جنازة امرأة صالحة
العبد الفقير إلى الله أبو المنتصر شاهين الـمُلقب بـ التاعب
استيقظت من نومي مُبكراً. هذا اليوم لن يكون قصيراً, فهُناك امتحان يجب عليّ حضوره, ثم الذهاب إلى مسجد النور بميدان العبَّاسِيِّة لحضور الوقفة الخاصة لنصرة الأخت كاميليا شحاتة. ركبت السيارة المُتجهة العبَّاسِيِّة فور انتهائي من أداء الامتحان, ووصلت إلى مسجد النور قبل صلاة الظُّهر بنصف ساعة.
وجدت عدداً كبيراً من الإخوة الأفاضل أمام المسجد, فوقفت معهم واستمتعت بصحبتهم حتى سمعنا أذان الظهر, فدخلنا جميعاً المسجد لأداء الفريضة. بعد الانتهاء من صلاة الظَّهر, سمعنا الإمام يقول أن هناك صلاة جنازة, وبدأ يشرح سريعاً كيفيَّة أداء صلاة الجنازة؛ فقال إن الصلاة أربعة تكبيرات, بعد التكبيرة الأولى نقرأ الفاتحة, وبعد التكبيرة الثانية نُصلِّي على نبينا محمدٍ صلى الله عليه وسلم بالصيغة الإبراهيمية الموجودة في النصف الثاني من التَّشهُّد, وبعد التكبيرة الثالثة ندعو لصاحب الجنازة بما يفتحه الله علينا من الدعاء, ثم قال أن الجنازة لامرأة, وبعد التكبيرة الرابعة ندعو لعامة المسلمين من الأحياء والأموات, وبهذا تنتهي الصلاة, دون ركوع أو سجود.
عندما نظرت حولي؛ وجدت عدداً ضخماً من الإخوة الأفاضل من طلبة العلم المجتهدين, جاءوا جميعاً من كل حدب وصوب, لحضور الوقفة المُخصصة لنصرة الأخت كاميليا شحاتة. إنني أرى صفوة “البالتوك” من طلبة العلم والمشايخ الأفاضل الكرام: الأخ مُحدِّث حفظه الله, والأخ الشيخ جاويش حفظه الله, والأخ الدكتور حُسام أبو البخاري حفظه الله, والأخ الأستاذ خالد حربي حفظه الله, وغيرهم الكثير من الإخوة الأفاضل والمشايخ الكرام الذين جاءوا من كل مُحافظة تقريباً في مصر, قدَّر الله لهذه المرأة صاحبة الجنازة – التي لا نعلم حتى اسمها – أن يُصلي عليها كل هذا الجمع المُبارك من المشايخ وطلبة العلم ! ما هذه الكرامة, ما هذا الفضل العظيم.
بدأت أفكر وأنا أقف في الصف استعداداً للصلاة؛ هل سأحظى بمثل هذه الجنازة ؟! قال رسول الله صلى الله عليه وسلم مُخبراً عن رب العزَّة تبارك وتعالى: “أَنَا عِنْدَ ظَنِّ عَبْدِى بِي” (صحيح البخاري 7405), ولا أظن في ربي إلا خيراً, ولكنني أود أن أقول فقط, إن مثل هذه الجنازة لا يُلقَّاها إلا ذو حظٍ عظيم, ولابد أن من وسط كل هؤلاء المشايخ وطلبة العلم الذين دعوا للأخت بالمغفرة والعفو والثبات عند السؤال رجل صالح مُستجاب الدعاء, وأحسبهم جميعاً على خيرٍ ولا أزكيهم على الله.
فلنعمل جميعاً – إخواني الأفاضل وأخواتي الفُضليات – لمثل هذا اليوم, وكما قال الشاعر:
وَحَمَّـلُونِي عَلَى الأكْتَافِ أرْبَعَةٌ, مِــنَ الرِّجَالِ وَخَلْفِي مَنْ يُشَيِّعُنِي
وَقَدَّمُونِي إلَى المِحْرَابِ وَانْصَرَفُوا, خَلْفَ الإمَامِ فَصَلَّى ثُمَّ وَدَّعَنِي
صَلَّوا عَلَيَّ صَلَاةً لَا رُكُوعَ لَهَا, وَلَا سُجُودَ لَعَلَّ اللهَ يَرْحَمُنِي