بسم الله الرحمن الرحيم
خُلاصة كتاب:
أسئلة حول حتمية التَّثليث والتَّوحيد وحتمية التَّجسُّد الإلهي – الجزء الثالث
تحذير: مؤلِّف هذا الكتاب يكذب على الإسلام والمُسلمين
كنيسة القديسين مار مرقس والبابا بطرس: أسئلة حول حتمية التَّثليث والتَّوحيد وحتمية التَّجسُّد الإلهي – صـ279. [القدِّيس أغسطينوس يقول: «خالق الزَّمن يوُلَد في زمن مُعيَّن ! صانع الإنسان صار إنساناً ورَضَعَ من ثديّ أمّه ! خُبز الحياة يُمكن أن يجوع ! كما يُمكن أن يعطش الينبوع ! الطَّريق يَتْعَب في الطَّريق، والحقّ يُتَّهَم من شُهُود زور ! ديّان الأحياء والأموات يُدان من قاضٍ مائت ! المُعلِّم يُضرَب بالسِّياط، والكرمة يُكلَّل بالأشواك ! الذي يشفي الآخرين يُجرَح، والحياة يُمكن أن يموت !»]
كنيسة القديسين مار مرقس والبابا بطرس: أسئلة حول حتمية التَّثليث والتَّوحيد وحتمية التَّجسُّد الإلهي – صـ134. [أمّا نحن, فلنا التَّفسير المنطقي لصلاة السيد المسيح، فعقيدة التَّثليث تحلّ لنا هذا الإشكال وأمثاله, فكما كان الابن يُخاطب الآب, هكذا كان الابن يصلِّي للآب. أي يُناجي الآب، وهذه المُناجاة كانت تستغرق أحياناً الليل كلّه، مثلما يجلس إنسانٌ مُتأملاً ويقول: «جلست مع نفسي», ومن الطَّبيعي أنَّ الإنسان ونفسه شخص واحد لا أكثر، والتَّشبيه دائماً مع الفارق، لأنَّ الله ثلاثة أشخاص بدون انفصال, إذ لهم الجوهر الإلهي الواحد.]
كنيسة القديسين مار مرقس والبابا بطرس: أسئلة حول حتمية التَّثليث والتَّوحيد وحتمية التَّجسُّد الإلهي – صـ281. [نحن لا نؤمن بإنسان تألَّه, فالبعض يظُنّ أنَّ شِدَّة محبَّتنا للسيد المسيح جعلتنا نرفعه ونُعليه حتى ألَّهناه: «وقالت النصارى المسيح ابن الله, وقالت اليهود العزيز ابن الله», بينما الحقيقة إنَّ الله بسبب محبَّته لنا تنازل وصار إنساناً من أجل خلاص جنسنا, وقال البابا أثناسيوس: «الكلمة هو الذي صار جسداً, وليس الجسد (الإنسان) هو الذي صار الكلمة» (ضدّ أبوليناريوس 10 , 12).]
كنيسة القديسين مار مرقس والبابا بطرس: أسئلة حول حتمية التَّثليث والتَّوحيد وحتمية التَّجسُّد الإلهي – صـ189. [هل سُقُوط آدم يُعتبر سُقُوط للبشرية جمعاء ؟ ج: نُعيد ما سبق تسجيله في كتابنا «التَّجسُّد الإلهي .. هل له بديل ؟» فنقول: نعم، فبالخطية فسدت طبيعة آدم. كُلّ ذرَّة في جسد آدم أصبحت فاسدة، مثل شجرة التُّفّاح التي أصابها مرض لعين, فكُلّ ثمارها أصبحت فاسدة، والشَّجرة الفاسدة تحمل بذارًا فاسدة, ولو زُرعت لن تُنْبِت إلاَّ شجرة فاسدة تحمل بالتَّبعية ثمارًا فاسدة .. وهلمَّ جرا. لقد ورث الأبناء عن أبيهم الطَّبيعة الفاسدة المملوءة بالغرائز البهيمية, وجرى الدم الموبوء بالخطية في عروق جميع بني البشر: «ها أنا ذا بالآثام حُبِل بي وبالخطية ولدتني أمي» ( مز 51: 5).]
كنيسة القديسين مار مرقس والبابا بطرس: أسئلة حول حتمية التَّثليث والتَّوحيد وحتمية التَّجسُّد الإلهي – صـ189. [والدَّليل على توارث الخطية أنَّ الخطية جاءت إلى حوّاء من الخارج, أي من الحيَّة، وجاءت إلى آدم من حوّاء التي سبقته في السُّقُوط. لكن قايين من أين جاءته الخطية ؟ إنَّها أتت من داخله، لم يدفعه أحدٌ لها, بل هي ساكنة فيه، وهكذا سَقَطَ الجميع حتى الأنبياء: «الجميع زاغوا وفسدوا معًا, ليس من يعمل الصَّلاح, ليس ولا واحد» (رو 3: 12), صحيح إنَّنا لم نرتكب الخطية الأولى, ولكنَّنا وُلِدنا بها, بالإضافة إلى خطايانا الشَّخصية، فليس مولود امرأة بلا خطية, ولو كانت حياته يومًا واحدًا على الأرض. إذًا وراثة الخطية أمر واقع.]
كنيسة القديسين مار مرقس والبابا بطرس: أسئلة حول حتمية التَّثليث والتَّوحيد وحتمية التَّجسُّد الإلهي – صـ192. [وقد يتساءل البعض كيف نقول إنَّ البشر جميعًا قد ورثوا الخطية وفسدت طبيعتهم بينما يُوجد رجال أبرار صالحون في العهد القديم, فقيل عن نوح: «كان نوح رجلًا بارًا كاملًا في أجياله» (تك 6: 9), وقيل عن أيوب: «كان هذا الرَّجل كاملًا ومُستقيمًا, يتَّقي الله ويحيد عن الشر» (أي 1: 1), وقيل عن زكريا وأليصابات أنَّهما «كانا كلاهما بارين أمام الله» (لو 1: 6). فنقول إنَّ الصَّلاح بمعناه الحقيقي أنَّ الإنسان لا يُخطئ على الإطلاق, لا بالفعل ولا بالقول ولا بالفكر, بالإضافة إلى عمل كُلّ أعمال الخير. مثل هذا الصَّلاح لن نجده بين البشر على الإطلاق، ولذلك قال الرَّب يسوع: «ليس أحد صالحًا إلاَّ واحد وهو الله» (لو 18: 19), أمّا رجال الله الصّالحون فهم الذين فعلوا الصَّلاح النِّسبي وكانت خطاياهم قليلة ويُقدِّمون عنها اعترافًا وذبيحة فتغفر لهم على حساب دم المسيح.]
كنيسة القديسين مار مرقس والبابا بطرس: أسئلة حول حتمية التَّثليث والتَّوحيد وحتمية التَّجسُّد الإلهي – صـ202. [عندما فسدت الطَّبيعة البشرية بالسُّقُوط احتاجت للحياة لكيما تتَّحِد بها وتطرد الفساد والموت من داخلها، وهذا الأمر لا يحتاج لكلمة من الله، إنَّما يحتاج للتَّجسُّد الإلهي، فيقول القدِّيس أثناسيوس: «ثمّ يجب أن نعلم أيضًا، أنَّ الفساد الذي حصل لم يكن خارج الجسد بل لصق به، وكان مطلوبًا أن تلتصق به الحياة عوض الفساد، حتى كما تمكَّن الموت من الجسد، تتمكَّن منه الحياة أيضًا. والآن لو كان الموت خارج الجسد لكان من اللائق أن تتصل به الحياة من الخارج. أما وقد صار الموت مُمتزجًا بالجسد وسائدًا عليه، كما لو كان مُتَّحِدًا به، فكان مطلوبًا أن تمتزج الحياة أيضًا، حتى إذا ما لبس الجسد الحياة بدل الموت، نزع عنه الفساد، وفضلًا عن هذا فلو افترضنا أنَّ "الكلمة" جاء خارج الجسد وليس فيه، لكان الموت قد غُلب منه (من المسيح) وفقًا للطبيعة، إذ ليس للموت سُلطان على الحياة، أمّا الفساد اللّاصق بالجسد فكان قد بقى فيه رغم ذلك. لهذا السَّبب كان معقولًا جدًا أن يلبس المُخلِّص جسدًا، حتى إذا ما اتَّحد الجسد بالحياة لا يبقى في الموت كمائت، بل يقوم إلى عدم الموت إذ يلبس عدم الموت.. لهذا لبس "المسيح" جسدًا لكي يلتقي بالموت في الجسد ويُبيده» (تجسد الكلمة 44: 4 – 6).]
كنيسة القديسين مار مرقس والبابا بطرس: أسئلة حول حتمية التَّثليث والتَّوحيد وحتمية التَّجسُّد الإلهي – صـ208. [الخطية المُوجَّهة ضدَّنا هي خطية محدودة. أما الخطية في حقّ الله فهي غير محدودة. قد نصفح نحن بسبب نسياننا الإساءة، وهدوء عواطفنا البشرية، وقد نصفح طمعًا في صفح الآخرين عنّا. أمّا الله فلا ينسى ولا يتغيَّر ولا يتساهل في الحق الإلهي. ليست مغفرة الخطية بالأمر الهيِّن، وليست الخطية مثل القذارة التي تلتصق بجسم الإنسان فيتخلَّص منها بقليل من الماء، لكن الطَّريق الوحيد للخلاص هو سفك الدم غير المحدود. ليست المُشكلة في مغفرة الخطية فقط، ولكن بالأكثر في إصلاح الطَّبيعة التي فسدت بالخطية. حقًا إنَّ الله يُسامح، ولكنَّه يُسامح قانونيًا، وقانون العدالة الإلهية يقتضي أنَّه «بدون سفك دم لا تحصل مغفرة» (عب 9: 22), «لأنَّ الدم يُكفِّر عن النَّفس» (لا 7: 11), ولذلك تجسَّد الله وسُفِكَ دمه لكيما يرفع عقاب خطايانا.]
كنيسة القديسين مار مرقس والبابا بطرس: أسئلة حول حتمية التَّثليث والتَّوحيد وحتمية التَّجسُّد الإلهي – صـ214, 215. [أن يكون قابلًا للموت: لأنَّ الحُكم الإلهي الصّادر ضدّ آدم كان بالموت، ولأنَّ أُجرة الخطية موت، ولذلك تجسَّد كلمة الله ليتَّخِذ لنفسه جسدًا قابلًا للموت يستطيع أن يُقدِّمه فداءً عن الإنسان, يقول القدِّيس أثناسيوس: «وإذا رأى (الكلمة) أنَّ فساد البشرية لا يُمكن أن يُبطَل إلّا بالموت كشرط لازم، وأنَّه مُستحيل أن يتحمَّل (الكلمة) الموت لأنَّه غير مائت, ولأنَّه ابن الآب، لهذا أخذ لنفسه جسدًا قابلًا للموت، حتى باتِّحاده (بالكلمة) الذي هو فوق الكُلّ يكون جديرًا أن يموت نيابة عن الكُلّ» (تجسُّد الكلمة 9: 1). ويقول أيضًا: «ولمّا كان مُستحيلًا – كما قدَّمت سابقًا- أن يموت الكلمة, لأنَّه غير قابل للموت، فقد أخذ لنفسه جسدًا قابلًا للموت حتى يُمكن أن يُقدِّمه كجسده نيابة عن الجميع» (تجسُّد الكلمة 20: 6).]
كنيسة القديسين مار مرقس والبابا بطرس: أسئلة حول حتمية التَّثليث والتَّوحيد وحتمية التَّجسُّد الإلهي – صـ215. [غير محدود: لأنَّ الخطية المُوجَّهة ضدّ الله غير المحدود هي خطية غير محدودة، فلزم أن يكون الفادي غير محدود، والمثال الدّارج على هذا أنَّه لو صَفَعَ طالبٌ زميله على وجهه، فمن السُّهولة حلّ هذه المشكلة، بينما لو صَفَعَ هذا الطّالب مُدير المدرسة فإنَّه يتعرَّض للفصل من المدرسة، وإذا صَفَعَ وزير التَّعليم فالعقوبة تشتدّ, أمّا إذا صَفَعَ رئيس الدَّولة فإنَّ الإهانة تكون مُوجَّهة للدَّولة ككُلّ, وتصلّ العُقُوبة إلى أقصاها. لقد تجسَّد الله الغير محدود ليرفع عقاب خطية غير محدودة. بل ليرفع خطايا العالم كُلّه في كُلّ زمان ومكان، ففيه تحقَّقت صِفات الفادي كاملة, بناسوته صار إنسانًا، وقابلًا للموت، وبلا خطية، وبلاهوته هو الخالق الذي يستطيع أن يُقدِّم نفسه، وهو أقوى من الموت وغير محدود. يقول البابا ثيئوفيلس: «فلمّا كان إلهًا تامًّا صار إنسانًا بإرادته، ولم يترك شيئًا إليه ممّا يُنتسب إلى الطَّبيعة البشرية ما عدا الشَّر الأثيم وحده، لأنَّه وإن كان طفلًا فمع ذلك يُعرف بأنَّه عمانوئيل».]
كنيسة القديسين مار مرقس والبابا بطرس: أسئلة حول حتمية التَّثليث والتَّوحيد وحتمية التَّجسُّد الإلهي – صـ220, 221. [وقد تجد إنسانًا عظيمًا في مركز مرموق يحترمه الناس وتنحني له الهامات، وإذ به ينحني لأسفل حتى تكاد رأسه تمسّ الأرض، وتتعجَّب ماذا يفعل هذا الرجل العظيم ؟ إنَّه ينحني ليربط سُيُور حذاء طفل صغير قد يكون حفيده، فما الذي دفع هذا الرجل لهذا التَّنازل ؟ إنَّه الحُب. سأل الملك غير المؤمن وزيره المسيحي: تقولون أنَّ الله تجسَّد وصُلِبَ ومات، فما هو الدّافع لهذا العمل الذي يرفضه العقل ؟ الوزير: أسألك يا سيدي أن تُمهلني عدَّة أيام وأجيبك على سؤالك، فوافقه الملك. وفي يوم سار الملك مع وزيره في حديقة القصر، وإذ بالمُربِّية تسير بعربة الأمير الصَّغير، وفجأة أعطى الوزير إشارة للمُربِّية فدفعت العربة وما بها في بُحيرة الماء الصِّناعية أمام عيني الملك، فماذا فعل الملك ؟ لقد ألقى بنفسه في الماء إلّا أنَّه وَجَدَ نفسه يحتضِن تمثالًا كامل الشَّبه بابنه، وقبل أن يتملَّكه الغضب أسرع إليه الوزير قائلًا: عفوًا سيدي الملك. سامحني لأني فعلت هذا، فأنا الذي صنعت التِّمثال وأوصيت المُربِّية بإلقائه في البحيرة متى أشرت لها بذلك. يا جلالة الملك عندما شعرت بأنَّ ابنك يغرق في البُحيرة, لماذا لم تُرسلني أو تُرسل أحد الجُنُود لإنقاذه ؟ الملك: لأنَّه ابني. أنت تعلم أنَّني إنسان شُجاع ولا أهاب الموت، وأفدي ابني بحياتي وأنا راضٍ ومسرور. الوزير: وهكذا أيُّها الملك, عندما رأى الله أولاده يهلكون بالموت الأبدي أخذ شكل إنسانٍ وصُلِبَ ومات وقام، وقَهَرَ الموت وأنقذنا منه، كمثل ملك وجد جُنُوده مقهورين أمام عدوّهم في ساحة الوَغَي فارتدى زيّ الجُنُود، وقاد الحرب وانتصر، وأهلك العدو القوي ووهبنا النُّصرَة.]
كنيسة القديسين مار مرقس والبابا بطرس: أسئلة حول حتمية التَّثليث والتَّوحيد وحتمية التَّجسُّد الإلهي – صـ221, 222. [وقال البابا كيرلُّس الكبير: «لو كان تجسُّد الكلمة وتأنُّسه أمرًا لابدّ منه لخلاص الذين على الأرض، فلو لم يكن قد وُلِدَ مثلنا بحسب الجسد، لما كان قد اشترك في الذي لنا، وبالتالي لما كان حرَّر طبيعة الإنسان من الوصمة التي أصابتها من آدم، وما كان قد طرد الفساد من أجسادنا» (ضد نسطور 1: 1). وقال أيضًا: «لم يكن هُناك وسيلة أخرى لزعزعة سُلطان الموت إلّا فقط بتجسُّد الابن الوحيد. الذي اقتنى لنفسه جسدًا قابلًا للفساد (للموت).. لكي يستطيع بكونه هو نفسه الحياة أن يزرع في الجسد امتيازه الخاصّ الذي هو الحياة» ( المسيح واحد 75: 1352). ويقول البابا كيرلُّس الكبير أيضًا: «كيف كان يُمكن للإنسان الذي تحت سُلطان الموت أن يستعيد الخُلُود، كان لابدّ أن يدخل جسده الميت في شركة قُوَّة الله المُحيية. أمّا قُوَّة الله المُحيّية فهي اللُّوغوس "الكلمة" وحيد الآب» (تفسير لوقا 22: 19).]
كنيسة القديسين مار مرقس والبابا بطرس: أسئلة حول حتمية التَّثليث والتَّوحيد وحتمية التَّجسُّد الإلهي – صـ222. [الاتِّحاد بالله: لم يكن الهدف من التَّجسُّد رفع الخطية فقط, بل اتِّحاد الله بالإنسان, فيقول البابا أثناسيوس الرَّسُوليّ: «لأنَّ الاتِّحاد المطلوب هو أنَّ الكلمة المُتجسِّد يصنع اتِّحادًا بين ما هو إنسان بطبيعته وبين ما هو إله بطبيعته» (ضدّ الآريوسيين 2: 81). ويقول البابا كيرلُّس الكبير أنَّ مُبادرة الصُّلح جاءت من الله لكيما يتَّحِد بالإنسان: «إنَّ الطَّبيعة الإنسانية أُسِرَت وصارت في قبضة الموت وساد عليها الفساد, لذلك فمن الضَّروري لكي تقوم علاقة جديدة لا يهدّها الفساد أن يتمّ لقاء بين الله والإنسان، تجد فيه جميع المشاكل القائمة بين الأثنين حلَّها النِّهائي والأخير، فكان الحلّ الإلهي – لأنَّ المُبادرة بيد الصّالح وحده – أن يأخذ لنفسه جسدًا من هذه الطَّبيعة الفاسدة, ويجعله واحدًا مع لاهوته في اتِّحاد لا انفصال فيه أو اختلاط, مثل اتِّحاد النار بالحديد».]
كنيسة القديسين مار مرقس والبابا بطرس: أسئلة حول حتمية التَّثليث والتَّوحيد وحتمية التَّجسُّد الإلهي – صـ223. [وما أجمل تشبيه نيافة الأنبا رافائيل الأسقف العام عندما شبَّه سُقُوط آدم بالمصباح الذي انقطع عنه التَّيار الكهربائي، فلا توجد أيَّة وسيلة أخرى لعودة الإنارة للمصباح إلّا بعودة نفس التَّيار الكهربائي له، وأيّ تيار آخر أو أي فولت آخر لن ينجح في إعادة الإنارة، وهكذا الإنسان لكيما يعود إلى حالته الأولى المُنيرة لا يصلح أن يُعيده نبي ولا ملاك, بل لابدّ أن يتولَّى الخالق نفسه إعادة خلقته التي فسدت، وأيضًا عملية توصيل التَّيار الكهربائي للمصباح تُشبه عملية التَّجسُّد التي فيها اتَّحد اللاهوت «الكهرباء» بالناسوت «المصباح» فأضاء لنا المسيح نور العالم طريق الملكوت.]
كنيسة القديسين مار مرقس والبابا بطرس: أسئلة حول حتمية التَّثليث والتَّوحيد وحتمية التَّجسُّد الإلهي – صـ225. [لقد أجهدنا أنفسنا في الدَّرس السّابِق كثيرًا ونحن نبحث عن أيَّة وسيلة لنجاتنا، ولكنَّنا نُعلن فشلنا الذَّريع، ونعترف بالفمّ المليان أنَّه لا طريق لخلاصنا سوى تجسُّدك يا إلهنا الحي وموتك المُحيي على خشبة العار. لقد دُست المعصرة وحدك ومن الشعوب لم يكن معك أحد. هذا ما حدث، فيا لفرحة الإنسان. يا لفرحة الإنسان ليس بخلاصه فقط بل بمحبَّة الله التي دفعته للتَّجسُّد. تجسَّد وتأنَّس وصار إنسانًا مثلنا يحمل جسدًا من نفس عجينتنا البشرية. لقد سمعت بأذناي أبينا الحبيب القُمُّص بيشوي كامل في أحدى عظاته عن التَّجسُّد وهو يتأمَّل في الكاهن وهو قائم يُصلِّي أمام المذبح: «تجسَّد وتأنَّس وشابهنا في كل شيء ما خلا الخطية وحدها», ويحسّ بأنَّ الله صار إنسانًا مثلنا من أجلنا، فلا يسعه إلاَّ أن يرقص فرحًا أمام المذبح.]
كنيسة القديسين مار مرقس والبابا بطرس: أسئلة حول حتمية التَّثليث والتَّوحيد وحتمية التَّجسُّد الإلهي – صـ227. [وقال القدِّيس كيرلُّس الأورشليمي إنَّه لا خلاص لنا إن كُنّا لا نعترف بأنَّ اللاهوت اتَّحد بالناسوت «فلو كان المسيح هو الله – كما هو كذلك حقًا – دون أن يأخذ لنفسه طبيعة بشرية, فإنَّنا نصير غُرباء عن الخلاص. ولا خلاص لنا بالمرَّة إن كُنّا نرفض الاعتراف بأنَّ اللاهوت فيه مُتَّحِد بالناسوت» (مقال 12 للموعوظين).]
كنيسة القديسين مار مرقس والبابا بطرس: أسئلة حول حتمية التَّثليث والتَّوحيد وحتمية التَّجسُّد الإلهي – صـ226, 227. [وعقيدة التَّجسُّد في مُنتهى الأهمية، فبناءً على إيماننا الصَّحيح بالتَّجسُّد يتوقَّف أمر خلاصنا ؟ لماذا ؟ لأنَّ السيد المسيح هو الوسيط الوحيد بين الله والإنسان، فيقول القدِّيس كيرلُّس الكبير: «فهو (المسيح) يُعتبر واحد من اثنين، فهو ابن واحد، قد اجتمعت إليه واتَّحدت فيه، في شخصه الواحد بطريقة لا تُوصف ولا تُفحص الطَّبيعتان الإلهية والبشرية, لتُكوِّنا وحدة واحدة بطريقة لا يُمكن تصوُّرها، فلهذا السَّبب أيضًا يُعتبر هو الوسيط بين الله والناس، لأنَّه قد جمع ووحَّد داخل نفسه الشَّيئين اللذين كانا مُتباعدين جدًا إحداهما عن الآخر، واللذين كان يفصل بينهما هُوَّة عظيمة، أعني اللاهوت والناسوت، فقد أظهرهما مُجتمعين ومُتَّحِدين في نفسه، وبذلك ربطنا بواسطة نفسه مع الله أبيه» (في الثالوث 1).]
كنيسة القديسين مار مرقس والبابا بطرس: أسئلة حول حتمية التَّثليث والتَّوحيد وحتمية التَّجسُّد الإلهي – صـ369, 370. [من صِفات الفادي أن يكون غير محدود، والذي مات على الصَّليب هو الناسوت المحدود، فكيف يقدر المحدود أن يرفع خطايا غير محدودة ؟ ج: الناسوت الذي تألَّم ومات لم يكن ناسوتًا مُجرَّداً. والذي صُلِب لم يكن إنسانًا عاديًا، ولكنَّه كان مُتَّحِداً باللاهوت الغير محدود، فالدم المسفوك, مع أنَّه دم الناسوت, لكنَّه دُعِيَ دم الله بسبب اتِّحاد الناسوت باللاهوت: «كنيسة الله التي اقتناها بدمه» (أع 20: 28), ولهذا فهو دم غير محدود. لقد استوفى العدل الإلهي حقّه بالكامل من شخص الفادي الغير محدود، فبعد الاتِّحاد لا يجوز التَّفرقة بين اللاهوت والناسوت كما رأينا من قبل، حتى أنَّ الإنجيل ينسب للناسوت ما يخُصّ اللاهوت من عدم المحدودية: «ليس أحد صعد إلى السَّماء إلّا الذي نزل من السَّماء, ابن الإنسان الذي هو في السَّماء» (يو 3: 13).]
كنيسة القديسين مار مرقس والبابا بطرس: أسئلة حول حتمية التَّثليث والتَّوحيد وحتمية التَّجسُّد الإلهي – صـ200, 201. [لماذا لم يُخلِّص الله آدم وحواء بالقُوَّة، فمُجرَّد كلمة منه قادرة على ردّ آدم وحوّاء اللَّذان سَبَاهما الشَّيطان ؟ ج: هذا الحلّ البديل لا يصلح للأسباب الآتية: ما أُخِذَ بالقُوَّة يُستردّ بالقُوَّة. أمّا الشَّيطان فإنَّه لم يأخذ الإنسان بالقُوَّة, لم يأخذ من ثمار الشَّجرة المُحرَّمة، ولم يفتح فمّ آدم رغمًا عنه، ولم يدفع إلى فمه الثَّمرة المُحرَّمة. بل أنَّ الشَّيطان في الأصل لا يقدر أن يسبي الإنسان بالقُوَّة، لأنَّ الإنسان في حماية القدير طالما كان مُلتزمًا بطاعته. إنَّما أسقط الشَّيطان الإنسان بالحيلة والمكر والدَّهاء والخداع والغواية «الحية غوَّتني فأكلت» (تك 3: 13), وكما أنَّ الله كامل في قُوَّته فهو كامل في عدله أيضًا، فلو ردَّ الله الإنسان بالقُوَّة فإنَّ هذا يُعتبر ضدّ عدل الله الكامل.]
كنيسة القديسين مار مرقس والبابا بطرس: أسئلة حول حتمية التَّثليث والتَّوحيد وحتمية التَّجسُّد الإلهي – صـ204, 205. [الله غفور رحيم, فلماذا لم يُسامح آدم وتنتهي المشكلة ؟ ج: وهذا الحلّ لا يصلح للأسباب الآتية: الله كامل في رحمته وكامل أيضًا في عدله، فلو سامح آدم فإنَّ هذا يتعارض مع عدله, لقد حذَّر الله آدم من الأكل من الشجرة، وأعطاه كل مُقوِّمات عدم السُّقُوط مثل الحكمة والشّبع بخالقه والفرح الرُّوحي، والأكل من جميع أشجار الجنَّة باستثناء هذه الشَّجرة فقط، فعندما يُخطئ آدم ولا ينال العقوبة التي سبق أن فرضها الله عليه فإنَّ هذا يُعتبر ضدّ العدل الإلهي. لو ناقض الإنسان نفسه وغيَّر أقواله فإنَّ هذا يُعتبر نوع من النَّقص, فكيف ينقض الله أقواله ؟! «ليس الله إنسان فيكذب. ولا ابن إنسان فيندم. هل يقول ولا يفعل أو يتكلم ولا يفي» (عد 23: 19), «هل الله يعوّج القضاء أو القدير يعكس الحق» (أي 8: 3), هل يقول الله لآدم: «وأمّا شجرة معرفة الخير والشَّر فلا تأكل منها», ولم يكتف الله بهذه الوصية بل أوضح له مغبّة المخالفة: «لأنَّك يوم تأكل منها موتًا تموت» (تك 2: 18), وعندما يأكل الإنسان يسرع إليه الله قائلًا: إيه يا آدم ؟! هل أنت صدقت كلامي ؟! أنني كنت أُخيفك فقط، لكنَّك لن ترَ الموت قطّ, لأنَّ موتك ضدّ رحمتي الغير محدودة, أذهب يا آدم لن تموت. فقط لا تُكرِّر فعلتك الشَّنعاء ثانية لكيما أحبك .. هل يُعقل هذا ؟!]
كنيسة القديسين مار مرقس والبابا بطرس: أسئلة حول حتمية التَّثليث والتَّوحيد وحتمية التَّجسُّد الإلهي – صـ117-119. [قانون الإيمان الأثناسي, وجاء فيه: «كلّ من ابتغى الخلاص, وَجَبَ عليه قبل كلّ شيء أن يتمسَّك بالإيمان الجامع العامّ للكنيسة المسيحية. كلّ من لا يحفظ هذا الإيمان دون إفساد يهلك هلاكاً أبدياً. هذا الإيمان الجامع هو أن نعبد إلهاً واحداً في ثالوث، وثالوثاً في توحيد. لا نمزج الأقانيم، ولا نفصل الجوهر. إن للآب أقنوماً، وللابن أقنوماً، وللرُّوح القُدُس أقنوماً. ولكن الآب والابن والرُّوح القُدُس لاهوت واحد, ومجد مُتساوي, وجلال أبدي معاً. كما هو الآب، كذلك الابن، كذلك الرُّوح القُدُس. الآب غير مخلوق، والابن غير مخلوق، والرُّوح القُدُس غير مخلوق. الآب غير محدود، والابن غير محدود، والرُّوح القُدُس غير محدود. الآب سرمدي، والابن سرمدي، والرُّوح القُدُس سرمدي. ولكن ليس ثلاثة سرمديين، بل سرمدي واحد. وكذلك ليس ثلاثة غير مخلوقين، ولا ثلاثة غير محدودين، بل واحد غير مخلوق، وواحد غير محدود. وكذلك الآب ضابط الكلّ، والابن ضابط الكلّ، والرُّوح القُدُس ضابط الكلّ. ولكن ليسوا ثلاثة ضابطي الكلّ، بل واحد ضابط الكلّ. وهكذا الآب إله، والابن إله، والرُّوح القُدُس إله. ولكن ليسوا ثلاثة آلهة بل إله واحد. وهكذا الآب ربّ، والابن ربّ، والرُّوح القُدُس ربّ. ولكن ليسوا ثلاثة أرباب بل ربّ واحد. وكما أنَّ الحـق المسيحي يُكلِّفنـا أن نعترف بأنَّ كلًّا مـن الأقانيم بذاته إله وربّ. كذلك الدِّين الجامـع ما ينهانا عن أن نقول بوجود ثلاثة آلهة وثلاثة أرباب. فالآب غير مصنوع من أحد، ولا مخلوق، ولا مولود. والابن من الآب وحده، غير مصنوع، ولا مخلوق، بل مولوداً. والرُّوح القُدُس من الآب، ليس مخلوقاً, ولا مولوداً, بل مُنبثقاً. فإذن, أب واحد لا ثلاثة أباء، وابن واحد لا ثلاثة أبناء، وروح قُدُس واحد لا ثلاثة أرواح قُدُس. ليس في هذا الثّالُوث من هو قبل غيره أو بعده, ولا من هو أكبر ولا أصغر منه. ولكن جميع الأقانيم سرمديون معاً ومُتساوون. ولذلك في جميع ما ذُكر يجب أن نعبد الوحدانية في ثالوث، والثّالُوث في وحدانية. إذن, من شاء أن يخلص عليه أن يتأكَّد هكذا في الثّالُوث. وأيضاً يلزم له الخلاص أن يؤمن كذلك بأمانـة بتجسُّد ربّنا يسوع المسيح. لأنَّ الإيمان المُستقيم هو أن نؤمن ونُقرّ بأنَّ ربنا يسوع المسيح, ابن الله، وهو إله وإنسان. هو إله من جوهـر الآب، مولود قبل الدُّهُور، وإنسان من جوهر أمّه، مولود في هذا الدَّهر. إله تامّ وإنسان تامّ، كائن بنفس ناطقة وجسد بشري. مُساوي للآب بحسب لاهوته، ودون الآب بحسب ناسوته. وهو أن يكون إلهاً وإنساناً، إنَّما هو مسيح واحد لا اثنان. ولكن واحد، ليس باستحالة لاهوته إلى جسد، بل باتِّحاد الناسوت إلى اللاهوت. واحد في الجُملة، لا باختلاط الجوهر، بل بوحدانية الأقنوم. لأنَّه كما أنَّ النَّفس النّاطِقة والجسد إنسان واحد، كذلك الإله والإنسان مسيح واحد. هو الذي تألَّم لأجل خلاصنا، ونزل إلى الهاوية (أي مكان الأرواح), وقام أيضاً في اليوم الثالث من بين الأموات. وصعد إلى السَّماء, وهو جالس عن يمين الآب الضّابط الكلّ. ومن هُناك يأتي ليدين الأحياء والأموات. الذي عند مجيئه يقوم أيضاً جميع البشر بأجسادهم، ويعطون حساباً عن أعمالهم الخاصَّة. فالذين فعلوا الصّالحات يدخلون الحياة الأبدية، والذين عملوا السَّيئات يدخلون النار الأبدية. هذا هو الإيمان الجامع، الذي لا يقدر الإنسان أن يخلص بدون أن يؤمن به بأمانة ويقين».]
كنيسة القديسين مار مرقس والبابا بطرس: أسئلة حول حتمية التَّثليث والتَّوحيد وحتمية التَّجسُّد الإلهي – صـ252. [ادَّعى الإبيونيون أنَّ مريم العذراء ولدت يسوع الإنسان، فهو مُجرَّد إنسان لا غير، وسار يسوع في وصايا الله حتى بلغ الثلاثين من عمره، وفي الثلاثين أثناء عماده من يوحنا نزل عليه المسيح (اللاهوت) فدُعي يسوع المسيح، وظلَّ يخدم ويُعلِّم ويُرشد الشَّعب ويصنع مُعجزات حتى تعرَّض للصَّلب، ففارقه المسيح وصَعَدَ إلى السَّماء، وتأسَّى الله على يسوع الذي يُقاد للموت وهو بريء, فأسقط شبهه على آخر، ورفع يسوع إلى السَّماء.]
كنيسة القديسين مار مرقس والبابا بطرس: أسئلة حول حتمية التَّثليث والتَّوحيد وحتمية التَّجسُّد الإلهي – صـ236. [ليست الغُنُوسية مذهبًا واحدًا، ولكنَّها مذاهب شتَّى تجمع بين المسيحية واليهودية والوثنية والأفكار الفلسفية الهلِّينية، ولكن جميع هذه المذاهب تنظر للمادَّة على أنَّها شرّ ونجاسة وخطية، والإله العظيم مُنزَّه عن الاتصال بالمادَّة، لذلك فهو لم يخلق العالم إنَّما صدر منه آلهة أخرى، وأكثر هذه الآلهة بُعدًا عنه هو الإله الذي اتَّصل بالمادَّة وخلق العالم، واعتقدوا أنَّ الأرواح كانت موجودة في عالم سماوي مُنير, ولكنَّها سقطت فجأة إلى الأرض وأصبحت سجينة الجسد المادّي، وتحتاج إلى من يُخلِّصها، والخلاص يأتي عن طريق المعرفة، فـ «غنوسيس» gnosis أي معرفة، والغُنُوسيون هم أصحاب المعرفة, وبالمعرفة يعرف الإنسان أُصُوله، ويعرف من هو، ويعرف كيف يخلُص. وعندما دخل بعض الغُنُوسيين إلى المسيحية, وقف أمامهم التَّجسُّد حجر عثرة، إذ كيف يتَّحِد اللاهوت المُنزَّه عن المادَّة بالجسد المادّي، ولذلك ادَّعوا بأنَّ جسد المسيح ليس هو جسدًا مادِّياً, إنَّما نزل من السَّماء، وبذلك أنكروا التَّجسُّد، وفصلوا السيد المسيح عن بشريته، وابعدوا الله عن الاتِّصال بالعالم.]
كنيسة القديسين مار مرقس والبابا بطرس: أسئلة حول حتمية التَّثليث والتَّوحيد وحتمية التَّجسُّد الإلهي – صـ239, 240. [فالنتينس: وهو من الغُنُوسيين، وفي الغالب هو مُواطن مصري من أصل يهودي، ودَرَسَ الفلسفة في الإسكندرية على يدّ بازليدوس الغُنُوسي السُّوري. ثمّ ذَهَبَ إلى روما خلال الفترة 138-161م وعلَّم هُناك، وكان رجلاً مُقتدرًا في الكلام ويمتاز بالفصاحة بحسب شهادة ترتليان، وفي روما طَمِعَ في الأسقفية، وعندما لم يحصل عليها انشقّ عن المسيحية، وفالنتينس له فلسفته الغُنُوسية في الانبثاقات الإلهية ووحدة الوجود.]
كنيسة القديسين مار مرقس والبابا بطرس: أسئلة حول حتمية التَّثليث والتَّوحيد وحتمية التَّجسُّد الإلهي – صـ240. [وأنكر فالنتينس التَّجسُّد وقال إنَّ جسد المسيح نَزَلَ من السَّماء ومرَّ بجسد العذراء مثل مُرُور الماء من الثَّوب, أو مُرُور النُّور من الأجسام الشَّفّافة, فأدَّعى أنَّ جسد المسيح لم يكن جسدًا مادِّيًّا لكنَّه كان من جوهر سماوي من المناطق العُليا، وعند عِماده اتَّحد به المُخلِّص الذي من البليروما, واستمر معه حتى لحظة آلامه, وقال فالنتينس إنَّ الخلاص من المادَّة يأتي بالمعرفة التي يُعلنها السيد المسيح للإنسان, وقسَّم فالنتينوس الناس إلى ثلاث مراتب: (أ) الرُّوحِيُّون: وهُم فالنتين وأتباعه الذين سينالون السَّعادة الأبدية. (ب) الحيوانِيُّون والجسدِيُّون: الذين لو تابوا سيكون لهم نصيبًا في فردوس ديمرج. (ج) اللَّحمِيُّون أو المادِّيُّون: وهؤلاء مُنتخبون للجحيم. وقد أشار إليه القدِّيس أثناسيوس عندما قال: «كلّ من اعترف بأنَّ جسد سيدنا نزل من السَّماء، ولم يقُل إنَّه من مريم العذراء، فإنَّ الكنيسة المُقدَّسة تحرمه».]
كنيسة القديسين مار مرقس والبابا بطرس: أسئلة حول حتمية التَّثليث والتَّوحيد وحتمية التَّجسُّد الإلهي – صـ236. [وظهرت الدُّوسيتية Decestiom كإحدى الطَّوائف الغُنُوسية, وهي مُشتقة من كلمة Dekeo أي يظهر، فادَّعوا أنَّ جسد المسيح ليس جسدًا حقيقيًا, ولكنَّه ظهر مثل جسد حقيقي له لحم وعظم، وظهر كأنَّه يجوع ويعطش ويشعر بالألم والحزن، ولكن في الحقيقة – بحسب تصوُّرهم – هو مُجرَّد خِداع، وأنَّه جسد شبحي مؤقَّت. وانتشرت الغُنُوسية في سائر الأقطار، وفي عام 1945م تمّ اكتشاف مكتبة غُنُوسية زاخرة في نجع حمّادي تشمل 51 مخطوطًا, منها إنجيل الحقيقة، وإنجيل توما، وإنجيل فيلبُّس، والقيامة.]
كنيسة القديسين مار مرقس والبابا بطرس: أسئلة حول حتمية التَّثليث والتَّوحيد وحتمية التَّجسُّد الإلهي – صـ237. [أمّا المانوية فإنَّها تُعدّ الشَّكل الأخير للغُنُوسية، والأشدّ خُطُورة، ونادى ماني بثُنائية تتكوَّن من عالم النُّور وعلى رأسه الإله الطَّيب مع ملائكته، وعالم الظُّلمة والمادَّة على رأسه القُوَى الوحشية التي لا يُمكن السَّيطرة عليها أي إبليس، والإنسان نفسه جُزء من عالم الظُّلمة وجسمه جُزء من المادَّة الشِّريرة، وأدَّعى أنَّ المسيح هو ابن الإنسان الأول، وهو روح الشَّمس لأنَّه يسكن في الشَّمس بقوته وفي القمر بحكمته.]
كنيسة القديسين مار مرقس والبابا بطرس: أسئلة حول حتمية التَّثليث والتَّوحيد وحتمية التَّجسُّد الإلهي – صـ237, 238. [وردّ البابا أثناسيوس على المانويين قائلًا: «الذي يقول إنَّ جسد الرَّب نزل من السَّماء وليس هو من مريم العذراء، أو أنَّه استحال اللاهوت إلى الناسوت، أو اختلط معه أو تغيَّر، أو أنَّ لاهوت الابن تألم، أو أنَّ الجسد الذي للرَّب غير مسجود له كأنَّه جسد إنسان فقط، ولا يقول أنَّه مسجود له لأنَّه جسد الرَّب الإله، فهذا الكنيسة المُقدَّسة تُحرمه».]
كنيسة القديسين مار مرقس والبابا بطرس: أسئلة حول حتمية التَّثليث والتَّوحيد وحتمية التَّجسُّد الإلهي – صـ241, 242. [ماني: وُلِدَ سنة 239م، ووَقَعَ أسيرًا في بلاد فارس فحرَّرته سيدة عجوز وأنفقت على تعليمه فتعلَّم الفنّ والطِّب والفلسفة. ثمّ تنَصَّر وأراد أن يُقرِّب بين المبادئ المجوسية والمسيحية، فنادى بإلهين أحدهما إله للنُّور والخير وآخر للظُّلمة والشَّر، وقال إنَّ إله الظُّلمة هو إله اليهود, ولذلك رفض العهد القديم الذي في نظره من عمل إله الظُّلمة، ووضع إنجيلاً دعاه «أرتن» وقال إنَّه وحي الله له، وأدَّعى أنَّه الباراقليط الذي وَعَدَ به السيد المسيح تلاميذه، واختار له اثني عشر تلميذًا، وأثنين وسبعين أسقفًا كما فعل المسيح، وأرسلهم يُبشِّرون بالمانوية في بلاد الشَّرق فوصلوا إلى الهند والصِّين.]
كنيسة القديسين مار مرقس والبابا بطرس: أسئلة حول حتمية التَّثليث والتَّوحيد وحتمية التَّجسُّد الإلهي – صـ242. [ونظرت المانوية للمادَّة على أنَّها شرّ، ولذلك نادوا بأنَّ جسد المسيح خيالي، وعندما صُلِبَ لم يلحق به أيّ ضَرَر، وبعد أن أتمّ المسيح رسالته عاد إلى السَّماء. وقسَّم ماني أتباعه إلى مُختارين وسامعين، ونهى المُختارين عن أكل اللُّحوم والبيض والسَّمك، وشُرب اللَّبن والخمر، ومنعهم من الزَّواج، وأوصاهم بمُمارسة كل صُنُوف التَّقشُّف التي تُضعِف الجسد. أمّا السّامعون فقد سمح لهم بامتلاك البُيُوت والزَّواج وأكل القليل من اللُّحوم، وأدَّعى ماني المقدرة على شفاء الأمراض، وعندما فشل في علاج ابن ملك الفُرس ومات الأمير، ألقاه الملك في السِّجن، فاستطاع أن يهرب إلى فلسطين، وبدأ ينشر تعاليمه, فطردوه من هُناك فذهب إلى الجزيرة العربية، وسمع بذلك ملك فارس فقبض عليه وسلخ جلده وهو حي، وألقى جسده للوحوش.]
كنيسة القديسين مار مرقس والبابا بطرس: أسئلة حول حتمية التَّثليث والتَّوحيد وحتمية التَّجسُّد الإلهي – صـ175. [كان ماني عبداً باسم «كوييك», عاش في بلاد فارس، ثمّ اشترته أرملة غنية, وادَّعى أنَّه رسول يسوع المسيح، ونادى ماني بعقائد الفُرس, مثل وجود إلهين, أحدهما للخير والثاني للشَّر، وأنكر ماني قيامة الأموات، وعندما أُصيب ابن ملك الفُرس تعهَّد ماني بأنَّه قادر أن يشفيه ويُقيمه من مرضه، ولكنَّه فشل في هذا، فقبض عليه الملك وأودعه السِّجن، وقام ماني بمُحاولة للهرب، ولكن الملك أعاده إلى سجنه وعذَّبه عذاباً أليماً حتى حكم بسلخ جلده. وتتلخَّص بدعة ماني في أنَّ الرُّوح القُدُس ليس هو روح الله, إنَّما هو قُوَّة إلهية مُنتشرة في الكون كلّه، أو هو مادَّة حيَّة برّاقة مُنتشرة في كلّ الجلد المحيط بأرضنا, يُنعش نفوس البشر ويُبهجها، وأنكر ماني أنَّ الرُّوح القُدُس هو أقنوم الحياة في الذّات الإلهية.]
كنيسة القديسين مار مرقس والبابا بطرس: أسئلة حول حتمية التَّثليث والتَّوحيد وحتمية التَّجسُّد الإلهي – صـ238. [ماركيون Markion: وُلِدَ في مدينة سينوب على شاطئ البحر الأسود شمال تركيا نحو سنة 120م، وكان أبوه أسقفًا على المدينة، فتربَّى ماركيون داخل أسرة مسيحية، وكان شُعلة من الذَّكاء، بالإضافة إلى محبَّته للزُّهد والتَّقشُّف وحياة التّأمل. كما أنَّه عمل في التِّجارة وكان له عدَّة سُفُن تعمل في مجال النَّقل, فكوَّن ثروة ضخمة، ولكن بسبب انحرافه عن الإيمان القويم اختلف معه أبوه الأسقف وحرمه من الاشتراك معه في الصلاة، فذهب إلى مدينة روما سنة 140م، وهُناك زاول نشاطه، وتبرَّع بمبلغ كبير للكنيسة، ولكن عندما شكّ المؤمنون في صحَّة إيمانه طلبوا منه إقرارًا مكتوبًا بالإيمان، فاكتشفوا ضلاله وحرموه، وردُّوا له ما تبرَّع به من مال سنة 144م.]
كنيسة القديسين مار مرقس والبابا بطرس: أسئلة حول حتمية التَّثليث والتَّوحيد وحتمية التَّجسُّد الإلهي – صـ238, 239. [تأثَّر ماركيون بالغُنُوسية بسبب تردُّده على مدرسة «سردون» الغُنُوسي السُّرياني في روما، ولكنَّه لم يكن غُنُوسيًا فلم يؤمن بالانبثاقات والأساطير والملء والبليروما (مسكن أو ملء اللاهوت) والأيونات (الأشخاص السَّمائيون الخالدون), تلك الأمور التي يُركِّز عليها الغُنُوسيون، وبينما نادى الغُنُوسيون بأنَّ الخلاص ليس للكلّ بل لأصحاب المعرفة فقط نادى هو بأنَّ الخلاص للكلّ، ولم يشغل ماركيون فكره بمُشكلة الخير والشَّر والمادَّة، ولكن ما شغل فكره هو الفرق الشّاسِع من وجهة نظره بين إله يسوع المسيح، وإله العهد القديم، وبذلك ظهرت الثُّنائية في فكر ماركيون في الإله العظيم السّامي الذي لا يعرفه أحد من العالم، لأنَّه لم يخلق العالم ولا صِلة له بالعالم. إنَّما ظهر فجأة في كفر ناحوم في شكل المسيح، وإنَّ عملية التَّجسُّد لم تتمّ بالولادة من بطن العذراء إنَّما تمَّت في وقت العِماد. أمّا الإله الثاني فليس هو الإله الشِّرير لكنَّه الإله العادل القاسي سريع الغضب إله اليهود، وهو الذي أثار شعبه على المسيح فقتلوه، ولذلك رفض ماركيون أسفار العهد القديم، وأيضًا حَذَفَ مُعظم العهد الجديد مثل بشارتيّ مرقس ويوحنا، وكل ما يتَّصِل بالعقائد اليهودية في إنجيل لوقا، وحذف أيضًا الرَّسائل الرَّعوية، وألف كتابًا دعاه «المُتناقِضات», أودع فيه كلّ اعتراضاته على العهد القديم، وقال إنَّ تعاليمه الشَّخصية جديرة بالثِّقة أكثر من تعاليم الرُّسل أنفسهم، ولا خلاص خارج كنيسته. وبعد حَرْم ماركيون, استخدم إمكانيّاته العقلية والمالية في نشر تعاليمه وأفكاره، وبعد عشر سنوات انتشرت كنيسته في أنحاء العالم، وظلَّت قائمة حتى القرن الخامس الميلادي، ويُقال أنَّه نَدِمَ في أواخر حياته ولكنَّه مات قبل أن يعود إلى أحضان الكنيسة الأم.]
كنيسة القديسين مار مرقس والبابا بطرس: أسئلة حول حتمية التَّثليث والتَّوحيد وحتمية التَّجسُّد الإلهي – صـ239. [وكان قد ألتقى ماركيون أثناء حياته بالقدِّيس «بوليكاريوس» تلميذ يوحنا الحبيب, فسأله: «هل تعرفني ؟», فأجابه بوليكاريوس: «أعرف الابن الأكبر للشَّيطان». ونجح بوليكاريوس في ردّ الكثيرين من الذين أضلَّهم ماركيون، وقال الشَّهيد يوستين عن ماركيون أنَّه أقوى الهراطقة، ووضع يوستين مؤلَّفاً ضدّ مُعتقداته الخاطئة، وأيضًا ألَّف ترتليان خمسة كتب ضدّ ماركيون، وقال عنه القدِّيس أثناسيوس الرَّسُوليّ: «ألم يقل ماركيون بأنَّ جسد الكلمة ظهر ونزل من السَّماء في شكل إنساني، وأنَّه لم يكن جسدًا حقيقيًا ؟ وماذا قال ماني ؟ ألم يقل أنَّ الجسد لم يكن جسدًا بشريًا بل له صُورة إلهية، وإنَّ ملامحه كانت فقط إنسانية، ولكنَّه لم يكن جسدًا بشريًا، بل غريبًا عن الطَّبيعة الإنسانية تمامًا ؟ لقد اخترع هؤلاء كلّ هذه التَّصوُّرات، لأنَّهم يعتقدون أنَّ مصدر الخطية هو الجسد وليس الانحراف الذي أصاب الإرادة. لقد انحدر هؤلاء إلى هذا الكفر».]
كنيسة القديسين مار مرقس والبابا بطرس: أسئلة حول حتمية التَّثليث والتَّوحيد وحتمية التَّجسُّد الإلهي – صـ124. [المرقونية: نسبة إلى مرقيون الذي عاش في القرن الثاني الميلادي، ونادى بثلاثة آلهة, إله عادل هو إله التَّوراة، وإله صالح هو إله العهد الجديد، وإله شرِّير هو إبليس.]
في الخِتام ……
نسأل الله أن يتقبَّل هذا العَمَل, وأن يكون خالصاً لوجهه تعالى, مُتَّبعين فيه هدي نبينا محمد صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّم
ساهم معنا بدعكم لمشاريعنا الدَّعوية, الحساب الجاري لجمعية سخاء للخدمات الاجتماعية برقم (873179), ببنك الاستثمار العربي, فرع مدينة نصر, القاهرة, جمهورية مصر العربية
لمزيد من التَّواصل:
· صفحة الجمعية على الفيسبوك www.facebook.com/sa5aaa
· المُشرف العام لجمعية سخاء, محمد شاهين 00201005654207
· تابع المزيد من أعمالنا على مُدوَّنة تقرير http://tqrir.wordpress.com
الحمد لله الذي بنعمته تتمّ الصالحات