بسم الله الرحمن الرحيم
مطوية: هل العلمانية هي الحل؟!، محمد حمدي عُمر
لتحميل المطوية على هيئة مقال: (DOC) (PDF)
الخطوط المُستخدمة – لتحميل التَّصميم PSD
بالطَّبع سمعنا هذه الكلمة كثيراً خلال الفترة الماضية:
العلمانية هي الحلّ؛ لإنقاذ الأوطان والشُّعُوب من المِحَن التي أحلَّت بها!
بغضّ النَّظر عنّ الشِّعارات الرَّنَّانة التي تُستخدم مِن قِبَل مَن وُصِفوا بأنَّهم مُثقَّفين، حتى خَرَج علينا مَن ادَّعى أنَّ الشَّعب المصريّ علمانيّ بطبعه! دعونا نرى سوياً هل حقاً العلمانية هي الحلّ؟! هل الشَّعب المصريّ بالفعل علمانيّ بطبعه؟!
في البداية: ماذا تعرف عن العلمانية؟!
يجب أن تعرف أوَّلاً أنَّ كلمة العلمانية ليس لها تعريف مُحدَّد أو أصل أو جَذْر مُعيَّن، وقد كَتَبَ الكثيرون في تعريف تِلْك الكلمة، منهم مَن كَتَبَ تعريفاً سطحياً، ومنهم مَن تعمَّق في التَّعريف، وهذا ما سوف نُحاول إيجازه.
«دائرة المعارف البريطانية» تُعرِّف العلمانية على أنَّها «حركة اجتماعية، تهدف إلى صَرْف النَّاس وتوجيهم مِن الاهتمام بالآخرة إلى الاهتمام بهذه الدُّنيا وحدها».
«مُعجم أكسفورد» عرَّف العلمانية على أنَّها «الرَّأي الذي يقول أنَّه لا ينبغي أن يكون الدِّين أساساً للأخلاق والتَّربية».
أمَّا «المُعجم الدَّولي الثالث الجديد»، فإنَّه عرَّف العلمانية على أنَّها «نظام اجتماعي في الأخلاق، مُؤسَّس على فكرة وُجُوب قيام القِيَم السُّلُوكية والخُلُقِيَّة على اعتبارات الحياة المُعاصرة والتَّضامُن الاجتماعي، دون النَّظر إلى الدِّين».
إذن، نحن أمام تعريفات كثيرة، تُعطي معاني مُتعدِّدة للعلمانية، ولكنَّ كلّ هذه التَّعريفات اجتمعت على مضمون كلمة علمانية تعني باختصار: فَصْل الدِّين عَنْ الحياة!
العلمانيّ المصريّ أو العربي مُتخبِّط؛ لأنَّه استحضر العلمانية الغربية التي قامت على أعقاب الثَّورة على رجال الكنيسة الكاثوليكية، ومع حركة التَّمرُّد التي قامت، ظهرت العلمانية الحديثة؛ فجُذُور العلمانية ترجع لطائفة يهودية تسُمَّى «الصِّدُّوقِيُّون»، والتي ظهرت قبل ظُهُور المسيحية بثلاثة قُرُون.
العلماني العربي يقع في حيرةٍ شديدةٍ، فهو استحضر شيئاً من الغرب، وأراد تطبيقه كما هو في عالمنا الإسلامي العربي، والذي بالفعل يرفض، أو لا تُوجد في أبجدياته «الكهنوت الديني» ..!!
الآن أصبح أمام العلماني العربي طريق واحد يسلكه:
وهو النَّقد والتَّربُّص بتصرفات فردية لبعض المحسوبين على «التَّيَّار الإسلامي».
أصبح هدف العلماني تضخيم حوادث فردية، أو اختلاق افتراءات، لتسويقها على أنَّها بسبب وُجُود نوع من أنواع «الكهنوت الدِّيني».
وهكذا يجب أن نفصل «الدِّين» عن «السِّياسة» كمرحلة أوَّلِيَّة، ثمَّ ننتقل إلى فصل «الدِّين» عن «الحياة» بشكلٍ كاملٍ.
هكذا في النِّهاية، يصبح من حقّ كلّ فرد أن يتصرَّف بما يراه مُناسباً، ومع الوقت، ستنتشر الإباحية، والشُّذُوذ، وكلّ الأفعال السَّلبية، دون وُجُود رقيب أو حسيب أخلاقي أو ديني أو حتى قانوني.
العلماني يهرب من الحقيقة السَّابقة، ويُحاول الابتعاد عن هذا السؤال: هل العلمانية تسمح لأختك أن تزني وتنجب دون زواج؟! ولكن بالرَّغم من ابتعاد العلماني عن هذا السُّؤال، فقد صرَّح بهذا مُخرج في حلقة تلفزيونية، وقد عرَّف نفسه بأنَّه علماني.
صديقي العزيز …
العلمانية ببساطة فِكْر مُخالف للعقيدة الإسلامية، يُريدك في الحقيقة أن تنزع الدَّين من حياتك، لتعيش فقط لدُنياك، بدون أي سُلطان إلهي على تصرُّفاتك وأفعالك.
العلمانية دعوة يهودية صهيونية بامتياز، تريد السَّيطرة على عُقُول وقُلُوب الشَّباب العربي، ليخرج جيل لا يُفكِّر في الدِّفاع عن أرضه أو عِرْضه، ولكن يُفكِّر فقط في حياته الدُّنيوية، وملذَّاته، وشهواته، دون قيدٍ من شرعٍ أو دين.
ولا يجب أن ننسى الإشارة إلى إنَّ «الإلحاد» هو الابن غير الشَّرعي للعلمانية! فالإلحاد خرج من تحت غطاء العلمانية، وكبر ونمى وترعرع في أحضان مَن يُسمُّوا بالعلمانيين العرب، فإنَّك لا تكاد تجد علمانياً عربياً إلَّا وهو مُلحد في الحقيقة! (عن خبرة!)
ولنرجع للعلمانية ونطرح هذا السُّؤال الهامّ: كيف دَخَلَت العلمانية إلى العالم العربي؟!
والإجابة في النِّقاط التالية:
– انحراف المُسلمين عن العقيدة الصَّحيحة وانهيار الخلافة.
– الاستعمار الغربي للدّول الإسلامية، والغزو الثقافي للبلاد.
– ظُهُور طبقة مُدَّعي التَّنوير، والمُستشرقين، ومُدَّعي التَّجديد.
– انتشار التَّنصير والإرساليات المسيحية في بلاد المسلمين.
– دور الأقليات غير المُسلمة في نشر العلمانية.
– تقدُّم الغَرْب وتأخُّر المُسلمين في ميدان العِلْم.
– البعثات للدّول الأجنبية.
هُناك بالتَّأكيد أسباب أخرى أدَّت لظُهُور العلمانية في الدّول العربية الإسلامية، ولكن ولنعود لمصرنا الحبيبة، والسؤال:
كيف ظهرت العلمانية في مصر؟!
اللَّبنة الأولى لظُهُور العلمانية كانت مع «الحَمْلَة الفِرِنْسِيَّة» على مصر، رغم أنَّها لم تكُن المُحاولة الأولى، لكنَّها كانت ناجحة.
باختصار، نذكر ما قاله الملك «لويس التاسع»، ملك فرنسا وقائد الحملة الصَّليبية الثَّامنة: «لا سبيل إلى السَّيطرة على المُسلمين عن طريق الحَرْب أو القُوَّة؛ ذلك لأنَّ في دينهم عاملٌ حاسمٌ، هو عامل المُواجهة والمُقاومة والجهاد، وبذل النَّفس والدَّمّ الرَّخيص في سبيل حماية العِرْض والأرض، ومع وُجُود هذه المعاني عند المُسلمين، فمن المُستحيل السَّيطرة عليهم، لأنَّهم قادرون دوماً على المُقاومة ودحر الغزو الذي يقتحم بلادهم، وأنَّه لابُدَّ من إيجاد سبيل آخر، من شأنه أن يُزيِّف هذا المفهوم عند المُسلمين، حتى يصبح مفهوماً أديباً ووجدانياً، وإيجاد ما يُبرِّره على نحوٍ من الاتِّجاهين ما يُسقط خُطُورته واندفاعه، وأنَّ ذلك لا يتمّ إلَّا بتركيزٍ واسعٍ على الفِكْر الإسلامي، وتحويله عن مُنطلقاته وأهدافه، حتى يستسلم المُسلمون أمام بقاء القُوَّة الغربية، وتُروِّض أنفسهم على قُبُولها على نحو من اتِّجاه الأهواء والصَّداقة والتَّعاون».
هكذا دخلوا بلادنا، ويُريدن بكلّ بساطة أن يتحكَّموا فينا عن طريق إبعادنا عن الدِّين، فكم مِنَّا يعي ويعرف هذا؟!
كَم مِمَّن يدَّعون العلمانية على مواقع التَّواصُل الاجتماعي، وفي واللِّقاءات التلفزيونية، يعرفون هذه الحقائق؟!
لنفترض أنَّهم لا يعرفون!
نحن الآن ندعوهم لترك هذه المذاهب الباطلة، المُخالفة للعقيدة الإسلامية، والتي أعمت أذهانهم عن الواقع، وجعلتهم مُجرَّد أدوات غَرْبِيَّة صهيونية لتدمير عُقُول الشَّباب العربي المسلم!
إنَّها دعوة مفتوحة لكل من يُردِّد مقولة العلمانية هي الحل!
هل ترى فعلاً أن فصل الدِّين عن الحياة هو الحلّ؟!
أشكّ في ذلك يا صديقي، إنَّ الالتزام بالدِّين والوحي هو مفتاح الحياة الطَّيِّبة السَّعيدة، والسَّعي لفَهْم الدِّين وتطبيقه هو مدخل لتعمير الأرض وإعادة الأمجاد.
دعوة لكل علماني، أَعْمِل عقلك لتفهم وتعرف وتُدْرِك حَجْم المُشكلة التي أوقعت نفسك فيها، لمُجرَّد أنَّك تُريد أن تكون مُختلفاً عن الآخرين! هدانا الله وإيَّاك إلى سبيل الرَّشاد.