القائمة إغلاق

خُلاصة كتاب: طبيعة المسيح للبابا شنودة

بسم الله الرحمن الرحيم

خُلاصة كتاب: طبيعة المسيح للبابا شنودة

البابا شنودة الثالث: طبيعة المسيح, الكُلِّيّة الإكليريكية للأقباط الأرثوذكس – صـ7. [عقيدة كنيستنا: السيد المسيح هو الإله الكلمة المُتجسِّد، له لاهوت كامل، وناسوت كامل، لاهوته مُتَّحِد بناسوته بغير اختلاط ولا امتزاج ولا تغيير، اتِّحاداً كاملاً أقنومياً جوهرياً، تعجز اللغة أن تُعبِّر عنه، حتى قِيل عنه إنَّه سرٌّ عظيم «عظيم هو سر التقوى ، الله ظهر في الجسد» (1 تي 3 / 16). وهذا الاتِّحاد دائم لا ينفصل مُطلقاً ولا يفترق. نقول عنه في القُدّاس الإلهي «إنَّ لاهوته لم يُفارق ناسوته لحظة واحدة ولا طرفة عين». الطَّبيعة اللاهوتية (الله الكلمة) اتَّحدت بالطبيعة النّاسُوتية التي أخذها الكلمة (اللوجوس) من العذراء مريم بعمل الرُّوح القُدُس. الرُّوح القُدُس طهَّر وقدَّس مُستودع العذراء طهارة كاملة حتى لا يرث المولود منها شيئاً من الخطية الأصلية، وكَوَّن من دمائها جسداً اتَّحد به ابن الله الوحيد. وقد تمّ هذا الاتِّحاد مُنذ اللحظة الأولى للحبل المُقدَّس في رحم السيدة العذراء. وباتِّحاد الطَّبيعتين الإلهية والبشرية داخل رحم السيدة العذراء تكوَّنت منهما طبيعة واحدة, هي طبيعة الله الكلمة المُتجسِّد.]

البابا شنودة الثالث: طبيعة المسيح, الكُلِّيّة الإكليريكية للأقباط الأرثوذكس – صـ9. [والقديس كيرلُّس الكبير علَّمنا أن لا نتحدث عن طبيعتين بعد الاتِّحاد. فيُمكن أن نقول إنَّ الطَّبيعة اللاهوتية اتَّحدت أُقنوميًّا بالطَّبيعة البشرية داخل رحم القدِّيسة العذراء, ولكن بعد هذا الاتِّحاد لا نعود مُطلقاً نتكلَّم عن طبيعتين في المسيح. فتعبير الطَّبيعتين يوحي بالانفصال والافتراق. ومع أنَّ أصحاب الطَّبيعتين يقولون باتِّحادهما، إلا أنَّ نغمة الانفصال كما تبدو واضحة في مجمع خلقيدونية، مما جعلنا نرفضه … ونُفِي القدِّيس ديسقورس الإسكندري بسبب هذا الرفض.]

البابا شنودة الثالث: طبيعة المسيح, الكُلِّيّة الإكليريكية للأقباط الأرثوذكس – صـ12. [طبيعة الاتِّحاد: اتِّحاد بغير اختلاط ولا امتزاج ولا تغيير ولا استحالة: المقصود أنَّ وحدة الطَّبيعة هي وحدة حقيقية. ليست اختلاطاً مثل اختلاط القمح بالشّعير، ولا امتزاجاً مثل مَزْج الخمر بالماء أو مَزْج اللَّبن بالماء. كما لم يحدث تغيير مثل الذي يحدث في المُركَّبات، فمثلاً ثاني أكسيد الكربون فيه كربون وأكسجين، وقد تغير طبع كل منهما في هذا الاتِّحاد, وفقد خاصيته التي كانت تميزه قبل الاتِّحاد، بينما لم يحدث تغيير في اللاهوت ولا في الناسوت باتِّحادهما. كذلك تمَّت الوحدة بين الطَّبيعتين بغير استحالة. فما استحال اللاهوت إلى ناسوت، ولا استحال الناسوت إلى لاهوت، كما أنَّ اللاهوت لم يختلط بالنا سوت، ولا امتزج به، إنَّما هو اتَّحاد أدى إلى وحدة في الطَّبيعة.]

البابا شنودة الثالث: طبيعة المسيح, الكُلِّيّة الإكليريكية للأقباط الأرثوذكس – صـ15. [إنَّ اتِّحاد النَّفس والجسد، هو اتِّحاد ذاتيّ جوهريّ حقيقيّ، اتِّحاد أُقنومي، كذلك اتِّحاد الطَّبيعة الإلهية للمسيح بالطَّبيعة البشرية في رحم العذراء، هو اتِّحاد أُقنومي ذاتيّ جوهريّ حقيقيّ. وليس مُجرَّد اقتران أو مُصاحبة كما يزعم نسطور. ومع أنَّ مثال وحدة النَّفس والجسد في الطَّبيعة البشرية هو مثال شامل في أوجه شتّى، هي التي قصدناها وحدها، إلا أنَّ هذا التَّشبيه فيه نُقطة نقص، هي إمكانية انفصال النَّفس عن الجسد بالموت، وعودتها إليه بالقيامة. أمّا وحدة الطَّبيعة بين اللاهوت والناسوت في المسيح، فهي وحدة بغير انفصال. فلم ينفصل لاهوته عن ناسوته لحظة واحدة ولا طرفة عين.]

البابا شنودة الثالث: طبيعة المسيح, الكُلِّيّة الإكليريكية للأقباط الأرثوذكس – صـ16. [إنِّ المسيح ليس ابنين، أحدهما ابن لله المعبود، والآخر إنسان غير معبود. ونحن لا نفصل بين لاهوته ناسوته. وكما قال القدِّيس أثناسيوس الرسوليّ عن السيد المسيح «ليس هو طبيعتين نسجد للواحدة، ولا نسجد للأخرى، بل طبيعة واحدة هي الكلمة المُتجسِّد، المسجود له مع جسده سجوداً واحداً». ولذلك فإنَّ شعائر العبادة لا تُقدَّم للاهوت وحده دون الناسوت، إذ لا يوجد فصل، بل العبادة هي لهذا الإله المُتجسِّد. إنَّ السيد المسيح هو الابن الوحيد المولود من جوهر الآب قبل كل الدُّهور، وهو نفسه ابن الإنسان الذي صار بكراً وسط إخوة كثيرين (رؤ 8 / 29). وكما قال عنه أحد الآباء إنَّه وُلِدَ من الآب قبل كل الدُّهور بغير أمّ، ووُلِدَ من العذراء في مِلء الزَّمان بغير أبّ. ولذلك قال الرسول «لما جاء مِلء الزَّمان، أرسل الله ابنه مولوداً من امرأة تحت الناموس» (غل 4 / 40). إذن, الذي وُلِدَ من العذراء هو ابن الله، وفى نفس الوقت هو ابن الإنسان كما قال عن نفسه. إنَّ الابن (اللوجوس) قد حلّ في بطن القديسة العذراء، وأخذ له ناسوتاً منها، ثم ولدته. وليس مِثلما يقول نسطور إنَّ العذراء قد وَلَدَت إنساناً عادياً، وهذا الإنسان سكن فيه الله فيما بعد، أو حلّ فيه، أو صار حاملاً لله دون اتِّحاد طبيعي أقنومي. ولذلك فنحن نُقدِّم العبادة لهذا المولود. ونقول له في تسبحة الثلاثة تقديسات «قُدُّوس الله، قُدُّوس القوي، قُدُّوس الحي الذي لا يموت، الذي وُلِدَ من العذراء ارحمنا». كما قال الملاك «القُدُّوس المولود منك يُدعى ابن الله». لقد اتَّحدت في المسيح الطَّبيعة الإلهية بالطَّبيعة البشرية في بطن العذراء.]

البابا شنودة الثالث: طبيعة المسيح, الكُلِّيّة الإكليريكية للأقباط الأرثوذكس – صـ19, 20. [أهمّيَّة الوحدة للكفارة والفِداء: إنَّ الإيمان بطبيعة واحدة للكلمة المُتجسِّد، هو أمرٌ لازِمٌ وجَوهَريّ وأساسيّ للفِداء. فالفداء يَتَطَلَّب كفّارة غير محدودة، تكفى لمغفرة خطايا غير محدودة، لجميع الناس في جميع العصور. ولم يكن هُناك حلّ سوى تجسُّد الله الكلمة ليجعل بلاهوته الكفّارة غير محدودة. فلو أنَّنا تكلَّمنا عن طبيعتين مُنفصلتين. وقامت الطَّبيعة البشرية بعملية الفِداء وحدها, لما كان مُمكناً على الإطلاق أن تُقدِّم كفّارة غير محدودة لخلاص البشر. ومن هُنا كانت خُطُورة المُناداة بطبيعتين مُنفصلتين، تقوم كل منهما بما يخُصَّها. ففي هذه الحالة، موت الطَّبيعة البشرية وحدها لا يكفى للفِداء. ولذلك نرى القدِّيس بولس الرسول يقول: «لأنَّهم لو عرفوا لما صلبوا رب المجد» (1 كو 2 / 8), ولم يقل لما صلبوا الإنسان يسوع المسيح. إنَّ تعبير ربّ المجد هُنا يدلّ دلالة أكيدة على وحدة الطَّبيعة ولزومها للفِداء والكفّارة والخلاص, لأنَّ الذي صُلِبَ هو ربّ المجد. طبعاً صُلِبَ بالجسد, ولكن الجسد كان مُتَّحِداً باللاهوت في طبيعة واحدة, وهُنا الأمر الأساسي اللازم للخلاص. ويقول القدِّيس بطرس الرسول لليهود «أنكرتم القُدُّوس البار, وطلبتم أن يوهب لكم رجل قاتل. ورئيس الحياة قتلتموه» (أع 3 / 14-15). وهُنا أشار إلى أن المصلوب كان رئيس الحياة، وهذا تعبير إلهي، فلم يفصل الطَّبيعتين مُطلقاً في موضوع الصَّلْب لأهمية وحدتهما من أجل عمل الفِداء. ويقول القدِّيس بولس الرسول أيضاً في رسالته إلى العبرانيين «لأنه لاق بذاك الذي من أجله الكلّ وبه الكلّ، وهو آت بأبناء كثيرين إلى المجد، أن يكمل رئيس خلاصهم بالآلام» (عب 2 / 10). وهُنا في مجال آلامه، لم ينسَ مُطلقاً لاهوته، إذ أنَّه من أجله الكلّ، وبه الكلّ. هذا الذي قال عنه في موضع آخر «الكلّ به وله قد خُلِق» (كو 1 / 16). والسيد المسيح نفسة حينما ظهر ليوحنا الرائي قال له: «أنا هو الأول والآخر والحى وكُنتُ مَيِّتاً, وها أنا حيّ إلى أبد الآبدين آمين. ولى مفاتيح الهاوية والموت» (رؤ 1 / 17-18). فهذا الذي كان مَيِّتاً هو الأول والآخر، وبيده مفاتيح الهاوية والموت. وهكذا لم يفصل لاهوته عن ناسوته هُنا وهو يتحدث عن موته. إذن فالذي مات هو ربّ المجد، ورئيس الحياة، ورئيس الخلاص، هو أيضاً الأول والآخر. إنَّها خُطُورة كبيرة على خلاصنا أن نفصل ما بين الطَّبيعتين أثناء الحديث عن موضوع الخلاص, ولعلّ البعض يقول: ومن هذا الذي فصل ؟! أليس مجمع خلقيدونية يقول بطبيعتين مُتَّحِدَتَين ؟! نعم يقول هذا, ويقول طومس لاون أيضاً: «إنَّ المسيح اثنان, إله وإنسان, الواحد يُبهر العجائب, والثاني ملقى للإهانات والآلام ..!», فإن كان هذا الإنسان وحده هو الملقى للآلام، فأيّ خلاص إذاً نكون قد أخذناه ؟!]

البابا شنودة الثالث: طبيعة المسيح, الكُلِّيّة الإكليريكية للأقباط الأرثوذكس – صـ21, 22. [وفى صلب المسيح يُقدِّم لنا الكتاب آية جميلة جداً في حديث القديس بولس الرسول مع أساقفة أفسس حيث قال: «لترعوا كنيسة الله التي اقتناها بدمه» (أع 20 / 28). ونَسَبَ الدَّم هُنا إلى الله، بينما الله روح، والدَّم هو دم ناسوته. ولكن هذا التَّعبير يدُلّ دلالة عجيبة جداً على الطَّبيعة الواحدة للكلمة المُتجسِّد، حتى أن ما يتعلَّق بالناسوت يمكن أن يُنسب في نفس الوقت للاهوت، بلا تفريق, إذ لا يوجد انفصال بين الطَّبيعتين. إنَّ انفصال الطَّبيعتين الذي نادى به نسطور لم يستطع أن يُقدِّم حلاً لموضوع الكفّارة والفِداء. وقد حرصت الكنيسة على تعبير الطَّبيعة الواحدة من أجل أهمية هذا الموضوع، كما لباقي النتائج أيضاً المُترتِّبة على وحدة الطَّبيعة. ونحن في التَّعبيرات العادية نقول فُلان مات، ولا نقول إنَّ جسده فقط قد مات، إن كانت روحه على صورة الله وهبها الله نعمة الخلود, والرُّوح لا تموت.]

البابا شنودة الثالث: طبيعة المسيح, الكُلِّيّة الإكليريكية للأقباط الأرثوذكس – صـ21, 22. [المشيئة الواحدة والفعل الواحد: هل السيد المسيح له مشيئتان وفعلان، أي مشيئة إلهية ومشيئة بشرية. وفعلان, أي فعل باللاهوت وفعل بالناسوت. إنَّنا الذين نستخدم تعبير طبيعة واحدة للكلمة المُتجسِّد, كما استخدمه من قبل القدِّيس كيرلس الكبير, نؤمن أنَّ له مشيئة واحدة وفعل واحد. وطبيعي أنَّه مادامت الطَّبيعة واحدة، تكون المشيئة واحدة، وبالتالي يكون الفعل واحداً. إنَّ ما يختاره اللاهوت، لا شكّ أنَّه هو نفسه ما يختاره الناسوت، لأنَّه لا يوجد تناقض مُطلقاً بينهما في المشيئة والعمل.]

البابا شنودة الثالث: طبيعة المسيح, الكُلِّيّة الإكليريكية للأقباط الأرثوذكس – صـ7, 8. [لم تجد الكنيسة المُقدَّسة تعبيراً أصدق وأعمق وأدقّ من هذا التعبير الذي استخدمه القدِّيس كيرلُّس الكبير (عامود الدِّين) والقدِّيس أثناسيوس الرسوليّ من قبله، وكل منهما قمَّة في التَّعلِيم اللاهوتي على مُستوى العالم كله. حتى أنَّني حينما اشتركتُ في حوار أعدته جماعة «Pro Oriente» في فيينا بالنِّمسا في سبتمبر 1971م, بين الكاثوليك الرُّومانيين والكنائس الأرثوذكسية الشرقية القديمة, عن طبيعة المسيح، كان موضوع هذا الحوار هو قول القدِّيس كيرلُّس «طبيعة واحدة لله الكلمة المُتجسِّد» (Mia fusiV tou Qeou Logou sesarkwmenh مِيا فُوسِيس تُوو ثِيئوو لُوجُوو سِيسارْكُوميني). وبعد الشِّقاق الذي حدث سنة 451م، حيث رَفَضْنا مجمع خلقيدونية وتحدِيداته اللاهوتية، عُرفنا بأصحاب الطَّبيعة الواحدة Monophysites. وتشترك في هذا الإيمان الكنائس السُّريانية، والأرمنية، والأثيوبية، والهندية، وهى الكنائس الأرثوذكسية غير الخلقيدونية. بينما الكنائس الخلقيدونية الكاثوليكية واليونانية (الرُّوم الأرثوذكس) فتؤمن بطبيعتين للسيد المسيح, وتشترك في هذا الاعتقاد أيضاً الكنائس البروتستانتية. ولذلك تعرف كل هذه الكنائس باسم أصحاب الطَّبيعتين. وكنائس الرُّوم الأرثوذكس، أو الأرثوذكس الخلقيدونيين فتشمل كنائس القسطنطينية  واليونان، وأورشليم، وقبرص، وروسيا، ورومانيا، والمجر، والصِّرب، وكنائس الرُّوم الأرثوذكس في مصر، وفى سوريا ولبنان، وفى أمريكا، وفى دير سانت كاترين بسيناء إلخ. وتعبير أصحاب الطَّبيعة الواحدة Monophysites أُسيء فهمه عن قصد أو غير قصد خلال فترات التاريخ، فاضطُهِدَت بالذات الكنيسة القبطية والكنيسة السُّريانية اضطهادات مُروِّعة بسبب اعتقادها، وبخاصَّة في الفترة من مجمع خلقيدونية سنة 451م حتى بدء دخول الإسلام مصر وسوريا (حوالي 641م). واستمر المفهوم الخاطئ خلال التاريخ، كما لو كُنّا نؤمن بطبيعة واحدة للمسيح ونُنكر وجود الطبيعة الأخرى.]

البابا شنودة الثالث: طبيعة المسيح, الكُلِّيّة الإكليريكية للأقباط الأرثوذكس – صـ9. [هرطقة آريوس: كان آريوس يُنكر لاهوت المسيح، ويرى أنَّه أقلّ من الآب في الجوهر، وأنَّه مخلوق. ومازالت جُذُور الآريوسية قائمة حتى الآن. حتى بعد أن شجبها مجمع نقية المسكوني سنة 325م، ظلّ آريوس والآريوسيون من بعده سبب تعبّ وشقاق وشكّ للكنيسة المُقدَّسة.]

البابا شنودة الثالث: طبيعة المسيح, الكُلِّيّة الإكليريكية للأقباط الأرثوذكس – صـ10. [هرطقة أبوليناريوس: وكان يُنادي بلاهوت المسيح، ولكن لا يؤمن بكمال ناسوته. إذ كان يرى أنَّ ناسوت المسيح لم يكن مُحتاجاً إلى روح، فكان بغير روح، لأن الله اللوجوس كان يقوم بعملها في منح الحياة. ولما كان هذا يعنى أن ناسوت المسيح كان ناقصاً، لذلك حكم مجمع القسطنطينية المسكوني المُقدَّس المُنعقد سنة 381م بحرم أبوليناريوس وهرطقته هذه.]

البابا شنودة الثالث: طبيعة المسيح, الكُلِّيّة الإكليريكية للأقباط الأرثوذكس – صـ10, 11. [هرطقة نسطور: وكان نسطور بطريركاً للقسطنطينية من سنة 428م, حتى حرمه مجمع أفسس المسكوني المُقدَّس سنة 431م. وكان يرفض تسمية القدِّيسة العذراء مريم بوالدة الإله (QeotokoV ثِيئوتُوكُوس)، ويرى أنَّها ولدت إنساناً، وهذا الإنسان حلّ فيه اللاهوت. لذلك يمكن أن تُسمَّى العذراء أم يسوع. وقد نشر هذا التَّعلِيم قِسِّيسه أنسطاسيوس، وأيَّد هو تعليم ذلك القِسّ وكتب خمسة كُتُب ضدّ تسمية العذراء والدة الإله. ويعتبر أنه بهذا قد أنكر لاهوت المسيح. وحتى قوله أنَّ اللاهوت قد حلّ فيه لم يكن بمعنى الاتِّحاد الأُقنومي، وإنَّما حُلُول بمعنى المُصاحبة أو حُلُول كما يحدث للقدِّيسين. أي أنَّ المسيح صار مسكناً لله، كما صار في عِماده مسكناً للرُّوح القُدُس. وهو بهذا الوضع يُعتبر حامل الله (QeoforoV ثِيئوفُورُوس), كاللَّقب الذي أخذه القدِّيس أغناطيوس الأنطاكي. وقال إنَّ العذراء لا يُمكن أن تلد الإله، فالمخلوق لا يلد الخالق ! وما يُولد من الجسد ليس سوى جسد. وهكذا يرى أنَّ علاقة طبيعة المسيح البشرية بالطَّبيعة اللاهوتية بدأت بعد ولادته من العذراء، ولم تكن اتَّحاداً وقال صراحة: «أنا أفصل بين الطبيعتين». وبهذا الوضع تكون النَّسطُورية ضدّ عقيدة الكفّارة. لأنَّه إن كان المسيح لم يتَّحِد بالطَّبيعة اللاهوتية، فلا يُمكن أن يُقدِّم كفّارة غير محدودة تكفي لغُفران جميع الخطايا لجميع الناس في جميع العُصُور. والكنيسة حينما تقول إنَّ العذراء والدة الإله، إنَّما تعنى أنَّها وَلَدَت الكلمة المُتجسِّد، وليس أنَّها كانت أصلاً للاهوت، حاشا. فالله الكلمة هو خالق العذراء، ولكنَّه في مِلء الزَّمان حلّ فيها، وحَبِلَت به مُتَّحِداً بالناسوت وولدته. والاثنا عشر حرماً التي وضعها القدِّيس كيرلُّس Anathemas، فيها  رُدُود على كل هرطقات نسطور. فقد حَرَمَ من قال إنَّ الطَّبيعتين كانتا بطريق المُصاحبة، ومن قال إنَّ الله الكلمة كان يعمل في الإنسان يسوع، أو أنَّه كان ساكناً فيه. كما من فرَّق بين المسيح وكلمة الله، وأنَّه وُلِدَ كإنسانٍ فقط من امرأة.]

البابا شنودة الثالث: طبيعة المسيح, الكُلِّيّة الإكليريكية للأقباط الأرثوذكس – صـ11. [هرطقة أوطاخي: كان أوطاخي (يوطيخوس) أبّ رهبنة ورئيس دير بالقسطنطينية. وكان ضدّ هرطقة نسطور. فمن شِدَّة اهتمامه بوحدة الطَّبيعتين في المسيحوقد فصلهما نسطوروقع في بدعة أخرى, فقال إنَّ الطَّبيعة البشرية ابتلعت وتلاشت في الطَّبيعة الإلهية، وكأنَّها نُقطة خلّ في المُحيط. وهو بهذا قد أنكر ناسوت المسيح. أوطاخي هذا حرمه القديس ديسقورس. وعاد فتظاهر بالإيمان السليم، فحالله القدِّيس ديسقورس على أساس رُجُوعه عن هرطقته. ولكنَّه بعد ذلك أعلن فساد عقيدته مرَّة أخرى فحرمه مجمع خلقيدونية سنة 451م كما حرمته الكنيسة القبطية أيضاً.]

البابا شنودة الثالث: طبيعة المسيح, الكُلِّيّة الإكليريكية للأقباط الأرثوذكس – صـ11, 12. [مجمع خلقيدونية: على الرَّغم من أنَّ مجمع أفسس المسكوني المُقدَّس قد حرم نسطور، ألا أنَّ جُذُور النَّسطُورية قد امتدَّت إلى مجمع خلقيدونية الذي ظهر فيه انفصال الطَّبيعتين, حيث قيل فيه أنَّ المسيح اثنان إله وإنسان: الواحد يُبهر بالعجائب, والآخر مَلْقى للشَّتائم والإهانات. هكذا قال لاون (ليو) Leo أسقف رومه في كتابه المشهور بـ «طومس لاون» الذي رفضته الكنيسة القبطية. ولكن أخذ به مجمع خلقيدونية, الذي أعلن أنَّ هُناك طبيعتين في المسيح بعد الاتِّحاد: طبيعة لاهوتية تعمل ما يختصّ بها، وطبيعة ناسوتية تعمل ما يختص بها. قال نسطور إنَّ هاتين الطَّبيعتين مُنفصلتان. وقال مجمع قرطاجنة إنَّهما مُتَّحدتان ولكنَّه فصلهما بهذا الشَّرح. وكما قرَّر أنَّ المسيح له طبيعتان، قرَّر أنَّ له مشيئتين وفعلين. ومن هُنا نشأت مُشكلة الطَّبيعتين والمشيئتين، وبدأ صراع لاهوتي، وانشقاق ضخم في الكنيسة، نُحاول حالياً إنهاءه بالوصول إلى صِيغة إيمان مُشترك يقبله الجميع.]

الحمد لله الذي بنعمته تتمّ الصالحات

اترك رد

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

%d مدونون معجبون بهذه: