْنِ خُزَيْمَةَ بْنِ مُدْرِكَةَ بْنِ إِلْيَاسَ بْنِ مُضَرَ بْنِ نِزَارِ بْنِ مَعَدِّ بْنِ عَدْنَانَ[[8]]مِنْ نَسَبِ إسْمَاعِيل بْنِ إبْرَاهِيم عَلَيهِمَا الصَّلاةُ والسَّلامُ.

2.مصدرُ الكتابِ:

·الله عز وجل عن طريق جبريل عليه السلام أمين الوحي. (كيف تُثبت هذا ؟!)

3.حُفِظَ الكتابُ مُنذ:

·أن تَلا نبيُنا محمدٌ صلى الله عليه وسلم القرآن الكريم على صحابته الكرام رضوان الله عليهم.

4.حُفِظ الكتابُ عن طريق:

·الحفظ الغيبي عن طريق التَّلقِّي السَّمْعي الـمُتواتَر عن نبينا محمد صلى الله عليه وسلم.

·تدوين القرآن الكريم كتابةً على كل مادة تستطيع أن تكتب عليها !

5.حَفِظَ الكتابَ:

·كل مُسلم سمع القرآن الكريم من نبينا محمد صلى الله عليه وسلم, سواء كان حِفْظاً كُليّاً أو جُزئيّاً.

·كتبة الوحي من الصحابة الكِرام أمثال: زيد بن ثابت وعبد الله بن عمر رضي الله عنهما وغيرهما.

6.نُقِلَ الكتابُ عن طريق:

·النقل الشفهي الـمُتواتَر عن نبينا محمد صلى الله عليه وسلم.

§النبي محمد صلى الله عليه وسلم علَّمَ الصحابة رضوان الله عليهم.

§الصحابة رضوان الله عليهم علَّموا التابعين لهم رضوان الله عليهم من أولادهم ومن دخلوا الإسلام جديداً.

§التابعين رضوان الله عليهم علموا أولادهم ومن دخلوا في الإسلام جديداً.

§إلى أن تصل إلى من علَّمَكَ أنتَ في بيتك أو في مسجدٍ أو في كُتَّاب إلخ.

·نسخ المصاحف من المصاحف التي أقدم منها.

§أبو بكر الصديق رضي الله عنه أول من جمع القرآن في مصحف.

§قام بجمع كل ما كُتِبَ في حياة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم في مصحف واحد.

§وقام بترتيب السوَّر حسب العرض الأخير للقرآن الكريم على نبينا محمد صلى الله عليه وسلم في رمضان.

§ثم قام عُثمان بن عفّان رضي الله عنه قام بنسخ مُصحف أبي بكر الصديق رضي الله عنه.

§قام عُثمان بن عفّان رضي الله عنه بتوزيع هذه النُّسخ في جميع أنحاء الإمبراطورية الإسلامية.

§تم عمل نُسخات جديدة من هذه النسخ القديمة إلى أن وصل إليك الـمُصحف الذي بين يديك !

إجابة هذه الأسئلة بالنسب لـ العهد الجديد:

1.الذي جاء بالكتاب: مجهول !

·جميع كتبة أسفار الكتاب الـمُقدَّس بلا استثناء مجهولون عدا بولس المدعو رسولاً.

·جميع الأسفار منسوبة إما إلى أنبياء بني إسرائيل قبل بعثة المسيح عليه السلام العهد القديمأو إلى أشخاص يدَّعي المسيحي أنهم تلاميذ (صحابة) المسيح عليه السلام أو أنهم تلاميذ تلاميذه (التّابعين) “العهد الجديد“.

2.مصدرُ الكتابِ: مجهول !

·يدَّعي المسيحي أن أسفار الكتاب بعديه القديم والجديد من وحي الله عز وجل الـمُباشر للكتبة.

§سواء كان هذا الوحي حرفي لفظي أو بالمعنى. (المسيحي لا يعرف تحديداً ماهية الكتاب)

·ولكن بما أننا لا نعرف أصلاً من هُم الكتبة؛ فكيف لنا أن نعرف من أين جاء بالكتاب !

·من أجل إثبات أن كتاب ما كُتِبَ بوحي من الله عز وجل لابد أن نعرف من الشخص الذي أوحى الله إليه أولاً.

·بالإضافة إلى ما سبق, نجد أن علماء المسيحية يعترفون بأن هُناك مصادر نقل منها كتبة الأناجيل.

·فإن كان الكاتب ناقلاً من كتاب قبله, فأين الوحي من الله عز وجل ؟!

3.حُفِظَ الكتابُ مُنذ: لا ندري ؟!

·فلا يعرف المسيحي بالتحديد متى تم كتابة الأسفار.

·ولكنَّه يضع تواريخ نظرية لكتابة كل كتاب, بناءً على استقراءات تاريخية.

·بالإضافة إلى ذلك: هل كان هُناك داعٍ لحفظ الكتاب أصلاً ؟! خصوصاً العهد الجديد.

4.حَفِظَ الكتابَ: لا ندري !

·لا ندري إن كان هُناك من أراد أن يحفظ الكتاب فعلاً أم أراد فقط نقل الكتاب ليقرأه.

·بشكل عام في المسيحية لا نعرف أسماءً, فإن كان هُناك من أراد حفظ الكتاب؛ فهو مجهول كالكتبة.

5.نُقِلَ الكتابُ عن طريق: النَّسخ اليدوي.

·من المعروف أنه لم يكن هناك حافظاً للعهد الجديد حفظاً غَيبِيّاً.

·ولكن كانت هُناك وسيلتين للحصول على أو معرفة نص العهد الجديد:

§الوسيلة الأولى: الاستماع إلى شخص يقرأ نص العهد الجديد.

§الوسيلة الثانية: الحصول على نسخة من الكتاب عن طريق النَّسخ اليدوي وعمل نُسخة جديدة.

·لذلك كان الكتاب ينتقل عبر التاريخ عن طريق نسخ الكتاب يدوياً.

ما كُتِبَ في مُصحف عثمانtكان مكتوباً في عهد النبي r:

·صحيح البخاري: [عَنِ الْبَرَاءِ قَالَ لَمَّا نَزَلَتْ {لاَ يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ} قَالَ النَّبِيُّ r«ادْعُ لِي زَيْدًا وَلْيَجِئْ بِاللَّوْحِ وَالدَّوَاةِ وَالْكَتِفِأَوِالْكَتِفِ وَالدَّوَاةِثُمَّ قَالَ «اكْتُبْ لاَ يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ » وَخَلْفَ ظَهْرِ النَّبِيِّ rعَمْرُو بْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ الأَعْمَى قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ فَمَا تَأْمُرُنِي فَإِنِّي رَجُلٌ ضَرِيرُ الْبَصَرِ فَنَزَلَتْ مَكَانَهَا {لاَ يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ} فِي سَبِيلِ اللَّهِ {غَيْرُ أُولِى الضَّرَرِ}.][[9]]

·شرح صحيح البُخاري لابن بطَّال كلاماً رائعاً: [قال أبو بكر بن الطيب: فيه أن النبي uسَنَّ جمع القرآن وكتابته وأمر بذلك وأملاه على كتبته، وأن أبا بكر الصديق وعمر الفاروق وزيد بن ثابت وجماعة الأمة أصابوا في جمعه وتحصينه وإحرازه، وجروا في كتابته على سنن الرسول وسنته، وأنهم لم يثبتوا منه شيئًا غير معروف، وما لم تقم الحجة به.][[10]]

·ما تم جمعه في عصر أبي بكر الصديقt كان مكتوباً أصلاً في زمن النبي محمدr.

·كلام زيد بن ثابتt في صحيح البُخاري حول تكليفه بجمع القرآن الكريم: [فَوَاللَّهِ لَوْ كَلَّفَنِي نَقْلَ جَبَلٍ مِنَ الْجِبَالِ مَا كَانَ أَثْقَلَ عَلَىَّ مِمَّا أَمَرَنِي بِهِ مِنْ جَمْعِ الْقُرْآنِ, قُلْتُ: “كَيْفَ تَفْعَلاَنِ شَيْئًا لَمْ يَفْعَلْهُ النَّبِيُّ r؟“, فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: “هُوَ وَاللَّهِ خَيْرٌ، فَلَمْ أَزَلْ أُرَاجِعُهُ حَتَّى شَرَحَ اللَّهُ صَدْرِي لِلَّذِي شَرَحَ اللَّهُ لَهُ صَدْرَ أَبِى بَكْرٍ وَعُمَرَ، فَقُمْتُ فَتَتَبَّعْتُ الْقُرْآنَ أَجْمَعُهُ مِنَ الرِّقَاعِ وَالأَكْتَافِ وَالْعُسُبِ وَصُدُورِ الرِّجَالِ، حَتَّى وَجَدْتُ مِنْ سُورَةِ التَّوْبَةِ آيَتَيْنِ مَعَ خُزَيْمَةَ الأَنْصَارِيِّ، لَمْ أَجِدْهُمَا مَعَ أَحَدٍ غَيْرِهِ {لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ} إِلَى آخِرِهِمَا، وَكَانَتِ الصُّحُفُ الَّتِي جُمِعَ فِيهَا الْقُرْآنُ عِنْدَ أَبِى بَكْرٍ حَتَّى تَوَفَّاهُ اللَّهُ، ثُمَّ عِنْدَ عُمَرَ حَتَّى تَوَفَّاهُ اللَّهُ، ثُمَّ عِنْدَ حَفْصَةَ بِنْتِ عُمَرَ.][[11]]

هذا الحديث يذكر أربعة مصادر جمع منهم زيد بن ثابتt القرآن الكريم:

1.الرقاع: في لسان العرب نجد: [والرُّقْعةُ ما رُقِع به وجمعها رُقَعٌ ورِقاعٌ والرُّقْعة واحدة الرِّقاع التي تكتب.][[12]], أي إنه لفظٌ عام لكل ما يُكتب عليه سواء كان من قماش أو غيره.

2.الأكتاف: أي عظام الكتف العريضة الخاصة بالجمال أو غيرها من الحيوانات, تُجَهَّز للكتابة عليها.

3.العُسُب: في تاج العروس نجد: [العَسِيبُ: جَرِيدةٌ من النَّخْل مُسْتَقِيمَةٌ دَقِيقَةٌ يُكْشَطُ خُوصُها. أَنشد أَبو حنيفة: وقَلَّ لَهَا مِنّي على بُعْدِ دَارِهَا, قَنَا النَّخْلِ أَو يُهْدَى إِلَيْكِ عَسِيبُ. (…) جَمْعُه أَعْسِبَةٌ عُسُبٌ.][[13]]

4.صدور الرجال: أي ما يحفظه المؤمنون من القرآن الكريم في صدورهم.

·وهناك حديث آخر في صحيح البخاري يُوَضِّح بجلاء أنه كان لابد من وجود الآية مكتوبة لتدوينها في المصحف

·وليس فقط الحفظ في الصدر, فعن زيد بن ثابتt أنه قال: [نَسَخْتُ الصُّحُفَ فِي الْمَصَاحِفِ، فَفَقَدْتُ آيَةً مِنْ سُورَةِ الأَحْزَابِ، كُنْتُ أَسْمَعُ رَسُولَ اللَّهِ rيَقْرَأُ بِهَا، فَلَمْ أَجِدْهَا إِلاَّ مَعَ خُزَيْمَةَ بْنِ ثَابِتٍ الأَنْصَارِيِّ الَّذِي جَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ rشَهَادَتَهُ شَهَادَةَ رَجُلَيْنِ ، وَهْوَ قَوْلُهُ {مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ}.][[14]]

·فهنا نجد العبارة واضحة: “كُنْتُ أَسْمَعُ رَسُولَ اللَّهِ rيَقْرَأُ بِهَا“, أي أنه يعلم الآية جيداً

·ولكنه لم يجدها في مصدر مكتوب إلا مع الصحابي خزيمة بن ثابت الأنصاريt.

·الإمام الحافظ ابن حجر العسقلاني رحمه الله: [الواو بمعنى مع“, أي أكتبه من المكتوب الموافق للمحفوظ في الصدر.][[15]]

·الإمام المباركافوري رحمه الله: [الواو بمعنى مع“, أي اكتبه من المكتوب الموافق للمحفوظ في الصدور.][[16]]

·صحيح البُخاري الحديث المشهور جداً الآتي: [حُذَيْفَةَ بْنَ الْيَمَانِ قَدِمَ عَلَى عُثْمَانَ, وَكَانَ يُغَازِي أَهْلَ الشَّأْمِ فِي فَتْحِ إِرْمِينِيَةَ وَأَذْرَبِيجَانَ مَعَ أَهْلِ الْعِرَاقِ, فَأَفْزَعَ حُذَيْفَةَ اخْتِلاَفُهُمْ فِي الْقِرَاءَةِ, فَقَالَ حُذَيْفَةُ لِعُثْمَانَ: “يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ أَدْرِكْ هَذِهِ الأُمَّةَ قَبْلَ أَنْ يَخْتَلِفُوا فِي الْكِتَابِ اخْتِلاَفَ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى“, فَأَرْسَلَ عُثْمَانُ إِلَى حَفْصَةَ أَنْ أَرْسِلِي إِلَيْنَا بِالصُّحُفِ نَنْسَخُهَا فِي الْمَصَاحِفِ ثُمَّ نَرُدُّهَا إِلَيْكِ, فَأَرْسَلَتْ بِهَا حَفْصَةُ إِلَى عُثْمَانَ, فَأَمَرَ زَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ, وَعَبْدَ اللَّهِ بْنَ الزُّبَيْرِ, وَسَعِيدَ بْنَ الْعَاصِ, وَعَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ الْحَارِثِ بْنِ هِشَامٍ, فَنَسَخُوهَا فِي الْمَصَاحِفِ.][[17]]

·إذن, ما كان على عثمان بن عفانt إلا أن يأتي بالمصحف الموجود عند حفصة رضي الله عنها

·فإنه مكتوب في الحديث الأول: “وَكَانَتِ الصُّحُفُ الَّتِي جُمِعَ فِيهَا الْقُرْآنُ عِنْدَ أَبِى بَكْرٍ حَتَّى تَوَفَّاهُ اللَّهُ، ثُمَّ عِنْدَ عُمَرَ حَتَّى تَوَفَّاهُ اللَّهُ، ثُمَّ عِنْدَ حَفْصَةَ بِنْتِ عُمَرَ“. وهكذا أرسلت أمُّنَا حفصة رضي الله عنها المصحف إلى عثمان بن عفانt

·والذي بدوره أمر زيد بن ثابتt, الذي كتب هذا المصحف أصلاً, ومعه صحابة آخرين

·بأن يقوموا بنسخ المصحف في مصاحف جديدة.

وهكذا نستطيع أن نُلَخِّص الموضوع في النقاط الآتية:

1.القرآن الكريم كان يُكتب في زمن النبي محمدr.

2.قام أبو بكر الصديقt بجمع ما تم كتابته في زمن النبي محمدr.

3.قام عثمان بن عفانt بعمل أكثر من نسخة من المصحف الذي تم جمعه في عصر أبي بكرt.

·الاستنتاج الطبيعي: ما نجده في مصحف عثمان بن عفانt لابد وأنه يقيناً كان مكتوباً في عهد النبي محمدr.

هناك نقطة واحدة بسيطة:

·ما معنى سؤال زيد بن ثابتt لأبي بكروعمر رضي الله عنهما: “كَيْفَ تَفْعَلاَنِ شَيْئًا لَمْ يَفْعَلْهُ النَّبِيُّ r؟

·هل معنى هذا أن ما فعله أبو بكر وعمر رضي الله عنهما كان مُخالفاً لأمر النبي محمدr ؟

·لماذا لم يجمع نبينا محمدr القرآن في حياته ؟

الإجابة نقلها لنا الإمام أبو محمد العَيني رحمه الله, من كلام الإمام ابن الجوزي رحمه الله: [قال ابن الجوزي: هذا كلام من يؤثر الإتباع ويخشى الابتداع, وإنما لم يجمعه رسول الله rلأنه كان بمعرض أن ينسخ منه أو يزاد فيه, فلو جمعه لكتب وكان الذي عنده نقصان ينكر على من عنده الزيادة, فلما أمن هذا الأمر بموته rجمعه أبو بكر t, ولم يصنع عثمان في القرآن شيئاً, وإنما أخذ الصحف التي وضعها عند حفصة رضي الله عنها. وأمر زيد بن ثابت, وعبد الله بن الزبير, وعبد الله بن الحارث بن هشام, وسعيد بن العاص, وأبي بن كعب, في اثني عشر رجلاً من قريش والأنصار, فكتب منها مصاحف وسيرها إلى الأمصار.][[18]]

الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات


[1] كتاب مؤتمر العقيدة الأرثوذكسية 2010 بعنوان: عقيدتنا الأرثوذكسية آبائية وكتابية, المحاضرة الثالثة للأنبا بيشوي: الميديا وتأثيرها على الإيمان والعقيدةصـ45.

[2] صحيح البخاري (5002), كتاب فضائل القرآن, باب القراء من أصحاب النبي.

[3] أبو جعفر محمد ابن جرير الطبري (ت 310 هـ): جامع البيان عن تأويل آي القرآن, دار هجر بالقاهرة, الجزء الخامس صـ461, 462.

[4] أبو الفضل شهاب الدين أحمد ابن حجر العسقلاني (ت 852 هـ): العُجاب في بيان الأسباب, دار ابن الجوزي بالدمام, المجلد الأول صـ680, 681.

[5] جلال الدين السيوطي (ت 911 هـ): الدر المنثور في التفسير بالمأثور, دار هجر بالقاهرة, الجزء الثالث صـ603.

[6] أبو الفرج جمال الدين عبد الرحمن الجَوزي (ت 597 هـ): زاد المسير في علم التفسير, المكتب الإسلامي ببيروت, الجزء الثاني صـ317.

[7] أبو الحسن مقاتل بن سليمان الأزدي (ت 150 هـ): تفسير مقاتل بن سليمان, دار الكتب العلمية ببيروت, الجزء الأول صـ313.

[8] صحيح البُخاري, كتاب الـمَناقِب, بَابُ مَبْعَثِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

[9] صحيح البخاري (4990), كتاب فضائل القرآن, باب كاتب النبي r.

[10] أبو الحسن علي ابن بطَّال (ت 449 هـ): شرح صحيح البخاري لابن بطَّال, مكتبة الرشد بالرياض, الجزء العاشر صـ227.

[11] صحيح البخاري (4679), كتاب التفسير, باب قول {لَقَدْ جَاءكُمْ رَسُولٌ مِّنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ }.

[12] ابن منظور: لسان العرب, دار المعارف صـ1705.

[13] محمد مُرتضى الحُسَيْني: تاج العروس من جواهر القاموس, دار التراث العربي بالكويت, الجزء الثالث صـ368.

[14] صحيح البخاري (2807), كتاب الجهاد, باب قول الله {مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ }.

[15] أبو الفضل شهاب الدين أحمد ابن حجر العسقلاني (ت 852 هـ): فتح الباري بشرح صحيح البخاري, دار المعرفة ببيروت, الجزء التاسع صـ15.

[16] أبو العلى محمد المباركافوري (ت 1353 هـ): تحفة الأحوذي بشرح جامع الترمذي, دار الكتب العلمية ببيروت, الجزء الثامن صـ408.

[17] صحيح البخاري (4987), كتاب فضائل القرآن, باب جمع القرآن.

[18] أبو محمد بدر الدين محمود العَيني (ت 855 هـ): عُمدة القارئ شرح صحيح البخاري, الجزء الثامن عشر, دار الكتب العلمية ببيروت صـ381.

اترك رد

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.