بسم الله الرحمن الرحيم
خُلاصة كتاب: المسيحية ومصر الفرعونية
باخوم فاخوري حنا: المسيحية ومصر الفرعونية, الجزء الأول, دار يوسف كمال للطباعة – صـ105. [هُنا نقصد بالعصمة هي التي يمنحها الله تبارك اسمه لأنبيائه ورُسُله حتى لا يخطئوا في تبليغ أو كتابة ما يُوحى إليهم به، فالعصمة مقصورة على حفظ الوحي من الخطأ البشري, وليست العصمة هي حفظ النَّبي أو الرسول من خطأ أو خطيئة شخصية, فداود النَّبي اعترف بخطيئته وندم عليها بدموع مُرَّة, وفي قُوَّة شُعُوره بالنَّدم كتب مزاميره الرّائعة, وتسجيله لسقطته في الخطيئة إنَّما هو دليل قوي وواضح على صحة الوحي المكتوب.]
باخوم فاخوري حنا: المسيحية ومصر الفرعونية, الجزء الأول, دار يوسف كمال للطباعة – صـ55. [الآب: إنَّ لفظ الآب هو كلمة سامية سُريانية تعني «أصل الوجود», أي أنَّ الكيان الإلهي هو أصل الأصول، وهي خاصِّية الوجود, فالله موجود أزلي لا بداية له, كما أنَّه لا نهاية له, لا يحدّه زمان ولا مكان, وهو خالق الزَّمان والمكان, وكُلّ شيء غيره خلقه هو بنفسه, وبدونه لا يُمكن تفسير الوجود, أي أنَّ هذا الأقنوم هو صِفة أصل الوجود «علّة الوجود»، فهل كان الله موجوداً بدون صفته كأصل الوجود ؟ فيكون الله بدون هذه الصِّفة معدوم الوجود ؟!]
باخوم فاخوري حنا: المسيحية ومصر الفرعونية, الجزء الأول, دار يوسف كمال للطباعة – صـ54، 55. [فنؤكِّد أنَّ الثّالُوث المسيحي هو الآب × الابن × الروح القدس = الله الكائن الواحد, وهذا التَّوكيد بلُغة الحساب 1× 1 × 1 = 1, وليس 1 + 1 + 1, فهم ثلاثة من جهة التَّفصيل كخصائص, وليس من جهة الفَصْل, وكل خاصِّية سُمِّيت أقنوم, وكلمة أقنوم هي كلمة سُريانية تعني «شخص», أي سمات وخصائص, وفي اللاتينية Hypostasis أي ما يقوم عليه الشيء, والمقصود في المعنيين لكلمة أقنوم صفة الذاتية, أو خاصِّية ذاتية, أو قُدرة ذاتية في الذّات الإلهية.]
باخوم فاخوري حنا: المسيحية ومصر الفرعونية, الجزء الأول, دار يوسف كمال للطباعة – صـ55. [فالثّالُوث المسيحي هو ثلاثة خواصّ أو أقانيم في الذّات الإلهية في الجوهر الإلهي الواحد, فإنَّنا نؤمن بإله واحد ذي ثلاث صِفات أو أقانيم، وعلينا أن نُلاحظ أنَّ الأمثلة السّابقة هي لتقريب ما يُمكن أن نستوعبه مع الفرق الجوهري بين تلك التَّشبيهات والحقائق اللاهوتية, فتلك التَّشبيهات مخلوقة، ولكن اللاهوت يُمكن تفصيله للتَّعارف عليه وشرحه, ولا يقبل إطلاقاً أي فصل، فالتَّوحيد للذّات الإلهية, وأمَّا التَّثليث للأقانيم أو الخاصِّيات أو الصِّفات الإلهية التي تقوم بها الذات الإلهية لله الواحد.]
باخوم فاخوري حنا: المسيحية ومصر الفرعونية, الجزء الأول, دار يوسف كمال للطباعة – صـ54. [أهمّ العقائد المسيحية عقيدة لاهوت السيد المسيح, فهي صريحة وواضحة, وببساطة الإيمان تدخل الأعماق, وبفلسفة الفلاسفة تملأ الأذهان والعقول بمُتعة يعجز الفيلسوف عن التَّعبير بها, وتصل دائماً إلى حقيقة الحقائق, وهي أنَّ الله غير مُدرك في لاهوته بواسطة العقل البشري, وذلك شيء طبيعي, فالعقل البشري هو محدود فكيف يدرِك غير المحدود؟ إلَّا بشيء هام وهو فوق مستوى العقل المادي البشري, ألا وهو الإيمان. والكنيسة الأرثوذكسية أطلقت على نفسها هذا الاسم، وكلمة أرثوذكسية orqodox تعني «مُستقيمة الرأي», فلم تقبل أي آراء أو فلسفات لاهوتية خارجة عمّا تسلمته من الآباء بالتَّقليد الرَّسُوليّ, إلى جانب تعاليم الكتاب المُقدَّس, وكُلّ ذلك له ما يُسانده ويُؤيِّده في البشائر من لاهوت وعقيدة وطقس و.. إلخ.]
باخوم فاخوري حنا: المسيحية ومصر الفرعونية, الجزء الأول, دار يوسف كمال للطباعة – صـ80. [لا يوجد فكر لاهوتي وثني في العالم أجمع يُضارع فكر لاهوت مصر القديمة الفرعونية, فارتفع فكر المصري القديم وارتقى تطوُّره ليصل إلى ظلّ الحقائق اللاهوتية لأبعد حد مُمكن أن يصل إليه الفكر البشري والإيمان بالوحدانية، وأهمّ الفُرُوق بين مصر الفرعونية والعالم في وثنية كلٍ منهما سنتعرف عليه في هذا الفصل، ومعرفة كيفية وصول مصر الفرعونية إلى قمة الفكر اللاهوتي, وسنبدأ أولاً بعرض موضوع أعظم ثالوث مصري قديم سامٍ.]
باخوم فاخوري حنا: المسيحية ومصر الفرعونية, الجزء الأول, دار يوسف كمال للطباعة – صـ71. [ثالوث «أوزيريس» والخلافات الجوهرية مع المسيحية: هذا الثّالُوث الفرعوني هو عبارة عن رجل وامرأة, هُما «أوزيريس» و «إيزيس» تربطهما علاقة أخوية آدمية مادِّية جسدانية، وتزوَّجا فأنجبا ابنهما «حورس»، وقَتَلَ «سِتّ» إله الشَّر أخيه «أوزيريس» إله الخير, فبحثت عنه شقيقته وزوجته «إيزيس» بمُساعدة آلهة أخرى إلى أن عثرت على أشلاء جسده وأعادت إليه الحياة، وكل ذلك تحقق بمُساعدة الآلهة الأخرى، ويربط بعض الناس خطأ بين موت «أوزيريس» وعودته للحياة بعقيدة موت وقيامة السيد المسيح له المجد, فيرون أنَّ الأسطورة المصرية القديمة رمزاً للحقيقة المسيحية رغم أنَّ هُناك فُرُوق كبيرة يستحيل معها أن تكون فيهما علاقة بالرَّمز والمرموز إليه, ويجب أن يدرسها كل من يخوِّل له فكره بمثل هذه الأفكار وإلا يكون استنتاجه غير صحيح فيزول سريعاً مُتحطِّماً على الصَّخرة, أو تقع الصَّخرة عليه فتسحقه.]
باخوم فاخوري حنا: المسيحية ومصر الفرعونية, الجزء الأول, دار يوسف كمال للطباعة – صـ75، 76. [ثالوث آمون وموت وخنسو: هذا الثّالُوث خاصّ بطيبة, وهو يتكوَّن من الرَّجل «آمون» وزوجته «موت» وابنهما «خنسو», وقد كان «آمون» من «ثامون الأشمونين», وخالط هذا الثّالُوث الآلهة الأخرى, فمثلاً «آمون» في «ثامون الأشمونين» وأيضاً له زوجة غير «موت» تُدعى «آمونت» إلهة الرِّياح الشمالية, وسُمَّي «منتو» إله الحرب بـ «أرمنت», «منتو – رع – آمون», وكان «آمون» و «موت» قد تبنَّيا ابناً لهما, حيث لم تكن «موت» قد أنجبت بعد, وكان هذا الابن هو «منتو», ثمّ أصبح ابنهما «خنسو» بعد «منتو», وأُبعِد الأخير من ثالوثهم, وكان «خنسو» قد دخل مع ثالوث آخر وهو «سوبيك» التِّمساح.]
باخوم فاخوري حنا: المسيحية ومصر الفرعونية, الجزء الأول, دار يوسف كمال للطباعة – صـ76. [ثالوث منتو: كان هذا الإله قد تزوَّج من الإلهة «تاننت» ثم تزوَّج الإلهة «رِعِتْ تاوي» وأنجب من الأخيرة الإله «حِر – با – رَع», وعُبِدَ هذا الإله بمجموعته في مقرِّه بـ «أرمنت» وأيضاً في طيبة, وهذا الثّالُوث اختلط بآلهة أخرى.]
باخوم فاخوري حنا: المسيحية ومصر الفرعونية, الجزء الأول, دار يوسف كمال للطباعة – صـ80. [ثالوث «آمون» و «رع» و «بِتاح»: يُعتبر بحق هو أعظم ثالوث في مصر القديمة, وذلك لرفعة أفكاره اللاهوتية بالنِّسبة إلى أفكار وعقائد الثالوث الفرعوني, وأيضاً لأنَّه تقارب في بعض مفاهيمه مع الحقائق اللاهوتية للإله الحقيقي, مع مُلاحظة اختلافه مع الحقائق اللاهوتية في الجوهر, فهو تقارب فكري يدعو للإعجاب, وهو يدلّ على القُدرة العقلية للمصري القديم, وترجع عقيدة هذا الثّالُوث إلى عصر الدَّولة القديمة الفرعونية, وتذكر عالمة تاريخ الكنيسة القبطية «الأستاذة إيريس حبيب المصري» أنَّ نُصُوص الأهرام تقول: «ثلاثة هم كلّ الآلهة: آمون ورع و بِتاح, فالله مُختبئ في اسمه بوصفه آمون, وهو رع بالوجه, وجسده هو بتاح … إنَّه مُستعلن في آمون مع رع و بِتاح وثلاثتهم مُتَّحِدون», ويقول العالم الألماني «إدولف إرمان»: «لأنَّ رع نفسه مُتَّحِد بجسده, كما أنَّ آمون يُسمَّى كذلك بِتاح تا تنن … اسمه كآمون مخفي. رع يخصّه كوجه وبِتاح كجسد». وذكر «إرمان» أنَّ هذا الثّالُوث عَظُم شأنه في عصر الإمبراطورية الحديثة بارتفاع شأن طيبة, وتوقَّف في فترة «إخناتون», ثمّ عاد بقُوَّة عندما أعاد «توت عنخ آمون» عقيدة «آمون» لطيبة والإمبراطورية كُلّها, وهؤلاء الثلاثة آلهة هم الآلهة الرَّسمية في البلاد جميعاً, وأمَّا المعبودات الأخرى فطُمِسَت أمام ثالوث «آمون» و «رع» و «بِتاح».]
باخوم فاخوري حنا: المسيحية ومصر الفرعونية, الجزء الأول, دار يوسف كمال للطباعة – صـ83. [يجدر بنا أن نقف طويلاً أمام اعتقاد المصري القديم في «آمون» هُنا أنَّه أصل كل شيء ولا يوجد إله قبله أو بعده, وهو خالق كل شيء ولا يوجد له أصل, أي أنَّه أصل الأصول, ونحن جميعاً مسيحيين وأهل الدِّيانات السَّماوية نؤمن بأنَّ الله هو علّة الوجود, وهو أصل الأصول وكل شيء به كان، وبغيره لم يكن شيئاً مما كان، وهُنا نصل إلى نتيجة هامَّة وهي توافق لفظي عقائدي أنَّ «آمون» علّة الوجود يُقابله الآب علّة الوجود.]
باخوم فاخوري حنا: المسيحية ومصر الفرعونية, الجزء الأول, دار يوسف كمال للطباعة – صـ52. [شمس البِر: اعتقد المصري القديم بأنَّ الإله الحارس للمعابد المصرية هو الإله «حورس بحدتي», والذي كان مقرَّه في «إدفو», وصُوِّر على شكل الشَّمس المُجنَّحة, وهذه الصُّورة عبارة عن قرص الشَّمس بجناحين كبيرين, ويُرسم ويُنقش على جميع مداخل المعابد لحراستها, ولا يَسْمَح بدخول الأشرار المعبد. نجد أنَّ ملاخي النبي قد رمز لله في الكتاب المُقدَّس برمز الشَّمس لطُهْرِها, فقال: «تشرق شمس البِر والشِّفاء في أجنحتها» (ملا 4 : 2), وشُرُوق الشَّمس رمز للسيد المسيح شمس البِر.]
باخوم فاخوري حنا: المسيحية ومصر الفرعونية, الجزء الأول, دار يوسف كمال للطباعة – صـ43، 44. [روح الله مالئ الكُلّ: اعتقد المصري القديم بأنَّ الله له روح, وهذا الرُّوح مالئ الكُلّ, ويُستعلن في الإنسان, أي يسكن في الإنسان ويُنير حياته بالاستقامة والرَّحمة, فنجده يقول للإله: «أيها الرُّوح التَّقي مالئ الكُلّ, استعلن ذاتك فيَّ كالنُّور وأنا أُفكِّر كالرَّحمة, وأنا أعمل وأنا أتكلم دائماً كالصِّدق». ونجد في المسيحية هذا الكلام, نقوله بعبارات الإيمان المسيحي, ففي صلاة السّاعة الثالثة, وهي تذكار لحلول الرُّوح القُدُس على التلاميذ في عِلِّيَّة صهيون, فنقول فيها: «أيُّها الملك السمائي, المُعزِّي, روح الحقّ الحاضر في كل مكان, والمالئ الكُلّ, كنز الصالحات, ومُعطي الحياة, هَلُمَّ تفضَّل وحلّ فينا وطهِّرنا من كل دنس أيها الصّالح وخلِّص نفوسنا» (القطعة الرابعة بالأجيبية – كتاب صلوات السَّواعي للكنيسة القبطية الأرثوذكسية). وفي القطعة الثانية لصلاة نفس السّاعة الثالثة نقول فيها: «أيُّها الرَّب الذي أرسلت روحك القُدُّوس على تلاميذك القدِّيسين… أيُّها القادر على كل شيء لأنَّك أنت هو ضياء نفوسنا, يا مَنْ يُضيء لكُلّ إنسان آتٍ إلى العالم ارحمنا».]
باخوم فاخوري حنا: المسيحية ومصر الفرعونية, الجزء الأول, دار يوسف كمال للطباعة – صـ43. [نقصد هُنا الصِّفات التي اعتقدها المصري القديم وتقاربت مع الصِّفات الحقيقية لله في المسيحية, فهي ليست جميع الصِّفات التي في مصر القديمة, والتي تبحث في اللاهوت, هُناك صفات لا تنطبق على صفات اللاهوت بين مصر القديمة وبين المسيحية. أولاً: اللامحدود: هذه الصِّفة قد اعتقدها المصري القديم في الإله الذي عبده, فنجده يقول: «أنا أعرف اسمك, أنا لست بجاهل, اسمك اللامحدود هو اسمك», أي أنَّ الإله غير محدود, لهذا فمن الأسماء التي أطلقها المصري القديم على الإله هذا الاسم، ولا يُطلق اسم على الإله بدون أن يكون مُعبِّراً له، أو لصفة من صفاته.]
باخوم فاخوري حنا: المسيحية ومصر الفرعونية, الجزء الأول, دار يوسف كمال للطباعة – صـ119، 120. [واعتقد المصري القديم أنَّ الإله موجود بذاته ولم يخلقه أحدٌ أزلياً، وأنَّ الإله كان يطوف على المياه طائراً في شكل طير, وظلّ هكذا إلى أن ظهرت قمّة يابسة هرمية ووقف عليها, ثمّ بدأ عمليات الخلق، أمَّا خلق الإله للكون في مصر القديمة فاعتقد أنَّ الإله خلق العناصر الأساسية للكون أولاً وهي «الهواء والرُّطُوبة والأرض والسَّماء», وانحرف الفِكر عنده ليدخل في شائبة الوثنية ليصبح تأليهاً لتلك العناصر الكونية كآلهة، فالإله الخالق – حسب اعتقاد المصري القديم – أنَّ الإله خلق الكون ورموزه الآلهة الكونية, ثم أنجبوا آلهة بشرية وأخيراً خلق الإنسان. والحقيقة يُخبرنا بها موسى النَّبي في سفر التكوين: «في البدء خلق الله السماوات والأرض, وكانت الأرض خرِبة وخالية, وعلى وجه الغمر ظُلمة, وروح الله يرفّ على وجه المياه» (تك 1 : 1-2)، ووجه التَّشابه بين العقيدة الفرعونية والحقيقة الإلهية هُنا هو أنَّ روح الله يرفّ ويطوف على وجه المياه, وروح الله هو الذي يُمثِّله شكل الطَّير, أي روح الله ذاته.]
باخوم فاخوري حنا: المسيحية ومصر الفرعونية, الجزء الأول, دار يوسف كمال للطباعة – صـ121. [استراحة اليوم السابع: تذكر عقيدة منف بِتاح الفرعونية «استراح بِتاح بعد أن عمل كلّ الأشياء وكلّ كلمات الله», لهذا اعتاد المصري القديم أن يستريح يوماً واحداً من عمله أسبوعياً، وهي تُذكِّرنا باستراحة الله في اليوم السابع من أعماله كخالق في خليقته: «فاستراح – الله – في اليوم السابع من جميع عمله الذي عمل, وبارك الله اليوم السابع وقدَّسه لأنَّه فيه استراح من جميع عمله الذي عمل الله خالقاً» (تك 2 : 2-3)، ثمّ في المسيحية أصبح يوم الأحد هو يوم الرّاحة, هو يوم الرَّب.]
باخوم فاخوري حنا: المسيحية ومصر الفرعونية, الجزء الأول, دار يوسف كمال للطباعة – صـ128. [والتَّشابه هُنا بين الفكر الفرعوني والحقيقة في أنَّ كلّ منهما ذكر وجود شجرة الحياة موجودة وسط الجنَّة, ومن يقتات منها يعود للحياة أو يحيا, وعليها وُضِعَت حراسة مُشدَّدة في كائن قوي فوق مستوى البشر, وعند المصري القديم كان حورس يرتفع عن مستوى الشَّعب بألوهيته, وهو – مُمثَّلاً في الصَّقر – له أربعة وجوه، والحقيقة الإلهية أنَّ الملاك أرفع من البشر مكانةً كمخلوق, والكروبيم هو ملاك من درجة سامية, فكان الكروبيم هو حارس لشجرة الحياة.]
باخوم فاخوري حنا: المسيحية ومصر الفرعونية, الجزء الأول, دار يوسف كمال للطباعة – صـ128، 129. [ولقد أخبرنا الكتاب المُقدَّس عن حقيقة أصل الشَّيطان أنَّه كان ملاكاً وسقط: «حدثت حرب في السَّماء, ميخائيل وملائكته حاربوا التِّنين وملائكته … فطُرِح التِّنين العظيم, الحية القديمة المدعو إبليس والشيطان, الذي يُضلّ العالم كلّه, طُرِحَ إلى الأرض وطُرِحت معه ملائكته» (رؤ 12 : 7-9), ويقول إشعياء النبي: «كيف سقطت من السَّماء يا زهرة بنت الصُّبح, كيف قُطِعتَ إلى الأرض يا قاهر الأمم» (إش 14 : 12), وكان اسم الشَّيطان قبل السُّقُوط «لوسيفورس» أي «زهرة الصُّبح», وكان رئيساً لملائكة, وبسقوطه سُمِّي الشَّيطان, أي المُعاند, ورُمِزَ له بالتِّنين كناية عن قُوَّته، أي أنَّ الشَّيطان تكبَّر فسقط في تلك الخطيئة, وحاربه رئيس الملائكة ميخائيل الجليل, ثمّ طرده الملاك ميخائيل من السَّماء إلى الهاوية (إش 14 :11 – 15)، ويقول القدِّيس بطرس الرسول: «لأنَّه إن كان الله لم يشفق على ملائكته [النَّص يقول: على ملائكةٍ وليس على ملائكته] قد أخطئوا, بل في سلاسل الظَّلام طرحهم في جهنَّم وسلَّمهم محروسين للقضاء» (2 بط 2 : 4). هُنا التَّشابه بين الفكر الفرعوني مع الحقائق الإلهية في أنَّ هُناك حرباً حدثت بين الخير والشَّر, فكانت عند المصري القديم بين الإله رع وأتباعه وبين أعدائه, وانتصر رع على أعدائه وطرحهم في جزيرة اللَّهب, وفي الحقيقة الإلهية أنَّ رئيس الملائكة ميخائيل طرح الشَّيطان إلى الهاوية مع أتباعه.]
باخوم فاخوري حنا: المسيحية ومصر الفرعونية, الجزء الأول, دار يوسف كمال للطباعة – صـ38. [ابن الإنسان في مصر القديمة: لُقِّبَ السيد المسيح له المجد بألقاب عديدة لها معانٍ هامَّة منها لقب ابن الإنسان, وهذا اللَّقب أطلقه الرَّب على نفسه، والجدير بالذِّكر أنَّ هذا اللَّقب لم ينله أحد غير الرَّب يسوع, فإذا ما وجدنا لقب ابن الإنسان يكون ذلك هو لقب السيد المسيح، وقد ذكره صراحة أحد كهنة المصريين القُدماء ويُدعَى «نفر – رهو», الذي عاش في القرن العشرين قبل الميلاد, مُعاصراً لأبينا إبراهيم رئيس البطاركة خليل الله، وقد قال «نفر – رهو»: «سيتهلل الناس في وقته ابن الإنسان الذي سيكون اسمه إلى أبد الآبدين … وسيعود البر إلى مكانه ويُرمى بالشِّر خارجاً». أي سيفرح مُتهلِّلاً العالم كلّه بمجيئه مَنْ لقبه ابن الإنسان, وهذا ما قد حدث في ميلاد الرَّب يسوع حينما أنشدت الملائكة أنشودة السَّلام قائلة: «المجد لله في الأعالي, وعلى الأرض السَّلام, وبالناس المسرَّة» (لو 2 : 14).]
باخوم فاخوري حنا: المسيحية ومصر الفرعونية, الجزء الأول, دار يوسف كمال للطباعة – صـ135، 136. [وحيث أنَّ الخطأ حدث من الإنسان مُوجَّهاً إلى الله ذاته للمعصية, وهناك حُكماً بالموت, فكان من الضَّروري أن يتمّ العدل الإلهي بالقضاء, لذلك لا يُمكن لأيّ بشر كان أو ملاك أن يُقدِّم ما هو يفتدي الحكم الإلهي بالموت على الإنسان, لذلك افتدى الله الإنسان بدم ابنه الوحيد ابن الإنسان الذي هو يسوع المسيح, فدمه الثَّمين الذي سُفِكَ على عود الصَّليب دماً زكياً طاهراً, فهو الله الظّاهر في الجسد, وبدون سفك دم لا تحدث مغفرة, وكان الوعد الإلهي بالخلاص أن قال الله في الكتاب المُقدَّس: «وأضع عداوة بينكِ وبين المرأة, وبين نسلكِ ونسلها, هو يسحق رأسك وأنت تسحقين عقبه» (تك 3 : 15), ونسل المرأة أي ليس من رجل وامرأة, بل من المرأة فقط, كما تمّ ذلك بولادة السيد المسيح من العذراء مريم, فكان هو نسل المرأة الذي يسحق رأس الحية, وتمّ ذلك بالفداء على عود الصَّليب, والحية هي رمز الشَّيطان والخطيئة, وفي الأسطورة قام رع بهلاك البشر, ثمّ هو أكملها بنجاة البشر أيضاً, هكذا نجد أنَّ الله أصدر حُكم الموت الأبدي, ثمّ أهلك الإنسان في الطُّوفان لشرِّه, ثمّ أنقذ الإنسان من الموت الأبدي في عملية الفداء للبشرية, ونجا البشر بسفك دم السيد المسيح له المجد على الصَّليب, الذي هو الكلمة الأقنوم الثاني ابن الإنسان الواحد في اللاهوت.]
باخوم فاخوري حنا: المسيحية ومصر الفرعونية, الجزء الأول, سلسلة دراسات مصر الفرعونية – صـ35. (بتصرُّف يسير جداً) [رمز@ يُنطَق نِفِر: هذه الكلمة تُكتَب@ وتُنطَق «نِفِر», وتعني السَّعادة أو الجمال, فهي صِفة تُعبِّر عن معاني جميلة رائعة, وهي دائماً تسبق عبارات المديح للآلهة والملوك والموتى في النُّصُوص الفرعونية, وهذه الكلمة عبارة عن صورة الصَّليب يرتكِز على القلب, ويقول السيد المسيح: «مَنْ لا يحمل صليبه ويتبعني فلا يستحقني» (مت 10 : 38)، ويقول الكتاب المُقدَّس: «يا ابني اعطني قلبك ولتُلاحظ عيناك طُرُقي» (أم 23 : 26), وحمل الصَّليب على القلب معناه طاعة وصايا المصلوب، ويقول الإنجيل المُقدَّس: «طوبى للأنقياء القلب لأنَّهم يُعاينون الله» (مت 5 : 8), وكلّ هذا يدعونا للتَّعجُّب لا للاستغراب, لأنَّه ليس غريباً على المصري القديم أن يحوي في لُغته الكلمة الدّالَّة على أنَّ الجمال والسَّعادة تعني أن يكون الصَّليب مُرتكزاً ومُسيّطراً على القلب, والقلب في حياة التَّسليم لرب الصَّليب, ولا سعادة بدون تنفيذ وصايا رب الصَّليب ورب المجد يسوع المسيح, سواء بالتَّعليم المُباشر أو بالتَّقليد أو بالفطرة.]
باخوم فاخوري حنا: المسيحية ومصر الفرعونية, الجزء الأول, دار يوسف كمال للطباعة – صـ165، 166. [زيت الشِّفاء: هذه المادَّة لها خاصِّية تخفيف الألم وشفاء الجُرُوح, وبالصَّلوات والطُّقُوس التي يُمارسها المصري القديم لتقديس هذا الزَّيت, يجمع بين طبيعته المادِّية والتَّدخُّل الرُّوحاني بالمُمارسات الدِّينية, هكذا اعتقد المصري القديم, فكان يُصلِّي على سبعة أواني, وكل إناء يحتوي على نوع من الزَّيت يختلف عن الآخر, وهذا يدُلّ على معرفته لأنواع عديدة من الزُّيوت, وكُلّ طقس له زيت يختلف عن الطَّقس الآخر, والسبعة أواني كانت توجد بالمقبرة للمتوفي لأنَّه يساعد على توحيد الأعضاء وتقوية الجسد ويمنع الفساد, وكان يُستعمل للأحياء للتَّحصين ضدّ الشَّر وقُوّات الظُّلمة, وكان الطَّبيب الفرعوني يقوم بدهن المريض بزيت طبِّي عليه طُقُوس وصلوات دينية في أماكن ألم المريض لينال المريض الشِّفاء, وكان الزَّيت الطِّبي يختلف كل نوع منه عن الآخر حسب نوع المرض الذي يُستخدم فيه لاختلاف مُحتويات الزَّيت «الزَّيت مع الأطياب والمواد النَّباتية الأخرى ومُركَّباته», فكلّ مرض له عناصر طبيعية وأطياب تُناسبه, لهذا اختلفت تركيبات الزَّيت الطِّبي المُقدَّس كلٍ عن الآخر. وفي المسيحية نجد أنَّ هُناك زيتاً مُقدَّساً وهو زيت مسحة المرضى, ويُعتبر سِرًّا من أسرار الكنيسة السبعة (وسبق ذكره), ولكن التَّشابه بين زيت مسحة المرضى وزيت الشِّفاء الفرعوني أنَّ كلاهما هدفهما واحد, وهو شفاء المريض من عِلَلِه بصرف النَّظر عن مُكوِّنات كلّ منهما أو طُقُوسهما أو حقيقة عمل الله في سِرّ مسحة المرضى, بينما في مصر القديمة كان اعتقاداً يعمل فيه معرفة العلوم الطِّبية والكيميائية والعوامل النَّفسية, ونجد في المسيحية ينال المؤمن بهذا السِّر شفاء الجسد ومغفرة الخطايا, بينما في زيت الشِّفاء الفرعوني ينال الإنسان شفاء الجسد, ويعتقد في أنَّه يتحصَّن من الأرواح الشِّريرة حتى اختلط الطِّب بالدِّين, ولكنَّ العجيب أنَّ المصري القديم قد اعتقد أنَّ سبب أمراض الإنسان هو تسلُّط الشَّيطان والأرواح الشِّريرة على الإنسان فتُصيبه, ويرجع كل مرض عضوي إلى عامل نفسي نتيجة الأرواح الشِّريرة ومُقاومتها للإنسان.]
باخوم فاخوري حنا: المسيحية ومصر الفرعونية, الجزء الأول, دار يوسف كمال للطباعة – صـ164. [الزَّيت المُقدَّس عند الفراعنة: اعتقد المصري القديم أنَّه بصلوات وطُقُوس مُعيَّنة يتمّ تقديس الزَّيت النَّقي ويتحوَّل إلى زيت مُقدَّس. زيت التَّكريس: عرف المصري القديم التَّكريس والتَّدشين بالزَّيت, فمثلاً عند تأسيس معبد جديد, كان من شعائره أن يضع في أركانه وتحت أعتاب أبوابه قُرباناً مُتمثِّلاً في عناصر مُعيَّنة منها الزَّيت المُقدَّس, لأنَّه مرَّ بطُقُوس وصلوات مُعيَّنة, وآخر طقس يتمّ لافتتاح المعبد الجديد هو طقس يُعرف باسم «إعطاء البيت لسيده», أي تسليم المعبد لإله المعبد بواسطة الملك نفسه وبحضوره بموكب عظيم في أول أيام السنة المصرية, ومعه تمثال إله المعبد وفي قُدس أقداسه, يقوم الملك بتطهير التِّمثال بالماء مرَّتين ويُبخِّره ثمّ يدهنه بأطياب فاخرة «الزَّيت المُقدَّس» ويلبسه ملابسه ويُزيِّنه بالأحجار الكريمة والمعادن النَّفيسة, وبهذا الطَّقس يكون التِّمثال أخذ صفة مُقدَّسة تُجيز تقديم طُقُوس العبادة له بالمعبد. أمَّا الكنائس والأدوات الخادمة والطُّقُوس يتمّ تدشينها بزيت الميرون المُقدَّس بيد كبير الكهنة, وبذلك تصبح الكنيسة مُهيّأة لتأدية الطُّقُوس والشَّعائر الدِّينية فيها, والتَّشابه هُنا هو التَّكريس بالزَّيت لتستحقّ المادَّة المُكرَّسة أن تخدم الشَّعائر الدِّينية, مع مُلاحظة الفُرُوق الجوهرية بين المسيحية ووثنية الدِّيانة المصرية القديمة، وهُناك تكريس آخر يتمّ بالزَّيت المُقدَّس, وهو في طُقُوس منح وظيفة الكهنوت للكاهن الجديد, بأن يُعطي كبير الكهنة بيده زيت مُقدَّس للكاهن الجديد في يده ويدهنهما, وبهذا الطَّقس الفرعوني في مصر القديمة يكون الكاهن الجديد مُستحقّ لرؤية تمثال الإله في قُدس الأقداس لأول مرَّة في حياته, فيحقّ له الخدمة في المعبد.]
باخوم فاخوري حنا: المسيحية ومصر الفرعونية, الجزء الأول, دار يوسف كمال للطباعة – صـ174. [الطَّلاق: العجيب حقاً أنَّ الطَّلاق في مصر القديمة لم يُسمح به إلا في حالة الزِّنا فقط, ويتمّ التَّطليق عن طريق المحكمة, وتُعتبر هذه الجريمة ليست جريمة مدنية فقط, وإنَّما جريمة مدنية ودينية, لذلك كان الطَّلاق عن طريق المعابد والمحاكم معاً, ولابد أن تنظر المحكمة القضية لأنَّ لها سُلطة توقيع العقوبة على الطَّرف الجاني في الزِّنا بعد الطَّلاق بمُوجب أحكام القانون المصري القديم، وهُنا نجد أنَّ في المسيحية لا يجوز الطَّلاق إلا لعلة الزِّنا وهذا هو التَّشابه بين المسيحية والفرعونية.]
باخوم فاخوري حنا: المسيحية ومصر الفرعونية, الجزء الأول, دار يوسف كمال للطباعة – صـ155. [التَّغطيس الفرعوني: لقد استخدم المصري القديم الماء في الطُّقُوس الدِّينية, وأهمّ تلك الطُّقُوس – والتي تخصّ هذا الموضوع – الطُّقُوس التي يُمكن أن نقول عليها أنَّها ترمز أو تتشابه مع المعمودية المسيحية, ليس في جوهرها على الإطلاق, ولكن في طقس ممارستها.]
الحمد لله الذي بنعمته تتمّ الصالحات