بسم الله الرحمن الرحيم
البوذية خارج الهند
في الصِّين واليابان والتِّبت
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
معكم محمد شاهين التاعب من قناة الدعوة الإسلامية على اليوتيوب
هذه مُحاضرة خاصَّة لطُلَّاب معهد آفاق للبناء العقدي
واليوم سنتكلَّم عن البوذية التي انتشرت خارج حُدُود الهند
وخُصُوصاً في الصِّين واليابان والتِّبت
وسنتعرَّف في هذه المُحاضرة على الآتي:
– بوذية المهايانا وأسباب انتشارها خارج الهند
– دُخُول البوذية إلى الصِّين وكوريا واليابان والتِّبت
– مدارس المهايانا الكُبرى في الصِّين واليابان والتِّبت
وكالعادة، فهرس مواضيع الفيديو، والوثائق والمراجع، كلها تحت في وصف الفيديو
…
في البداية لو انت مُهتم بالحوار الإسلامي المسيحي، ومُقارنة الأديان، والنقد الكتابي
أو لو مُهتم بالقضايا الفكرية المُعاصرة، ومواضيع الإيمان والإلحاد
أو لو مُهتم بالإسلام بشكل عام يبقى انت لازم تشترك في هذه القناة
اضغط على زر الاشتراك الأحمر، وعلى علامة الجرس
عشان تجيلك كل الإشعارات بكل حلقاتنا الجديدة
…
أهمّ المُراجع التي تم استخدامها في تحضير هذه المُحاضرة هي:
كتاب: أديان العالم (دراسة روحية تحليلية)، للدكتور هوستن سميث.
وكتاب: موسوعة تاريخ الأديان (الكتاب الرابع: أديان الشرق الأقصى)، تحرير فراس السواح.
وكتاب: موسوعة الأديان الحية (الجزء الثاني: الأديان غير السماوية)، تأليف: روبرت تشارلز زيهنر.
…
(تعليق بسيط على المراجع)
…
تنبيه هام جداً
هذه المُحاضرة عن البوذية التي انتشرت خارج حُدُود الهند
وهي مُرتبطة ارتباط وثيق بالبوذية التي انتشرت في الهند
وبالتالي أنصح بشدَّة بمُشاهدة فيديو البوذية
والمُفيد أيضاً أن مُشاهدة فيديو الهندوسية قبلها
لأن البوذية ديانة مُنشقَّة عن الهندوسية
وبما أنَّنا سنتكلم عن البوذية المُنتشرة في اليابان والصِّين
أنصح أولاً بمُشاهدة فيديوهات الكونفوشية والطاوية والشنتوية
وهكذا بمعنى أصحّ …
أنصح بمُراجعة قائمة فيديوهات دراسة الأديان
ومُشاهدة الفيديوهات السَّابقة لهذا الفيديو أولاً
حتى تحصل على أكبر قدر من الاستفادة
ستجد رابط قائمة فيديوهات دراسة الأديان في وصف الفيديو
…
بوذية المهايانا
…
بعد أن انشقَّت البوذية إلى
التيرافادا Theravada
والماهايانا Mahayana
استمرَّت التيرافادا كتقليد مُوحَّد جداً
بينما انقسمت الماهايانا إلى عددٍ من الطَّوائف أو المدارس
وهكذا انتشرت بوذية المهايانا خارج الهند
حتى دخلت الصِّين وكوريا واليابان والتِّبت والمنغوليا
وتأثَّرت بالأديان الموجودة في هذه البلاد
مثل: الكونفوشية، والطَّاوية، والشنتوية
ممَّا أدى لظُّهُور مدارس بوذية مُميَّزة جداً
مثل بوذية تشيان أو زِّن في الصين واليابان
وبوذية الفاجرايانا في التِّبت
هذه المدارس البوذية الفريدة
جذبت انتباه عدد كبير من النَّاس في الغرب
…
سبب انتشار بوذية المهايانا
…
من الواضح جدًّا أنَّ بوذية التيرافادا
كانت عبارة عن تصوُّر قاسي جدًّا لعقيدة وحدة الوُجُود
إلى درجة أنَّها كانت تنفي وُجُود أي آلهة شخصية
يستطيع الإنسان أن يدعوها، ويلجأ إليها عند الحوائج
وبهذا حسب بوذية التيرافادا
كان العبء كلُّه على الإنسان وحده
ولا يوجد أي ملجأ أو منجى في هذا الكون
وهذا تصوُّر عسير جداً، ومُخالف حتَّى للفطرة البشرية
…
بوذية المهايانا كانت عكس ذلك تماماً
وبعضّ النَّظر عن الاختلافات العديدة بين المهايانا والتيرافادا
هُناك عقيدة بعينها، أكَّدت عليها بوذية المهايانا
ساهمت بشِدَّة في انتشارها خارج حُدُود الهند
هذه العقيدة هي أنَّ:
سيدارتا جوتاما لم يكن البوذا الوحيد
وأنَّه كان يُوجَد قبله بوذاوات كثيرون
جاء بعضهم إلى الأرض Manuchi Buddhas
وظلَّ بعضهم في السَّماوات Dhiani Buddhas
وبعضهم في طريق التَّشكُّل Bodhisattvas
وسوف نتكلَّم عن هذه الأنواع الثلاثة من البوذاوات بتفصيل أكبر فيما بعد
…
بفضل هذه العقيدة الخاصَّة بـ بوذية المهايانا
صارت حُدُود الكون الخارجية
مليئة بالكائنات الحانية
التي تستطيع مُساعدة الإنسان
وهكذا صارت الأدعية مُمكنة من جديدة
…
(تعليق على هذه النُّقطة)
…
المهايانا تُعلِّم بوُجُود أعداد كبيرة من المُخلِّصين
الحقيقيين والمُحتملين
الذين يُريدون شِفاء النَّاس من الآلام أو تخفيفها
وقد زعم مُعظم المهايانيين أنَّ بوذا كان يُعلِّم سِرًّا
أنَّه ليس على الإنسان أن يُخلِّص نفسه
فهو يُمكن أن يحصل على المُساعدة
…
(وجه الشَّبه مع المسيحية؟!)
…
هذا التَّغيير العقائدي جعلت البوذية تنتشر بشكل أكبر في الخارج
وهكذا استجابت البُلدان لبوذية المهايانا بشوق
وبما أنَّ المهايانا كانت بطبيعتها قابلة للتوسُّع
فقد تبدَّلت كُلَّما انتقلت
وتأثَّرت بالأديان الموجودة في الصِّين واليابان
الكونفوشية والطاوية والشنتوية
…
ثلاثة أنواع من المُخلِّصين
…
بوذاوات الـ مانوتشِّي Manuchi Buddhas
بوذاوات الدِّياني Dhiani Buddhas
البوديساتفات Bodhisattvas
…
بوذاوات الـ مانوتشِّي Manuchi Buddhas
…
بوذاوات الـ مانوتشي هُم المُخلِّصون
الذين ظهروا على الأرض في الماضي بوصفهم بشراً
ووصلوا إلى التنوُّر، ثم انقضى واجبهم، وحققوا النيرفانا
مثل سيدارتا جوتاما
وهُم بالدَّرجة الأولى: مُعلِّمون
ولا يُمكن أن تَصِل إليهم الصَّلوات والدُّعاء
بعد دُخُولهم النِّيرفانا
…
بوذاوات الدِّياني Dhiani Buddhas
…
بوذاوات الـ دياني (التَّأمُّل)
تَنْقِل صُورْهُم الانطباع بالتَّأمُّل العميق والهُدُوء
هُم الذين حقَّقوا الاستنارة، وأصبحوا في حالة الـ بوذا
ولكنَّهم لم يُحقِّقوها في الشَّكل البشري
…
وكأنَّ كلّ الكائنات لها أصل سماوي روحي
بوذاوات الـ مانوتشي نزلوا من السَّماء
وعاشوا على الأرض كبشر
ووصلوا إلى حالة الاستنارة على الأرض
ثمَّ ماتوا ودخلوا في حالة النيرفانا
…
أمَّا بوذاوات الـ دياني
فقد ظلَّوا في حالتهم الروحية السماوية
ووصلوا إلى حالة الاستنارة وهُم في السماء
ولكنَّهم لم يدخلوا بعد في حالة النيرفانا
وهكذا، في الفاصلة الزمنية، بين الزَّمن الحاضر،
والدُّخُول النِّهائي المؤجَّل عن قصد في النيرفانا
بوذاوات الـ دياني يُسعفُون حاجات النَّاس بنشاط
…
في العالم المهاياني كلّه
نجد ثلاث بوذاوات ديانيين أساسيين
– فايروكانا Vairocana
– بهاسياجيا جورو Bhasiajiaguru
– أميتابها Amitabha
وهؤلاء الثلاثة ليسوا إلَّا عدداً قليلاً منس كثيرين
…
الأول: فايروكانا Vairocana
هو البوذا الشَّمسي
وله مُقابل في دِيانات أخرى وثنية وضعية
فهو شبيه بـ ميثرا الفارسي
سافيتار Savtar الهندوسي
وفي اليابان، تم اعتبار إلهة الشَّمس الشنتوية
(أماتيراسو) Ameterasu تجلياً له
…
الثاني: بهاسياجيا جورو Bhasiajiaguru
هو بوذا الشِّفاء
وله أتباع كثيرون في الصِّين واليابان والتِّبت
…
الثالث: أميتابها Amitabha
معروف عند الصينيين باسم: أو مي تو O mi to
وعند الكوريين واليابانيين باسم أميدا Amida
وهو أحد آلهة آسيا، وقد كان فيما مضى راهباً
وهو الذي يُشرف على الفردوس
تقدير العوام له في الصين واليابان
يفوق تقديرهم حتى لـ سيدارتا جوتاما نفسه!
ففي حين يُلبِّي البوديساتفات الحاجة الحالية
فإنَّ أميتابها يضمن النَّعيم المُقبل
…
حسب عقيدة بعض مدارس المهايانا
الإنسان التَّقي العاجز عن اكتساب الحسنة
يتَّجِه إلى أميتابها بالصَّلاة والدُّعاء
لكي ينال الحسنة التي تتحوَّل إليه من ذخر الكائن العظيم
…
في الصِّين واليابان
تقول رسالة بعنوان “وصف أرض النَّعيم”
إنَّ الإيمان بـ أميتابها
وبقطع النَّظر تماماً عن الأفعال والأعمال الفاضلة
كافٍ وحده للوُصُول إلى الخلاص
…
ثلاث تعليقات في غاية الأهمية:
– مفهوم الحسنة
– ذُخر الكائن العظيم
– الخلاص بالإيمان وحده
…
البوديساتفات Bodhisattvas
…
أو بوذاوات المُستقبل
الكلمة البالية هي بوديساتا Bodhisatta
وبالإنجليزية بوديساتفا Bodhisattva
…
النُصُوص المُقدَّسة لمذهب التيرافادا
لا تعترف إلَّا بكائنين من نوع الـ بوديساتفا
هُما سيدارتا جوتاما قبل التَّنوُّر
و مايتريا Maitreya (بوذا الذي سيأتي في نهاية الزَّمان)
أمَّا في المهايانا فإنَّ البوديساتفات
عبارة عن جماعة كبيرة قد تكون غير معدودة
من الكائنات فائقة الطَّبيعة
والتي تسمع الأدعية والصَّلوات
وتأتي لمُساعدة النَّاس بهمَّة ونشاط
…
البوديساتفات عبارة عن كائنات
نذرت نفسها لتصير بوذاوات
وقبل وُجُودها الجسدي
وبشكل روحاني في السَّماء
عاشت على نحو تكسب فيه عدد ضخم جداً من الحسنات
وهكذا تستطيع أن تصل إلى منزلة البوذاوات بسهولة، وتنتقل إلى النيرفانا
ولكنَّها كائنات حانية مُحبَّة مُشفقة على البشرية المُتألِّمة
وهكذا أجَّلت دُخُولها في النيرفانا
وتحوِّل حسناتها إلى الذين يُنادونها في الدعاء
أو على الأقل تمنحهم الأفكار الورعة
وفي بعض الأحيان، تنزل إلى الأرض في هيئة ملائكة
وتنقذ الناس من آلامهم ومشاكلهم
…
(قارن ذلك بعقيدة زوائد فضائل القديسين، وشفاعة القديسين)
…
الفرق الرئيسي بين بوذاوات الـ دياني والـ بوديساتفات
هو أنَّ بوذاوات الـ دياني كائنات سماوية بشكل دائم
لن تنزل على الأرض، وتعيش حياة بشرية وسط الناس
أمَّا الـ بوديساتفات، فسيعيشون على الأرض حياة بشرية في يومٍ ما
…
أشهر الـ بوديساتفات
…
مايتريا هو البوذا الذي سيأتي في آخر الزَّمان
المعروف في الصِّين باسم ميلو فو Milo Fo
كان يُمجَّد أولاً في الهند
ثمَّ في كُلّ أنحاء العالم المهاياني
…
(التَّعليق على فكرة آخر الزَّمان)
…
مَنجو سوري Manjusuri
المعروف في الصِّين باسم: وِن يو Wen yu
هو الذي يُساعد من يودُّون
أن يعرفوا ويتَّبعوا القانون البوذي
…
سَمَنتابادرا Samantabhadra
المعروف في الصِّين باسم: بو هين Bu Hien
هو الذي يجلب السَّعادة لمن يتبعه
ويُغذِّي فيهم لطفهم الكوني
…
أفالوكتِيسفارا Avaloktesvara
المعروف في الصِّين باسم: كوان يين Kwan yin
من أسمائه الأخرى: بدمباني Padmapani
والذي يعني: حامل اللُّوتس بيده
هو الذي يُقدِّم الاهتمام والحنان والرِّعاية لكل الذين يسكنون العالم
يعتقدون أنَّه جاء إلى الأرض أكثر من ثلاثمائة مرَّة في هيئة إنسان
وهو الذي يَصْرِف كلّ المصائب والآلام والكوارث
سواء معنوية أو مادية
…
انتشار البوذية خارج الهند
…
دُخُول البوذية إلى الصِّين
…
تحوُّل الصين إلى البوذية
يُعتبر من أعظم إنجازات الثَّقافة الهندية في انتشارها خارج الهند
فوُصُول البوذية إلى الصِّين أدَّى لانتشار الثَّقافة الهندية في آسيا الوسطى
وفي القرن الرابع الميلادي أصبحت البوذية هي العقيدة السائدة في الصِّين
وهي كذلك أساس البوذية الفيتنامية والكورية واليابانية
وهكذا ظلَّت البوذية لأكثر من ألف عام تسود الحياة الدِّينية لأهل الصِّين
…
(مقارنة انتشار الإسلام)
…
العلاقات بين الصِّين والهند ترجع لعهد مُبكِّر جداً
رُبَّما إلى القرن الثالث قبل الميلاد
ولكن دُخُول البوذية إلى الصِّين لها أسطورة
مُتعلِّقة بالإمبراطور الصيني منغ تي Ming Ti (58 – 75م) من سُلالة هان المتأخرة
…
روى المؤرخون الصِّينيون القُدماء
أنَّه قبل أن يحكم منغ تي بنحو سِتّ سنوات
صار مُهتماً بالبوذية اهتماماً كبيراً
لأنَّه قد رأى في أحد أحلامه صورة ذهبية للبوذا تطير في غرفته
والرَّأس فيها يتوهَّج مثل الشَّمس
وهكذا أرسل اثني عشر مبعوثاً خاصًّا إلى الهند
للإتيان بمعرفة أدقّ عن تعاليم بوذا
وأحضر المبعوثون معهم في عودتهم مكتبة من الكُتُب المُقدَّسة
وتماثيل لبوذا، وراهبان بوذيان مُفعمان بالحماسة التَّبشيرية
وهكذا قام الإمبراطور بتشييد دير للرَّاهِبَين البوذِيَّين
الذَين شرعا في ترجمة الكتابات المُقدَّسة إلى اللُّغة الصِّينية
…
بغَضّ النَّظر عن مَدَى صِحَّة هذه التَّفاصيل
إلَّا أنَّ شيئا شبيهاً بهذا حتماً قد حَدَث
ولكن رُبَّما ليس في هذا الوقت تحديداً
ولا بإلحاح من الإمبراطور
ولكن على الأقل، في عام 65م
سمح الإمبراطور منغ تي بنصب تمثال لبوذا
وسمح أيضاً بانتشار العبادة البوذية
ولكن رُبما لم يكن هو نفسه موالياً أو تابعاً للبوذية
…
بسبب سُقُوط سُلالة هان
في أعقاب الاضطراب الذي نشأت عنه الممالك الثلاث (220 – 380م)
وفي غُضُون القُرُون الثَّلاثة التالية
فإنَّ قبائل آسيا الوُسطى البدوية
فتحت الصين بأعداد كبيرة
وأحدثت انقساماً وشَقَاءً كبيرين
…
بسبب هذه الظُّرُوف الصَّعبة
تحوَّل الكثير من الصِّينيين عن المذهب المُتفائل في الكونفوشية
إلى التَّعزِيَات الصُّوفية وسكينة العودة إلى الطَّبيعة في الطَّاوية
وهكذا صار الصينيون على أتمّ الاستعداد لقبول البوذية
فالطاويون أظهروا اهتماماً بالبوذية
وبدا لهم أنَّ فيها أوجه شبه مع وجهة نظرهم
وشعر الكثيرون بالاهتمام نفسه
لأنَّ الدُّنيا كما عرفوها قد أوصلتهم إلى انعدام الأمل
…
(التعليق على انتشار الدِّيانة بسبب حالة نفسية عامَّة
وافقت التَّصوُّر البوذي للكون والحياة الإنسانية)
…
بوذية التيرافادا لم تكن مُناسبة
ولا مُتوافقة مع الحياة الصِّينية
فلا يُمكن التَّوفيق بين الرَّهبانية
والمثال الصِّيني في الحياة العائلية
وكان يجب على الصُّوفية البوذية
أن تكون قريبة من الصُّوفية الطَّاوية
…
هذا الغزو للصين، سمح بدُخُول عدد أكبر من أتباع بوذية المهايانا
وهكذا أصبح هُناك تبشير بوذي مهاياني في الصِّين
ومكَّنتهم عقيدتهم المرنة من قَبُول أنماط التَّفكير الصِّينية
وهكذا فازت البوذية بمكان إلى جِوار الكونفوشية والطَّاوية
فأصبح الشَّخص الصِّيني: كونفوشي، طاوي، بوذي
كونفوشي: ينشد الصَّلاح الدَّاخلي وانسجام الأسرة
طاوي: مُتفاهم ومُنسجم مع الطَّبيعة
بوذي: يسعى للأمان بعد الموت
وهكذا كان يبدو أنَّ هذه الأديان الثلاثة مُكمِّلة لبعضها البعض!
…
في النِّهاية، انتشرت المعابد والأديرة البوذية في كلّ أنحاء الصِّين
ولكن في بعض الأحيان، كان من شأن إمبراطور كونفوشي أو طاوي
أن يقوم باضطهاد واسع الانتشار ضد البوذية
إلَّا أنَّ الأباطرة المُتسامحين كانوا يعقبون على الدَّوام الأباطرة المُعادين للبوذية
وعلى الأقل، كان يتمّ التَّعويض عن الأذى المادي
…
دُخُول البوذية إلى كوريا
…
بعد دُخُول البوذية إلى الصِّين
دخلت البوذية إلى كوريا
وبسبب أحد الرُّهبان البوذيين
المُفعم بالحماسة التَّبشيرية الشديدة
والذي كان يحمل معه صُور بوذا، والكُتُب المُقدَّسة
تبنَّت الدول الكورية هذا الدِّين الجديد
وهكذا في مُنتصف القرن السَّادس الميلادي
كان ملك الدَّولة الكورية الجنوبية،
يُرسل الدُّعاة والصُّور والكُتُب
إلى إمبراطور اليابان
…
(التَّعليق على: أحد الرُّهبان البوذيين)
…
دُخُول البوذية إلى اليابان
…
في عام 552م
تلقَّى الإمبراطور الصِّيني كيمِّي Kimmei
من نظيره الكوري
بالإضافة إلى العطاء المالي
صورة لبوذا مطلية بالذَّهب
وبعض الكُتُب المُقدَّسة
وبعض الأعلام والمظلَّات
ورسالة تتعلَّق بالعقيدة البوذية
وقد أثَّر في الإمبراطور انتشار البوذية
من أقصى الهند، مُرُوراً بالصِّين، وحتى كوريا
وأنَّها تحظى بالقَبُول والتَّبجيل
…
(التَّعليق على تأثير الانتشار!)
…
الكُتُب المُقدَّسة البوذية التي جاءت اليابان
كانت مكتوبة بالشارات الكتابية الصينية
والتي كانت اليابانية قد تبنَّتها على نطاق واسع
وهكذا احتاجت هذه الكُتُب المُقدَّسة إلى تفسير فقط، لا إلى ترجمة
إذ كان اليابانيون قد تعلَّموا أن يلفظوا كل شارة صينية
بلفظ الكلمة اليابانية المُقابلة لها
…
وهكذا مع البعثات التبشيرية البوذية الوافدة باستمرار
بدأت رياح التغيير تهبّ
وفي عام 558م
اعتلت الإمبراطورة سوكو Suko العرش
وصار ابن أخيها شوتوكو تايشي Shotoku Taishi
وصياً على العرش
وهو بوذي شديد الحماسة
فأرسل إلى الصِّين فرقاً من الباحثين
لإحضار ما أمكن من المعرفة الكاملة بالبوذية
وبنى المعبد البوذي العام الأوَّل في اليابان
…
دُخُول البوذية إلى التِّبت ومنغوليا
…
جاءت البوذية إلى التبت ومنغوليا مُتأخِّراً
ومع ذلك أصبح لها شكل مُختلف كثيراً عن بوذية التيرافادا أو حتى المهايانا
التِّبتيون يُفضِّلون أن يُطلق على ديانتهم: البوذية التِّبتية
ويُطلق عليها أحياناً اسم اللَّامية Lamaism
وقد يُطلق عليها المانترايانا
بمعنى مركبات المانترات أو الكلمات المُقدَّسة
والأشهر هو الـ فجرايانا Vajrayana
بمعنى: مركبة الصَّاعقة
…
مدارس المهايانا المُنتشرة خارج الهند
…
هذه المدارس المُختلفة
شأنها شأن سائر مدارس الماهايانا الأخرى
تدَّعي أنَّها تتَّبع عقيدة وأفكار سيدارتا جوتاما بوذا نفسه
…
- مدرسة الأرض الطاهرة
…
المعروفة في الصِّين باسم: تشنغ تو Ching Tu
غَرَض مدرسة الأرض الطَّاهرة هو الوُصُول إلى السَّماء
فالاهتمام الرَّئيس والغاية النِّهائية هو: فردوس أميتابها
…
هذه المدرسة تُعلِّم أنَّ حياة الأعمال المُجهدة غير ضرورية
لأنَّ الإيمان الكامل بـ أميتابها، والتَّرديد الوَرِع لاسمه
كافيان للخلاص!
والبعض يُطلق عليها اسم: الطَّريق المُختصرة
…
(تشابه هذه المدرسة مع المسيحية البروتستانتية)
…
- مدرسة السِّرّ أو الكلمة الحقيقية
…
المعروفة في الصِّين باسم: تشن ين Chen Yen
وهي مدرسة لجأت إلى العبارات والحركات التَّعبيرية
من أجل الحُصُول على التَّأثيرات المُفيدة
عن طريق نوع من السِّحر المُقدَّس
…
(التَّعليق على هذه الفكرة)
…
وقد اعتمدت على مجمع كبير من الآلهة البوذية المُخلِّصة
والتي يُلتمس معروفها عن طريق:
بعض العبارات والرُّسُوم والحركات
والابتهالات والطُّقُوس الدِّينية
والتي يُعتقد أنَّها تجلب النَّتائج الجَيِّدة لا محالة
…
هذه المدرسة في الصِّين لا تحظى بتأييد من الحكومة
وهي موجودة في اليابان باسم شينغون Shingon
إلَّا أنَّ أتباعها اليابانيون خفَّفوا من ملامحها السِّحرية
ودمجوا فيها الاهتمامات العقلية المأخوذة من طائفة الـ تنداي
وهكذا أصبحت جاذبيتها الشَّعبية كبيرة
…
هذه الطَّائفة تُعلِّم أنَّه عن طريق الاستخدام الباطني:
للذِّهن والكلام والجسد، حسب التَّرتيب
بالتَّأمُّل، وترديد العبارات السِّحرية،
وتأدية الحركات التَّعبيرية باليَدَين والأصابع
يُمكن أن يجد المرء نفسه مع البوذاوات
…
- المدرسة العقلانية
…
المعروفة في الصِّين باسم: تيين تاي Tien Tai
وقد انشقَّت بالتَّدريج عن مدرسة الـ تشي آن أو التَّأمُّل (الزِّن)
ولكن في اليابان، جاءت المدرسة العقلانية في الفكر أولاً
حوالي القرن الثامن الميلادي، تحت اسم تنداي Tendai
ثمَّ تبعها مذهب الزِّن، بوصفه ثمرتها الحدسية
…
هذه المدرسة تُعلِّم أنَّ التَّأمُّل وحده لا يكفي
وأنَّه يجب أن يتوازن مع الدِّراسة الجِدِّيَّة والمُطوَّلة للنُّصُوص المُقدَّسة
فالتَّأمُّل (أو الـ ديانا) ضروري
ولكنَّه ليس كافياً كلّ الكفاية للتَّبصُّر
(الوُصُول لحالة البصيرة أو اليقظة أو البوذا)
يجب أن يكون معها جمع المعرفة من المُعلِّمين والكُتُب المُقدَّسة
وتأدية الطُّقُوس والشَّعائر
…
هذه المدرسة تُعلِّم أن بوذا
عبارة عن تجلِّ للمبدأ الكوني الذي يسيري في الكون بأسره
والموجود حتى في أصغر أشيائه
وأنَّ كلَّ الكائنات، مهما كانت
يُمكن أن تُفعِّل طبيعة بوذا في داخلها
وفي النهاية تُصبح بوذا
…
(التَّعليق على التَّجلِّي وعبادة بوذا)
…
- المدرسة الحَدْسِيَّة
…
المعروفة في الصِّين باسم: تشي آن Chan
وفي اليابان باسم: زِنّ Zen
…
أسطورة: خطبة الزَّهرة الذهبية
…
وقف بوذا على جبلٍ
ومريدوه وتلاميذه مُلتفُّون حوله (موعظة الجبل!)
فبقي بوذا ساكتاً ولم ينطق بكلمة!
بل أمسك بكل بساطة: ورقة زهرة اللُّوتس الذَّهبية
لم يفهم أحد معنى هذه اللفتة البليغة سِوى “ماها كاسيابا” Mahakasyapa
ممَّا جعل بوذا يُعيِّنه خليفته ووريثه!
هذه البصيرة تمَّ نقلها في الهند عبر ثمانية وعشرين أباً روحياً
ثمَّ نقلها بودهي دهارما Bodhidharma إلى الصِّين سنة 520م
ومن هُناك انتشرت إلى اليابان في القرن الثاني عشر الميلادي
واحتوت على سِرّ الزِّن Zen
…
الزِّن عبارة عن مُحاولة اختبار أو تحقيق
الصِّفة الواحدية للحقيقة
حيث أنا وغيري هُما واحد، وليس اثنين
…
(التَّوحُّد مع الوُجُود الواحد! وِحْدَة الوُجُود)
…
الكلمات محدودة
…
جوهر الـ زِنّ هو عَدَم إمكانية حصرها في كلمات
فكما هو مؤكَّد عند الصُّوفيِّين
هذه التَّجارِب الرُّوحية العُليا
تخرج كُلِّيًّا تقريباً عن طاقة الكلمات وقدرتها على التَّعبير عنها
وطبقاً لتقليد الزِّن، أوَّل مَن طبَّق هذا هو سيدارتا جوتاما بوذا نفسه
عندما رفض لأوَّل مرَّة أن يُعطي أي تعبير لفظي في خطبة الزَّهرة الذَّهبية
…
بودهي دهارما وضَّح قائلاً:
بوذية الزِّنّ ليست مُؤسَّسة على الكلمات المكتوبة
بل هي خارج التَّعليمات المؤسَّسة
…
(التَّعليق على إشكالية هذا الطَّرح، والتَّشابه مع المسيحية)
…
كلّ الأديان الأخرى تعتبر كلّ تجديف أو إهانة لكلمات الله كُفراً وإثماً مُبيناً
لكن مُعلِّمي بوذية الزِّن قد يأمرون تلاميذهم بتمزيق كُتُبهم المُقدَّسة إلى قصاصات
وتفادي كلمات مثل بوذا أو النيرفانا
كما لو أنَّها لطخات من الوسخ أو القذارة
…
وهكذا نستطيع أن نقول إن بوذية الزِّنّ
لا تهتم بالنَّظريَّات حول الاستنارة
وإنَّما تُريد الاستنارة الحقيقية نفسها
…
من عقلٍ إلى عقل!
…
بوذية الزِّنِّ تُحاول أن تنقل حالة مُعيَّنة من الوعي
ينبغي نقلها مُباشرةً من عقلٍ إلى آخر
مِثل لهب الشَّمعة الذي يتم نقله من شمعة إلى أخرى
فالانتقال من عقلِ بوذا إلى عقل بوذا
هذا الانتقال هو جوهر الزِّنّ
فهو تقليد يتمركز حول تعاقب وخلافة كلّ مُعلِّم للذي سبقه
كل واحد يَرِث من مُعلِّمهِ حالة عقلية مُشابهة
لتلك الحالة التي أيقظها جوتاما بوذا في تلميذه وخليفته ماهاكاسيابا
…
(التَّعليق على انتقال الأفكار)
…
إيقاظ المُريدين من سُباتهم الوهمي
…
لكي يتمكَّن التَّلامذة من إدراك طبيعة البوذا فيهم
عليهم أن يكُفُّوا عن التَّمييز والفصل والتَّحديد والتَّحليل والوصف
وعليهم أن يُمسِكُوا عن طرح الأسئلة
وإذا ألح التِّلميذ وظلَّ يطرح الأسئلة
فإنَّ المُعلم قد يصفعه أو يرفسه أو يرميه خارجاً
ولعلَّ هذا العمل سوف يهزّه هزًّا عنيفاً
فيخرج عن ميله إلى طرح الأسئلة
وقد يؤدِّي إلى صَهْر كلّ شيء فجأة في عَدَم المثنوية
فيجعله ذلك يغدو مُتنوِّراً في الحال!
…
المُعلِّم يرى أنَّ التَّلاميذ يُحاولون
من خلال مثل هذه الأسئلة
أن يملؤوا النَّقص بالكلمات والمفاهيم
بدلاً من التَّحقُّق والإدراك
…
الوسيلة الأخرى عند المُعلِّم
هو أن يطلب من التِّلميذ تجاوز العَقْل إلى البصيرة
في اليابانية، يعني ذلك طرح كوان Koan لمعالجته
وقد يروي المُعلِّم للتِّلميذ حواراً مُلغزاً
يُسمَّى في اليابانية الـ موندو Mondo
والمقصود هو إدراك أنَّ العقل محدود
وعلى المرء أن يتجاوز المفهومات العَقْلِيَّة
إلى البصيرة التي تتخطَّى الحُدُود العقلية
…
الأركان الثلاثة لبوذية زِنّ
- زازِن Zazen
- كوان Koan
- سانزِن Sanzen
…
- زازِن Zazen
…
زازِن Zazen تعني حرفياً: التَّأمُّل في حالة الجُّلُوس
لذلك مُعظم تدريب الزِّنّ يحدث في قاعة تأمُّل كبيرة
يُكرِّس فيها الرُّهبان وقتهم للجُّلُوس بشكلٍ صامتٍ لمُدَّة طويلة جدًّا
…
- كوان Koan
…
تعني الـ كوان koan، الأُحْجِية أو اللُّغز.
بوذية الزِّنّ تُريد تجاوُز العقل والتَّفوُّق عليه
وهذا هو هدف الكوانات (الألغاز والمسائل المستعصية)
بوذية الزِّنّ لا تُحاول استرضاء العقل الدُّنيوي
وإنَّما تُحاول إزعاج العقل، والإخلال بتوازنه
وبالقواعد والقوانين التي تأسره وتُسجنه
فتُحاول الزِّنّ أن تَسُوق العقل وتقوده
نحو حالةٍ من الهياج يقفز فيها خارج قفص المنطق
…
أمثلة للألغاز والمسائل المستعصية:
…
احتفظ شخص بوزَّة في قنينة،
كبرت الوزة حتى لم تعد قادرة على الخُرُوج من القنِّينة،
وهو لم يُرِد أن يكسر القنِّينة،
كما لم يُرِد أن يؤذي الوزّة،
فكيف يُمكنك أن تُخرِج الوزة؟
…
ماذا كان شكل وجهك قبل أن يُولَد أسلافك وأجدادك؟
…
ما هو صوت اليد الواحدة عندما تُصفِّق؟
…
تبدو أحجيات الكوان غير منطقية
لِكَوْن العَقْل يتحرَّك ضِمن أُطُره المُنظَّمة والمبنية سابقاً
أمَّا خارج تِلْك الأُطُر،
فإن الكوان لا تكون مُتناقضة،
لأنَّ لها منطقها الخاصّ!
…
التأمل في تناقضات فكرة التجسد المسيحية
اللامعقولية المنطقية للكائن اللامتناهي الذي يُصبح متناهياً
وللأزلي الذي يُصبح حادثاً، الإله الذي يصير إنساناً
نوع من التمارين أو الرياضات الروحية المسيحية
…
- سانزِن Sanzen
…
مُقابلة الرَّاهب لأجل الاستشارة بشأن التَّأمُّل
هذا الاجتماع مع المُعلِّم يكون قصيراً ومُختصراً جداً
…
ما الذي تؤدي إليه في النهاية:
التَّمرينات من التَّأمُّل في حالة الجُلُوس zazen
الألغاز أو المسائل المُستعصية koan
استشارات المُربِّي sanzen
= تجربة حدسية تُسمَّى:
كينشو kensho
أو ساتوري satori
والاستعداد لها قد يأخذ سنوات!
…
ومضة من التَّبصُّر!
…
غاية المدرسة الحَدْسِيَّة هي التَّبصُّر المُباشر
والتنوُّر الذي هو من قَبِيل ما حقَّقه جوتاما تحت شجرة البو
ونهج الخلاص حسب هذه المدرسة هو الـ دِيانا Dhyana أو التَّأمُّل
…
هذه المدرسة تُعلِّم أنَّ حالة البوذا
لابُدَّ أن تأتي بومضة من التَّبصُّر
وهو الأمر الذي يُسمَّى في اليابانية الـ سَّاتوري
وفي الصَّينية تُعدى: وو Wu (نفس المُصطلح الطَّاوي)
…
حالة الساتوري هي النُّسخة الزِّنِّيَّة للتَّجربة الصُّوفِيَّة
التي حيثما ظهرت تجلب البهجة والصُّلح والسَّلام الدَّاخلي
بوذية الزِّنّ تضع هذه الحالة قريبة من نُقطة الانطلاق
تدريب الزِّنّ الحقيقي يبدأ انطلاقاً من حالة الساتوري
فلابُدَّ أن تكون هُناك حالات ساتوري لاحقة
وهكذا يتم توسيع منافذ الإدراك
بحيث تُمكِّن تجربة الساتوري من أن تتدفَّق
حتى تُغرق عالم الحياة اليومية
…
- المدرسة التانترية Tantrasism
…
بوذية التِّبت دُعِيت البوذية الحمراء
لأنَّ أتباعها كانوا يرتدون الثِّياب والقُبَّعات الحُمر بدلاً من الصُّفر
والبوذية التِّبتية انبثقت من البوذية التَّانترية
فهي قائمة على التِّنترات Tantras (أي: الكُتيِّبات)
والتي ليها صِفَة سِحْرِيَّة مُميَّزة
وهي كذلك قائمة على عبادة الآلهة البوذية، الذُّكُور والإناث
الذين يُمثِّلون الطاقات الطَّبيعية الخارجية والدَّاخلية
…
(التَّعليق على موضوع الذُّكُور والإناث)
…
هذه المدرسة ظهرت أوَّلاً في هندوسية القُرُون الوسطى
والكلمة “تانترا” لها جذران في اللغة السنسكريتية
الأوَّل هو الامتداد
والثاني من حرفة النَّسْج، ويدُلّ على التَّداخل
…
المسألة المركزية التي قدمتها مدرسة التانترا
سواء أكانت هندوسية أم بوذية
هي أنَّ المعرفة العقلية المُستخلصة من الكُتُب
ليست ناجحة في إيقاظ المرء والوُصُول إلى التَّبصُّر
لكنَّ الأهم هو أن يعيش المرء التَّجارب المُكتسبة بفضل المُرشد الرُّوحي
مِمَّا يؤدِّي إلى الاحتكاك المُباشر مع الحقيقة
…
نُصُوص التانترا تتمحور وتُركِّز على
العلاقة المُتبادلة والمُترابطة والمُتداخلة بين الأشياء
وبالرَّغم من أنَّ الهندوسية هي التي ابتكرت هذه النُّصُوص
إلَّا أنَّ بوذية التِّبت هي التي أعطت تِلْك النُّصُوص أكثر المواقع أهمية
…
هذه المدرسة تدَّعي أنَّها تُمكِّن الإنسان
من الوُصُول إلى النيرفانا في فترة حياة واحدة فقط!
وهذا ادِّعاء كبير جداً!
فيقولون إنَّ هذه الزِّيادة في سُرعة الوُصُول
يتِمّ تحقيقها عن طريق استخدام
كل الطَّاقات المُستترة في التَّركيب الإنساني
…
أتباع هذا المذهب يعترفون بأنَّه صعب،
صُعُوبة السَّير على حافَّة السَّيف أو الإمساك بالنَّمِر
بالرَّغم من أنَّه مذهب يقول
بأنَّ الشَّهوات يُمكن أن تستفرغها الشَّهوة
بمعنى أنَّ أفضل طريقة للتَّغلُّب على اشتهاء الطَّعام أو الشَّراب أو اللَّذَّة الجنسية
هي الارتفاع فوقه بإشباعه!
…
هذا المذهب يُعلِّم بأنَّ الإنسان هو الكون الأصغر
وفيه تسري الطَّاقة السِّرِّيَّة الخَفِيَّة
وبإصدار بعض الأصوات وعرض الحُرُوف والصُّور السِّحرِيَّة
مصحوباً بحركات الجَسَد واليَدَين
يُمكن إثارة قُوَى الجَسَد وكأنَّما بقصفة رعدٍ
وهكذا يُصبح الشَّخص على مُستوى واحد مع الآلهة
…
وهكذا تُسمَّى هذه المدرسة بالـ فاجرايانا Vajrayana
بمعنى: مركبة الصَّاعقة
وتُترجم أيضاً: مركة الماس
في إشارة إلى حالة الاستنارة التي تأتي كومضِ البَرْق
…
فاجرا Vagra في الأصل كان إله الرعد الهندي إندرا Indra
وهو مذكور كثيراً في النُّصُوص البوذية الباكرة المكتوبة باللغة البالية
ولكن عندما حوَّلت الماهايانا بوذا إلى شخصية كونية
تحول إله الرعد إيندرا إلى صولجان بوذا الماسي
والماس أصلب الحجارة
وفي الوقت نفسه هو أكثر الحجارة شفافية
وهذا يجعل الفاجرايانا طريق القُوَّة والوُضُوح
…
هذه المدرسة مليئة بالطُّقُوس السِّرِّيَّة
والمُعلِّم الروحي (أو الغورو)
لا يَسْمَح للمُرِيدين بالانهماك فيها
إلَّا بعد أن يختبرهم بعناية
هذه الطُّقُوس تتضمَّن:
تلاوة المقاطع الشِّعرية
الإنشاد، الرَّقص،
تناول أطعمة وسوائل مُختلفة (خمور)
المُمارسات الجنسية
…
أتباع هذه المدرسة يعتقدون
أنَّه بتصوير بعض الأشكال الهندسية الصُّوفِيَّة في الهواء بالأيدي
والتَّفوُّه في الوقت نفسه بالعبارات السنسكريتية المُناسبة
يُمكن طرد العفاريت والشَّياطين
أو حتى إبعاد الحيوانات الضارية واللُّصُوص
أو دفع الأذى والشَّرّ بشكلٍ عامٍ
…
الجنس مُهم جداً في هذه المدرسة
فهو الذي يحفظ استمرار الحياة
فهم يعتقدون أنَّ الجنس هو المُقدَّس
في أكثر تجلِّيات ظُهُوره المُتاحة
ولكنَّه لا يكون كذلك إلَّا عندما يُقترن بالحُبّ
…
شخصان واقعان في الحب بنحو عاطفي عارم ومجنون
التانترا تجعل الجنس كحليف روحي يعمل معها بشكل واضح ومقصود
الحفاظ على العلاقة بين الحب والجنس = العنصر الروحي والعنصر الجسدي
…
خاتِمة
أنا هكتفي بهذا القدر في هذا الفيديو
لو حاز الفيديو على إعجابك فلا تنسى أن تضغط على زر أعجبني
ولا تنسى أن تقوم بمُشاركة الفيديو مع أصدقاءك المُهتمين بنفس الموضوع
ولو كنت قادراً على دعم ورعاية مُحتوى القناة
لو انت شايف إن هذا المُحتوى يستحق الدعم والرعاية
فقم بزيارة صفحتنا على باتريون، ستجد الرابط أسفل الفيديو
إلى أن نلتقي في فيديو آخر قريباً بإذن الله عز وجل
لا تنسوني من صالح دعائكم
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته