القائمة إغلاق

الهندوسية

بسم الله الرحمن الرحيم

أديان الهِنْد | الهندوسية

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

معكم محمد شاهين التاعب من قناة الدعوة الإسلامية على اليوتيوب

هذا الفيديو مُحاضرة خاصَّة لطُلَّاب معهد آفاق للبناء العقدي

وستكون بإذن الله عزَّ وجلَّ عن الدِّيانة الهندوسية

وسنتعرَّف فيها على كتبها المُقدَّسة، وأهمّ تعاليمها وعقائدها وعِباداتها

في البداية لو انت مُهتم بالحوار الإسلامي المسيحي، ومُقارنة الأديان، والنقد الكتابي

أو لو مُهتم بالقضايا الفكرية المُعاصرة، ومواضيع الإيمان والإلحاد

أو لو مُهتم بالإسلام بشكل عام يبقى انت لازم تشترك في هذه القناة

اضغط على زر الاشتراك الأحمر، وعلى علامة الجرس

عشان تجيلك كل الإشعارات بكل حلقاتنا الجديدة

وكالعادة، فهرس مواضيع الفيديو، والوثائق والمراجع كلها في وصف الفيديو

أهمّ المُراجع التي تم استخدامها في تحضير هذه المُحاضرة هي:

كتاب الدكتور عبد سمك، بعنوان: المنهجية في دراسة الأديان الوضعية

وكتاب الدكتور محمد خليفة حسن، بعنوان: تاريخ الأديان دراسة وصفية مُقارنة

وكتاب الدكتور هوستن سميث، بعنوان: أديان العالم دراسة روحية تحليلية

وكذلك صفحة “الهندوسية” على موقع الموسوعة البريطانية[1]

أهمية دراسة أديان الهند وتحديداً الهندوسية

أديان الهند من أقدم الأديان التي ظهرت على وجه الأرض

الدِّيانة الهندوسية هي أقدمها على الإطلاق

وكردود فِعل مُعارضة للهندوسية،

أو كحركات إصلاح دينية للهندوسية،

ظهرت البوذية والجينية.

هذه الدِّيانات لم تبقى فقط في الهند

وإنَّما خرجت خارج إطار شبه القارَّة الهندية

لتُكوِّن لنا أُسرة دينية في الصِّين واليابان

فأديان الصين، مثل الطاوية والكونفوشيوسية

وأديان اليابان، مثل الشنتوية

ديانات مُتأثِّرة جداً بالأديان الهندية، خصوصاً البوذية

فبالرَّغم من أنَّ البوذية الصينية أو البوذية اليابانية

يُمكن اعتبارهما كديانات بوذية مُستقلَّة

إلَّا أن البوذية الهندية هي الأصل

ويتمّ إضافة الصينية أو البوذية،

تفريقاً لها عن الأصل الذي تطوَّرت عنه

وبما أنَّ البوذية الهندية مُنشقة عن الهندوسية

فهذا يعني أنَّ الدِّيانة الهندوسية من أهم الأديان التي يجب علينا دراستها

لأنَّها مفتاح لباقي أديان الهند التي انشقَّت عنها

وباقي أديان الهند، أثَّرت بالتَّبعية على أديان الصين واليابان

تعريف الهندوسية

الهندوسية من أديان العالم الكُبرى.

نشأت في شِبْه القارَّة الهندية.

أتباع هذه الدِّيانة يُطلق عليهم الهندوس

والهندوسية كبرى أديان الهند

يؤمن بها أكثر من مليار نسمة

أكثر من تسعين في المائة منهم في شبه القارة الهندية

وفي الهند

حوالي 82% من السُّكان من الهندوس

وحوالي 11% من السُّكان يعتنقون الإسلام

يؤمن بالهندوسية في بلاد الهند أكثر من 82%

بينما يعتنق الإسلام أكثر من 11%

إذا كانت حضارة وادي السِّند

التي ترجع للألفية الثالثة والثانية قبل الميلاد

هي المصدر الأول لتقاليد الدِّيانة الهندوسية

كما يعتقد بعض العلماء

فإنَّ الهندوسية – حسب التَّصنيف التَّاريخي للأديان

هي أقدم ديانة حَيَّة على وَجْه الأرض

اسم “الهندوسية” يُستخدم للإشارة

للأفكار والمُمارسات الدِّينية التي نشأت في شِبْه القارَّة الهندية

ولكن هذا الاسم ليس من وضع الهنود أنفسهم

بعض الهنود يرفضون اسم الهندوسية

ويُفضِّلون اسم: الدِّين الفيدي، أو ديانة الفيدا

للإشارة إلى النُّصُوص الدِّينية القديمة المعروفة باسم Vedas

بالإضافة لمجموعة أخرى من الكتابات المُقدَّسة عند الهنود

والاسم فيدا أو فيداس، مُسمَّى غربي

والنُّطق الشَّرقي الأصح هو: ويدا

وبالتالي نجد من يُطلق على الهندوسية اسم

الويدية أو الفيدية: أي ديانة أسفار الويدات أو الفيدات.

لأن الويدا أو الفيدا كما سنعرف، ليس كتاباً واحداً

وإنَّما مجموعة من الكُتُب المقدسة

هُناك آخرون يُطلقون على دينهم اسم:

ساناتانا دارما sanatana dharma

والذي يعني: القانون الأبدي

في إشارة لعقيدة تناسخ الأرواح المعروفة في الهندوسية

ومن أسماء الهندوسية: الدِّيانة أو الطَّريقة الآرية (Arya dharma)

والآرية نسبةً للجنس الآري أو الشُّعُوب الآرية

التي هاجرت إلى شبه القارَّة الهندية في الألف الثاني قبل الميلاد

وكل أديان الهند على مختلف عُصُورها

حاولت ربط نفسها بالطريقة الآرية للحياة في نظرتها إلى الكون والمخلوقات

على الرَّغم من أنَّ هذه الأديان تختلف فيما بينها

ويُعتبر بعضها، مثل البوذية والجينية

من الأديان المُعارضة للهندوسية والمُنشقَّة عليها

وأحياناً يُطلق على الهندوسية اسم البرهمية أو البراهمية

نسبةً لإله الهندوس الأعظم: براهما

وقد ذكر بعض العُلماء عدم وجود تعريف إيجابي للهندوسية

وذلك لعدم وُجُود عقيدة رئيسية في الهندوسية

يجب على كل هندوسي الإيمان به

الزعيم الهندي المشهور غاندي يقول:

“من حظ الديانة الهندوسية، أنَّها ليست لها عقيدة رئيسة،

فإذا سُئلْت عنها؛ فأقول: إن عقيدتها هي عَدَم التَّعصب،

والبحث عن الحقّ بطُرُق حسنة،

وأمَّا الاعتقاد بوُجُود الخالق وعدمه؛ فكلاهما سواء،

ولا يلزم لأي رجل من الرِّجال الهندوس أن يؤمن بالخالق،

فهو هندوسي، سواء آمن أم لم يؤمن!”

مِمَّا يعني – حسب كلام غاندي

أنَّ الإيمان بالإله براهما لا يُعتبر شرطاً ليكون الإنسان هندوسية

وهكذا تم إطلاق اسم الهندوسية

على كل سُكَّان شِبْه القارَّة الهندية

الذين لا ينتمون إلى الإسلام أو المسيحية

أو أي دين آخر محدود.

وبهذا تم تعريف الهندوسية بشكل سلبي، كالآتي:

كل من يسكن الهند، ويُقدِّس البقرة،

ولا يدين بأحد الأديان الثلاثة: اليهودية والمسيحية والإسلام

فهو هندوسي أو هندوكي.

والشَّرط الوحيد لبقاء الإنسان هندوسيا

هو عدم الإعلان عن الخروج على الهندوسية صراحةً

يعني طالما الإنسان الهندي، لم يُعلن أنَّه ليس هندوسيا،

ولم يُعلن أنَّه ينتمي لأيّ دين آخر غير الهندوسية، فهو هندوسي!

الهندوسية تجمع بين النَّظرية والتَّطبيق

فاهتمَّت اهتماماً أساسياً

بوضع الأُسُس العَمَلِيَّة لعلاج مشاكل الإنسان الوُجُودية

وتحقيق خلاص الإنسان من دائرة التَّناسخ

وخلق إنسان جديد، مُتحرِّر من قيود المادَّة

الجانب العملي يُمثل جوهر فلسفة الهندوسية

بينما يُمثل الجانب النَّظري هيكل هذه الفلسفة الدِّينية

يُمكن تقسيم الدِّيانة الهندوسية إلى أربعة أقسام رئيسية

هي قواعد التَّديُّن في الهندوسية:

  1. الفلسفة أو العقيدة والإيمان (Tatwa)
  2. التنفيذ أو الطقوس والعبادات (Susila)
  3. الاحتفالات والأعياد (Upacara)

خصائص وسِمات الهندوسية

أولاً: التَّناقض

أبرز سِمَة في الهندوسية هو التناقض!

فتجد في كثير من العقائد الهندوسية الشيء وعكسه

مثل فكرة وحدانية الإله ثمَّ تعدد الآلهة

وفكرة الإله الشخصي ثم الاعتقاد بوحدة الوجود

وفكرة الكون الأبدي والأزلي ثمَّ أسطورة الخلق وبداية العالم

وسوف نُفصِّل في هذه التناقضات فيما بعد

وعلى كل حال، التَّناقض والاختلاف من سِمات الأديان الباطلة بشكل عام

وأغلب هذه التَّناقضات دليل على أنَّ الهندوسية عرفت الحق

ولكنَّ الحق اختلط بالباطل، والتوحيد انحرف للوثنية

ثانياً: التَّفكير الدَّائري

التفكير الهندوسي بشكل عام، دائري، وليس خَطِّي مُستقيم

فالدائرة ليس لها نُقطة بداية أو نهاية مُحدَّدة

وتدُلّ أيضاً على الاستمرارية والتكرار

وهذا التفكير الدائري نتيجة لبعض العقائد الهندوسية

مثل أزلية الكون، وتناسخ الأرواح، وغيرهما

ثالثاً: عدم الاهتمام بالعقيدة

الهندوسية لا تهتم كثيراً بتعليم العقائد

بقدر ما تهتم بالعَمَل والتَّطبيق

وتقوم بالتركيز على كيفية تحقيق التواؤم بين الإنسان والكون

والهندوسية تميل إلى التَّفكير الفلسفي التَّأمُّلِيّ

وتُحاول أن تتجاوز النَّفس المحدودة

من خِلال الاتِّحاد في رُوح العالَم أو النَّفس العالمية

والهندوسية تهتم كثيراً بالرُّوح والنَّفس أكثر من الجسد والأمور المادِّيَّة

لأنَّها تُعلِّم أنَّ الوُجُود مُجرَّد وهم أو خِداع

فالحياة التي نعيشها، وهمية وليست حقيقية

والهدف العَمَلِي للهندوسية

هو الخروج بالإنسان من عالم الوَهْم والخِداع

إلى عالم الحقيقة والنُّور.

رابعاً: ديانة غير مركزية

نستطيع أن نقول إنَّ الهندوسية ليست ديانة مركزية

بمعنى عدم وُجُود مرجعية، تجمع حولها المؤمنين بها،

فهي ليست فكراً لمؤسِّس واحد

يُكوِّن قاعدة مُشتركة لمن يشتغلون بتفسيره والدَّعوة له.

بل إنَّ الهندوسية بمثابة خيط مُستمِرّ التَّطوُّر،

يربط الماضي بالحاضر في تيَّار لا ينقطع.

خامساً: ديانة إثنية عرقية

ومن خصائص الهندوسية أنَّها ديانة إثنية عرقية،

فالهندوسية عبارة عن ديانة لوحدة ثقافية وجماعة دينية مُعيَّنة

وهُم سُكَّان شِبه القارَّة الهندسية

ولذلك لا تُحاول الهندوسية جذب غيرها إلى ديانتها

وهذا بخلاف البوذية المُنشقَّة عن الهندوسية

فالبوذية تهتم بالانتشار خارج إطار المجموعة الثقافية التي نشأت فيها

سادساً: لا توجد قواعد صارمة

ولكن يجب التَّنبيه على أنَّه لا توجد قواعد صارمة في الهندوسية

بمعنى أنَّ الديانة الهندوسية في الأصل، قطعاً ولا شكّ، ديانة إثنية عرقية

ولكن ماذا لو حاول بعض الهندوس إقناع غيرهم باعتناق الهندوسية؟

وماذا لو ظهرت فرقة هندوسية تدَّعي أنَّ الهندوسية ديانة عالمية؟

لن يكون فعلهم مُجرَّماً وفق الهندوسية

فالهندوسية لا تتعامل بصرامة مع أي شيء،

حتى لو افترضنا أنَّها مُخالفة لأُصُول الهندوسية

سابعاً: التَّأثُّر بالأديان الأخرى

من خصائص الهندوسية كذلك

أنَّها مثلها، مثل باقي الأديان الباطلة

تتأثَّر بتعاليم الأديان الأخرى

وقد تأثَّرت الهندوسية كثيراً بالإسلام، مُنذ دُخُول المُسلمين للهند

ومن هذا: ادِّعاؤهم أنَّ كتبهم المُقدَّسة مُوحى بها من الله

وادِّعاؤهم أنَّ كتبهم المُقدَّسة مُعجزة في حدّ ذاتها

لا يستطيع الإنسان أن يأتي بمثلها

وبعض الجماعات الهندوسية نادت مرَّة أخرى للرجوع للتَّوحيد

والبُعد عن الوثنية، وعبادة آلهة كثيرة

وكذلك قامت بعض الجماعات الهندوسية بتحريم الصُّور والتَّماثيل

وهُناك أمثلة أخرى كثيرة تُبرهم على تأثير الإسلام على الهندوسية

بعض المُلاحظات

أولاً: تحدِّي الفيدا

يجب التَّنبيه على الآتي:

بعض الأشخاص من غير المُسلمين

يُريدون الطَّعن في وحي القرآن الكريم

وفي التَّحدِّي القرآني لغير المُسلمين

فيدَّعون أن الفيدا أيضاً مُعجزة

وأنَّ المخلوق لا يستطيع أن يأتي بمثل الفيدا

وللرَّد نقول أنَّ هذا من تأثير الإسلام على الهندوسية

ويجب على الهندوس أولاً إثبات أصالة هذا الادِّعاء في الفيدا

وكما سنعلم بعد قليل …

الفيدا ليس لها أي مصداقية أو موثوقية على الإطلاق

فلا نعلم مَن الذي كتب الفيدا

ولا نعلم متى تم كتابة الفيدا

وبالتالي كيف نثق في أنَّ الفيدا مكتوب بوحي من الإله

ونحن لا نعرف كاتب الفيدا أصلا؟!

ولا توجد للفيدا نُسخة أصلية مُعتمدة يُمكن الرجوع إليها

وهكذا لا يصِحّ ادِّعاء الوحي

إلَّا بعد إثبات مصداقية وموثوقية الكتاب نفسه

ثانياً: التَّشابه مع الإسلام

هُناك أيضاً شُبهة التَّشابه بين الإسلام والزرادشتية

والمقصود في النِّهاية أنَّ الدراسة التاريخية لهذه الأديان

ستُوضِّح أن الإسلام هو الذي أثَّر على هذه الأديان، وليس العكس!

وأنَّ الزرادشتية والهندوسية أخذتا من الإسلام، وليس العكس!

ثالثاً: دراسة كل الأديان لمعرفة الحق

أسمع هذا الادِّعاء كثيراً من أشخاص لم يدرسوا الأديان أبداً:

هل ينبغي عليَّ أن أدرس كل الأديان الموجودة على وجه الأرض حتى أصل لدين الله الحق؟!

وهناك إجابات كثيرة مُختلفة لهذا السؤال، من ضمنها أن الله عزَّ وجلَّ أودع في الإنسان كلّ ما يحتاجه لمعرفة الحق والوصول إليه.

وبمُجرَّد الاطِّلاع البسيط على الأديان الباطلة، يستطيع الإنسان بمحض فطرته أن يُدرك الكمّ الهائل من الباطل الموجود في هذه الأديان

والهندوسية مثال صارخ على الأديان الباطلة التي يستطيع الإنسان إدراك بُطلانها بمحض الفطرة

فإن الهندوسية مليئة بالأفكار الوثنية كما سنعرف بالتفصيل بعد قليل

ولا يُمكن لمخلوق أن يعتنق ديناً مثل الهندوسية، إلَّا إذا اقتنع أنَّ الإيمان الديني لا علاقة له بالعقل والفطرة!

وهذه القناعة في حدّ ذاتها يُمكن اعتبارها أكبر انتكاسة للفطرة

ولكنَّها الوسيلة الوحيدة التي من خلالها تحيا الأديان الباطلة في عقول وقلوب الناس!

رابعاً: الإعجاب بالهندوسية

بسبب الثقافة الغربية المادية، يجد أي مُلحد مادي صوُراً من الإجاب في الديانة الهندوسية

والتي تهتم بالجوانب الإنسانية، والجوانب الأخلاقية، والبُعد عن المادة، والاتجاه الواضح نحو الزُهد والتَّقشُّف والتَّخلُّص من سِجن ملذَّات وشهوات الدُّنيا

ودائماً ما نجد في الدِّيانات الباطلة الانحراف نحو جُهة ما بنوع من الإسراف والمُبالغة والتَّطرُّف، ولا نجد أبداً الوسطية التي نجدها في الإسلام العظيم من الاهتمام الروح والجسد معاً

الكُتُب المُقدَّسة الهندوسية

الهندوسية في بدايتها لم يكن لها كُتُب مُقدَّسة

وهذا مُشابه للمسيحية، وعلى عكس الإسلام واليهودية

فإن القرآن الكريم هو الكتاب المُقدَّس الإسلامي من البداية

والتوراة هي الكتاب المُقدَّس اليهودي من البداية

أمَّا الكُتُب المُقدَّس المسيحية فتم تدوينها بعد رفع المسيح عليه السلام للسماء

وتدَّعي المسيحية أنَّ دعوتها من البداية كانت شفهية

ثمَّ جاء وقت، وتم تدوين كُتبها المقدسة، حسب حاجة المسيحيين

وهذا هو نفس ادِّعاء الهندوس

إلَّا أنَّ ظروف تدوين كُتُبهم المُقدَّسة أكثر غموضاً

أقسام الكُتُب المُقدَّسة الهندوسية

استمرَّت مُدَّة تصنيف الكُتُب المُقدَّسة الهندوسية لأكثر من ألف عام

يتراوح الأدب الفيدي من

ريج فيدا (حوالي 1500 قبل الميلاد)

إلى الأوبنشاد (حوالي 1000-600 قبل الميلاد)

وهذا الأدب عبارة عن الوثائق الأساسية للديانة الهندية قبل البوذية

والنُّصُوص المُبكِّرة للهندوسية الكلاسيكية.

أهم النُّصُوص هي المجموعات الأربع (Samhitas)

المعروفة باسم Veda أو Vedas

ويُمكن تقسيم الأدب الهندوسي إلى أربعة أقسام:

  1. الويدات أو الفيدات
  2. المُتكلِّمين الهندوس (كتب أبانشاد) خلاصة لفلسفة الويدات
  3. تدوين الفِقْه الهندوسي (كتب سِمْرْتِي)

أكثر من خمسين كتاباً أشهرها: منو سمرتي

  1. كُتُب بُرْان (القصص والأساطير القديمة)
  2. كُتُب الملاحم والحُرُوب

والهندوس أنفسهم يُقسِّمون الأدب الهندوسي إلى قسمين:

 

 

القسم الأول: سروتي Sruti أو شروتي Shruti

وهي عبارة عن كُتُب الفيدا

وكلمة شروتي تعني: السَّماع

أو التَّعاليم التي انتقلت من جيل إلى جيل

القسم الثاني: سمرتي Simriti

وكلمة سمرتي تعني: ما تمّ تذكُّره

وهي مجموعة التَّعاليم التي أعيدت كتابتها عن طريق التَّذكُّر للتَّعاليم الموروثة شفهيًّا

الفيداس

أهمّ وأقدس ما في الأدب الهندوسي

حسب النُّطق الغربي: الفيدا أو الفيداس أو الفيدات

وحسب النُّطق الشرقي الأصحّ: الويدا أو الويدات

والفيدا أو الويدا ليس كتاباً واحداً، وإنَّما مجموعة كُتُب

وكلمة فيدا أو ويدا، تعني العِلْم أو المعرفة المُقدَّسة

في إشارة للأصل الغنوصي للدِّيانة الهندوسية

يعتقد الهندوس أنَّ الغرض من هذه الكُتُب

هو تمكين الإنسان من التَّخلُّص من جهله بالإله

والحُصُول على الكمال والحُرِّيَّة والخُلُود

من خلال معرفة الإله

وبذلك يُصبح الإنسان واحداً مع الإله

يدَّعي الهندوس أنَّ كُتُب الويدا أو الفيدا

كانت تُنقل عن طريق السَّماع إلى زَمَنٍ مُعيَّن

ثمَّ أحالوا الرِّوايات الشَّفهية إلى كُتُب دينية

تم تدوينها باللغة السنسكريتية

ليس للفيدا مؤلِّف معروف

فهي غالباً عبارة عن مجموعة من الأجزاء المُنتشرة

من أفكار النُّسَّاك في القُرُون القديمة

ويعتقد الهندوس أنَّ الفيدا عبارة عن رؤيا مباشرة

وأنَّها ليست من صُنع البشر

الفيدا هي مخزن الحكمة الهندية

فهي الحقائق التي كشفها الإله للمُعلِّمين العِظام (الراشي)

وكلمة راشي تعني (الرائي)

والرائي يسمع الحقيقة أو يراها

ولذلك الفيدا هي الحقائق المسموعة (سروتي)

وتُعتبر الفيدا هي الخبرة الرُّوحية للراشي أو الرائي

وهُو مُجرَّد وسيط لنقل تلك الحكمة للناس

أقسام الفيدا

اختصاراً:

القسم الأول من الأدب الهندوسي هو:

سروتي Sruti أو شروتي Shruti

وهذا القسم عبارة عن دستور الهندوسية،

ويشمل عِدَّة أُصُول

الأصل الأول اسمه Weda Samhita

أي مجموعة الويدات أو الفيدات

والتي تنقسم إلى أربعة أقسام:

  1. ريج فيدا Rig veda(“حكمة الآيات”) وهي الأقدم.

وهي مجموعة المدائح والصَّلوات.

تنقسم الريج فيدا (21) قسماً.

  1. ياجور فيدا Yajur veda (“حكمة الصِّيَغ القُربانية”)

خاص بالأناشيد التي تصحب القرابين التي يُقدِّمها الكهنة للآلهة.

والياجور فيدا (109) قسماً.

  1. ساما فيدا Sama veda (“حكمة الأناشيد”)

خاص بالإنشاد أثناء الشَّعائر التَّعبُّدِيَّة والمُناسبات الدِّينية.

والساما فيدا (1000) قسم.

  1. اثارفا فيدا Atharva veda (“حكمة الكهنة”)

كتاب التَّعاويذ والتَّمائم ومقالات السِّحر التي تدفع المصائب.

والاثارفا فيدا (50) قسماً.

في النِّهاية: يكون إجمالي الفيدا (1180) قسماً

باقي أصول السروتي

الأصل الأول: ويدا سامهيتا Weda Samhita

أي مجموعة الويدات أو الفيدات

ظهرت الويدات أولاً مابين 2500 إلى 1200 ق.م.

الأصل الثاني: براهمانا Brahmana

وتعريبها: الـ براهمانات

وهي شُرُوح وتفسيرات للويدات

الأصل الثالث: أرانياكا Araniaka

وتعريبها: الـ أرانياكات

وهي إرشادات مُلحقة بالبراهمانات

الأصل الرابع: أُبَانِشَاد Upanisad

وتعريبها: الـ أُبانِشادات

ومعناها الجلوس عند الشيخ لتلقي العِلم

وهي أسفار تفسيرية للفيدات

تشمل الحكم والمعارف التي تتعلَّق بالكون والإنسان والأُمُور الباطنية

وتُعتبر خُلاصة الفيدا ومن أهم كُتُب الهندوسية

القسم الثاني من الأدب الهندوسي: سمرتي Simriti

وهي مجموعة التَّعاليم التي أُعِيدت كتابتها

عن طريق التَّذكُّر للتَّعاليم الموروثة شفهيا

وهي كُتُب الأحكام المُتعلِّقة بالطَّبقات الاجتماعية والمُعاملات والأخلاق وغيرها

وهي عند الهندوس قوانين مقدسة

تُحدِّد سُلُوك الأفراد والمُجتمع

وتُحدِّد المُباحات والمحظورات

أهمَّها وأشهرها

كتاب مانو Manu (مانو سمريتي)

ثمَّ: ياجنا فالكيا Yajnavalkye (ياجنا فالكيا سمريتي)

يعترف الهندوس أنَّه لا يُمكن تطبيق قوانين مانو في عصرنا الحالي

وإنَّما يُمكن اتِّباع روحها

فتقدُّم المُجتمع يجعل بعض القوانين غير صالحة

وقوانين مانو من أقوى المراجع للأحكام الهندوسية

ويعتقد الهندوس أنَّه موحى به من الإله

وهو عبارة عن 12 كتاباً

يُفصِّل العقائد الهندوسية وعباداتها ومُعاملاتها ونظامها الاجتماعي

بخصوص قوانين مانو، أو مانو سميرتي

تضاربت الأقوال حول مانو نفسه

فمنهم من يقول هو أول إنسان وُجِد على الأرض بعد الطُّوفان

وبعضهم يرى أنَّ مانو هو الرَّاهب الأكبر الذي يقبل القرابين

ويُحدِّدون زمنه بين 1000 و 600 ق.م.

وهكذا لا نعرف مَن الكاتب، ولا متى كُتِب

كعادة كُتُب المُقدَّسة الهندوسية

والبعض يُرجع الكتاب للقرن السادس قبل الميلاد

وقد قام الدكتور إحسان حقي بترجمة الكتاب تحت عنوان

منوسمرتي كتاب الهندوس المقدس[2]

من أشهر الكُتُب الهندوسية: بهاجافاد جيتا

وهو عبارة عن حوار بين كريشنا وأرجون

حيث شرح كريشنا لأرجون أُسُس العقيدة الهندوسية

والهندوس يقولون إن الأوبانيشاد خُلاصة الفيدا

والبهاجافاد جيتا هي خلاصة الأوبانيشاد

أي أنَّها خُلاصة خُلاصة الهندوسية

ويقولون إنَّ الأوبانيشاد هي البقرة

والبهاجافاد جيتا هي اللبن

والعُقلاء هم الذين يرتون من ذلك اللبن!

مُلخَّص الكُتُب المُقدَّسة الهندوسية

الأدب الهندوسي ضخم وقديم جداً

والهندوس يُقسِّمون كتبهم المُقدَّسة إلى قسمين

القسم الأول اسمه: سروتي أو شروتي

وهي التعاليم التي تم سماعها

ويتكوَّن من كُتُب الفيدا والأُوبانيشادات

والقسم الثاني اسمه: سمرتي

وهي التعاليم التي تم تذكرها

ويتكوَّن من كتب الفقه الهندوسي

وكتب القصص والأساطير القديمة

وكتب الملاحم والحروب

والفيدات هي أهم وأقدس وأقدم ما في الأدب الهندوسي

وتنقسم إلى أربعة أقسام

والأدب الهندوسي بشكل عام يفتقد المصداقية والموثوقية

فلا نعرف على وجه اليقين مَن الذي كتب هذه الأسفار المُقدَّسة

ولا نعرف على وجه اليقين مَتَى تم تدوين هذه الأسفار المُقدَّسة

العقائد الهندوسية

من خِلال اطِّلاعي على أهم العقائد الهندوسية

نستطيع تقسيم هذه العقائد إلى ستَّة أركان رئيسية:

  1. الإله
  2. الكون
  3. الروح
  4. الكارما
  5. الإنسان
  6. الخلاص

الإله في الهندوسية

الهندوسية لها تصوُّرات كثيرة مُختلفة وأحياناً مُتناقضة عن الإله

فأحياناً نجد كلاماً رائعاً عن الإله موافق للتصوُّر الإسلامي

وأحياناً نجد تصوُّرات وثنية في غاية العجب

الهندوسية تَصِف الإله كثيراً بالنَّفي

فيقولون: الإله ليس كذا، وليس كذا

ويقولون: لو جُبتَ الكون طُولاً وعرضاً

تقول عن كل شيء يُمكنك أن تراه وتدركه:

الإله ليس هذا، وليس هذا

فالذي يبقى بعد ذلك يكون هو الإله!

وهكذا يعتقدون أنَّ الإله كائن مُجرَّد مُطلق لا محدود،

وُجُوده من رُتبة تختلف جذرياً عمَّا يُمكن لعقولنا أن تُدركه

ويقول الهندوس إنَّ كل شكل للإله

ليس إلَّا رمزاً يُشير إلى شيء ما ورائي

وتلك الأشكال غير قادرة على الإشارة إلى الطَّبيعة الحقيقية للإله بتمامها وكمالها

عندما تسمع هذا الكلام عن الإله في الهندوسية

تتذكَّر فوراً قول الله عز وجل في سورة الشورى، الآية 11

﴿‌لَيۡسَ ‌كَمِثۡلِهِۦ شَيۡءٞۖ وَهُوَ ٱلسَّمِيعُ ٱلۡبَصِيرُ﴾

الإله شخصي أم لا شخصي؟

من ضِمن التَّناقضات التي نجدها في الهندوسية

فيما يخُص مفهوم الإله، خلافهم عن كون الإله شخصي أو لا شخصي

وهكذا نجد في الهندوسية الجمع بين المفهومين

فالأصل عندهم هو أنَّ الإله لا شخصي أو غير شخصي

ولكن في الوقت نفسه نجد أنَّ الكُتُب المُقدَّسة الهندوسية

تتكلَّم عن الإله بما يُوافق مفهوم الإله الشَّخصي

فاسم الإله في الهندوسية هو براهمان أو براهما

من الجذر بَرَه، يعني الكبير

والهندوسية تصف الإله بصفات رئيسية، هي:

الوُجُود أو الحقيقة المُطلقة

الوعي (أو العلم) المُطلق

السَّعادة (أو النَّعيم) المُطلق.

بمعنى أنَّ الإله فوق كل إمكانية إحباط بنحو مُطلق

الفلاسفة الهنود مُختلفين حول مفهوم الإله في الهندوسية

المفهوم الأول باسم: ساغونا براهمان Saguna Brahman

وهو الإله المُتَّصف بالصِّفات.

والمفهوم الثاني باسم: نيرغونا برهمان Nirguna Brahman

وهو الإله بلا صفات.

هذا الخلاف الفلسفي اللاهوتي أدى لوجود ثلاث مدارس هندوسية

المدرسة الأولى يُمثِّلها الفيلسوف الهندي

آدي شانكارا Adi Shankara = الإله اللا شخصي

والمدرسة الثانية يُمثلها الفيلسوف الهندي

رامنوغا Ramanuja = الإله الشخصي

والمدرسة الثالثة يُمثلها الفيلسوف الهندي

راما كريشنا Ramakrishna

والذي يقول بإمكانية الجمع بين المدرستين الأولى والثانية

تصوُّر الإله على أنه كائن شخصي سيكون الخالق براهما والحافظ فشنو والمُدمِّر شيفا

التَّوحيد هو الأصل

بعض العُلماء يعتقدون أنَّ الهندوسية في الأصل ديانة توحيدية

تؤمن بالإله الواحد، خالق السَّموات والأرض

وفيما بعد انحرفت للوثنية وتعدُّد الآلهة

رغم أنَّ الهندوسية ما زالت تُقِر بأنَّ الآلهة كلها

عبارة عن ظُهُورات مُختلفة للإله الواحد براهمان

ونعتقد كمُسلمين أنَّ الله عزَّ وجلَّ لم يترك أُمَّة

إلَّا وأرسل لها الأنبياء والرُّسُل

قال تعالى في سورة النحل، الآية رقم 36

﴿وَلَقَدۡ بَعَثۡنَا فِي كُلِّ أُمَّةٖ رَّسُولًا

‌أَنِ ‌ٱعۡبُدُواْ ‌ٱللَّهَ وَٱجۡتَنِبُواْ ٱلطَّٰغُوتَۖ﴾

وفي الغالب ظهرت الوثنية وتعدد الآلهة في الهندوسية

بسبب مظاهر الطَّبيعة المُختلفة

حيث صوَّر الهندوس لكل قُوَّة طبيعية إلهاً

الآلهة في الهندوسية

الإله الكوني الأعظم في الهندوسية هو براهما

براهما في الهندوسية هو هو الجميع

وهو الحقيقة والضَّمير

هو اللانهائية أو الأزلية

وهو المبدأ الأول، ففي البدء كان براهما

وهو الآلهة جميعها

بل هو يحتوي الإنسان نفسه، فالكل براهما

التثليث أو الثالوث الهندوسي

بالرَّغم من عقيدة الإلهي الكوني الأعظم براهما

إلَّا أنَّ الهندوسية تؤمن بوجود آلهة كثيرة

وهذه الآلهة جميعها عبارة عن

ظُهُورات أو تصوُّرات مُختلفة للإله الأعظم براهما

ونجد في الهندوسية ثالوث مُميَّز مشهور جداً

يؤمن الهندوس أنَّهم ثلاثة أشكال للإله الأزلي، وقسَّموا وظائفه

الأول: براهما Brahma: إله الخلق والإحياء

والثاني: شيوا أو شيفا Ciwa إله التبديل والدمار والهلاك

والثالث: وشنو أو فشنو Vishnu or Eisnu إله الحفظ والتدبير والرحمة

الهندوس يعتقدون أنَّه لا يوجد أي فرق بين الآلهة الثلاثة في الحقيقة

فإن الإله الواحد يظهر بثلاثة أشكال بأعماله من خلق وحفظ وتبديل

ولكنهم في الحقيقة واحد

فمن يعبد أحد الثلاثة

فكأنه عبدهم جميعاً

أو عبد الواحد الأعلى

وهكذا يُعتبر الآلهة براهما وفشنو وشيفا

من أهم الآلهة المعبودة في الهندوسية

ويُكوِّن الآلهة الثلاثة معاً ثالوثاً إلهياً

حيث براهما يخلق

وشيفا يُدمِّر

وفشنو يحفاظ على العالم

الأفْتَار أو الحُلُول والتَّجسُّد

كلمة أفتار في اللغة السنسكريتية تعني: النُّزُول

وفي الاصطلاح الهندوسي تعني:

نُزُول الإله إلى الأرض في صورة مُعيَّنة

وهُناك أنواع مُختلفة من الأفتار،

تختلف حَسَب طريقة النُّزُول، وسَبَب النُّزُول

وقد بلغ عدد الأفتارات عند الهندوس أربعة وعشرين

وقد ذهب بعض العلماء بأن عقيدة الأفتار في الهندوسية

أصلها الرِّسالة والنُّبُوة كما في الأديان السماوية

أشهر الآلهة الهندوسية

الإله فشنو يُعبد في أشكال مُتعددة حسب حُلُوله أو تجسُّده

والأساطير الهندوسية تقول أنَّه بعد أن خلق براهما الخليقة

سكن فشنو السَّماء بجوار زوجته تكشمي

إلهة الحظ السَّعيد والنَّعيم المؤقت

ولشِدَّة عِنايته بالعالم،

ينزل فشنو من وقت لآخر مُتجسِّداً أو حالًّا في شكلٍ من الأشكال

ويُمكن أن يكون الحُلُول في إنسان

بل إن بعض رجال الدِّين والزُّهاد يُعبَدُون

على أساس أنَّ الإله قد تجسَّد أو حلَّ فيهم

الإله شيفا من أكبر آلهة الهندوس

فبينما يظهر فشنو في صورة الإله النَّافع الخَيِّر

يبدو شيفا في صورة الإله المُدمِّر

وهو يظهر في أشكال مُرعبة

تُحيط به أرواح شريرة

ويرقص دائماً رقصة تدمير العالم

الكون في الهندوسية

التَّصوُّر الهندوسي للكون يحتوي أيضاً على بعض التَّناقضات

فالأساطير الهندوسية تتكلَّم عن قصَّة خلق براهما للعالم

وفي الوقت نفسه نجد أنَّ التَّعاليم الهندوسية تتكلَّم عن أزلية العالم

وتتكلَّم أيضاً عن تصوُّر وحدة الوجود،

وهي العلاقة بين الإله والكون، وأنَّهما في الأصل شيء واحد

الهندوسية تؤمن بوجود عوالم كثيرة في هذا الكون

وأنَّ هذا الكون يحتوي على عدد لا يُحصى من المجرَّات المُشابهة لمجرتنا

لكل مجرة مركز، هو كرة أرضية

يعيش على سطحها بشر يشقون طريقهم نحو الإله

كل كرة أرضية تطوقها، بشكل دوائر،

عوالم علوية، أرفع وألطف من الأرض

وعوالم سُفلية أسفل وأحط

هذه العوالم تتردد إليها الأرواح بين كل تجسُّد وآخر

بحسب ما تستحقه كل روح، حسب عملها في آخر تجسُّد

والهندوسية تؤمن أنَّ هذا الكون يُستعاد بشكل دَوْرِي

فالمنظومة الكونية تتقوَّض إلى ليل براهما

لتعود كل الكائنات إلى حالة طاقة كامنة خالصة،

ثم يبدأ الكون من جديد

فالكون ليس له بداية ولن تكون له نهاية

والهندوسية تؤمن أنَّ الكون عالم أخلاقي،

ينال فيه كل إنسان ما يستحقه،

ويخلق فيه كل إنسان بنفسه مستقبله الذي سيصير إليه

والهندوسية تؤمن أنَّ الكون عالمُ وسط

يعني مُتوسِّط ومُعتدل في كل شيء

ليس فقط لأنه مُعلَّق في الوسط

بين الجِنَان في الأعلى ودركات الجحيم في الأسفل

ولكن لأنَّه مُتساوي في نسب: الخير والشر،

اللَّذَّة والألم،

المعرفة والجهل

علاقة الإله بالكون

الهندوسية تؤكِّد أنَّ عالم الطَّبيعة والمادَّة

مُعتمد كُلِّيًّا في وُجُوده على الإله

ومع ذلك، هُناك تصوُّران للكون عند الفلاسفة الهندوس

التَّصوُّر الأول هو: الثنائية

والتَّصوُّر الثاني هو: اللا ثنائية

الثنائية معناها أنَّ الكون موجود حقيقةً مثلما يوجد الإله حقيقةً

وبالتالي فإنَّ كل شيء في هذا الكون عبارة عن وُجُود حقيقي

واللا ثنائية معناها أنَّ العالم الذي نعيش ليس حقيقياً في ذاته

وإنَّما الوُجُود الإلهي هو الوُجُود الحقيقي الوحيد

وبالتالي فإنَّ الكون مُجرَّد ظُهُور شكلي،

أو نوع من السِّحر أو الخداع أو ما شابه

فتصوُّر اللا ثنائية هو عقيدة وِحدة الوُجُود

وهذا اعتقاد أغلب الهندوس اليوم

والهندوس يعبدون الطَّبيعة،

ويتصوَّرون ذات الإله في أي شيء من الكائنات الموجودة

فالإله والطَّبيعة شيء واحد.

العالم لُعبة الإله ولهوه

الهندوس يعتقدون أنَّ العالم “لِيلا” الإله

وكلمة “لِيلا” بالسنسكريتية، تعني اللعب واللهو والتَّسلية

أي أنَّ العالم لُعبة الإله ولهوه وتسليته

ومن أمثلة هذا التَّصوُّر في الهندوسية

تماثيل الإلهة كالي

التي ترقص فوق إنسان منبطح في حالة سُجُود،

وهي تمسك بيديها سيفاً ورأساً مقطوعاً

مُلخَّص التَّصوُّر الهندوسي للعالم

لو سألنا الهندوس عن العالم الذي نعيش فهيه لقالوا:

  1. إنَّه ليس عالماً واحداً، بل عوالم كثيرة لا حصر لها
  2. إنه عالم أخلاقي يعمل فيه قانون الكارما
  3. إنه عالم وسط
  4. إنه عالم مايا (خداع)
  5. إنه مدرسة تعليم وصالة تدريب
  6. إنه عالم ليلا أي لعب ولهو الآلهة

الروح في الهندوسية

الهندوس يؤمنون بأنَّ الأرواح كلها تَفِيض من الإله نفسه براهما

وأنَّ هذه الأرواح محبوسة في هذا الكون

وأنَّها تُريد في النهاية الخلاص من هذا الكون

والاتِّحاد مرَّة أخرى مع الإله براهما الذي جاءت أصلاً منه

الهندوسية تعتقد أنَّ الأرواح

كالفقاعات التي تنطلق من قاع الماء الذي يغلي في غلاية الشاي

والتي تأخذ سبيلها صاعدةً عبر الماء (الذي هو الكون)

إلى أن تنطلق من فوق سطحه

حُرَّة في الفضاء اللامحدود

للإشراق والاستنارة الرُّوحية

وهكذا تحصل على التَّحرُّر

رحلة الرُّوح

الهندوسية تعتقد أنَّ الأرواح تبدأ رحلتها

في أبسط شكل من أشكال الحياة

وأنَّ ارتباط الرُّوح بالجِسْم الذي تسكنه

لا يزيد على ارتباط الجسم بالألبسة التي يرتديها الإنسان

فعندما نكبر على بذلة

أو نجد أنَّ بيتنا أصبح ضَيِّقاً علينا

فإننا نُغيِّر لباسنا إلى لباس أكبر،

ونستبدل ببيتنا بيتاً أوسع

لكي تُتَاح لأجسامنا حريةً أكثر،

وكذلك تماماً تفعل الأرواح

هذه العملية تُسمَّى:

التَّناسخ، أو هجرة الأرواح، أو التَّقمُّص، أو تجوال الرُّوح

وفي السنسكريتية تُسمَّى سامسارا،

وتعني حرفياً: مُعاناة أو مقاساة شديدة

في المُستوى تحت الإنساني

الانتقال يتم عبر مجموعة من الأجسام،

يزداد تعقيدها تدريجياً حتى تبلغ الجسم الإنساني

ونُمُوّ الرُّوح في هذه المرحلة يكون أتوماتيكياً أو آلياً

ومع وُصُول وارتقاء الرُّوح إلى جسم إنساني،

يتوقَّف هذا الصُّعُود الأتوماتيكي

الذي يشبه صُعُود المِصْعَد الآلي

سُكُون الرُّوح في الإنسان

يعني أنَّ الرُّوح قد وصلت لمرتبة الوعي بالذَّات

وفي هذه المنزلة الرَّفيعة،

تأتي الحُرِّيَّة (أي الإرادة وحُرِّيَّة الاختيار)

والمسئولية والجُهد (أي السَّعي والمُحاولة)

والآلية التي تربط بعض هذه المُكتسبات الجديدة ببعض

هي قانون الكارما

الكارما أو قانون الجزاء

العبارة السنسكريتية

كارما باهالا Karma Pahala

تعني: قانون الجزاء

وعقيدة الكارما تُعتبر من أشهر العقائد الهندوسية

وهي عقيدة مُتعلِّقة بعقيدة رحلة الروح في هذا الكون

فالرُّوح تفيض من براهما،

وتدخل هذا الكون في أبسط شكل من أشكال الحياة

ثم ترتقي بين الأجساد وأشكال الحياة الأكثر تعقيداً بشكل آلي

إلى أن تصل إلى درجة الجسم البشري أو الإنساني

وعندما تصل الروح لهذه الدرجة

تكتسب حُرِّية الإرادة والمسئولية الأخلاقية

وهُنا يجب التَّنبيه على أنَّ الروح هي الأساس في الإنسان

فالرُّوح بالنسبة للجسم الإنسان مثل الشخص الذي يرتدي ملابسه

فالجسم مُجرَّد ملابس يُمكن تغييرها والاستغناء عنها

أمَّا الروح فهي بمثابة الشخص الإنسان نفسه

والهندوسية تؤمن بأنَّ كل الأشياء الحيَّة لها أرواح مُتساوية

تختلف فقط من خلال قانون الكارما

تناسخ الأرواح

فالهندوسية تؤمن بأنَّ الدُّنيا هي مكان الجزاء

والجزاء يتم عن طريق تناسخ الأرواح

فإذا لم يستوف الإنسان جزاء أعماله في حياته

يتحقَّق ذلك بتكرار ولادته على سبيل التَّناسُخ

التَّناسخ يعني رُجُوع الرُّوح بعد خُرُوجها من جسم

إلى جسم آخر حَسَب الأعمال

فلا يوجد حساب بعد الموت، وإنَّما التَّناسُخ

هذه العقيدة مبنية على عقيدة وحدة الوجود في الهندوسية

وهي أنَّ الإله والرُّوح ومادَّة الخلق أزلية

وهكذا ترجع روح الرَّجُل الصَّالح بعد موته

في جسم أعلى منه رُتبةً

حتى ترقى إلى الإله برهما وتمتزج به

وهذا هو الخلاص حسب الهندوسية

أمَّا رُوح الرَّجل الفاسق

فترجع إلى جسم أردأ منه

حتى تصل إلى الحيوانات الخبيثة

والهندوسية تُعلَّم أنَّ الذي يولد سفيهاً

أو أخرس أو أعمى أو أصم

أو مصاباً بأعضائه،

أو بغير ذلك من العاهات والأمراض؛

إنَّما يكون نتيجة سوء عمله السَّابق

ولك أن تتخيَّل أخي الكريم،

نتيجة مثل هذه العقيدة على المُجتمع الهندي!

وهكذا وسَّعت الهندوسية مفهوم العِلِّيَّة الكوني الشامل

لتجعله يشمل أيضاً الحياة الرُّوحية والأخلاقية للإنسان

فإنَّ كل عَمَل يُوجِّهه الفرد للعالم الخارجي،

له انعكاسه المُقابل، والمُساوي له، على ذات الإنسان ونفسه

وكل فكرة أو عمل يقوم به،

بمثابة ضربة إزميل على تمثال مصيره.

وعقيدة الكارما تُلْزِم الهندوسي بمسئولية شخصية كاملة

فإنَّ كل إنسان مسئول تماماً وبشكل كلي

عن حالته الحاضرة ووضعه الحالي

كما أنَّ مُستقبله سيكون على أساس أفعاله الحالية

والكارما ليست نوعاً مِن الجبرية

فإنَّ الكارما تنُصّ على أنَّ كلّ قرار ستكون له نتائجه الحتمية

والقرارات التي يتخذها الإنسان حُرَّة،

يتِمّ اتِّخاذها باختيار وحرية كاملين

الإنسان في الهندوسية

يجب التَّنبيه مرَّة أخرى على أنَّ الهندوسية

تهتم بالرُّوح أكثر من الجسم البشري نفسه

وعندما تتكلَّم الهندوسية عن الإنسان

فإنَّها تقصد في الأساس المرحلة التي فيها يسكن الروح في جسم بشري

وبسبب هذا الاهتمام البالغ بالرُّوح في الأساس

نمى بشكل واسع، إحساس نفسي في الغرب،

بوُجُود عظمة رُوحِيَّة في الهند

وقد علَّقت على هذا سابقاً

ووضَّحت أنَّ هذا بسبب المادية الشديدة التي يعيشها الإنسان الغربي

ما الذين نُريده؟!

الهندوسية لها فلسفة خاصَّة

فيما يتعلَّق بطبيعة حياة الإنسان على الأرض

والصِّراعات التي يخوضها الإنسان أثناء حياته

الهندوسية تقول للإنسان:

بإمكانك أن تحصل على ما تريد!

وبالتَّالي يجب على الإنسان أن يُجيب على سؤال:

ما الذي نُريده في هذه الحياة الدُّنيا؟

البحث عن المُنتهى

الهندوسية تضع فلسفة مُعيَّنة لكيفية إدارة حياة الإنسان

بناءً على فهم الهندوسية لرغبات النَّفس البشرية

فالهندوسية تقول إنَّ رغبات أوَّل ما يرغب فيه الإنسان هو اللذة

والهندوسية لا تَتَّخِذ موقفَ التَّقبيح والتَّوبيخ

من الإنسان الذي يجعل المُتعة واللذة

هدفه النِّهائي في الحياة

ولكنَّ الهندوسية تقول:

إذا كانت اللذة هي ما تُريد،

فلا تكبح هذه الرَّغبة،

بل إشبعها بأغنى وأجمل ما يُمكن

تقول الهندوسية ذلك،

وتنتظر الزَّمن الذي يُدرك فيه الإنسان

أنَّ اللذة ليست فعلاً كل ما يرغب فيه

وهو زَمَن – حسب الهندوسية – سيأتي لا محالة

ولكن ليس من الضَّرُوري أن يكون ذلك في حياته الحالية!

هذا ليس لكون اللذة بذاتها شيئاً فاسداً أو شريراً

بل سببه أنَّ المُتعة مُضعفة ومُوهنة للإنسان

وأضيق وأتفه من أن تُشبع طبيعته الكُلِّيَّة

لأنَّ اللذة بطبيعتها شيء خاصّ أو ذاتي وفردي

إذن، الهندوسية تترك الإنسان ليتعلَّم من تجاربه

فبعد أن ينتهي الإنسان من الانغماس في اللذة

ينتقل اهتمامه عادةً إلى الهدف الكبير الثاني للحياة

الذي هو النَّجاح الدُّنيوي بمظاهره الثلاثة:

  1. الثَّروة
  2. الشُّهرة أو الجاه
  3. السُّلطة أو الرِّئاسة

الهندوسية تُقِرّ أنَّ النَّجاح الدُّنيوي

يُحقق للإنسان شُعُوراً بالرِّضا والإشباع لمُدَّة أطول

لأنَّ النَّجاح الدُّنيوي إنجاز اجتماعي

مُتشابك بشكل كبير مع حياة الآخرين

ولكنَّها ليست كافية لإشباع الإنسان بشكل مُطلق!

بعد أن يكتفي الإنسان من النَّجاح الدُّنيوي

تُوجِّهه الهندوسية لطريق الزُّهد

والحياة المُكرَّسة للخدمة

والزُّهد الدِّيني في الهندوسية أشبه بعمل الرِّياضي

الذي يمتنع – أثناء تمارينه الرِّياضية واستعداده للمباراة

عن كل انغماس في الملذَّات الجسدية

والهندوسية تُميِّز بين العُمر الزَّمني والعُمر النَّفسي أو الرُّوحي

على سبيل المثال: شخصان كلاهما يبلغ من العمر 46 عاماً

فمن النَّاحية الزَّمنية عمرهما واحد

لكن من النَّاحية النَّفسية

قد يكون أحدهما لا يزال طفلاً

في حين صار الآخر رجلاً راشداً ناضجاً

فالهندوسية تقبل هذا التَّمييز

وتُوسِّعه ليُغطِّي الامتدادات المُضاعفة للحياة

من خلال تناسخ الأرواح

التَّحرُّر!

نرجع مرَّة أخرى لهذا السؤال الجوهري الوُجُودي

ما الذي يُريده الإنسان في هذه الحياة الدُّنيا؟!

الهندوسية تقول إنَّ الإنسان يُريد ثلاثة أشياء رئيسية:

  1. الوُجُود
  2. العِلْم
  3. السَّعادة

الإنسان لا يُريد هذه الأُمُور الثَّلاثة فحسب،

بل هو يُريدها بدرجتها اللامحدودة

  1. وُجُود لا مُتناه
  2. عِلْم لا مُتناه
  3. سعادة لا مُتناهية

الهندوسية تقول إنَّ ما يرغب به الإنسان حقيقةً هو التَّحرُّر،

أي التَّحرُّر الكامل من القُيُود والحُدُود التي لا تُحصى،

والتي تُكبِّل وُجُوده الحالي.

الهندوسية كما قولنا تُعلِّم بأنَّ الإنسان ليس جسماً فقط

فهناك داخل الإنسان، وُجُود لا يعرف الموت، ولا ينفذ أبداً

وُجُود ليس له حُدُود

المركز المُطلق اللامتناهي لكُلّ حياة

النَّفس المخفية، أو: آتمان Atman

وهي ليست شيئاً آخر سِوى براهمان Brahman أي الإله نفسه

روح الإنسان تُسمَّى أتمان

وهي روح مُصغَّرة للرُّوح العالمية

التي هي روح براهما

أو الفكر أو العقل الإلهي

فهي عقل صغير، داخل العقل الكبير

اليوغا طريق التَّحرُّر

إذن في النِّهاية نستطيع أن نفهم

أنَّ الهندوسية تُريد أنَّ تُحرِّر الإنسان

وتُخلِّصه من كُلّ نقص

ليحصل على وُجُود وعِلْم وسعادة غير محدود

وهذا يحدث بنجاة وخلاص الرُّوح من تكرار المولد (التَّناسخ)

والامتزاج بالرُّوح الإلهية براهما

تنضوي جميع اتجاهات الهندوسية

المُتعلِّقة بخلاص الرُّوح من دائرة التَّناسخ

وتفعيل وتحقيق الطَّبيعة الكاملة للإنسان

تحت عنوان واحد هو اليوغا Yoga

والكلمة مُشتقة من أصل أو مصدر،

هو نفس المصدر الإنجليزية لفعل To Yoke

وهو فعل يتضمَّن دلالتين:

الأولى تعني: وحَّد،

والثانية: وضع تحت نظام خاص أو تمرين

والتعريف العام لليوغا هو:

منهج أو طريقة تمرين،

تهدف لسوق الإنسان نحو التكامل أو الدَّمج والاتِّحاد

أنواع اليوغا

هُناك أنواع مُختلفة من اليوغا أو اليوغات

بعض أنواع اليوغا هدفها تقوية الجسم في المقام الأول

وتُعتبر بمثابة تمهيد لليوغا الرُّوحية

واليوغا الرُّوحية هدفها الإشراق والتَّنوُّر الباطني

وتهدف إلى تحقيق اتِّحاد روح الإنسان مع براهما

المحجوب المُستتر في أعمق أعماق الرُّوح

كيف نصل لبراهما ونبقى مُتصلين به؟

كيف نصبح مُندمجين بـ برهما ونحيا به وفيه؟

الهندوسية تضع عِدَّة طُرُق مختلفة إلى براهما

تبعاً لوُجُود أنماط مُختلفة من البشر

والهندوسية تقول بوجود أربعة أنماط من البشر:

  1. عقلانيون
  2. عاطفيون
  3. عمليون
  4. تجريبيون

ولكل نَمَط إنساني، يوغا خاصَّة بها

تبتدئ الطُّرُق الأربعة جميعاً ببعض التَّمهيدات الأخلاقية الضَّرُورية

مثل ضرورة أن يُعوِّد الطالب نفسه

على العادات الحسنة الصَّحيحة

وممارسات مثل:

  1. عدم الإيذاء
  2. الصِّدق
  3. عَدَم السَّرقة
  4. ضبط النَّفس
  5. النَّقاء
  6. القناعة
  7. الانضباط الذَّاتي

الطريق إلى براهما عبر المعرفة

(جنانا يوغا Jnana Yoga)

هذا النوع للذين يتمتَّعون باستعداد عقلي، وقُدرة ذهنية قوية

وهي مُناسبة للأشخاص الفلسفيين بطبيعتهم

والذين إذا اقتنعوا عقلياً بشيء

كان لهذه القناعة أكبر أثر على حياة الإنسان

الطريق إلى براهما عبر الحب

(بهَكْتي يوغا Bhakti Yoga)

وهي أكثر اليوغات الأربعة شعبية

هذه الطَّريقة تُعلِّم أنَّه يجب أن نحب براهما حُبًّا جمًّا

نحبُّه وحده، ولا نحب شيئا غيره إلَّا لأجله

ونُحبّه لذاته، لا لغرض آخر، أو هدف أبعد

حتى ولا انطلاقاً من الرَّغبة في الخلاص والتَّحرُّر

بل نحبه للحُبّ فقط

الطريق إلى براهما عبر العمل

(كارما يوغا Karma Yoga)

هذا النُّوع من اليوغا مبني على عقيدة الكارما

وهي أنَّ لكل عمل يُنجزه الإنسان في الخارج،

انعكاس يتناسب معه في باطن الفاعل

بمعنى أنَّ الكارما مُتعلِّقة بالنِّية القلبية للإنسان

هذا النوع من اليوغا يُعلِّم بوجوب أن يتخلَّى الإنسان

عن كل مُطالبة بحقّ أعماله، بما في ذلك حق النَّجاح

فالإنسان الذي يؤدِّي وظيفته التي يُمليها عليه واجبه

غير مُبال بثمرة العمل، هو اليوغي الحقيقي

الطريق إلى براهما عبر الرياضة النَّفسية

(راجا يوغا Raja Yoga) أي اليوغا الملكية

هذا النُّوع من اليوجا يعتمد على التَّجارب النَّفسية أو الروحية

وهذه التَّجارب الرُّوحية مبنية على فرضية هندوسية حول طبيعة الإنسان

هذه الفرضية الهندوسية تقول إنَّ الإنسان كائن ذو طبقات

الطبقة الأولى: جسم الإنسان الخارجي

الطَّبقة الثانية: القسم من عقله وتجربته التي يعيها

(أي الشخصية المُدرِكَة التي يحسّ الإنسان بواسطتها)

والطَّبقة الثالثة: حقل ما وراء الوعي

هذا النُّوع من اليوغا يهدف إلى توجيه الطَّاقة النفسية للإنسان

نحو الجُزء الأعمق من وُجُوده والقسم الأعظم له

وتفعيل تلك القارة الضائعة غير المُكتشفة لذاته الحقيقية

كل الطُّرُق تؤدِّي إلى براهما

بالرَّغم من أنَّ الهندوسية وضعت طُرُق مُختلفة للخلاص

إلَّا أنَّ الهندوسية تؤمن بأنَّ الأديان الكبرى المُتنوِّعة

عبارة عن بدائل وطُرُق مُتساوية نسبياً نحو براهما

وأنَّ الأديان المُتنوِّعة ليست إلَّا لُغات مُختلفة كلَّم الإله بها قلب الإنسان

وأنَّ الحقيقة واحدة وإن سمَّاها الحكماء بأسماء مُختلفة

وهذا يُشبه عقيدة مسيحية يؤمن بها أتباع الكنيسة الكاثوليكية

تُسمَّى عقيدة خلاص غير المؤمنين

بمعنى أنَّ غير المؤمنين بالمسيحية

سيحصلون أيضاً على الخلاص

ولا شكَّ أنَّ هذه العقيدة من أبطل الباطل

وتُعتبر أساس لِمَا يُعرف اليوم بوحدة الأديان

كيف يجب أن نعيش؟

تدعو الهندوسية إلى الزُّهد والرَّهبانية

وترك الشَّهوات ومحاربة الملذَّات

والهندوسية تُعلِّم أنَّ هُناك أربعة أُمُور رئيسية في الحياة

يجب على الإنسان أن يتعلَّم كيفية إدارتها بشكل صحيح

حتى يُحقِّق السَّعادة

هذه الأمور الأربعة هي:

  1. دهرما: أي النظام والمسئولية تجاه نفسه وأسرته ومجتمعه
  2. أرتها: أي المال والثروة
  3. كاما: أي الرغبات الجنسية
  4. موكشا: النجاة والسعادة

لتحقيق هذه المقاصد

قامت الهندوسية بتقسيم حياة الإنسان لأربع مراحل:

  1. مرحلة التربية والتعليم والتأديب
  2. مرحلة الزواج والعمل
  3. مرحلة التبتل والعزلة عن الحياة العائلية والانشغال بخدمة المُجتمع
  4. مرحلة الانقطاع الكامل والعيش وحيداً في الغابة حتى الموت

المرحلة الأولى تكون عادة في سن

تتراوح بين الثماني سنوات والاثنتي عشرة سنة

وتمتد هذه المرحلة لمُدَّة اثنتي عشرة سنة تالية

يعيش فيها التلميذ عادةً في بيت أستاذه

يخدمه في مقابل التعليم الذي لتلقاه

والمسئولية الأولى في هذه المرحلة هي التَّعلُّم

المرحلة الثانية تبدأ بالزَّواج، وهي مرحلة رَبّ الأسرة

ويتم توجيه طاقة الإنسان إلى أسرته ومهنته

والمُجتمع الذي ينتمي إليه

مرحلة العُزلة تأتي بعد مجيء أول حفيد للإنسان

وهي عبارة عن الانسحاب من الواجبات الاجتماعية

حتى يستطيع الإنسان اكتشاف مَن هو

وما هي حقيقة الحياة، وما هو سر الأنا

مرحلة الانقطاع والسَّكن في الغابة

قد يشمل الرجل مع زوجته

حين ترغب الزوجة بالعزلة والرحيل مع زوجها إلى الغابة

أو يشمل الزوج فقط عندما يرحل وحده،

بعد أن يؤمِّن ضروريات زوجته

وهكذا يعيش الإنسان عالم الوحدة والانفراد في الغابة

النِّظام الطَّبقي الهندوسي

هذه العقيدة الهندوسية مُستقبحة

حتى من قِبَل بعض الهندوس أنفسهم

وهي عقيدة تقول أنَّ البشر ليسوا سواء

  1. في النَّشأة والتَّكوين
  2. أو الوظائف والأعمال
  3. أو الحُقُوق والواجبات

وأنَّ الإله نفسه هو من قسَّم البشر

عندما خلقهم من أعضائه المُختلفة

فإنَّ الهندوسية تؤمن بأنَّ الإله الخالق

خلق الطَّبقات الأربع من مُختلف أعضائه:

  1. الـ براهمنا من وجهه
  2. الـ كاشتريا من سواعده
  3. الـ ويشيا من أفخاذه
  4. الـ شودرا من أرجله

لا شك أن واقعة هجرة أمواج من الشُّعُوب الآرية

في الألف الثاني قبل الميلاد، إلى الهند

حاملة معها لُغتها وثقافتها المُختلفة

وملامح جسمية مختلفة

تُعتبر ذات دور وأثر مركزي في تكوين هذه العقيدة

وتُمثِّل الطَّبقات في الفكر الهندوسي

جزءً من القانون الكوني الأزلي

هذا النِّظام الطَّبقي هو الذي يُحرِّم

  1. التَّزاوج
  2. والتناول المُشترك للطعام

بين أفراد الطَّبقات المُختلفة

والهندوسية تقول بأنَّ نِظام الطَّبقات نظام وراثي

فالإنسان مهما عمل، يبقى في الطَّبقة التي وُلِد فيها

طبقة البراهمنا: هي أعلى الطبقات،

وهُم رجال الدِّين والكهنة والرُّهبان

عملهم هو تعلُّم الكُتُب الدِّينية وتعليمها

وإقامة الشَّعائر الدِّينية وقبول الصَّدقات

ولهم حقّ التَّشريع

والحُكم في قضايا النَّاس

وتنفيذ هذه الأحكام

ويتمتَّعون بامتيازات،

ويُمنحون رُخصاً وأموالاً كثيرة،

وجسم البرهمي مُقدَّس عند الهندوس

ولا يجوز إيذاؤه بأي طريقة من الطُّرُق

الطبقة الثانية هي الكشتريا:

وهم المُحاربون والمُديرون والأغنياء والأشراف

والطبقة الثالثة هي الويشيا:

وهُم الزراع والتجار والرعاة وأصحاب المال والثروة

والطَّبقة الرابعة هي الشودرا:

وهُم أدنى طبقات المجتمع،

خَدَمة الطَّبقات العُليا بإخلاص وطيب خاطر

والشودري يولد عبداً ويموت عبداً،

ليست لحياته قيمة ولا ثمن،

ولا يتزوَّج من طبقة أعلى منه.

العبادات في الهندوسية

الهندوسية مليئة بأنواع وأشكال مُختلفة من العبادات

يُمكن تقسيمها إلى الأقسام التالية:

  1. السجود أمام صنم الإله الخالق والخضوع والخضوع لأوامره
  2. الثناء على الأرواح الطاهرة
  3. تقديم القرابين
  4. تعظيم المعلمين الملهمين الوسطاء
  5. التضحية العامة للناس جميعا

اليجنات الخمسة

واجب عليهم أن يقوموا بهذه العبادات والطقوس والشعائر

تُعرف بـ اليجنات Yajna = اليجنات الخمسة

  1. برهما يجنا: قراءة الكتب الدينية لتقوم الأسرة على قواعد الدين
  2. ديوا يجنا: عبادة النار = إيقاد النار في حفرة في البيت
  3. بتر يجنا: تقديم القرابين إلى الآلهة
  4. نر يجنا: إكرام الضيوف في البيوت
  5. بهوتا يجنا: مساعدة المحتاجين ورعاية الحيوانات وخدمة البقرة خاصةً

يجب الإشارة إلى أنَّ نظام الأضحيات في الهندوسية

تُعتبر من أهم أسباب ظهور الجينية والبوذية

كاعتراض شديد على نظام الأضحيات في الهندوسية

فقد رفضتا هذا الفهم العامِّي للدِّين الذي تسوده الكهنوتية الطَّقسية

فإنَّ الجينية والبوذية يُعلِّمان أنَّ الهدف الأساسي للإنسان

هو تحقيق ذاته وما يُمكن أن يكون عليه،

وأن الفعل الصحيح لتحقيق هذا الهدف

ليس من خلال أداء الأضحيات

ولكن من خلال التَّهذيب الذاتي،

وضبط النفس او التحكم في الذات

العبادات الخمسة يومية:

الهندوسية تُعلِّم بوجود خمس عبادات يومية:

  1. برهم يكيه: عبادة برهما
  2. بتر يكيه: تقديم الماء بكيفية خاصَّة
  3. ديو يكيه: القيام بعبادة هون
  4. بهوت يكيه: رغيف يُقرأ عليه العزائم وتطعم منه البقرة والطيور والديدان
  5. دَهَنَش يكيه: إطعام ابن السبيل والضيف

الصلاة

الصلاة عند الهندوس على نوعين:

  1. النوع الأول: إشعال النار في مكان مُعيَّن وقراءة أناشيد خاصة
  2. النوع الثاني: التسبيح والتمجيد للآلهة وتقديم القرابين لهم

والهندوسية مشهورة أيضاً بعبادة الحيوانات

وأعظم الحيوانات قداسة هي البقرة

وتُسمَّى: جوماتا، أي البقرة الأم

ويعتقدون أنَّها صورة للإلهة لكشمي Laxmi إلهة الحظ الحسن

وكذلك نجد في الهندوسية عبادة الظواهر الكونية

مثل النار والماء والهواء والشمس والقمر

وكذلك عبادة بعض الأشجار والنباتات

وطبعاً عبادة الأصنام،

وأكثرها عارية من اللباس

دلالة على التَّقشُّف والتَّخلُّص من أي شيء دنيوي

الصيام

الهندوسية تُعلِّم أيضاً الصِّيام

وهو الإمساك عن الطَّعام والشَّراب

كُلِّيًّا أو جُزئيًّا، في أوقات مُحدَّدة

أو الامتناع عن الطَّعام دون الماء واللبن بقدر الحاجة

أو الأكل في الظَّهيرة فقط

أو الأكل بعد غُرُوب الشَّمس مرَّة واحدة فقط

يشمل الصِّيام الابتعاد عن النوم والكلام

ما عدا تلاوة الكُتُب المُقدَّسة

مراجع إضافية لدراسة الدِّيانة الهندوسية

طبعاً هُناك تفاصيل أخرى كثيرة جداً مُتعلِّقة بالدِّيانة الهندوسية

خصوصاً فيما يتعلَّق بالطُّقُوس والعبادات

وكذلك الاحتفالات والأعياد

ومع ذلك أعتقد أن المُحاضرة غطَّت

أهم ما يجب على الدارس معرفته عن الدِّيانة الهندوسية

ولمن أراد المزيد من المعلومات

أنصح بمُراجعة المؤلَّفات التالية:

كتاب: حضارات الهند

تأليف: جوستاف لوبون

كتاب: فصول في أديان الهند

تأليف: محمد ضياء الرحمن الأعظمي

كتاب: دراسات في اليهودية والمسيحية وأديان الهند

تأليف: محمد ضياء الرحمن الأعظمي

كتاب: مُعتقدات آسيوية

تأليف: كامل سعفان

كتاب: تاريخ الإسلام في الهند

تأليف: عبد المنعم النمر

كتاب: أديان الهند الكبرى

تأليف: أحمد شلبي

أنا هكتفي بهذا القدر في هذا الفيديو

لو حاز الفيديو على إعجابك فلا تنسى أن تضغط على زر أعجبني

ولا تنسى أن تقوم بمُشاركة الفيديو مع أصدقاءك المُهتمين بنفس الموضوع

ولو كنت قادراً على دعم ورعاية مُحتوى القناة

لو انت شايف إن هذا المُحتوى يستحق الدعم والرعاية

فقم بزيارة صفحتنا على باتريون، ستجد الرابط أسفل الفيديو

إلى أن نلتقي في فيديو آخر قريباً بإذن الله عز وجل

لا تنسوني من صالح دعائكم

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

[1] https://www.britannica.com/topic/Hinduism

[2] https://is.gd/rp7Nul

اترك رد

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

%d مدونون معجبون بهذه: