القائمة إغلاق

خُلاصة كتاب: التَّجسُّد والميلاد في تعالِيم آباء الكنيسة

بسم الله الرحمن الرحيم

خُلاصة كتاب: التَّجسُّد والميلاد في تعالِيم آباء الكنيسة

رُهبان دير الأنبا مقار: التَّجسُّد والميلاد في تعالِيم آباء الكنيسة, دار مجلَّة مُرقس – صـ21. [فإنَّ المسيح كما قلنا قد وحَّد الإنسان مع الله … فقد كان لائقاً أنَّ الوسيط بين الله والناس، بحقّ قرابته الخاصَّة مع كل منهما، يُعيد الأُلفة والتَّوافق بينهما، ويُقدِّم الإنسان إلى الله، ويُظهر الله للإنسان … فإنَّه من أجل ذلك قد جاء مُجتازاً في جميع الأعمار, لكي يُعيد للجميع الشَّركة مع الله. (ضدّ الهرطقات3: 18: 7)]

رُهبان دير الأنبا مقار: التَّجسُّد والميلاد في تعالِيم آباء الكنيسة, دار مجلَّة مُرقس – صـ21. [فغاية التَّجسُّد النِّهائية هي إعادة الشَّركة بين الله والبشرية، وهذا هو ما لم يفهمه الهراطقة: «إنَّ البعض لا يقبلون عطية التَّبنِّي, ويحتقرون الميلاد البتولي الذي به تجسَّد كلمة الله. وهُم بذلك يسلبون الإنسان من الارتقاء نحو الله, ويصيرون غير شاكرين لكلمة الله الذي تجسَّد من أجلهم. فإنَّه لهذه الغاية قد صار كلمة الله إنساناً, وصار ابن الله ابناً للإنسان: لكي يتَّحِد (حرفياً يمتزج) الإنسان بالكلمة, ويقبل التَّبنِّي فيصير ابناً لله.» (ضدّ الهراطقة 1:19:3 -3).]

رُهبان دير الأنبا مقار: التَّجسُّد والميلاد في تعالِيم آباء الكنيسة, دار مجلَّة مُرقس – صـ22. [«فباطل هو تعليم الإبيونيين, الذين لا يقبلون في نفوسهم بالإيمان اتِّحاد الله بالبشرية … فإنَّ هؤلاء الهراطقة يرفضون مزيج الخمر السَّمائي, ويتمسَّكون فقط بالماء العالمي, ولا يُريدون أن يقبلوا الإله (الذي جاء) ليمتزج بهم.» (ضدّ الهرطقات 3:1:5 ). وما يقوله إيرينيئوس عن الإبيونيين، يقوله القدِّيس أثناسيوس عن الآريوسيين. فهو يكشف السَّبب الخفيّ في ضلالهم, وهو قلَّة تجاوبهم مع المسيح, وعدم فهمهم للغاية التي من أجلها تجسَّد، وعدم تفاعلهم الداخلي بهذه الغاية: «لقد جاء (المسيح) لكي يُصيِّر الناس فيما بعد, وإلى الأبد, هيكلاً طاهراً للكلمة. لو كان أعداء المسيح قد فهموا ذلك, وأدركوا الغاية التي من أجلها تأسَّست الكنيسة، وتمسَّكوا بهذه الغاية كأنَّها مرساة لهم، لما انكسرت بهم السَّفينة من جهة الإيمان !» (ضدّ الآريوسيين 58:3).]

رُهبان دير الأنبا مقار: التَّجسُّد والميلاد في تعالِيم آباء الكنيسة, دار مجلَّة مُرقس – صـ23, 24. [القدِّيس أثناسيوس الرَّسوليّ (298-373): يتميَّز آباء كنيسة الإسكندرية, وعلى الخُصُوص القدِّيسان أثناسيوس وكيرلُّس الكبير, بالتَّركيز الشَّديد على لاهوت المسيح, وعلى اتِّحاد البشرية مع الله من خلاله: «الكلمة صار جسداً لكي يجعل الإنسان قادراً أن يتقبَّل اللاهوت !» (ضدّ الآريوسيين 59:2). (ο Λογος σαρξ εγενετο ινα τον ανθρωπον δεκτικον θεοτητος ποιηση هُو لُوجُوس سَارْكس إيجينيتو هِينا تُنْ أنْثرُوبُون دِيكْتِيكُون ثيؤوتيتوس بُويّئيسي). «لقد صار إنساناً لكي يُوحِّدنا مع الله في شخصه، وخرج من امرأة ووُلِدَ من عذراء, لكي يُحوِّل إلى نفسه جنسنا الضّال، ويُصيِّرنا بالتالي جنساً مُقدَّساً وشُركاء للطَّبيعة الإلهية, كما كَتَبَ بطرس الطُّوباوي (2بط 4:1).» (الرِّسالة 60 «إلى أدلفيوس»: 4، ب.ج 1077:26). «فلأجل هذا قد صار الاتِّحاد, لكي يُصيِّر من هو إنسان بحسب الطَّبيعة مُلتحماً بطبيعة اللاهوت، فيَصِير بذلك خلاصه واتِّحاده بالله مضموناً.» (ضدّ الآريوسيين 70:2، ب.ج 296:26). «لقد جاء إذاً كما قُلتُ سابقاً لكي يتألَّم بالجسد, فيجعل الجسد فائقاً للألم وغير مائتولكي يُصيِّر الناس فيما بعد وإلى الأبد هيكلاً غير فاسد للكلمة !» (ضدّ الآريوسيين 58:3، ب.ج 445:26). «فقد صار الكلمة فينا من حيث أنَّه قد لبس جسدنا !» (ضدّ الآريوسيين 22:3، ب.ج 368:26). «لقد صار الكلمة جسداً لكي يُقدِّم هذا الجسد من أجل الجميع, فنستطيع نحن أن نتَّحِد بالله, بمُشاركة الرُّوح القُدُس. فلم يكن مُمكناً أن ننال ذلك بوسيلة أخرى, إلا بأن يلبس هو جسدنا المخلوق (الدِّفاع عن قانون نيقية 4، ب.ج 448:25)]

رُهبان دير الأنبا مقار: التَّجسُّد والميلاد في تعالِيم آباء الكنيسة, دار مجلَّة مُرقس – صـ25. [«لما ارتدى الكلمة جسداً – كما شرحنا ذلك مِراراً أخذ تماماً سُمَّ الحيَّة الكائن فيه، فجميع ميول الجسد الرَّديئة قد استؤصلت, والموت نفسه انتفى … وهذا هو ما كتبه يوحنا (الرسول): "لأجل هذا أُظهر ابن الله لكي ينقض أعمال إبليس" (1يو 8:3)، فلمَّا تخلَّص الجسد من هذه الأمور, تحرَّرنا جميعاً وصِرنا مُتَّحدين بالكلمة, بسبب قرابتنا الجسدية معه. وهكذا باتِّحادنا به كإله, قد تحوَّل مصيرنا من البقاء على الأرض إلى الانطلاق معه حيث يكون هو بحسب قوله (يوحنا 3:14)» (ضدّ الآريوسيين 69:2، ب.ج 293:26).]

رُهبان دير الأنبا مقار: التَّجسُّد والميلاد في تعالِيم آباء الكنيسة, دار مجلَّة مُرقس – صـ26. [«فهكذا اتَّخذ لنفسه جسداً بشرياً مخلوقاً, لكي يُجدِّده بصفته هو خالقه، ويُوحِّده مع الله في نفسه، وهكذا يقودنا جميعاً في إثره إلى ملكوت السموات !» (ضدّ الآريوسيين 70:2، ب.ج 296:26). «لمَّا وُلِدَ جسده من مريم والدة الإله, قيل إنَّه هو نفسه المولود, مع أنَّه هو المانح الجميع الميلاد لكي يوجدوا به ! وكان ذلك لكي يُحوِّل إلى نفسه ميلادنا نحن: فلم نعد بعد مُجرَّد تُراب مزمعين أن نعود إلى التُّراب، بل قد صِرنا مُتَّحِدِين بالكلمة السَّماوي, الذي سيرفعنا معه حتى إلى السماء !» (ضدّ الآريوسيين 33:3، ب.ج 393:26) ]

رُهبان دير الأنبا مقار: التَّجسُّد والميلاد في تعالِيم آباء الكنيسة, دار مجلَّة مُرقس – صـ26, 27. [القديس هيلاري (تنيَّح عام 367 م): نفس المعاني القوية التي وجدناها عند القدِّيس أثناسيوس, يُكرِّرها أيضاً من بعده القدِّيس هيلاري أسقف بواتييه, الذي يدعوه البعض «أثناسيوس الغرب»، وذلك بسبب شدَّة تأثُّره بروح القدِّيس أثناسيوس, وبمبادئه اللاهوتية: «إنَّ ابن الله قد وُلِدَ كإنسان من العذراء في ملء الزَّمان, لكي يرفع البشرية في شخصه حتى إلى (الاتِّحاد) باللاهوت.» (في الثالوث 5:9). «فقد صار كلمة الله جسداً, لكي يستطيع كل جسد بواسطة هذا الكلمة المُتجسِّد أن يرتقي إلى الاتِّحاد بالله الكلمة.» (في الثالوث 11:1). «فقد وُلِدَ (ابن) الله إذاً من أجل أن يأخذنا في نفسه إلى داخل الله !» (في الثالوث 7:9). فهذه هي الغاية النِّهائية من تجسُّد الابن الوحيد: «أن يأخذنا في نفسه إلى داخل الله !».]

رُهبان دير الأنبا مقار: التَّجسُّد والميلاد في تعالِيم آباء الكنيسة, دار مجلَّة مُرقس – صـ27, 28. [القدِّيسان: إغريغوريوس النِّزيَنْزي (328-389) وإغريغوريوس النِّيسِي (330-400): وهما من آباء كبادوكية بآسيا الصُّغرى. يقول أولهما: «هذا هو مغزى السِّر الأعظم الحاصل من أجلنا، سرّ الله المُتجسِّد من أجلنالقد جاء لكي يجعلنا جميعاً واحداً في المسيح، في ذاك الذي حلَّ فينا بالكمال, لكي يُعطينا كل الذي له.» (عظة 23:7، ب.ج 785:35). نُلاحظ في هذا القول أنَّ القدِّيس إغريغوريوس النِّزيَنْزي يجمع فيه عِدَّة معانٍ ممّا وجدناه عند الآباء السّابقين له: فغاية تجسُّد الكلمة هو أن تنجمع البشرية كُلّها في المسيح، وهي حلوله فينا، وهي إعطاؤه إيّانا كُلّ الذي له (وهو أخذ الذي لنا وأعطانا الذي له). أمّا القدِّيس إغريغوريوس النِّيسِي فيقول: «في نهاية الدُّهُور لمّا بلغ شرُّنا حدَّه الأعظم, (جاء المسيح) ووحَّد نفسه (حرفياً : مزج نفسه) بطبعنا البشري العليل, وكأنَّه بذلك أراد أن يُوصِل الدَّواء إلى كُلّ الأعضاء المريضة. فقد احتوى الإنسان في نفسه, بل صار هو نفسه إنساناً، وشرح ذلك لتلاميذه قائلاً: "أنتم فيَّ وأنا فيكم" (يو 20:14). فبهذا الاتِّحاد قد رفع الإنسان إلى ما كان خاصًّا به هو. فإنَّه هو العَلِيّ, ولذلك قد جذب الإنسان الوضيع إلى فوق …» (ضدّ أبوليناريوس: 53، ب.ج 1252:45).]

رُهبان دير الأنبا مقار: التَّجسُّد والميلاد في تعالِيم آباء الكنيسة, دار مجلَّة مُرقس – صـ28-30. [القدِّيس كيرلُّس الكبير (376-444): ويدعوه التَّقليد القبطي «عمُود الدِّين»، وأمَّا التَّقليد اليوناني فيدعوه «خاتم الآباء» (σφραγις  των  πατερων سفراجس تون باتيرون), وذلك بسبب أنَّه جمع في تعليمه كل ما قاله السّابقون له, ونسَّقه وأبرزه في صورة أوضح وأكثر تكاملاً، كما سنرى في الأقوال التالية: «لقد صار جسداً، جاعلاً نفسه مُشابهاً لنا, لكي يُوحِّد بالله, بواسطة نفسه, ما كان بحسب الطَّبيعة مُنفصلاً جداً عنه.» (تفسير يو 46:4، ب.ج 429:73). «لقد صار الابن الوحيد الذي من جوهر الآب جسداً … لكي يُوحِّد ويُؤلِّف بطريقة ما, في نفسه, بين الأشياء المُتخالفة بحسب طبعها الخاصّ، والتي لم يكن مُمكناً أن تنجمع (يقصد اللاهوت والناسوت)، وذلك لكي يجعل الإنسان شريكاً للطَّبيعة الإلهيةإذاً فالسِّر الحاصل في المسيح قد صار بداية ووسيلة لاشتراكنا في الرُّوح واتحادنا بالله.» ( تفسير يو 20:17 و21، ب.ج 557:74). «لاحظوا أرجوكم كيف أنَّ الإنجيلي (يوحنا) اللاهوتي يُتوِّج بحكمةٍ كُلّ طبيعة البشر بقوله إنَّ الكلمة قد "حلَّ فينا". فهو يقصد بذلك بحسب اعتقاديأن يقول إنَّ تجسُّد الكلمة لم يحدث لأيِّة غاية أخرى, إلا لكي نغتني نحن أيضاً بشركة الكلمة بواسطة الرُّوح القُدُس, فنستمدّ منه غنى التَّبنِّي.» (تعاليم في تجسُّد الوحيد: 27). «لقد وُلِدَ بحسب الجسد من امرأة, آخذاً منها جسده الخاصّ, لكي يغرس نفسه فينا باتِّحاد لا يقبل الافتراق !» (تفسير لوقا 19:22، ب.ج 909:72). «فقد صار كلمة الله الآب مولوداً معنا بحسب الجسد, لكي نستطيع نحن أيضاً أن نغتني بالولادة التي من الله بالرُّوح القُدُس, فلا نُدعى بعد أولاداً للجسد, بل نتحوَّل بالحري إلى ما هو فوق الطَّبيعة, فنُدعى أولاداً لله بالنِّعمة !» (ضدّ نسطور 2:3, ب.ج 125:76). «فاقبل إذاً مني هذا السِّر العظيم والعميق، ولا تدع قلبك يحيد عن قانون الحقائق الإلهية الصَّحيح، فقد سمعتُ أنَّ الكلمة ابن الله الوحيد قد صار مثلنا, لكي نصير نحن أيضاً على مثاله، بقدر ما أنَّ هذا مُستطاع لطبيعتنا، وعلى قدر ما يُسمح بذلك تجديدنا الرُّوحي بواسطة النِّعمة. فقد وضع نفسه لكي يرفع إلى رفعته الخاصَّة ما هو وضيع بحسب الطَّبيعة، ولبس صورة العبد مع كونه بحسب الطَّبيعة هو الرَّب وهو الابن, لكي يجعل الذي هو عبد بالطَّبيعة يرتقي إلى مجد التَّبنِّي على مثاله هو. فقد صار مثلنا, أي إنساناً, لكي نصير نحن أيضاً على مثاله, أي آلهة وأبناءً، وقد أخذ لنفسه خاصَّة ماهو لنا, وأعطانا ما هو له !» (تفسير يوحنا 17:2، ب.ج 700:74).]

رُهبان دير الأنبا مقار: التَّجسُّد والميلاد في تعالِيم آباء الكنيسة, دار مجلَّة مُرقس – صـ36. [الميلاد وسرّ التَّجسُّد في حياتنا: ولا يقتصر تعليم الآباء عن الميلاد البتولي حدود التّأمُّل في أحداث الميلاد، لكنَّهم يُبشِّرون ويشرحون ما انتفعت به البشرية من وراء سرّ التَّجسُّد الخلاصي. فالقدِّيس كيرلُّس الكبير يرى في سرّ التَّجسُّد كأنَّه «مُبادلة». وكانت كلمات بولس الرسول لأهل كورنثوس أنَّ «يسوع المسيح افتقر وهو الغني لكي يغنينا بفقره», صارت موضوعاً مُحبَّباً للقدِّيس كيرلُّس .. فالابن «أخذ الذي لنا وأعطانا الذي له»: «أخذ شكل العبد لكي يُنعم علينا بما له.» (المسيح واحد، ب.ج 1268:75). «لقد صِرنا نحن على ما هو عليه، لمَّا صار هو على ما نحن عليه.» (على إنجيل مت 36:24).]

رُهبان دير الأنبا مقار: التَّجسُّد والميلاد في تعالِيم آباء الكنيسة, دار مجلَّة مُرقس – صـ37, 38. [فكلمة الله رفعنا إلى كل هذه الامتيازات بجعلنا شُركاء طبيعته الإلهية بالرُّوح القُدُس، وهكذا شرَّفنا بكرامة هذه الأخوية الإلهية: «كما أنَّ كلمة الله يسكن فيها بالرُّوح، فنحن ترقَّينا إلى كرامة البنُوَّة، إذ صار فينا الابن نفسه، الذي عَدَّنا مُشابهين له بشركة روحه، وكنتيجة لهذا نقول بثقة مُتكافئة مع ثقة الابن: "يا أبَّا، الآب".» (الكُنُوز 22 [لـ كيرلُّس الإسكندري]).]

رُهبان دير الأنبا مقار: التَّجسُّد والميلاد في تعالِيم آباء الكنيسة, دار مجلَّة مُرقس – صـ13, 14. [من عظة للقدِّيس أنبا مقار عن الميلاد: اليوم وُلد الرَّب الذي هو حياة وخلاص كل بشر. اليوم تمّ الصُّلح بين اللاهوت والناسوت, وبين الله والإنسان. اليوم انفتح الطَّريق للإنسان نحو الله، وطريق الله انفتح نحو النَّفس البشرية. فالطَّبيعة البشرية التي كانت قد ماتت بالتَّمام, بالبُعد عن الله، ولم تعد تأتي بثمار بعد، ونفسنا التي صارت يابسة وقفرة، اليوم قبلت الزَّرع السَّماوي لتثمر ثمار الرُّوح. لقد ظلَّ آدم وحده، ولو لم تتَّحِد به المرأة التي جُبلت منه لما أنتجت نسلاً. وهكذا النَّفس أيضاً، إن لم تتَّحِد بالمسيح وتدخل في شركة معه لا تستطيع أن تُثمر ثمار الرُّوح. فالزَّرع الإلهي هو الكلمة الذي حلَّ في بطن والدة الإله مريم، وهو يحلّ في كل النُّفوس المؤمنة فتولد منه ميلاداً روحياً هو الخلاص.]

رُهبان دير الأنبا مقار: التَّجسُّد والميلاد في تعالِيم آباء الكنيسة, دار مجلَّة مُرقس – صـ33. [إنَّ هذا السِّر العجيب قد أدهش حقاً القدِّيسين جميعاً، فيقول القدِّيس يوحنا ذهبي الفمّ مُتعجباً: «ماذا أقول ! وكيف أُصوِّر هذا الميلاد لكم ؟ فإنَّ هذه العجيبة تُفعمني بالدَّهش. قديم الأيام قد صار طفلاً. الجالس على العرش السَّماوي العَلِيّ، الآن يرقد في مِزود. والذي لا يُمكن الإحاطة به، الذي هو بسيط بلا تركيب، غير الجسدي، يخضع الآن لأيدي الناس. الذي حطم رباطات الخُطاة, الآن مُحاصَر بأحزمة الأطفال. ولكنَّ الرَّب حكم بأن يُصيِّر العيب شرفاً، والعار يلتحف بالمجد، وحاصل التَّحقِير مِقياساً لصلاحه.» (عظة على الميلاد، ب.ج 585:56).]

رُهبان دير الأنبا مقار: التَّجسُّد والميلاد في تعالِيم آباء الكنيسة, دار مجلَّة مُرقس – صـ22, 23. [القديس مليتو, أسقف ساردس (القرن الثاني): وهو أسقف مُعاصر للقدِّيس إيرينيئوس، وقد عاش في آسيا الصُّغرى. ونجد عنده صدى لنظرية إيرينيئوس في الانجماع الكُلِّي في المسيح، فهو أيضاً يرى أنَّ غاية تجسُّد الكلمة هي أن يجمع البشرية كُلّها, التي كانت قد انقسمت بفعل الخطية (المُعَبَّر عنها بالموت): «لأجل هذا  أرسل الآب ابنه غير الجسدي من السماء, وجعله يتجسَّد في أحشاء العذراء, ويولد إنساناً: لكي يُحيي الإنسان ويجمع أعضاءه التي فرَّقها الموت. فإنَّ الموت كان قد قسَّم الإنسان !» (المصادر المسيحية «Sources Chr.» الجزء 123, صـ238.)]

الحمد لله الذي بنعمته تتمّ الصالحات

اترك رد

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

%d