القائمة إغلاق

خُلاصة كتاب: تاريخ الكنيسة لـ يوسابيوس القيصري

بسم الله الرحمن الرحيم

خُلاصة كتاب: تاريخ الكنيسة لـ يوسابيوس القيصري

يوسابيوس القيصري: تاريخ الكنيسة, ترجمة: مرقس داود, مكتبة المحبة, ك 3 : ف 3 : ع 1 إلى 7 – صـ96, 97. [إن رسالة بطرس الأول مُعترف بصحَّتها. وقد استعملها الشُّيوخ الأقدمون في كتابتهم كسفر لا يقبل أي نزاع. على أننا علمنا بأنَّ رسالته الثانية الموجودة بين أيدينا الآن ليست ضمن الأسفار القانونية, ولكنَّها مع ذلك إذ اتَّضحت نافعة للكثيرين فقد استُعملت مع باقي الأسفار. أمّا ما يُسمّى «أعمال بُطرُس» و «الإنجيل» الذي يحمل اسمه و «الكرازة» و «الرؤيا» – كما سُمِّيَت – فإنَّنا نعلم أنَّها لم تُقبل من الجميع لأنَّه لم يقتبس منها أي كاتب حديث أو قديم. على أنَّني سأحرص أن أُبيِّن في مؤلِّفي التاريخي – علاوة على التسلسل الرَّسمي – ما اعتاد كُتّاب الكنيسة اقتباسه من وقت لآخر من الأسفار المُتنازع عليها, وما قالوه عن الأسفار القانونية المقبولة, وعن غيرها. أمّا الأسفار التي تحمل اسم بُطرُس, فالذي أعرفه هو أن رسالة واحدة فقط قانونية ومُعترف بها من الشُّيُوخ الأقدمين. وأمّا رسائل بولس الأربع عشرة, فهي معروفة ولا نزاع عليها, وليس من الأمانة التَّغاضي عن هذه الحقيقة, وهي أن البعض رفضوا رسالة العبرانيين قائلين أنَّ كنيسة روما شكَّكت فيها على أساس أن بولس لم يكتبها. أمّا ما قاله الذين سبقونا عن هذه الرسالة فسأفرد له مكاناً خاصًّا في الموضع المُناسب. وأمّا عن «أعمال بولس» فلم أجده بين الأسفار غير المُتنازع عليها. ولكن نظراً لأنَّ نفس الرَّسول في تحيته الواردة بآخر رسالة رومية ذكر – ضمن من ذكرهم – هرماس الذي يُنسب إليه السفر المُسمَّى "الراعي" فيجب مُلاحظة أن هذا السفر مُتنازع عليه ولا يُمكن وضعه ضمن الأسفار المُعترف بها, مع أن البعض يعتبرونه لا غنى عنه سيَّما عند من يُريدون تعلُّم مبادئ الإيمان. وعلى أي حال, فنحن نعرف أنَّه يُقرأ في الكنائس, كما تبيَّنت أن البعض من أقدم الكُتّاب اقتبسوا منه. وهذا يكفي لإيضاح الأسفار غير المُتنازع عليها والأسفار غير المُعترف بها من الجميع.]

يوسابيوس القيصري: تاريخ الكنيسة, ترجمة: مرقس داود, مكتبة المحبة, ك 3 : ف 16 – صـ117. [وتوجد بين أيدينا رسالة لاكليمنضس هذا, مُعترف بصحَّتها, وهي طويلة جداً وهامَّة جداً. وقد كتبها باسم كنيسة روما إلى كنيسة كورنثوس عندما قامت فتنة في هذه الكنيسة الأخيرة. ونحن نعلم أن هذه الرسالة كانت تُستعمل في كنائس كثيرة في العُصُور الماضية ولا زالت. أمّا عن قيام فتنة في كنيسة كورنثوس في الوقت المُشار إليه, فشهد بذلك هيجيسبوس وشهادته صادقة.]

يوسابيوس القيصري: تاريخ الكنيسة, ترجمة: مرقس داود, مكتبة المحبة, ك 3 : ف 24 : ع 15 – صـ126. [أمّا لوقا فإنَّه هو نفسه في بداية إنجيله يُبيِّن السَّبب الذي دعا إلى كتابته, فيُقرِّر بأنَّه إذ كان آخرون كثيرون قد تسرَّعوا في تأليف قصَّة عن الحوادث المُتيقنة عنده, فقد أحسّ هو نفسه بضرورة إراحتنا من آرائهم غير المُتيقنة, ودوَّن في إنجيله وصفاً دقيقاً لتلك الحوادث التي تلقى عنها المعلومات الكاملة, يُساعد على هذا صداقته الوثيقة لبولس وإقامته معه, ومعرفته لسائر الرُّسُل.]

يوسابيوس القيصري: تاريخ الكنيسة, ترجمة: مرقس داود, مكتبة المحبة, ك 3 : ف 24 : ع 17 و 18 – صـ126. [أمّا عن كتابات يوحنا فإنَّ إنجيله ليس هو الوحيد الذي قُبِل الآن وفي العُصُور السّابِقة بدون نِزاع, بل أيضاً رسالته الأولى. ولكن الرِّسالتين الآخرين مُتنازع عليهما. وأما عن سفر الرؤيا فإنَّ آراء أغلبية الناس لا تزال مُنقسمة. ولكننا في الوقت المُناسب سنفصل في هذه المسألة أيضاً من شهادة الأقدمين.]

يوسابيوس القيصري: تاريخ الكنيسة, ترجمة: مرقس داود, مكتبة المحبة, ك 3 : ف 25 : ع 1 إلى 5 – صـ127. [وطالما كُنّا بصدد البحث في هذا الموضع, فمن المُناسب أن نُحصي كتابات العهد الجديد السّابق ذكرها. وأول كل شيء إذاً يجب أن توضع الأناجيل الأربعة, يليها سفر أعمال الرسل. بعد هذا يجب وضع رسائل بولس, يليها في الترتيب رسالة يوحنا الأولى التي بين أيدينا, وأيضاً رسالة بطرس. بعد ذلك تُوضع – إن كان ذلك مُناسباً حقاًرؤيا يوحنا, التي سنبين الآراء المختلفة عنها في الوقت المناسب. هذه إذاً هي جميعها ضمن الأسفار المقبولة. أمّا الأسفار المتنازع عليها, المُعترف بها من الكثيرين بالرَّغم من هذا, فبين أيدينا الرسالة التي تُسمَّي رسالة يعقوب ورسالة يهوذا وأيضاً رسالة بطرس الثانية, والرسالتان اللتان يُطلق عليهما رسالتا يوحنا الثانية والثالثة, سواء انتسبتا إلى الإنجيلي أو إلى شخص آخر بنفس الاسم. وضمن الأسفار المرفوضة, يجب أن يعتبر أيضاً أعمال بولس وما يسمى بسفر الراعي ورؤيا بطرس, ويضاف إلى هذه رسالة برنابا التي لا تزال باقية, وما يسمى تعاليم الرسل, وإلى جانب هذه, كما قدمت, رؤيا يوحنا, إن كان ذلك مناسباً, التي يرفضها البعض كما قدَّمتُ, ولكن الآخرين يضعونها ضمن الأسفار المقبولة. وضمن هذه النتيجة, يضع البعض أيضاً إنجيل العبرانيين الذي يجد فيه لذّة خاصَّة العبرانيون الذين قبلوا المسيح. وكل هذه يصح اعتبارها ضمن الأسفار المُتنازع عليها.]

يوسابيوس القيصري: تاريخ الكنيسة, ترجمة: مرقس داود, مكتبة المحبة, ك 5 : ف 8 : ع 1 إلى 8 – صـ214, 215. [نظراً لأنَّنا في بداية هذا المؤلَّف وعدنا بأن نُقدِّم, عند اللُّزُوم, أقوال آباء الكنيسة وكُتّابها, التي فيها أعلنوا ما وصل إليهم من التَّقاليد بخصوص الأسفار القانونية, ونظراً لأنَّ إيريناوس هو أحدهم, فإنَّنا سنُقدِّم الآن أقواله, وأولاً ما يقوله عن الأناجيل المُقدَّسة: «لقد نشر متَّى إنجيل بين العبرانيين بلُغتهم, إذ كان بطرس وبولس يكرزان ويؤسِّسان الكنيسة في روما. وبعد ارتحالهم نقل إلينا مُرقستلميذ بطرس ولسان حاله – كتابة تلك الأمور التي كرز بها بطرس. ودوَّن لوقاالذي كان مُلازماً لبولسفي كتابه الإنجيل الذي أعلنه بولس. بعد ذلك نشر يوحنا – تلميذ الرَّب, والذي كان أيضاً يضطَّجِع على صدره – إنجيله إذ كان مُقيماً في أفسس بآسيا». هذا ما دوَّنه في الكتاب الثالث من مؤلِّفه السّابِق ذكره. أمّا في الكتاب الخامس فيتحدَّث كما يلي عن رؤيا يوحنا وعدد اسم ضدّ المسيح: «ولأنَّ هذه الأمور هي كذلك, ولأنَّ هذا العدد قد وُجِدَ في كل النُّسَخ القديمة المُعترف بها, يؤيِّد صحته من رأوا يوحنا وجهاً لوجه, والمنطِق يُعلِّمنا أنَّ عدد اسم الوحش يتبيَّن من حروفه, وذلك حسب طريقة الحساب بين اليونانيين …». وبعد قليل قال عن نفس الموضوع: «وليست لنا الجُرأة الكافية للتَّحدُّث بتدقيق عن اسم ضدّ المسيح: لأنَّه لو كان ضرورياً أن يُذاع اسمه بصراحة في الوقت الحاضر لكان الذي رأى الرؤيا قد أعلنه. لأنَّه رآها مُنذ وقت وجيز, في جيلنا تقريباً, في أواخر مُدَّة حُكم دومتيانوس». هذا ما ذكره في المؤلِّف المُشار إليه عن رؤيا يوحنا. وقد ذكر أيضاً رسالة يوحنا الأولى, مُقتبساً أدلَّة كثيرة منها, وأيضاً من رسالة بطرس الأولى. وهو لا يعرف كتاب «الرّاعي» فقط بل أيضاً يقبله, وقد كتب عنه ما يلي: «حسناً تكلَّم السِّفر قائلاً: أوَّل كل شيء آمن بأن الله واحد, الذي خلق كل الأشياء وأكملها» إلخ. وهو يستعمل تقريباً نفس كلمات حكمة سليمان قائلاً: «إنَّ رؤية الله تنتج خلوداً, والخلود يُقرِّبنا من الله».]

يوسابيوس القيصري: تاريخ الكنيسة, ترجمة: مرقس داود, مكتبة المحبة, ك 3 : ف 14 : ع 1 و 2 – صـ261. [وبالاختصار, لقد قدَّم (أي: اكليمنضس الإسكندري) في مؤلِّفه «وصف المناظر» وصفاً مُوجزاً عن جميع الأسفار القانونية, دُون أن يحذف الأسفار المُتنازع عليها, أعني رسالة يهوذا والرَّسائل الجامعة الأخرى, ورسالة برنابا, والسِّفر المُسمَّى رؤيا بطرس. ويقول إنَّ الرسالة إلى العبرانيين من تأليف بولس, وأنَّها كُتِبَت إلى العبرانيين باللغة العبرانية, ولكن لوقا ترجمها بدقة ونشرها إلى اليونانيين, ولذا فإنَّه يوجد في هذه الرسالة نفس أسلوب التَّعبير الذي في سفر الأعمال.]

يوسابيوس القيصري: تاريخ الكنيسة, ترجمة: مرقس داود, مكتبة المحبة, ك 6 : ف 25 : ع 1 إلى 14 – صـ273-276. [وعند تفسيره للمزمور الأول, قدَّم (أي: أوريجانوس الإسكندري) قائمة لأسفار العهد القديم كما يلي: «يجب أن يُقرَّر بأن الأسفار القانونية كما سلَّمها إلينا العبرانيُّون اثنان وعشرون, وهي تتَّفِق مع عدد حروفهم الهجائية». وبعد ذلك يقول: «أمّا أسفار العبرانيُّون الاثنان والعشرون فهي كما يلي: السفر الذي نُسمِّيه التَّكوين, ولكن العبرانيين يُسمُّونه بأول كلمة فيه «براشيت» ومعناها «في البدء» – الخروج, واسمه «ولسموث» أي: «هذه الأسماء» – اللاويُّون, واسمه «ويكرا», أي: «وداعاً» – العدد, واسمه «امسفيكوديم» – التثنية, واسمه «اليادباريم» أي: هذا هو الكلام – يشوع بن ناف, أويوسو بن نون – القضاة وراعوث في سفر واحد, واسمه «سفاتيم» – الملوك الأول والثاني في سفر واحد, واسمه صموئيل, أي: المدعو من الله – الملوك الثالث والرابع في سفر واحد, واسمه «وملش داود», أي: مملكة داود – أخبار الأيام الأول والثاني في سفر واحد, واسمه دبرايمن, أي: أخبار الأيام – عزرا الأول والثاني, واسمه عزرا, أي: مُساعد – المزامير, واسمه «سفارثليم» – أمثال سليمان, واسمه «ملوث» – الجامعة, واسمه «كولث» – نشيد الإنشاد (لا إنشاد الإنشاد كما يزعم البعض), واسمه «سير هساريم» – أشعيا, واسمه «يسيا» – إرميا مع المراثي والرسالة في سفر واحد, اسمه إرميا – دانيال, واسمه دانيال – حزقيال, واسمه يزقيال – أيوب, واسمه أيوب – أستير, واسمه أستير. وعلاوة على هذه, يوجد سفرا المكابيين, واسمها «ساربث سابانيل».» هذا ما ذكره في المؤلَّف السّابِق ذكره. وفي كتابه الأول عن إنجيل متَّى, الذي يُبيِّن فيه عقيدة الكنيسة, يشهد بأنَّه لا يعرف سوى أربعة أناجيل, ويكتب الآتي: «بين الأناجيل: الأربعة, وهي الوحيدة التي لا نزاع بشأنها في كنيسة الله تحت السماء, عرفتُ من التَّقليد أنَّ أولها كتبه متَّى, الذي كان عشّاراً, ولكنَّه فيما بعد صار رسولاً ليسوع المسيح, وقد أُعِدّ للمُتنصِّرين من اليهود, ونُشِر باللغة العبرانية. والثاني كتبه مرقس وقد كتبه وفقاً للتعليمات التي تلقّاها من بطرس, الذي في رسالة الجامعة يعترف به ابناً قائلاً: تُسلِّم عليكم التي في بابل المُختارة معكم, وكذا مرقس ابني. والثّالِث كتبه لوقا, وهو الإنجيل الذي أقرَّه بولس, وكُتِب من أجل المُتنصِّرين من الأمم. وآخر الكل الإنجيل الذي كتبه يوحنا. (…) وبطرس الذي بُنِيَت عليه كنيسة المسيح التي لا تقوى عليها أبواب الجحيم, ترك رسالة واحدة مُعترف بها, ولعلَّه ترك رسالة ثانية أيضاً, ولكن هذا أمر مشكوك فيه. وهل نحن في حاجة للتَّحدُّث عن ذاك الذي اتَّكأ في حضن يسوع, أي: يوحنا الذي ترك لنا إنجيلاً واحداً, رغم أنَّه اعترف بأنَّه كان مُمكناً له أن يكتب كثيراً جداً ممّا لا يسعه العالم. وكتب أيضاً سفر الرؤيا, ولكنَّه أُمِرَ بأن يصمت ولا يكتب الكلمات التي تكلَّمت بها الوعود السبعة. وترك أيضاً رسالة قصيرة جداً, ورُبَّما أيضاً رسالة ثانية وثالثة, ولكنَّهما ليسا مُعترفا بصحَّتهما من الجميع, وهُما معاً لا تحتويان على مائة سطر». وعلاوة على هذا يُقرِّر ما يأتي بخصوص الرِّسالة إلى العبرانيين في عظاته عنها: «إنَّ كل من يستطيع تمييز الفرق بين الألفاظ اللُّغوية يُدرك أنَّ أسلوب الرِّسالة إلى العبرانيين ليس عامّيًّا كلُغة الرسول الذي اعترف عن نفسه بأنَّه عامّيّ في الكلام, أي في التَّعبير, بل تعبيراتها يونانية أكثر دقَّة وفصاحة. بل لابد أن يعترف, كل من يفحص النَّص الرَّسوليّ بدقَّة, أنَّ أفكار الرِّسالة عجيبة وليست دون الكتابات الرَّسولية المُعترف بها.» وبعد ذلك يُضيف ما يأتي: «وإن سُمِحَ لي بإبداء رأيي, قُلتُ إنَّ الأفكار هي أفكار الرَّسول, أمّا الأسلوب والتَّعبيرات فهي لشخصٍ تذكَّر تعاليم الرسول, ودوَّن ما قاله مُعلِّمه عندما سمحته له الفُرصة. لذلك إن اعتقدت أيّة كنيسة أنَّ بولس هو الذي كتب هذه الرِّسالة فلتَقْبَل لأجل هذا. لأنَّه لابُدّ أن يكون للأقدمين تعليلهم عندما سلَّموها إلينا على أساس أنَّها للرسول. أمّا من كَتَب الرِّسالة فاللهُ يعلم. يقول بعض من سبقونا إنَّ اكليمنضس أسقف روما كَتَب الرِّسالة, والآخرون إنَّ كاتبها هو لوقا, مؤلِّف الإنجيل وسفر الأعمال.»]

يوسابيوس القيصري: تاريخ الكنيسة, ترجمة: مرقس داود, مكتبة المحبة, ك 7 : ف 25 : ع 1 إلى 27 – صـ329-332. [بعد هذا تحدَّث هكذا (أي: ديونيسيوس الكبير بابا الإسكندرية في القرن الثالث) عن رؤيا يوحنا: «لقد رفض البعض ممَّن سبقونا السفر وتحاشوه كليَّةً, مُنتقدينه إصحاحاً إصحاحاً, ومُدَّعين بأنَّه بلا معنى, عديم البراهين, وقائلين بأنَّ عُنوانه مُزوَّر. لأنَّهم يقولون إنَّه ليس من تصنيف يوحنا, ولا هو رؤيا, لأنَّه يحجبه حجاب كثيف من الغُمُوض. ويؤكِّدون أنَّه لم يكتبه أي واحد من الرُّسُل, أو القديسين, أو أي واحد من رجال الكنيسة, بل أنَّ كورنثوس مؤلِّف الشِّيعة التي تُدعى الكورنثيون, إذ أراد أن يُدعِّم قصَّته الخيالية نسبها إلى يوحنا. وهذا ما نادى به: إنَّ ملكوت المسيح سوف يكون ملكوتاً أرضيًّا, ولأنَّه كان مُنغمساً في ملذّات الجسد, وشهوانيًّا جداً, فقد علَّمَ بِأنَّ الملكوت سوف يكون قائماً على هذه التي أحبَّها, أي في شهوة البُطُون والشَّهوة الجنسية, أو بتعبير آخر: في الأكل والشُّرب والتَّزوُّج والولائم والذّبائح وذبح الضَّحايا, ظنًّا منه بأنَّه تحت هذا السِّتار يستطيع إشباع شهواته بطريقة أكثر قُبُولاً. على أنَّني لم أتجاسر أن أرفض السفر لأنَّ الكثيرين من الإخوة كانوا يُجلُّونه جداً ولكنَّني أعتبر أنَّه فوق إدراكي, وأن في كل جزء معاني عجيبة جداً مُختفية لأنَّني إن كُنتُ لا أفهم الكلمات فأظنّ أن وراءها معنى أعمق. وإنَّني لا أُريد أن أقيسها أو أحكم عليها بعقلي, بل أعتبرها أعلى من أن أدركها, تاركاً مجالاً أوسع للإيمان. ولستُ أرفض ما لا أدركه, بل بالعكس, أتعجَّب لأنَّني لا أفهمه.» بعد هذا يفحص كل سفر الرؤيا وبعد أن يُبرهن استحالة فهمه حرفيًّا يبدأ القول: «بعد أن أكمل النبي كل النُّبوَّة, كما دُعِيَت, يُصرِّح بغبطة من يحفظونها وغبطة نفسه إذ يقول: طوبى لمن يحفظ أقوال نُبوَّة هذا الكتاب, ولي أنا يوحنا الذي كان ينظر ويسمع هذا. لأجل هذا لا أنكر أنَّه كان يُدعى يوحنا, وإنَّ هذا السفر من كتابة شخص يُدعى يوحنا. وأوافق أيضاً أنَّه من تصنيف رجل قدِّيس مُلهم بالرُّوح القُدُس. ولكنَّني لا أصدِّق بأنَّه هو الرسول ابن زبدي, أخ يعقوب كاتب إنجيل يوحنا والرِّسالة الجامعة. لأنَّني أستطيع الحُكم من طبيعة كليهما, ومن صيغة التَّعابير, ومن مضمون كل السفر, أنَّه ليس من تصنيفه. لأنَّ الإنجيلي لم يذكر اسمه في أي مكان, ولم يُعلن عن ذاته لا في الإنجيل ولا في الرِّسالة. (…) ولكن يجب التَّسليم بِأنَّ كاتب هذه الأمور كان يُدعى يوحنا كما يُقرِّر هو. ولو أنَّه غير واضح مَنْ هو يوحنا هذا. لأنَّه لم يقل, كما قيل مِراراً في الإنجيل, أنَّه هو التلميذ المحبوب من الرَّب, أو الذي اتَّكأ على صدره, أو أخ يعقوب, أو الذي شهد وسمع الرَّب. (…) وفي اعتقادي إنَّه كان هُنالك كثيرون بنفس اسم الرسول يوحنا, الذين بسبب محبَّتهم له وإعجابهم به واقتدائهم به ورغبتهم في أن يكونوا محبوبين من الرَّب مثله, اتَّخذوا نفس اللَّقب كما يُسمِّي الكثيرون من أبناء المؤمنين بولس وبطرس. لأنَّ الإنجيل والرِّسالة يتَّفِقان مع بعضهما, ويبدآن بأسلوب واحد. (…) أمّا سفر الرؤيا فيختلف عن هذه الكتابات وغريب عنها. ولا يمسّ موضوع السفرين من قريب أو بعيد. ويكاد يخلو من أي تعبير يوجد فيهما. (…) وعلاوة على هذا فإنَّ أسلوب الإنجيل والرِّسالة يختلف عن أسلوب سفر الرؤيا. (…) وأنا لا أنكر أنَّ الكاتب الآخر رأى رؤيا, ونال علماً ونبوَّة. ولكنَّني مع ذلك أعتقد أنَّ لهجته ولُغته لا تتَّفِقان مع اللُّغة اليونانية الفُصحى, بل هو يستعمل اصطلاحات بربرية, وفي بعض المواضع أغلاطاً نحوية. ولا يُعنينا الإشارة إليها, لأنَّني لا أُريد أن يظُنّ أي واحد أنَّني أذكر هذه الأمور بروح التَّهكُّم, إنَّما قُلتُ هذا بقصد إيضاح الخلاف بين الكتابات المُختلفة]

الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات

1 Comment

اترك رد

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

%d مدونون معجبون بهذه: