القائمة إغلاق

هجمة شيطان – الصراع الدائم بيننا وبين الشيطان

بسم الله الرحمن الرحيم

هجمة شيطان

الصراع الدائم بيننا وبين الشيطان

العبد الفقير إلى الله أبو المنتصر شاهين الملقب بـ التاعب

الحمد لله نحمده, ونستعين به ونستغفره, ونعوذ بالله تعالى من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا, من يهده الله فلا مُضِل له, ومن يضلل فلن تجد له وليّاً مرشداً, وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له, وأشهد أن محمداً عبده ورسوله, وصفيه من خلقه وخليله, بلَّغ الرسالة, وأدى الأمانة, ونصح الأمة, فكشف الله به الغمة, ومحى الظلمة, وجاهد في الله حق جهاده حتى آتاه اليقين, وأشهد أن عيسى ابن مريم عبد الله ورسوله , وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه.

ثم أما بعد ؛

« اللَّهُمَّ رَبَّ جِبْرَائِيلَ وَمِيكَائِيلَ وَإِسْرَافِيلَ فَاطِرَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ عَالِمَ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ أَنْتَ تَحْكُمُ بَيْنَ عِبَادِكَ فِيمَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ اهْدِنِى لِمَا اخْتُلِفَ فِيهِ مِنَ الْحَقِّ بِإِذْنِكَ إِنَّكَ تَهْدِى مَنْ تَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ » (صحيح مسلم-1847).

مَرَّت ساعات وأنا جالس على الكمبيوتر, أريد أن أتحرك قليلاً من على الكرسي, لا سبيل لي إلا أن أنزل إلى الشارع لأشتري شيئاً خفيفاً لآكله ثم أعود مرة أخرى إلى ما كنت عليه من جلوس أمام الكمبيوتر, وفعلاً عبرت الشارع ووجهت وجهي شطر محل البقالة الذي دائماً ما أشتري منه حاجاتي.

دخلت المحلّ فوجدت صاحبي البائع يتحدث مع أحد رواد مسجدنا البسيط, فألقيت عليهما السلام ثم تنقلت بعيني من رفّ إلى آخر لأنظر ماذا أشتري. وبينا أنا أتناول كيس شيبسيمن هنا, وعبوة كانزمن هناك, سمعت الضيف يقول عبارة نسمعها كثيراً في شوارعنا, ألا وهي لا حياء في الدين“, فتذكرت أخي الحبيب محمود داود الشهير بـ ميمو عندما كان يتحدث في غرفته على برنامج البالتوك باسم المسيح ومحمد عليهما السلام, وكان يقول أن هناك العديد من رواد الغرفة يستحون من السؤال في بعض الأمور الخاصة بالعقيدة الإسلامية, وأن العلم يضيع بين الحياء والكبر, وقال أيضاً أنه لا حياء في العلم.

حدثتني نفسي بإخبار الضيف عن أن العبارة التي قالها خاطئة, وأن الدين كله حياء, بل أن الحياء شُعبة من شعب الإيمان, وأن العبارة الصحيحة هي لا حياء في العلم“, أي أنه لا ينبغي على الإنسان أن يستحي من طلب العلم. وهكذا بدأت الأفكار تتصارع في رأسي, وبدأت أفكر في كيفية تبليغ هذه المعلومة للأخ الضيف, فأنا مجرد زبون عابر, أشتري ثم أذهب إلى حال سبيلي, ولكن أمانتي العلمية تُحَتِّم عليّ أن أصحح أي عبارة خاطئة, والدين النصيحة.

وأثناء هذا الحوار الدائر بيني وبين نفسي هجم عليّ الشيطان هجمة قوية فقال لي:

أنت يا عم شاهين خلاص عامل فيها التقي النقي, يعني الراجل مغلطش في البخاري, ديه يادوب جملة لا راحت ولا جت, وبعدين الراجل تلاقيه عارف إن الدين كله حياء, بس هي عبارة كده دارجة على لسان الناس وخلاص, وبعدين يا أخي أنت حشري ليه ؟ بتتدخل في إلي ملكش فيه ليه ؟ أنت مش جاي تشتري وخلاص ؟ هتتدخل كمان في كلام بين الراجل صاحب المحل وضيفه ؟! أيه قلة الذوق وقلة الأدب ديه ؟ هيبقى منظرك أيه قصاد الراجل صاحب المحل ؟! وحتى لو صاحب المحل عارفك, هيكون منظرك أيه قصاد الضيف إلى أول مرة تتكلم معاه ؟ ياكش يتقال عنك متطرف متزمت, ما هوما كده المتطرفين المتزمتين دول, بيمسكوا للناس على الواحدة, في الساقطة واللاقطة !

لكم أن تتخيلوا حالتي وقتها ! بدأ جسدي يتصبب عرقاً ونحن في أبرد أيام فصل الشتاء !

هناك أشخاص كثيرون يصفون الحياة بأنها لُعبة. أنا شخصياً أعتقد أن حياتي اليومية مُباراة بيني وبين الشيطان, يُريد أن يُبعدني أن كل أمر صالح وعمل طيب أريد فعله سواء في نهاري أو ليلي ! إذا استطاع أن يُبعدني فعلاً, فقد فاز, أن قمت بهذا العمل الطيب, فقد خسر الشيطان خُسراناً مبيناً, ولكن في هذه الـمُباراة فقط, فإنه لا يكل ولا يمل ولا يتعب من ملاحقتي الـمُستمرة في إبعادي عن كل عمل صالح, سواء كان هذا العمل بيني وبين ربي, كالصلاة والصوم وسائر العبادات, أو بيني وبين الناس من حولي.

في مرة, ينتصر الشيطان ويُبعدني عن العمل الصالح, فأرجع وأتوب إلى الله لأبدأ مباراة أخرى بيني وبين الشيطان, ولكن في موقفي هذا أبيت إلا أن أخرج مُنتصراً في هذه الـمُباراة, وبالفعل صححت العبارة لصاحبنا هذا, ضيف المحل, وتقبل الأمر, هو وصاحب المحل, بصدر رحب, وابتسامة بشوشة, والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات.

الـمُسلم الحقيقي هو مصدر الإيجابية على هذه الكرة الأرضية, فمهمته الأولى هي الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر, وإصلاح كل خطأ يجده أثناء يومه. قد نتجاهل هذا الدور في بعض الأحيان, وفي أحيان أخرى نقوم به على أكمل وجه مُمكن, ولكن الشيطان لن يتركنا نمضي هكذا للنشر الخير في الكون الذي حار, بل إنه سيضع لنا العقبات, الواحدة تلو الأخرى, بقدر استطاعته, ليصدنا عن هذا الدور السامي الواجب علينا بسبب الدين الإسلامي, فلا يجب علينا إلا أن نُحارب الشيطان بكل ما أوتينا من قوة, لننتصر عليه ونقوم بدورنا الإصلاحي في هذه الحياة الدنيا.

وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين

8 Comments

  1. البتول

    فعلا اخي جزاك الله خيرا دائما نجد انفسنا أمام مواقف تجعلنا نرغب في التدخل و تصحيح بعض الاخطاء التي يقع فيها الناس و لكن الشيطان يلعب لعبته فنقول اووووو كل الناس تفكر هكذا محسوب أنا راح نغيرهم * و غيرها من الاقوال اللي تخلينا نكتم مانعلمه من حق في أنفسنا
    أرجو ان يهدينا الله لما يحبه و يرضاه و يجعلنا ممن يتعبون الحق

  2. saif alhaq_3

    السلام عليكم ورحمة الله وبركاتة
    جزاك الله خيرا اخى التاعب الكريم على هذة المدونة الرائعة التى فعلا قد تذكرنا باشياء كثيرة قد تفوتنا فى حياتنا اليومية ونسال الله ان يزيدك من علمة ويبارك لك
    والله يهدينا اجمعين

  3. Malky SadeQ

    اللهم اجعل بواطننا أغلى من ظواهرنا
    جقيقةً أغبطك على الكلام في مثل هذه الأمور على صفحات مدونتك الغالية إلى قلبي فكثيرا ما أخشى عل نفسي الوقوع في الرياء حينما أتكلم في مثل هذا
    و لكن أحسب أن الله يعينك ، لذا أسأله تعالى أن يديم عليك سابغ فضله و نعمه و على المسلمين أجمعين و أعلم أيها القاريء

    قلب من ترائي بيد من عصيت

    • التاعب

      اللهم آمين, جزاك الله خيراً على مرورك الطيب
      اسأل الله عز وجل أن يُعيننا جميعاً على طاعته, وأن يغفر لنا زلاتنا
      وأن يُقوينا على شيطاننا, وأن ينصرنا على أعدائنا, وأن يتقبل أعمالنا
      إنه ولي ذلك والقادر عليه

  4. ناصر السنة

    جزاك الله خيرا أخي التاعب
    حبي لك يزداد يوما بعد يوم ،وأتمني لو حدثتنا كيف يكون يومك في تحصيل العلم حتي يكون حافزا لي علي المضي قدما في تحصيل علم الحديث
    ولي طلب عندك أخي لو قرأت بحثا نشرته تحت عنوان الروضة الندية في تحقيق حديث القسطنطينية في ملتقي أهل الحديث وأتباع المرسلين وغيرهما، وقل لي رأيك فيه

اترك رد

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

اكتشاف المزيد من مدونة التاعب

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading