بسم الله الرحمن الرحيم
من كان شيخه كتابه … !
تجميع العبد الفقير إلى الله أبو المنتصر شاهين المُلقَّب بـ التّاعِب
· من شرح ألفية العراقي للشيخ عبد الكريم بن عبد الله الخضير
[الكُتُب وحدها لا تكفي, بل لابُدّ من المُثُول بين يدي الشُّيُوخ، لابُدّ من أن يجلس على شيخ يتعلَّم من طريقته، وهديه، وسمته، ويتعلَّم كيفية تصرُّفه مع النُّصُوص، ثم بعد ذلك يستقلّ بالقراءة.]
· من دروس تفسير القرآن الكريم للشيخ أسامة علي محمد سليمان
[يقولون في أدب طالب العِلْم مع العلماء: من كان شيخه كتابه كان خطؤه أكثر من صوابه. ومن دخل إلى العِلْم وحده خرج من العِلْم وحده. ولا تأخذوا العِلْم من صُحُفيّ، ولا القرآن من مُصْحَفِيّ. كلّ عالم من علماء السَّلف كان له شيخ وشيوخ يتعلَّم على أيديهم.]
· من شرح كتاب الإيمان لأبي عبيد للشيخ عبد العزيز بن عبد الله الراجحي
[السُّؤال: لقد تكبَّدنا المشاقّ إليكم، لكن بعض الناس يقول: تكفي الكُتُب, ولا يلزم أن تذهبوا إلى المشايخ ؟ الجواب: لا، هذا ليس بصحيح، العِلْم إنَّما يؤخذ من أفواه العلماء، والكُتُب وحدها لا تكفي، وقديماً قيل: من كان شيخه كتابه فخطأه أكثر من صوابه، أمّا الأشرطة الطَّيِّبة المُفيدة, فإذا لم تستطع الحُضُور فهذا طيب.]
· من لقاء الباب المفتوح[[1]] للشيخ محمد بن صالح العثيمين (ت 1421 هـ)
[من الناس من يقول: إنَّه لا طريق إلى العِلْم إلا بالتَّعلُّم من مُعلِّم. ومن الناس من يقول: بل هُناك طريق إلى العِلْم, وهو التَّلقِّي من الكُتُب. والصَّواب: أنَّ الطَّريقَين صحيحان، التَّلقِّي من الكُتُب والتَّلقِّي من أفواه العلماء، ولكن لابُدّ من شرطٍ أساسي في هذين الأمرين: وهو أن يكون المؤلِّف موثوقاً في عقيدته وعلمه وأمانته. وكذلك نقول في المُعلِّم: لابُدّ أن يكون موثوقاً في عقيدته وعلمه وأمانته، ولكن تلقِّي العِلْم من أفواه العلماء أيسر وأضبط وأسرع؛ لأن العلماء كالطَّبّاخين الذين جهَّزوا لك الطَّعام، بخلاف الذي يُعاني طبخ الطَّعام، فإنَّه يشُقّ عليه، ورُبَّما يأكله قبل أن ينضج، ورُبَّما يحرق قبل أن يأكله، فالتَّلقِّي من العلماء أيسر وأضبط، ولهذا نرى بعض الإخوة, بل بعض العلماء الذين اعتمدوا في علمهم على قراءة الكُتُب فقط, نرى عندهم أحياناً شطحات بعيدة جداً عن الصَّواب؛ لأنَّهم لم يتلقُّوا عن علماء ناضجين، لكن إذا لم تجد العالم الذي تتلقَّى من فِيه، فاقرأ الكُتُب، ثم إنَّه إذا قُلنا: إنَّ التَّلقِّي من العالم أسرع وأحفظ، فلا يعني ذلك ألا يرجع الطالب إلى الكُتُب، بل يرجع إلى الكُتُب, ولكن رُجُوعاً مُقيَّداً بتوجيه العالم الذي يقرأ عليه.]
[هذا يقول أنَّه إذا كان لا يستطيع أن يحضر الدَّرس, وتلقَّى العِلْم من الأشرطة, فهل هذا يقوم مقام الحُضُور، أو أنَّه يُقال فيه ما يُقال في أخذ العِلْم من الكُتُب: وأنَّ من أخذ عِلْمه من كتابه فخطأه أكثر من صوابه ؟ الجواب: هي ثلاث درجات: الدَّرجة الأولى وهي أعلاها: أن يأخذ من أفواه الشُّيُوخ ويحضر المجالس، وهذه أعلاها بلا شكّ؛ لأنَّ الإنسان يتأثَّر بنبرات القول, وانفعال المُدرِّس، ويفهم حسب ذلك. الدَّرجة الثانية: الأشرطة، الأشرطة تفوته المُشاهدة, لكنَّه يسمع الصَّوت كما هو، وهذا أقلّ من المُشاهدة، لكن فيه خير كثير.[[2]] الثالث: الكتاب، وهذا نافع بلا شكّ. فهذه ثلاثة طُرُق، كان في الأول ليس هُناك إلا طريقان وهُما: المُجالسة أو الكتاب، أمّا الآن والحمد لله صار هذا الوسط. وأمّا قول من قال: إنَّ من كان علمه من كتابه فخطأه أكثر من صوابه. فهذا غير صحيح، يعني: معناه ليس عاماً؛ لأنَّه يوجد أُناس قرأوا العِلْم بالكُتُب وحصَّلوا خيراً كثيراً، لكن القراءة في الكُتُب تحتاج إلى وقت أكثر, وتحتاج أيضاً إلى فهم؛ لأنَّ الطّالب المبتدئ قد يفهم العبارة على خلاف المقصود به فيضل.]
· من كتاب: مجموع فتاوى العلامة عبد العزيز بن باز رحمه الله (ت 1420 هـ), المُجلَّد السابع – صـ239.
[السُّؤال السّابع: ما رأي فضيلتكم في هذه العبارة التي تتردَّد على ألسنة كثير من طلبة العِلْم, وهي: من كان شيخه كتابه ضلّ عن صوابه ؟ الجواب: المعروف أنَّ من كان شيخه كتابه فخطؤه أكثر من صوابه, هذه هي العبارة التي نعرفها. وهذا صحيح, أنَّ من لم يدرس على أهل العِلْم، ولم يأخذ عنهم، ولا عرف الطُّرُق التي سلكوها في طلب العِلْم، فإنَّه يُخطئ كثيراً، ويلتبس عليه الحق بالباطل، لعدم معرفته بالأدلة الشرعية، والأحوال المرعية التي درج عليها أهل العِلْم، وحقَّقوها وعملوا بها. أمّا كون خطئه أكثر فهذا محلّ نظر، لكن على كلّ حال أخطاؤه كثيرة، لكونه لم يدرس على أهل العلم، ولم يستفد منهم، ولم يعرف الأصول التي ساروا عليها, فهو يخطئ كثيراً، ولا يُميِّز بين الخطأ والصَّواب في الكُتُب المخطوطة والمطبوعة. وقد يقع الخطأ في الكتاب ولكن ليست عنده الدِّراية والتَّمييز فيظنّه صواباً، فيفتي بتحليل ما حرَّم الله، أو تحريم ما أحلّ الله، لعدم بصيرته؛ لأنَّه قد وقع له خطأ في كتاب.]
الحمد لله الذي بنعمته تتمّ الصالحات
[1] لقاءات كان يعقدها الشيخ بمنزله كل خميس. بدأت في أواخر شوال 1412هـ وانتهت في الخميس 14 صفر، عام 1421هـ
[2] في الحقيقة, نستطيع أن نضيف قبل سماع الأشرطة أو التَّسجيلات الصَّوتية, الفيديوهات المرئية, فإنَّك تُشاهد المُعلِّم وتسمع صوته, ولكن الفارق بين مُشاهدة الفيديو والتَّلقِّي المُباشر من المُعلِّم هو إمكانية السُّؤال والاستفسار في أي وقت, بالإضافة إلى ذلك, فإنَّ المُعلِّم يرى تعبيرات وجهك, ويستطيع أن يحكم على مدى فهمك, فقد يُضيف تعليقات وشُرُوحات زائدة لاستشعاره بحاجتك لها, وقد يُساعدك على التَّغلُّب على خجلك من الاستفسار فتتشجَّع فتسأل فتفهم. فلا شكّ إذاً أنَّ الحُضُور والتَّلقِّي المُباشر هو أعلى درجة في طلب العلم, تليها مُشاهدة الفيديوهات, تليها الاستماع للمُحاضرات, تليها قراءة الأبحاث والكتابات.