بسم الله الرحمن الرحيم
الشنتوية
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
معكم محمد شاهين التاعب من قناة الدعوة الإسلامية على اليوتيوب
هذه مُحاضرة خاصَّة لطُلَّاب معهد آفاق للبناء العقدي
واليوم سنبدأ الكلام عن أديان اليابان
وسنتكلَّم تحديداً عن الشنتوية
وسنتعرَّف في هذه المُحاضرة على الآتي:
– تعريف الشنتوية
– المصادر الشنتوية
– تاريخ الشنتوية
– مفاهيم شنتوية رئيسية
– الأشكال الرئيسية للشنتوية
وكالعادة، فهرس مواضيع الفيديو، والوثائق والمراجع، كلها تحت في وصف الفيديو
…
في البداية لو انت مُهتم بالحوار الإسلامي المسيحي، ومُقارنة الأديان، والنقد الكتابي
أو لو مُهتم بالقضايا الفكرية المُعاصرة، ومواضيع الإيمان والإلحاد
أو لو مُهتم بالإسلام بشكل عام يبقى انت لازم تشترك في هذه القناة
اضغط على زر الاشتراك الأحمر، وعلى علامة الجرس
عشان تجيلك كل الإشعارات بكل حلقاتنا الجديدة
…
أهمّ المُراجع التي تم استخدامها في تحضير هذه المُحاضرة هي:
كتاب: تاريخ الأديان دراسة وصفية مُقارنة، للدكتور محمد خليفة حسن.
وكتاب: موسوعة الأديان الحية (الجزء الثاني: الأديان غير السماوية)، تأليف: روبرت تشارلز زيهنر.
وكتاب: موسوعة تاريخ الأديان (الكتاب الرابع: أديان الشرق الأقصى)، تحرير فراس السواح.
وكتاب: أطلس الأديان، تأليف: سامي عبد الله المغلوث.
…
تعريف الشنتوية:
…
الشنتوية هي الدِّيانة القومية لليابان
أو الدِّين التَّقليدي لليابانيين
الكلمة نفسها مُكوَّنة من مقطعين: شِن + تاو
المقطع الأوَّل شِنْ، بمعنى فوق أو أعلى،
في إشارة للألوهية، أو كما يُسمِّيه اليابانيون: “كامي”
والمقطع الثاني تاو، بمعنى طريق
والمعنى: طريق السُّمُو أو طريق الـ “كامي”
…
تم استخدام اسم “شنتو”،
بعد قُدُوم البوذية إلى اليابان عن طريق الصِّين،
في مُنتصف القرن السادس الميلادي
قبل هذا لم يكُن هناك اسماً معروفاً لهذا الدِّين.
وبعد الانتشار التَّدريجي للبوذية،
شعر اليابانيون بالحاجة إلى تمييز مُعتقدهم التَّقليدي
فدعوه شِن تو (شن تاو)
مُستخدمين الكلمة الصِّينية “تاو” والتي تعني: الطَّريق
والتي تدُلّ في التاوية الصِّينية على المبدأ الكُلِّيّ النَّاظِم للوُجُود
وهو المبدأ الذي أشار إليه اليابانيون تحت اسم: كامي
فالـ “كامي” هو بؤرة إيمان الشنتوية
وحوله تدور كل الطُّقُوس والعبادات الشنتوية
…
مِن عجائب هذه الدِّيانة
أنَّها لا تُنسَب لشخصٍ مُعيَّن
فلا يوجد مؤسِّس معروف للشنتوية
وهي ديانة قائمة على عبادة الطَّبيعة والانبهار بها
ولا تحتوي الشنتوية على أدب ديني أو لاهوتي كثير
فإنَّها اعتمدت في أدبها الدِّيني على البوذية والتاوية والكونفوشية
…
أحد كهنة الشنتوية وصف ديانته قائلاً:
اعتقد بأنَّنا لا نملك لاهوتاً ولا إيديولوجيا دينية، إننا نرقص!
في إشارة إلى أنَّ الديانة الشنتوية قائمة في الأساس على الطُّقُوس
…
نستطيع أن نصف الشنتوية بأنَّها ديانة وضعية اجتماعية
ظهرت في اليابان مُنذ قُرُون طويلة، ولا زالت الدِّين الأصيل فيها
بدأت بعبادة الأرواح، ثُمَّ قوى الطَّبيعة،
وكذلك الأجداد والأسلاف من الزعماء والأبطال والمُلُوك
وتُعظِّم الشَّمس وكذلك الأرز (الغذاء الرئيسي لهم)
ويُطلقون لفظ “كامي” على كل إله أو شيء يسمو فوق الإنسان
…
كما هو الحال في الهند والهندوسية
نجد أنَّ فُرُوع عرقية مُختلفة أسهمت في تكوين الشَّعب الياباني
وكذلك أثَّرت على ديانة وثقافة اليبانيين ولغتهم وأساطيرهم
…
لعلَّ بساطة الشنتوية ترجع لطبيعة اليبانيين أنفسهم
فإنَّه قلَّما نجد في تاريخ الأفكار الياباني
أي استعداد أو قابلية للتفكير العقلي المُجرَّد
أو أي اهتمام بالتَّأمُّل الفلسفي
وأي إنجاز فكري عقلي خالص،
رُبَّما كان بتأثير البوذية والكونفوشية
أمَّا الفكر المحلي أو الوطني الياباني الخالص
فقد كان يميل نحو ما هو عملي وما هو واقعي
…
مُنذ عام 1868م، بعد سقوط الحكومة الموالية للبوذية
أصبحت الشنتوية الدِّين الرَّسمي للدَّولة
…
المصادر الشنتوية:
لا نجد في الشنتوية كُتُب مُقدَّسة
ولا نجد فيها وصايا وشرائع وأحكام مُحدَّدة
وإنَّما نجد بعض كُتُب الأساطير والحكايات والأخبار
…
أهمّ هذه الكتابات هي:
كوجيكي Kojiki = سِجِلّ الأُمُور القديمة
نيهون شوكي Nihon Shoki = حَولِيَّات اليابان المكتوبة
وهُما كتابان يرجعان للقرن الثامن الميلادي
يحتويان على ملامح وأفكار الشنتوية في شكلها المُبكِّر
وهي الأساس الذي قامت عليه عقيدة المؤمن بهذا الدّين
ويُعتبران أساس الدِّعاية الوطنية،
لأنَّ الشنتوية هي الدِّيانة القومية لليابان
وكل مُعلِّم ياباني يستخدمهما لتدريس تاريخ اليابان المُبكِّر
…
الأساطير المُتعلقة بالخلق تُعتبر أهمّ ما في الكتابات الشنتوية
هذه الأساطير تحكي اتحاد كل شيء في الأصل
في كتلة واحدة، لا نظام لها، اتَّخذت شكل البيضة
فالسماء والأرض كانتا مُتَّحدتين
على شكل بيضة هيولية الشَّكل، ذات أبعاد غير مُحدَّدة
وكانت هذه البيضة تحوي مبدأ الحياة
قسمها الأكثر طهارة ونقاء وَوُضُوح كوَّن السَّماء
والعُنْصر الأثقل والأضخم كوَّن الأرض
…
تاريخ الشنتوية:
يجب التَّأكيد على أنَّ الشنتوية
مثلها مثل كل الأديان الوضعية
تطوَّرت وتغيَّرت على مرّ التاريخ
…
العصور الدينية في اليابان: ثلاثة عصور دينية
أولها يبدأ في العصر الأسطوري وينتهي بدخول البوذية حوالي 552 ق.م
العصر الثاني هو عصر الصراع بين الشنتوية والبوذية، يستمر حتى القرن السابع الميلادي
يتميز بامتزاج البوذية في الشنتوية في مُعظم اليابان
ويبدأ العصر الثالث في عام 1868م مع استرداد وعودة الحكم الإمبراطوري
حيث جرت مُحاولة لفصل الشنتوية عن البوذية والعودة بالشنتو الأصلية أو بشنتوية إصلاحية
وأصبحت الشنتو ديانة الدولة الرسمية
…
الشنتوية القديمة ديانة اليابان
قبل أن ينتشر فيها البوذية والكونفوشية
وهي قائمة على عبادة الطَّبيعة والانبهار بها
ومبنية على تصوُّر وِحدة الوُجُود Pantheism
فكل شيء في الوُجُود يحتوي على قُوَّة إلهية حيوية
…
تأثير البوذية على الشنتوية:
ملك مملكة كودارا الكورية،
أدخل البوذية إلى اليابان في منتصف القرن السادس
والبوذية التي أثَّرت على الشنتوية هي بوذية المهايانا
…
امتزاج الشنتوية بالبوذية أدَّى إلى ظُهُور دين
أُطلق عليه اسم ريوبو شنتو Ryobu Shinto
بمعنى الشنتوية المزدوجة
والذي استمر في اليابان لمُدَّة أكثر من ألف سنة
هذه الشنتوية المُزدوجة، أو الثنوية: أي المُكونَّة من اثنين!
اتَّخذت اتجاهاً مرناً فيما يتعلَّق بمسائل العقيدة
وكان هناك ميل واضح للتَّوفيق
بين المذاهب والأفكار والمُعتقدات بقدر الإمكان
عن طريق إدخال عناصر بوذية في الشنتوية
بل وصل الأمر إلى درجة شرح الشنتوية نفسها
باعتبارها أحد أشكال البوذية!
…
تأثير الكونفوشية على الشنتوية:
الكونفوشية دخلت اليابان، وفقاً للمرويات التَّقليدية
في بدايات القرن الخامس الميلادي
وقد لعبت دورها في تزويد الشنتوية بأسلحة أخلاقية
ومع ذلك اكتفى الأخلاقيون الشنتويون بالقِيَم الأخلاقية البسيطة
مثل: الحق والإخلاص والاستقامة
دون إغراق في المعاني الفلسفية
…
مفاهيم شنتوية أساسية
…
كامي:
كلمة أو مُصطلح ياباني يُستخدم للتَّعبير عن
الألوهية المُنتشرة في الوُجُود كله
ويُستعمل اللفظ في اليابان للدلالة على أيٍّ من أصناف الآلهة
وكل ما يُشبه أو يقترب في معناه من مدلول الألوهية
…
كلمة “كامي” تُستخدم في اليابان بشكل كبير جداً وواسع
للتَّعبير عن المُقدَّس أو المُعجز أو الأعلى
أو أي شيء في الوُجُود يُعطي شُعُوراً بالقُوَّة أو الغُمُوض
أو يجعلك تشعر بالرُّعب أو الخَشْيَة أو شيء له قُوَّة غريبة أو سحرية
فالـ “كامي” هو كل ما يقع خارج المألوف،
ويُثير في النَّفس الرَّوع والرَّهبة لما يمتلكه من قُوَى غير عادية
…
إن اليبانيين أنفسهم لا يملكون فكرة دقيقة عن الـ “كامي”
بل إنَّهم يختبرونه بشكل حَدْسِي في أعماق وعيهم
(تجارب صوفية غنوصية باطنية)
ويتَّصلون بالكامي، من غير أن يُشكِّلوا حوله مفاهيم ذهنية أو لاهوتية
ومن العسير إيضاح فكرة تقوم في أصلها على الخفاء والغموض!
…
الـ كامي، حسب التَّعبيرات البوذية:
الكامي هو القاع أو الباطن الكُلِّيّ للوُجُود، والجوهر الخَفِيّ للحقيقة
وحسب التَّعبيرات الكونفوشية:
هو المبدأ الخَلْقِي النَّاظِم للعالم ولعلاقات البشر
…
إذن، الـ كامي عبارة عن قُوَّة شُمُولية تتخلَّل مظاهر الطَّبيعة
وبالرَّغم من وحدتها، بمعنى أنَّها قُوَّة واحدة تملأ الوُجُود كلُّه
إلَّا أنَّها تتوزَّع في عدد من الكائنات المُقدَّسة الماورائية
على قِمَّة هذه الكائنات، حسب الأساطير اليابانية:
إلهة الشمس: أماتيراسو Amaterasu
فالآلهة كلها توضَع تحت اسم “كامي”
ويُنظر إليهم كمجموعة واحدة
…
اليابانيون يعبدون كل مظهر من مظاهر الطَّبيعة
لأنها تحتوي على الـ “كامي” بطُرُق مُختلفة ومُميَّزة
وهكذا يعبدون الشمس والقمر والنجوم
والبرق والصاعقة والأنهار والينابيع
وحتى الصخور والأشجار
…
اليابانيون يعتقدون أنَّ الـ “كامي”
قد يحلّ في الأشياء فيكون له وصف مُختلف
وكأنَّ الكامي شيء يتفاعل مع الوُجُود بطُرُق مُختلفة
فالكامي قد تكون خيِّرة أو شريرة
وأحيانا قد تكون قوية أو ضعيفة
فهناك موجودات تحتوي على كامي
قد تجلب الأذى على الإنسان
ويجب دفع شرها وتهدئة غضبها
بواسطة الطُّقُوس الدِّينية
…
تطلق كلمة كامي أيضاً على الأبطال الماضي المؤلَّهين
الكامي الوحيدة التي تُعبد في المقام الدِّيني
هي بشكل رئيسي تلك الكامي التي اتَّخذت هيئة إنسانية
(التَّعليق على هذه المسألة)
…
لقد خُلق الإنسان بواسطة الكامي
فالبشر هُم أبناء الكامي
منه تلقُّوا الحياة وبه يستمرُّون فيها
وكل فرد يحمل قبساً من القداسة استمده من الكامي
…
أمَّا بخصوص طبيعة الإنسان
فإنَّ اليابانيين يؤمنون أن جسد الإنسان ليس ملكه
بل هو عطية الكامي
أمَّ عقله وروحه فإنَّهما حرَّان ورهن إشارة الإنسان
والإنسان في الأصل وُلد صالحاً
وإنما ظهر الشر في قلب الإنسان في شكل الهفوات أو الزلَّات
والعلاج يكون بإخلاص القلب كلية للعقيدة الشنتوية
…
(تعليق بخُصُوص الأساطير اليابانية وتأثيرها على العقائد)
…
كل إنسان ميت يُمكن أن يصبح كامي
أي تجسيداً للقُوِّة الإلهية الحيوية
الأمر قريب جداً من عبادة الموتى في أديان الصين
فالأموات سيطروا تماماً على الأحياء
وهُم يُشاركون في أحداث الأسرة وأنشطتها وكأنَّهم أحياء
وتُطلب مُساعدتهم في أوقات الأزمات
…
ماتسوري (العبادة):
كلمة يابانية تُستخدم للتَّعبير عن
حالتين من العبادة في الشنتوية
…
الحالة الأولى هي الاحتفالات الدِّينية الجَمعِيَّة:
والتي فيها يُعبِّر الناس بشكلٍ طقسي
عن اعتنائهم بالـ كامي
وعن إحساسهم بالرَّهبة تجاهها
وعن شُكرهم وامتنانهم لها
مع رفع الصَّلوات لكي تُنجِّيهم من المِحَن والكوارث
…
الحالة الثانية هي مُمارسات الحياة اليومية
والتي تكون من خلال تنفيذ إرادة الكامي عبر الفرد
من خلال وضع الإيمان موضع التَّطبيق في الحياة اليومية
…
العبادة في الشنتوية تتضمَّن أربعة عناصر:
- التَّطهُّر والاغتسال.
- تقديم القرابين
- الصَّلاة وهي أشبه بالأدعية
…
بخصوص القرابين …
تكون في الغالب من الحُبُوب أو الشَّراب
ويتم اليوم تقديمها في شكل مبلغ من المال
وفي أسوء الحالات يُمكن تقديم قرابين رمزية كأغصان شجرة
…
يجب التَّأكيد على إن الشنتوية ديانة بسيطة جداً
ولا تُطالب أتباعها بطُقُوس خاصَّة ومُعقَّدة
فالطُّقُوس الشنتوية بسيطة إلى حَدٍّ بعيد
وتُجرَى في أحضان الطَّبيعة
هذه الطُّقُوس أشبه بعملية ترتيل مُتصاعد
من أجل الوُصُول لحالة الوَجْد الصُّوفية
والاندفاع في رقص طُقُوسي محموم
من أجل جمع العابد إلى المعبود
…
إن ما يُميِّز الشنتوية بشكل رئيسي
هو اعتمادها على الموقف الحَدْسِي للفرد
وخبرته الدينية الداخلية المُباشرة
من دون المبادئ اللاهوتية المُعقلنة
وتُعطي الأهمية الأولى
للطُّقُوس ذات الطَّابع السَّرائري الصوفي
…
الطَّهارة:
التَّطهُّر من المعالم الرئيسية للشنتوية
والتَّطهير من القاذورات والتلوث
من الطُّقُوس الرَّئيسية في الدِّيانة
فالإنسان حسب الشنتوية
يقترب من الإله من خلال التَّطهُّر
وينتشر بين اليابانيين عادة التَّطهُّر بالمِلْح من النَّجاسة
واستخدام المِلْح في حالة الخَوْف من العَدْوَى
وكلّها تعود لأساطير يابانية عن الآلهة
وهو تطهر خارجي شكلي
ليس من الضرورة أن يُقابله تغيُّر داخلي
…
حسب الأساطير اليابانية القديمة
الحياة والخُصُوبة أمران طيِّبان صالحان
والتَّعفُّن والقذارة والجَدْب هُم الشَّرّ
ومن هُنا كان التَّركيز على الطُّقُوس
التي ستُساعد على النُّمُو والتَّطوُّر
أو الطُّقُوس التي تُزِيل النَّجاسة
والتَّركيز على الطَّهارة والكمال
هُما الملمحان الأساسيان للشنتوية
…
هكذا كانت الشنتوية القديمة،
قبل قُدُوم البوذية والكونفوشية لليابان.
لقد كانت دعوة للنَّظافة أو الطَّهارة الظَّاهرية،
ولا صِلَة لها بأيِّ تغيُّرات في القَلْب أو الباطن.
ولكن بعد تأثُّر الشنتوية بالبوذية والكونفوشية
أصبح هُناك اهتمام بالغ بالتَّطهير الرُّوحي،
والذي يُخلِّص الرُّوح والجَسَد من كل رجس،
ويُعيد إلى القلب صفاءه ونقاوته.
…
الأشكال الرَّئيسية للشنتوية:
…
- شنتوية الإمبراطور:
تكلَّمنا عن الـ كامي، وعن عبادة الأموات
ولكن عبادة الإمبراطور تتفوَّق على عبادة الأموات
فمن الواجب الخُضُوع للإمبراطور كأعلى سُلطة مُقدسة
وقد تمّ إعلان عبادة الإمبراطور في اليابان بشكل رسمي
“إنَّ أرضنا بَلَد إلهية، يحكمها الإمبراطور، وهو إله”
فالإمبراطور والدَّولة هُما كلّ شيء، ولا قيمة للفرد
…
في اليابان، يُعتبر الإمبراطور ابناً للسماء،
لأنَّه (وفقاً للأساطير اليابانية القديمة)،
من سُلالة أسَّسها الحفيد المُباشر للشمس في الأزمان الأولى.
وقد جرت عبادته عبر العُصُور كواحد من الآلهة العِظَام.
والطُّقُوس التي تُقام لأرواح الأباطرة الأسلاف،
الإمبراطور نفسه هو الذي يقوم بواجبات شعائرها.
…
(السبب في تسميتها شنتوية الإمبراطور
بمعنى التَّعاليم الدينية الشنتوية فيما يخُصّ الإمبراطور)
…
وهكذا تمَّ الاعتراف بالأصل الإلهي للإمبراطور،
الذي أصبح رمزاً أعلى للدِّين.
ويُمكن القول بأنَّ عِبادة الإمبراطور حلَّت مكان الدِّين،
وبالرَّغم من صُدُور قرار خاصّ بنهاية عبادة الإمبراطور
إلَّا أنَّ اليابانيين مازالوا مُرتبطين دينياً بالإمبراطورية والإمبراطور
فاليابان هي الدَّولة الوحيدة التي ظلَّت بها المَلَكِيَّة مُقدَّسة
ويُنظر حتى الآن إلى الإمبراطور على أنَّه سَلِيل إلهة الشَّمس
…
- شنتوية المقامات الدِّينية:
المقصود بالـ “مقامات”:
أماكن مُمارسة الطُّقُوس الجماعية
هذا الشَّكل من الشنتوية يتميَّز بنظام شامل
مُكوَّن من المُعتقدات والطُّقُوس والاحتفالات تكريماً للكامي
وشنتوية المقامات الدينية
هي المُمثِّل الرَّئيسي للشنتوية في اليابان
وسوف نتكلَّم عنها بأكثر تفصيل فيما بعد
…
- شنتوية الدَّولة:
هذا الشكل من الشنتوية عبارة عن ابتكار سياسي،
ظهر في عصر أسرة ميجي، الذي بدأ عام 1868م
وهو عبارة عن توفيق بين:
شنتوية المقامات، وشنتوية الإمبراطور
…
هذه الشنتوية تسعى لتوضيح الهُوِيَّة القومية والثقافية اليابانية
وتقوم بالفصل بين الشنتوية والبوذية
وهكذا تمَّ إعادة إحياء: “هيئة شئون الشنتو”
وتمّ رسم حُدُودها باعتبارها مؤسَّسة حكومية
والكهنة بمثابة موظَّفين حكوميين
…
(تعليق: أشبه بالأزهر ووزارة الأوقاف؟!)
…
- الشنتوية الشَّعبية:
عبارة عن خليط من المُعتقدات والطُّقُوس لعامَّة النَّاس
تنطلق من قبول عادات ووجهات نظر الشنتوية في الحياة اليومية
…
(تعليق وتوضيح)
…
- شنتوية الطَّوائف:
وهي عبارة عن الأشكال المُختلفة من الشنتوية
التي تتبنَّاها الطوائف الشنتوية المُختلفة
هذه الطَّوائف عبارة عن مُنظَّمات دينية
تم الاعتراف بها من قِبَل الحكومة اليابانية
وتم اعتبارهم كفُرُوع من التَّقاليد الشنتوية
هذه الطَّوائف في الغالب أسَّسها شخصِيَّات ذات جاذبية شعبية
وآلهتها هي نفس آلهة الشنتوية التَّقليدية
والتي تظهر أسماؤها في أدبيات الشنتوية الكلاسيكية
مع بعض التغييرات والإضافات المُختلفة
…
أكثر مذاهب الشنتوية انتشاراً
مذهب يُعدى: تنري كيو Tenri-Kyo
ومعناها: دين الحكمة المُقدَّسة
مركز هذا المذهب هو مدينة تنري الجديدة
وهو مذهب مُتأثِّر جداً بالبوذية
من جوانب طُقُوسه وتقاليده الغريبة تماماً عن الشنتوية
…
أيضاً من أشهر المذاهب الشنتوية،
مذهب يُدعى: الشنتوية المُوحِّدة،
أو الحركة التَّوحيدية اليابانية.
بدأت في القرن الخامس عشر
وتُعلِّم عبارة: “الرَّبّ الواحد هو ربَّنا”
هو الكامي الأول، الذي ظهر للوُجُود ولم يكن سواه
…
التوحيد في مذهبهم هو ادِّعاء وُجُود كامي واحد فقط
بمعنى وُجُود قُوَّة إلهية حيوية واحدة فقط في الوُجُود
ولكن هذه القُوَّة الإلهية الحيوية، أو الـ كامي
هذا الكامي الواحد، يتَّخِذ أشكالاً مُختلفة = أفتارات
ليتواءم مع ظُرُوف كلّ إنسان
فيتمكَّن من إبلاغ تعاليمه وفقاً للأحوال
وهكذا زعموا أن الشنتوية
هي النبع الذي استقت منه الكونفوشية والبوذية وسائر الأديان
…
وهكذا يُعلِّمون أنَّ الكامي اتخذ هذه الأشكال المُختلفة
لأنَّه في وحدانيته يريد توصيل نفس الحقيقة
فيأخذ أشكالاً مختلفة في المظهر
حتى يُكيِّف تعاليمه حسب فَهْم كل إنسان
وهذا يعني أنَّ الإله واحد يتجسد في عِدَّة أشكال
وهذا الإله الواحد هو أصل الكامي، إله الشنتوية.
…
(التَّعليق على الخَلْط بين مفهوم الإله الشخصي وتصور وحدة الوُجُود)
…
هذا المذهب تجاوز مُجرَّد الطَّهارة الطَّقسية الشعائرية
وأصبح هُناك اهتمام بالجانب الوجداني الرُّوحي القلبي الدَّاخلي
…
شنتوية المقامات الدِّينية:
في شهر ديسمبر من عام 1945م، تم إلغاء شنتوية الدَّولة.
وفي عام 1946م، تمّ تشكيل “هيئة مقامات الشنتو”. (وزارة الأوقاف)
وهي مُنظَّمة حُرَّة، تشتمل على مُعظم مقامات الشنتوية في اليابان.
وهكذا استقلَّت شنتوية المقامات عن شنتوية الدَّولة،
واكتسبت هويتها الدِّينية الخاصَّة.
…
في عام 1956م، صاغت “هيئة مقامات الشنتو”
مُلخَّصاً عن مبادئ الإيمان الشنتوية
هذه المبادئ غير مُلزمة للأتباع أو المُنظَّمات،
لكنَّها تُعبِّر عن جوهر الإيمان الشنتوي.
…
هذه المبادئ باختصار هي:
– بذل المجهود في الالتزام بطُقُوس الشنتوية.
– مُساعدة الآخرين، والسَّعي لخير العالم كلّه.
– الاعتراف بمشيئة الإمبراطور، والصَّلاة من أجل ازدهار بلاده.
(توضيح المقصود بمشيئة الإمبراطور)
…
المقامات:
…
حسب الأساطير اليابانية القديمة،
تُعتبر اليابان بُقعة مُقدَّسة، يحل فيها الـ كامي.
…
تُعتبر المقامات الشنتوية،
(وتُسمَّى بالمحلِّيَّة: جينجا)
مكاناً للعبادة ومقرًّا للكامي
يُشرِف كهنة الشنتوية على الطُّقُوس والشَّعائر،
ومُعظمها ذات طابع احتفالي
يعيش الكهنة داخل المقامات،
ويستطيع أي رجل أو حتى امرأة أن يُصبح كاهناً
وبإمكان الكهنة التزاوج وإنجاب الأطفال
…
قبل ظُهُور المقامات الثَّابتة التي يصنعها الإنسان،
جرى الاعتقاد بأنَّ الـ كامي تعيش في الأماكن النائية المُنعزلة،
وأنَّها تزور الإنسان في مُناسبات مُعينة.
وعندما يقترب موعد إقامة طقس أو احتفال ديني مُهِمّ،
يتِمّ عَزْل هذه البقعة، وتُرسم حُدُودها بحبل من قَشّ،
يفصلها كبقعة مُقدسة عن محيطها الدُّنيوي.
وقد تُستعمل بعض الأحجار المُعيَّنة بدلاً من الحبل،
لرسم الحُدُود المؤقَّتة لهذه البُقعة.
ولكن بمُرُور الوقت حلَّت المقامات المبنية، مَحَلّ المقامات المُسيَّجة
وبدأ النَّاسُ يعتقدون بأنَّها أماكن سَكَن للـ كامي
والمقامات بدأت تَتَّخِذ شكل بيت سَكَنِي
…
يُحدد المكان عن طريق أرواق خشبية
(من رَوق: الرواق المفتوح) أو الـ “توري”
ترمز هذه الأرواق إلى الخروج عن عالم الإنسان والدُّخُول إلى عالم الـ كامي
…
هناك العديد من المقامات البعيدة عن أماكن سَكَن النَّاس
والمُتواجدة في أحضان الطَّبيعة
كأن تكون على جبل، أو قُرب شلَّال ماء، أو على جزيرة نائية
في مثل هذه البيئة، الطَّبيعة نفسها تُعتبر رمزاً للـ كامي
…
من أشهر المقامات الشنتوية
– مقام إيسي الكبير Ise Grand Shrine
– مقام إيزومو الكبير Izumo Grand Shrine
…
هُناك اعتقاد بأنَّ الكامي تُجدِّد قُواها في مطلع كل سنة جديدة
وهذا يظهر في عادةِ هَدْم المقام القديم،
وإعادة بنائه على فترات مُنتظمة.
هذه العادة آلت إلى زوال تقريباً بسبب كلفتها.
لكنها بقيت سارية في مقام إيسي الكبير،
والذي يُعاد بناؤه 100 مرة كل عشرين سنة!
…
(التعليق على هذه المعلومة = 5 مرَّات في السنَّة)
…
خاتِمة
أنا هكتفي بهذا القدر في هذا الفيديو
لو حاز الفيديو على إعجابك فلا تنسى أن تضغط على زر أعجبني
ولا تنسى أن تقوم بمُشاركة الفيديو مع أصدقاءك المُهتمين بنفس الموضوع
ولو كنت قادراً على دعم ورعاية مُحتوى القناة
لو انت شايف إن هذا المُحتوى يستحق الدعم والرعاية
فقم بزيارة صفحتنا على باتريون، ستجد الرابط أسفل الفيديو
إلى أن نلتقي في فيديو آخر قريباً بإذن الله عز وجل
لا تنسوني من صالح دعائكم
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته