بسم الله الرحمن الرحيم
سلسلة مُحاضرات الرد على الأنبا بيشوي (المُحاضرات فيديو)
العبد الفقير إلى الله أبو المنتصر شاهين الملقب بـ التاعب
(إِنَّ الدِّينَ عِندَ اللّهِ الإِسْلاَمُ) [آل عمران : 19]
للتحميل: (PDF) (المُحاضرة الصوتية) (المُحاضرة مُصوَّرة من غرفة البالتوك)
[أشاربيشويإليالآية الكريمة التيتقول: {لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُواْ إِنَّ اللّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ}, واستشهد بلقاء عقده بمنزل السفير المصريفيقبرص حضره أعضاء السفارة. وأشار إليأنه ذكر خلال اللقاء أن المسيحية تتطابق مع الإسلام باستثناء هذه الآية الكريمة. وتساءل عن موعد نزولها وطالب المسلمين بالبحث فيها،لأنها لو ثبتت لنيكون هناك اتفاق.]
ما هي نقاط الاختلاف بين الإسلام والمسيحية ؟ اختلافات حول: (أهم النِّقاط)
·الله عز وجل.
oالتثليث: آب وابن وروح قدس؛ إله واحد.
oالتجسُّد: اتحاد الألوهية بالإنسانية.
oالتَّأنُّس: الإله أصبح إنساناً.
oالأسماء والصِّفات.
·المسيح عليه السلام.
oبنوة المسيح عليه السلام لله المزعومة.
oألوهية المسيح عليه السلام المزعومة.
oصلب المسيح عليه السلام المزعومة وقيامته من الأموات.
oأخبار منسوبة للمسيح عليه السلام في الأناجيل والأسفار الأخرى.
·الكتب السماوية السابقة. (التوراة والإنجيل والزَّبور)
oماهية هذه الكتب بالنسبة للمسيحيين, وعقيدته في حفظ الله لهذه الكتب.
oماهية هذه الكتب بالنسبة للمسلمين, وعقيدته في عدم حفظ الله لهذه الكتب.
·الأنبياء الكرام السابقين.
·الشرائع والأحكام.
أصول في غاية الأهمية عن الإسلام:
·محمد بن صالح بن محمد العثيمين (ت 1421 هـ): شرح ثلاثة الأصول, دار الثريا للنشر, الطبعة الرابعة – صـ68. [الإسلام هو: “الاسْتِسْلامُ للهِ بِالتَّوْحِيدِ, وَالانْقِيَادُ لَهُ بِالطَّاعَةِ، وَالْبَرَاءَةُ من الشرك وأهله“.]
·تقي الدين أبو العباس أحمد بن ابن تيمية (ت 728 هـ): : مجموع الفتاوى, مجمع الملك فهد بالمدينة النبوية, الجزء السابع – صـ157. [الْإِسْلَامَ هُوَ الِاسْتِسْلَامُ لِلَّهِ بِفِعْلِ كُلِّ طَاعَةٍ وَقَعَتْ مُوَافِقَةً لِلْأَمْرِ.]
·صدر الدين ابن أبي العز محمد الحنفي (ت 792 هـ): شرح العقيدة الطحاوية, تحقيق: أحمد شاكر, وزارة الشؤون الإسلامية بالسعودية, الطبعة الأولى – صـ534. [فَدِينُ الْإِسْلَامِ هُوَ مَا شَرَعَهُ اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى لِعِبَادِهِ عَلَى أَلْسِنَةِ رُسُلِهِ، وَأُصُولُ هَذَا الدِّينِ وَفُرُوعُهُ مَوْرُوثَةٌ عَنِ الرُّسُلِ.]
·تقي الدين أبو العباس أحمد بن ابن تيمية (ت 728 هـ): الفرقان بين أولياء الرحمن وأولياء الشيطان, حققه وخرج أحاديثه: عبد القادر الأرناؤوط, مكتبة دار البيان بدمشق – صـ86. [وَدِينُ الإسْلامِ هُوَ دِينُ الأوَّلِينَ والآخِرِينَ مِن النَّبِيِّينَ والـمُرْسَلِينَ. وَقَولُهُ تَعَالَى: {وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلاَمِ دِيناً فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ} [آل عمران : 85] عَامٌ فِي كُلِّ زَمَانٍ وَمَكَانٍ. فَنُوحٌ وَإبْرَاهِيمُ وَيعْقُوبُ والأسْبَاطُ ومُوسَى وعِيسَى والحَوارِيّونَ، كُلُّهمْ دِينُهُمْ الإسْلامُ، الَّذِي هُو عِبَادَةُ اللهِ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ.]
·العقيدة واحدة من أول آدم إلي نبينا محمد عليهما الصلاة والسلام.
·ولكن الشرائع تطور عبر الأزمنة والعصور إلى أن أكمل اللهُ الدينَ على يد نبينا محمد صلى الله عليه وسلم.
·يقول الله عز وجل: {لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجاً} [المائدة : 48]
·يقول الله عز وجل: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِيناً} [المائدة : 3]
الإسلام عقيدة جميع الأنبياء:
·إبراهيم u وابنه إسماعيلu كانا مُسْلِمَيْن, قال اللهU في كتابه الكريم: {وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (217) رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِن ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُّسْلِمَةً لَّكَ وَأَرِنَا مَنَاسِكَنَا وَتُبْ عَلَيْنَا إِنَّكَ أَنتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ(128)} [البقرة], وأيضاً: {وَمَن يَرْغَبُ عَن مِّلَّةِ إِبْرَاهِيمَ إِلاَّ مَن سَفِهَ نَفْسَهُ وَلَقَدِ اصْطَفَيْنَاهُ فِي الدُّنْيَا وَإِنَّهُ فِي الآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ (130) إِذْ قَالَ لَهُ رَبُّهُ أَسْلِمْ قَالَ أَسْلَمْتُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ(131)} [البقرة]
·ويخبرنا اللهU أن إبراهيمu وَصَّى أبناءه بالإسلام, وكذلك يعقوبu الذي هو إسرائيل, فيقول اللهU: {وَوَصَّى بِهَا إِبْرَاهِيمُ بَنِيهِ وَيَعْقُوبُ يَا بَنِيَّ إِنَّ اللّهَ اصْطَفَى لَكُمُ الدِّينَ فَلاَ تَمُوتُنَّ إَلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ(132) أَمْ كُنتُمْ شُهَدَاء إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ الْمَوْتُ إِذْ قَالَ لِبَنِيهِ مَا تَعْبُدُونَ مِن بَعْدِي قَالُواْ نَعْبُدُ إِلَـهَكَ وَإِلَـهَ آبَائِكَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ إِلَـهاً وَاحِداً وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ(133)} [البقرة]
·نفي اللهU عن إبراهيمu أبو الأنبياء أنه كان يهودياً أو نصرانياً, وأثبت I أن إبراهيمu كان حَنِيفَاً مُسْلِمَاً فقال: {مَا كَانَ إِبْرَاهِيمُ يَهُودِيّاً وَلاَ نَصْرَانِيّاً وَلَكِن كَانَ حَنِيفاً مُّسْلِماً وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ} [آل عمران : 67]
·يوسف الصدِّيق u: {رَبِّ قَدْ آتَيْتَنِي مِنَ الْمُلْكِ وَعَلَّمْتَنِي مِن تَأْوِيلِ الأَحَادِيثِ فَاطِرَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ أَنتَ وَلِيِّي فِي الدُّنُيَا وَالآخِرَةِ تَوَفَّنِي مُسْلِماً وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ} [يوسف : 101]
·موسى u: {وَقَالَ مُوسَى يَا قَوْمِ إِن كُنتُمْ آمَنتُم بِاللّهِ فَعَلَيْهِ تَوَكَّلُواْ إِن كُنتُم مُّسْلِمِينَ} [يونس : 84]
·تلاميذ عيسىu: {فَلَمَّا أَحَسَّ عِيسَى مِنْهُمُ الْكُفْرَ قَالَ مَنْ أَنصَارِي إِلَى اللّهِ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ نَحْنُ أَنصَارُ اللّهِ آمَنَّا بِاللّهِ وَاشْهَدْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ} [آل عمران : 52], وقال أيضاً: {وَإِذْ أَوْحَيْتُ إِلَى الْحَوَارِيِّينَ أَنْ آمِنُواْ بِي وَبِرَسُولِي قَالُوَاْ آمَنَّا وَاشْهَدْ بِأَنَّنَا مُسْلِمُونَ} [المائدة : 111]
·أخبرنا اللهU بشكل مُجمل عن أن الأنبياء والرُّسُل كلهم كانوا مسلمين ونحن مثلهم فقال: {قُولُواْ آمَنَّا بِاللّهِ وَمَا أُنزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنزِلَ إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالأسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَمَا أُوتِيَ النَّبِيُّونَ مِن رَّبِّهِمْ لاَ نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ} [البقرة : 136] وقال أيضاً: {قُلْ آمَنَّا بِاللّهِ وَمَا أُنزِلَ عَلَيْنَا وَمَا أُنزِلَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالأَسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَالنَّبِيُّونَ مِن رَّبِّهِمْ لاَ نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ} [آل عمران : 84]
·وفي النهاية, نجد أن محمداًr قد أمره اللهU بأن يكون من المسلمين: {إِنَّمَا أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ رَبَّ هَذِهِ الْبَلْدَةِ الَّذِي حَرَّمَهَا وَلَهُ كُلُّ شَيْءٍ وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ} [النمل : 91], وأن يكون مثل أبينا إبراهيمu: {قُلْ إِنَّنِي هَدَانِي رَبِّي إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ دِيناً قِيَماً مِّلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفاً وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ (161)قُلْ إِنَّ صَلاَتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (162)لاَ شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَاْ أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ(163)} [الأنعام]
الأديان ستة – خمسة للشيطان وواحد للرحمن:
·{إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالصَّابِئِينَ وَالنَّصَارَى وَالْمَجُوسَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا إِنَّ اللَّهَ يَفْصِلُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ} [الحج : 17]
·قال الإمام الحافظ ابن كثير رحمه الله في تفسير هذه الآية: [يخبر تعالى عن أهل هذه الأديان المختلفة من المؤمنين، ومن سواهم من اليهود والصابئين (…) والنصارى والمجوس، والذين أشركوا فعبدوا غير الله معه؛ فإنه تعالى {يَفْصِلُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ}، ويحكم بينهم بالعدل، فيدخل من آمن به الجنة، ومن كفر به النار، فإنه تعالى شهيد على أفعالهم، حفيظ لأقوالهم، عليم بسرائرهم، وما تُكِن ضمائرهم.][[1]]
·نقل الإمام الطبري رحمه الله عن قتادةtأنه قال في تفسير هذه الآية: [والأديان ستة: خمسة للشيطان، وواحد للرحمن.][[2]]
·قال الشيخ أبو بكر الجزائري حفظه الله: [كل الأديان هي من وحي الشيطان, وأهلها خاسرون, إلا الإسلام فهو دين الله الحق وأهله هم الفائزون، أهله هم القائمون عليه عقيدة وعبادة وحكماً وقضاء.][[3]]
·صحيح مسلم: [عَنْ عِيَاضِ بْنِ حِمَارٍ الْمُجَاشِعِيِّ أَنَّ رَسُولَ اللهِ rقَالَ ذَاتَ يَوْمٍ فِي خُطْبَتِهِ «أَلاَ إِنَّ رَبِّى أَمَرَنِي أَنْ أُعَلِّمَكُمْ مَا جَهِلْتُمْ مِمَّا عَلَّمَنِي يَوْمِي هَذَا كُلُّ مَالٍ نَحَلْتُهُ عَبْدًا حَلاَلٌ وَإِنِّي خَلَقْتُ عِبَادِي حُنَفَاءَ كُلَّهُمْ وَإِنَّهُمْ أَتَتْهُمُ الشَّيَاطِينُ فَاجْتَالَتْهُمْ عَنْ دِينِهِمْ وَحَرَّمَتْ عَلَيْهِمْ مَا أَحْلَلْتُ لَهُمْ وَأَمَرَتْهُمْ أَنْ يُشْرِكُوا بِي مَا لَمْ أُنْزِلْ بِهِ سُلْطَانًا وَإِنَّ اللَّهَ نَظَرَ إِلَى أَهْلِ الأَرْضِ فَمَقَتَهُمْ عَرَبَهُمْ وَعَجَمَهُمْ إِلاَّ بَقَايَا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ».][[4]]
·قال الشيخ أبو الحسن الهروي رحمه الله: [{وَإِنِّي خَلَقْتُ عِبَادِي حُنَفَاءَ} أَيْ: مُسْتَعِدِّينَ لِقَبُولِ الْحَقِّ وَمَائِلِينَ إِلَيْهِ عَنِ الْبَاطِلِ {كُلَّهُمْ} أَيْ: جَمِيعُهُمْ لِقَوْلِهِ r: «كُلُّ مَوْلُودٍ يُولَدُ عَلَى الْفِطْرَةِ» وَهِيَ التَّوْحِيدُ الْمُطْلَقُ، وَمَا بِهِ يَتَعَلَّقُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ} [الروم: 30] أَيْ: لَا تُبَدِّلُوا مَخْلُوقَاتِهِ بِالْيَهُودِيَّةِ وَالنَّصْرَانِيَّةِ وَالْمَجُوسِيَّةِ وَنَحْوِهَا: {ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ} [التوبة: 36] أَيِ الْمُسْتَقِيمِ، فَلَا تَعْدِلُوا عَنِ الْجَادَّةِ إِلَى الطَّرِيقِ الزَّائِغَةِ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: {وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ} [الأنعام: 153] أَيْ: عَنْ طَرِيقِهِ الْحَقِيقِيِّ الْوَاصِلِ إِلَيْهِ، الْمَقْبُولِ لَدَيْهِ لِمَنْ أَرَادَ الْمِنَّةَ عَلَيْهِ، وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَعَلَى اللَّهِ قَصْدُ السَّبِيلِ وَمِنْهَا جَائِرٌ وَلَوْ شَاءَ لَهَدَاكُمْ أَجْمَعِينَ} [النحل: 9] ، ثُمَّ بَيَّنَ سَبَبَ ضَلَالَةِ الْخَلَقِ وَغَوَايَتِهِمْ عَنِ الْحَقِّ بِقَوْلِهِ: {وَإِنَّهُمْ} أَيْ: عِبَادِي الْحُنَفَاءُ {أَتَتْهُمُ الشَّيَاطِينُ}، أَيْ جَاءُوهُمْ بِالْوَسْوَسَةِ {فَاجْتَالَتْهُمْ} أَيْ: صَرَفَتْهُمْ وَسَاقَتْهُمْ مَائِلِينَ {عَنْ دِينِهِمْ} مِنِ اجْتَالَهُ أَيْ سَاقَهُ وَذَهَبَ بِهِ، وَقِيلَ: الِافْتِعَالُ بِهَا لِلْحَمْلِ عَلَى الْفِعْلِ، كَاخْتَطَبَ زَيْدٌ عُمَرَ أَيْ حَمَلَهُ عَلَى الْخُطْبَةِ، فَالْمَعْنَى: حَمَلَتْهُمُ الشَّيَاطِينُ عَلَى جَوَلَانِهِمْ وَمَيَلَانِهِمْ عَنْ دِينِهِمْ.][[5]]
·وقال الإمام النووي رحمه الله في شرح كلمة {فَاجْتَالَتْهُمْ}: [أَيْ اسْتَخَفُّوهُمْ فَذَهَبُوا بِهِمْ وَأَزَالُوهُمْ عَمَّا كَانُوا عَلَيْهِ وَجَالُوا مَعَهُمْ فِي الْبَاطِلِ كَذَا فَسَّرَهُ الْهَرَوِيُّ وَآخَرُونَ.][[6]]
·وقال شيخ الإسلام ابن القيم رحمه الله: [فَأَخْبَرَ أَنَّ تَغْيِيرَ الْحَنِيفِيَّةِ الَّتِي خُلِقُوا عَلَيْهَا بِأَمْرٍ طَارِئٍ مِنْ جِهَةِ الشَّيْطَانِ، وَلَوْ كَانَ الْكُفَّارُ مِنْهُمْ مَفْطُورِينَ عَلَى الْكُفْرِ لَقَالَ: خَلَقْتُ عِبَادِي مُشْرِكِينَ، فَأَتَتْهُمُ الرُّسُلُ فَاقْتَطَعَتْهُمْ عَنْ ذَلِكَ، كَيْفَ وَقَدْ قَالَ: {خَلَقْتُ عِبَادِي حُنَفَاءَ كُلَّهُمْ} ؟ فَهَذَا الْقَوْلُ أَصَحُّ الْأَقْوَالِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.][[7]]
·وقال الشيخ أبو الحسن الهروي رحمه الله: [{إِلَّا بَقَايَا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ} أَيْ: مِنَ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى تَبَرَّأُوا عَنِ الشِّرْكِ، كَذَا قَالَهُ بَعْضُهُمْ، وَالْأَظْهَرُ أَنَّ الْمُرَادَ بِهِمْ جَمَاعَةٌ مِنْ قَوْمِ عِيسَى بَقُوا مُتَابَعَتَهُ إِلَى أَنْ آمَنُوا بِنَبِيِّنَا r.][[8]]
وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلاَمِ دِيناً فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ:
{أَفَغَيْرَ دِينِ اللّهِ يَبْغُونَ وَلَهُ أَسْلَمَ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ طَوْعاً وَكَرْهاً وَإِلَيْهِ يُرْجَعُونَ (83)قُلْ آمَنَّا بِاللّهِ وَمَا أُنزِلَ عَلَيْنَا وَمَا أُنزِلَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالأَسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَالنَّبِيُّونَ مِن رَّبِّهِمْ لاَ نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ (84)وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلاَمِ دِيناً فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ (85)} [آل عمران]
·قال الإمام الطبري رحمه الله في تفسير هذه الآية: [يعني بذلك جل ثناؤه: ومن يطلب ديناً غيرَ دين الإسلام ليدين به، فلن يَقْبَلُ اللهُ منه, {وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ}، يقول: من الباخسين أنفسَهم حظوظَها من رحمة الله عز وجل.][[9]]
إِنَّ الدِّينَ عِندَ اللّهِ الإِسْلاَمُ:
·يقول اللهU في كتابه الكريم: {إِنَّ الدِّينَ عِندَ اللّهِ الإِسْلاَمُ وَمَا اخْتَلَفَ الَّذِينَ أُوْتُواْ الْكِتَابَ إِلاَّ مِن بَعْدِ مَا جَاءهُمُ الْعِلْمُ بَغْياً بَيْنَهُمْ وَمَن يَكْفُرْ بِآيَاتِ اللّهِ فَإِنَّ اللّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ} [آل عمران : 19]
·قال الإمام الحافظ ابن كثير رحمه الله كلاماً رائعاً في تفسير هذه الآية: [وقوله تعالى: {إِنَّ الدِّينَ عِندَ ٱللَّهِ ٱلإِسْلَـٰمُ} إخبار منه تعالى بأنه لا دين عنده يقبله من أحد سوى الإسلام، وهو إتباع الرسل فيما بعثهم الله به في كل حين حتى ختموا بمحمد rالذي سد جميع الطرق إليه إلا من جهة محمد rفمن لقي الله بعد بعثة محمد rبدين على غير شريعته، فليس بمتقبل، كما قال تعالى: {وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ ٱلإِسْلَـٰمِ دِينًا فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ} [آل عمران: 85] الآية، وقال في هذه الآية مخبراً بانحصار الدين المتقبل عنده في الإسلام: {إِنَّ الدِّينَ عِندَ ٱللَّهِ ٱلإِسْلَـٰمُ}.][[10]]
·وقال الشيخ محمد طاهر عاشور رحمه الله فيقول: [فقوله: {إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِالإِسْلامُ} صيغة حصر، وهي تقتضي في اللسان حصر المسند إليه، وهو الدين، في المسند، وهو الإسلام، على قاعدة الحصر بتعريف جزئي الجملة، أي لا دين إلا الإسلام، وقد أكّد هذا الانحصار بحرف التوكيد.][[11]], وهذا تحليل لغوي رائع يُوَضِّح أن الآية مُحكَمة في معناها.
أما بخصوص تفسير الجزء الثاني من الآية التي تقول: {وَمَا اخْتَلَفَ الَّذِينَ أُوْتُواْ الْكِتَابَ إِلاَّ مِن بَعْدِ مَا جَاءهُمُ الْعِلْمُ بَغْياً بَيْنَهُمْ}
·قال الشيخ الشوكاني رحمه الله: [فيه الإخبار بأن اختلاف اليهود، والنصارى كان لمجرد البغي بعد أن علموا بأنه يجب عليهم الدخول في دين الإسلام بما تضمنته كتبهم المنزلة إليهم.][[12]]
·وقال الإمام الطبري رحمه الله: [وما اختلف الذين أوتوا الإنـجيـل، وهو الكتاب الذي ذكره الله فـي هذه الآية فـي أمر عيسى، وافترائِهِم علـى الله فـيـما قالوه فـيه من الأقوال التـي كَثُرَ بها اختلافُهُم بـينَهم وتَشَتَّتَ بها كَلِمَتُهُم، وبـاين بها بعضُهُم بعضاً، حتـى استـحلَّ بها بعضُهُم دماء بعض، {إِلاَّ مِن بَعْدِ مَا جَاءهُمُ العِلْمُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ} يعنـي: إلا من بعد ما علـموا الـحقّ فـيـما اختلفوا فـيه من أمره وأيقنوا أنهم فـيـما يقولون فـيه من عظيـم الفرية مبطلون. فأخبر الله عبـادَه أنهم أتوا ما أتوا من البـاطل وقالوا ما قالوا من القول الذي هو كفر بـالله علـى عِلْـم منهم بخطأ ما قالوه، وأنهم لـم يقولوا ذلك جهلاً منهم بخطئه، ولكنهم قالوه واختلفوا فـيه الاختلاف الذي هم علـيه، تعدّيا من بعضِهِم علـى بعض، وطلب الرياسات والـملك والسلطان.][[13]]
·ويقدِّم لنا الإمام السعدي رحمه الله مُجملاً رائعاً لتفسير الآية فقال: [يخبر تعالى {إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ} أي: الدين الذي لا دين لله سواه، ولا مقبول غيره، هو {الإِسْلامُ} وهو الانقياد لله وحده، ظاهرا وباطنا بما شرعه على ألسنة رسله، قال تعالى: {وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ} فمن دان بغير دين الإسلام، فهو لم يدن لله حقيقة، لأنه لم يسلك الطريق الذي شرعه على ألسنة رسله. ثم أخبر تعالى، أن أهل الكتاب يعلمون ذلك، وإنما اختلفوا، فانحرفوا عنه عناداً وبغياً، وإلا فقد جاءهم العلم المقتضي لعدم الاختلاف الموجب للزوم الدين الحقيقي. ثم لما جاءهم محمد rعرفوه حق المعرفة، ولكن الحسد والبغي والكفر بآيات الله هي التي صدتهم عن إتباع الحق.][[14]]
فَإِنْ أَسْلَمُواْ فَقَدِ اهْتَدَواْ:
·قال اللهU: {فَإنْ حَآجُّوكَ فَقُلْ أَسْلَمْتُ وَجْهِيَ لِلّهِ وَمَنِ اتَّبَعَنِ وَقُل لِّلَّذِينَ أُوْتُواْ الْكِتَابَ وَالأُمِّيِّينَ أَأَسْلَمْتُمْ فَإِنْ أَسْلَمُواْ فَقَدِ اهْتَدَواْ وَّإِن تَوَلَّوْاْ فَإِنَّمَا عَلَيْكَ الْبَلاَغُ وَاللّهُ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ} [آل عمران : 20]
·قال الإمام الطبري رحمه الله في تفسير هذه الآية الكريمة: [يقول: قل لهم: هل أفردتم التوحيد وأخلصتم العبادة والألوهة لرب العالمين، دون سائر الأنداد والأشراك التي تشركونها معه في عبادتكم إياهم وإقراركم بربوبيتهم، وأنتم تعلمون أنه لا ربّ غيره ولا إله سواه. {فَإِنْ أَسْلَمُواْ} يقول: فإن انقادوا لإفراد الوحدانية لله وإخلاص العبادة والألوهة له. {فَقَدِ اهْتَدَواْ}، يعني: فقد أصابوا سبيل الحق، وسلكوا مَحَجَّة الرشد.][[15]]
هكذا رحم الله Uالعالمين وأنعم عليهم: (بعثة النبي محمد r)
·إنه هكذا رحم اللهU العالمين وأنعم عليهم, فبعث لهم رسوله الكريم r, لكي لا يهلك كل من يؤمن به, بل ليكون من الفائزين النائلين رحمة اللهI ورضاه.
{لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ مُنفَكِّينَ حَتَّى تَأْتِيَهُمُ الْبَيِّنَةُ(1)رَسُولٌ مِّنَ اللَّهِ يَتْلُو صُحُفاً مُّطَهَّرَةً (2)فِيهَا كُتُبٌ قَيِّمَةٌ (3)وَمَا تَفَرَّقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ إِلَّا مِن بَعْدِ مَا جَاءتْهُمُ الْبَيِّنَةُ (4)وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاء وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ (5)إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أُوْلَئِكَ هُمْ شَرُّ الْبَرِيَّةِ (6)إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُوْلَئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ (7)جَزَاؤُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً رَّضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ رَبَّهُ (8)} [البينة]
·أورد الرازي رحمه الله– والذي يُبَجِّله الأنبا بيشوي كثيراً – كلاماً رائعاً فقال: [الكفار كانوا جنسين أحدهما: أهل الكتاب كفرق اليهود والنصارى وكانوا كفاراً بإحداثهم في دينهم ما كفروا به كقولهم: {عُزَيْرٌ ابْنُ اللَّهِ} و: {الْمَسِيحُ ابْنُ اللَّه} وتحريفهم كتاب الله ودينه والثاني: المشركون الذين كانوا لا ينسبون إلى كتاب، فذكر الله تعالى الجنسين بقوله: {الَّذِينَ كَفَرُوا} على الإجمال ثم أردف ذلك الإجمال بالتفضل، وهو قوله: {مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ}.][[16]]
·وقد أورد الشيخ عصام الدين الحنفي رحمه الله تعليقات رائعة على تفسير الإمام البيضاوي رحمه الله حول هذه الآية فقال: [قوله: (اليهود والنصارى فإنهم كفروا بالإِلحاد في صفات الله) بيان إطلاق الكافر على أهل الكتب قبل مجيء الرسول أو القرآن مع أنهم آمنوا بكتابهم ونبيهم كما دل عليه قوله تعالى: {حَتَّىٰ تَأْتِيَهُمُ ٱلْبَيّنَةُ} [البينة: 1] وبين أن كفرهم بالعدول عن الحق في شأن صفاته تعالى لاسيما في التوحيد فإنه قيل إن اليهود مجسمة, ألا يرى أن السامري افترى وقال: {هذا إلهكم وإله موسى} [طه: 88] وهذا بناء على القول بالحلول, والنصارى لقولهم بالتثليث والاتحاد, وأن الله هو المسيح ابن مريم, ومن أسباب كفرهم قول النصارى {ليست اليهود على شيء} [البقرة: 113] وقول اليهود: {ليست النصارى على شيء}.][[17]]
·قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: [فقوله: {لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ مُنفَكِّينَ حَتَّى تَأْتِيَهُمُ الْبَيِّنَةُ} [البينة : 1] بيان منه أن الكفار لم يكن الله ليدعهم ويتركهم على ما هم عليه من الكفر, بل لا يفكهم حتى يرسل إليهم الرسول بشيراً ونذيراً {لِيَجْزِيَ الَّذِينَ أَسَاؤُوا بِمَا عَمِلُوا وَيَجْزِيَ الَّذِينَ أَحْسَنُوا بِالْحُسْنَى} [النجم : 31].][[18]]
·ثم أختم بكلام رائع للإمام ابن الجوزي رحمه الله: [والمعنى: لم يكونوا زائلين عن كفرهم وشركهم{حتى تأتِيَهم} أي: حتى أتتهم، فلفظه لفظ المستقبل، ومعناه الماضي. و {البيِّنة} الرسول، وهو محمد r، وذلك أنه بَيَّنَ لهم ضلالهم وجهلهم، وهذا بيان عن نعمة الله على من آمن من الفريقين إذ أنقذهم.][[19]]
·نجد في صحيح مسلم: [عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ rأَنَّهُ قَالَ «وَالَّذِى نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لاَ يَسْمَعُ بِي أَحَدٌ مِنْ هَذِهِ الأُمَّةِ يَهُودِيٌّ وَلاَ نَصْرَانِيٌّ ثُمَّ يَمُوتُ وَلَمْ يُؤْمِنْ بِالَّذِي أُرْسِلْتُ بِهِ إِلاَّ كَانَ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ».][[20]]
·أحب أن أختم بكلام الإمام شيخ الإسلام ابن القيم رحمه الله الرائع: [وَبِالْجُمْلَةِ فَدِينُ الْحَنِيفِيَّةِ الَّذِي لَا دِينَ لِلَّهِ غَيْرُهُ بَيْنَ هَذِهِ الْأَدْيَانِ الْبَاطِلَةِ الَّتِي لَا دِينَ فِي الْأَرْضِ غَيْرُهَا – أَخْفَى مِنَ السُّهَا تَحْتَ السَّحَابِ، وَقَدْ نَظَرَ اللَّهُ إِلَى أَهْلِ الْأَرْضِ فَمَقَتَهُمْ عَرَبَهُمْ وَعَجَمَهُمْ إِلَّا بَقَايَا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ، فَأَطْلَعَ اللَّهُ شَمْسَ الرِّسَالَةِ فِي حِنَادِسِ تِلْكَ الظُّلَمِ سِرَاجًا مُنِيرًا، وَأَنْعَمَ اللَّهُ بِهَا عَلَى أَهْلِ الْأَرْضِ نِعْمَةً لَا يَسْتَطِيعُونَ لَهَا شُكْرًا، وَأَشْرَقَتِ الْأَرْضُ بِنُورِ رَبِّهَا أَكْمَلَ الْإِشْرَاقِ، وَفَاضَ ذَلِكَ حَتَّى عَمَّ النَّوَاحِيَ وَالْآفَاقَ، وَانْشَقَّ الْقَمَرُ أَتَمَّ الِانْشِقَاقِ، وَقَامَ دِينُ اللَّهِ الْحَنِيفُ عَلَى سَاقٍ، فَلِلَّهِ الْحَمْدُ الَّذِي أَنْقَذَنَا بِمُحَمَّدٍ rمِنْ تِلْكَ الظُّلُمَاتِ، وَفَتَحَ لَنَا بِهِ بَابَ الْهُدَى فَلَا يُغْلَقُ إِلَى يَوْمِ الْمِيقَاتِ، وَأَرَانَا فِي نُورِهِ أَهْلَ الضَّلَالِ وَهُمْ فِي ضَلَالِهِمْ يَتَخَبَّطُونَ، وَفِي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ، وَفِي جَهَالَتِهِمْ يَتَقَلَّبُونَ، وَفِي رَيْبِهِمْ يَتَرَدَّدُونَ، يُؤْمِنُونَ وَيَعْدِلُونَ وَلَكِنْ بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ، وَيَعْمَلُونَ وَلَكِنْ ظَاهِرًا مِنَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ عَنِ الْآخِرَةِ هُمْ غَافِلُونَ وَيَسْجُدُونَ وَلَكِنْ لِلصَّلِيبِ، وَالْوَثَنِ وَالشَّمْسِ يَسْجُدُونَ.][[21]]
الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات
[1]أبو الفداء عماد الدين إسماعيل ابن كثير (ت 774 هـ): تفسير القرآن العظيم, دار طيبة بالرياض, الجزء الخامس – صـ402.
[2]أبو جعفر محمد بن جرير الطبري (ت 310 هـ): جامع البيان عن تأويل آي القرآن, مؤسسة الرسالة ببيروت, الجزء الثامن عشر – صـ584, 585.
[3]جابر بن أبو بكر الجزائري: أيسر التفاسير لكلام العلي الكبير, مكتبة العلوم والحكم بالمدينة المنورة, الجزء الثالث – صـ461.
[4]صحيح مسلم (7386), كتاب الجنة وصفة نعيمها وأهلها, باب الصفات التي يعرف بها في الدنيا أهل الجنة وأهل النار.
[5]أبو الحسن نور الدين علي بن محمد الهروي (ت 1014 هـ): مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح, دار الفكر ببيروت, الجزء الثامن – صـ.3367.
[6]أبو زكريا مُحيي الدين بن شرف النووي (ت 676 هـ): المنهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج, دار إحياء التراث العربي ببيروت, الجزء السابع عشر – صـ197.
[7]شمس الدين محمد ابن القيم الجوزية (ت 751 هـ): أحكام أهل الذمة, رمادي للنشر بالدمام, الجزء الثاني – صـ1070.
[8]أبو الحسن نور الدين علي بن محمد الهروي (ت 1014 هـ): مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح, دار الفكر ببيروت, الجزء الثامن – صـ.3368.
[9]أبو جعفر محمد بن جرير الطبري (ت 310 هـ): جامع البيان عن تأويل آي القرآن, مؤسسة الرسالة ببيروت, الجزء السادس – صـ570.
[10]أبو الفداء عماد الدين إسماعيل ابن كثير (ت 774 هـ): تفسير القرآن العظيم, دار طيبة بالرياض, الجزء الثاني – صـ25.
[12]محمد بن علي الشَّوكَاني (ت 1250 هـ): فتح القدير الجامع بين فَنَّيّ الرواية والدِّراية من علم التفسير, دار المعرفة ببيروت – صـ209.
[13]أبو جعفر محمد بن جرير الطبري (ت 310 هـ): جامع البيان عن تأويل آي القرآن, مؤسسة الرسالة ببيروت, الجزء السادس – صـ276, 278.
[14]عبد الرحمن بن ناصر السعدي (ت 1376 هـ): تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المَنَّان, مؤسسة الرسالة ببيروت – صـ964.
[15]أبو جعفر محمد بن جرير الطبري (ت 310 هـ): جامع البيان عن تأويل آي القرآن, مؤسسة الرسالة ببيروت, الجزء السادس – صـ281.
[16]فخر الدين محمد الرازي (ت 604 هـ): التفسير الكبير ومفاتيح الغيب, دار الفكر ببيروت, الجزء الثاني والثلاثون – صـ39, 40.
[17]عصام الدين إسماعيل بن محمد الحنفي (ت 1195 هـ): حاشية القُونَويّ على تفسير الإمام البيضاوي, دار الكتب العلمية, الجزء العشرون – صـ375, 376.
[18]أبو العباس تقي الدين أحمد بن تيمية (ت 728 هـ): التفسير الكبير, دار الكتب العلمية ببيروت, الجزء السابع – صـ20.